الصورة في غزة.. تنتصر

نص الحلقة

<p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد زيني: انتصرت الصورة من غزّة، طوفانٌ من الحقائق وصل مداه إلى ساحات العالم، من قلب الإبادة الجماعية خرجت الحقيقة بلسان أهل الحقّ، كَسَرَت الحِصار العسكري والإعلامي، حفرت في الوعي العالمي، كرَّست موقع القضية الفلسطينية على الساحة الدولية، كل غزَّاوي هو إعلامي مُقاوِم، كل مَن حَمَل الهاتف ليُصوِّر ويوثّق وينشر في معركة الإعلام. جبهاتٌ مُتشابِكة وفي قلبها الميادين حاضِرة بالرَصْد والشرح الإعلامي، واكبت الميادين معركة طوفان الأقصى فكان برنامج حروب الإعلام، وهذه هي الحلقة الأخيره لهذه المرحلة، خُلاصاتٌ، مُعادلاتٌ واستشراف، فأهلاً بكم مُشاهدينا إلى هذه الحلقة وهي الأخيرة من حروب الإعلام على الميادين، وكالمُعتاد نرحِّب بضيفنا معنا في الاستوديو الزميلة بهية حلاوي مديرة الميادين أونلاين مرحباً بكِ، كذلك معنا الدكتور سيف دعنا أستاذ عِلم الاجتماع مرحباً بك دكتور. نبدأ بالمواقع والصحف والأرقام والأبحاث والدراسات حيث قارَب حروب الإعلام ما يجري في غزّة من الزاوية الإعلامية واختلفت العناوين وتكامَلت وتشابَكت لتُقدِّم شرحاً للصورة الكاملة، يبرز في أبرز العناوين كما عالجته الزميلة بهية قبل أن ننتقل إلى الدكتور سيف ونتابع.</p> <p>&nbsp;</p> <p>إذاً كان هذا جانباً من الحلقات والمواضيع وصلت تقريباً إلى 140 حلقة قُدِّمت من قِبَلكِ ومن قِبَل الدكتور سيف. دكتور سيف نأخذ منك تعليقاً.</p> <p>&nbsp;</p> <p>سيف دعنا: أولاً مساء الخير، كنا نعرف منذ البداية أننا أمام حربٍ غير مُتكافِئة وأننا جزءٌ من تيّارٍ تحرُّري وبالتالي هو جزء من الإعلام التحرُّري في مقابل إعلام الهيمنة والاستعمار، وبالتالي كان الهدى بالنسبة إلينا هو ما يحصل في الميدان لأن ما يحصل في الميدان أيضاً يحصل في سياقٍ غير مُتكافِئ على الإطلاق، ولكن الحرب غير المُتكافِئة هي إحدى نماذج الحرب التي تقوم بها حركات التحرُّر في مواجهه الأطراف الأخرى وهذا الأكثر والأقوى، والمقاومة في ظلّ موازين قوى مُختلَّة جداً، لكن لم يكن ربما هناك اختلال أكثر مما كان في موازين القوى في المجال الإعلامي، كانت هناك تقريباً هَيْمَنة شبه مُطْلَقة وهذا مهمّ جدّاً، سأذكر بعض القضايا بسرعةٍ، في أعقاب حرب الخليج الأولى في 1991 وغزو العراق الأول نَشَرَ الفيلسوف الفرنسي جان بودريار سلسلته الشهيرة، المقال الأول كان أن حرب الخليج لن تحدث، هذا كان قبل الحرب، وأثناء الحرب نَشَرَ المِثال الثاني "حرب الخليج هل تحدُث؟"، وبالتالي كان ينكر حدوثها، والثالث كان بعد الحرب بعنوان "حرب الخليج لم تحدث". وبالتالي بودريار كان يتحدَّث عن موت الحرب التقليدية بسبب دخول سلاح الإعلام كعامِلٍ أساسي في هذه الحرب، وبالتالي ما كنا نشاهده في حرب الخليج الأولى أو في الحرب على العراق كان تمثيلاً إعلامياً وفق مُتطلّبات المصلحة الإعلامية الغربية وليس الحرب التي حصلت، ما حصل في العراق كان مجزرة، ولاحِقاً أصبح هذا الفَهْم معتمداً أن الإعلام قتل الحرب التقليدية أو أن الحرب التقليدية ماتت وأن آخر الحروب الحقيقية فعلاً كانت هي الحرب العالمية الثانية، وبعدها هَيْمَن الإعلام على رَسْم صورة الحرب وعلى تمثيلات الحرب. سبق ذلك بعشر سنوات تقريباً نشر كتاب للفيلسوف الفرنسي غي ديبور وهو أهمّ أكثر من بودريار بعنوان "مجتمع الاستعراض"، ما لفتني في النسخة الثانية من الكتاب الذي أدرِّسه هو الصورة التي كانت غلاف الطبعة الثانية للكتاب وهي صورة لجمهور حضر في إحدى صالات السينما في كاليفورنيا للفيلم الثُلاثي الأبعاد الأول الذي عُرِضَ في عام 1952، هذه الصورة تُظْهِر لنا ردَّات الفعل الموحَّدة للناس، وبالتالي عَرْض الفيلم الثُلاثي الأبعاد أسَّس لانقلابٍ في عِلم الاجتماع، في عِلم اجتماع الإعلام وحتى الانقلاب بالإعلام لأنه أكَّد أنه يمكنك التحكُّم بالمُتابعين عبر ذلك. أودّ أن أقول أنه رغم كل ما يُنْشَر من نظرياتٍ غربية تحديداً من جانب الفلاسفة الفرنسيين وآخرهم جان ليوتار &nbsp;في كتابه "حالة ما بعد الحداثة"، يقول إن جوهر القوّة في المرحلة الراهِنة هو التحكّم بتدفُّق المعلومات عن طريق أحدى الأدوات الأساسية وهي الإعلام، ولكن ما شاهدناه في حرب غزّة وربما التفتنا إليه في حرب تموز 2006 في لبنان أنه برغم كل هذه التمثيلات وهَيْمَنتها وسَطْوتها وقوّتها فإنه في النهاية هناك عالم حقيقي يجري فيه الصرِاع ويسيل فيه الدم، ولهذا كنا نراهِن منذ البداية أنه لا يمكنهم أن ينتصروا بالإعلام ولا يمكن الانتصار بالإعلام رغم أهمّية ومركزية الإعلام إلا أنه بالنهاية على الناس أن يُدركوا بأن هناك عالماً حقيقياً وهذا يؤكّد مركزيّة الميدان ومركزيّة المُقاومين في الميدان.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد زيني: الآن نذهب إلى جولةٍ على أبرز العناوين والقضايا التي شرحها في الحلقات السابقة الدكتور سيف دعنا منذ بداية طوفان الأقصى ونعود بعد ذلك إلى الزميلة بهية حلاوي.&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>بهية حلاوي: قد يعتبر عدد كبير من المُتابعين أو الذين واكبوا هذه المساحة المُتخصِّصة على شاشة الميادين أنه مع وجود الموبايل وإمكانية تصفُّح المواقع والشبكة العنكبوتية بشكلٍ عام من السهل فعلياً رَصْد ما يحصل وتتبُّع الأخبار وحتى الغَوْص بموضوع المُصطلحات والعِبارات المُسْتَخْدّمة وعناوين الصحف والمقاطع الصوتية التي تنتشر من خلال المواقع الإخبارية أو صفحات هذه المواقع الإخبارية على منصّات التواصُل الاجتماعي، لكن الإضافة النوعية التي كان الدكتور دعنا يُقدِّمها طوال فترة طوفان الأقصى في هذه الحلقات، والموضوع صعب نوعاً ما في خضمّ الإبادة وأنت تشاهد ما يحصل هو قراءة وفَهْم أبعاد كل هذا المشهد والانطلاق من هذه المُصطلحات ومن هذه الأدوات الناعِمة والأدوات الإعلامية المُختلفة لرَبِط ما يحصل وقراءة المشهد بكل مُتعلّقاته الاجتماعية والسياسية وحتى الاقتصادية والتاريخية والسياقات المُرتبطة بها على مستوى الأفراد وعلى مستوى تكامُل المجتمعات. كمُشاهدة تستمع للدكتور دعنا خلال الحلقات ربّما هذا كان من الأمور المُشوِّقة التي كنت أنتظرها، حتى أنني كنتُ أطلب بأن تكون المساحة الأكبر له لكي نستفيد أنا مع المُتابعين في هذه الجزئية. بالإضافة إلى هذا الأمر ربّما من الجزئيات التي يجب دائماً التذكير بها أننا كنا نحرص أنا والدكتور دعنا على اعتمادٍ مَنْهجي كاملٍ كمّي أيضاً بناءً على الداتا والبيانات والمعلومات حتى نبتعد عن أيّ تحيُّز على الرغم من أن التحيُّز للقضية الفلسطينية هو تحيُّز شريف ونبيل ولكن حتى نُحاكي الجمهور بأدوات الجماهير بشكلٍ عام وبأدوات المُتخصِّصين والباحِثين الذين قد يستندون إلى نفس الداتا والبيانات وكل هذه الداتا موثَّقة في حلقات حروب الإعلام. وعلى سيرة التوثيق أيضاً يمكن لأيّ شخص يدخل إلى صفحة اليوتيوب الخاصة أو القائمة الخاصة بحلقات حروب الإعلام عندما يُعاين التعليقات على معظم الحلقات فإن المُشْتَرك الوحيد الذي سترصده بين حلقةٍ وأخرى محمد هو تفاعُل الجمهور مع مشاعِر الدكتور دعنا الصادِقة والتي كانت تظهر بوضوحٍ كاملٍ ن دون أيّ مجهود على الشاشة مع جميع المُتابعين. حتى في التعليقات على منصَّات التواصُل الاجتماعي نحن تأثّرنا معه في أكثر من حلقةٍ وكنا نجد أن الجماهير التي تتابع هذه المساحة تتحدَّث بنفس الاتجاه وبنفس الأسلوب، هذا يُحيلنا لدور المُثقَّف والأكاديمي في هذه الأوقات ونحن عاينّا الصمت الغريب والعجيب من معظم الأكاديميين والباحثين والمُتخصّصين في العالم العربي طوال فترة طوفان الأقصى، كنا نجد أمثال الدكتور دعنا يذوبون بكل ما لديهم، بأفكارهم، بمشاعرهم وأنا أعرف على المستوى الشخصي الكثير من المُبادرات والمجهود الذي بذله الدكتور دعنا في اتجاهاتٍ مختلفة لكي يُقدِّم كل ما لديه ولكي يبتعد عن الشعور بالذَنْب لأنه غير موجود في نفس المنطقة الجغرافية مع كل مَن يتعرَّض للإبادة ويراقِب عن بُعد. من هنا كنا أيضاً نرْصُد معاً كيف أن الإعلام الغربي أو هذه المنظومة المُتكامِلة كانت تستخدم الإعلام كأداة ليس فقط لتضليل المُتابعين والجمهور وإنما أيضاً لتشويه قِيَم أبناء غزّة ولبنان والعالم العربي وأبناء كل مَن أيَّد بأفكاره أو تضامَن أو أعرب عن مشاعر التضامُن أو المُناصَرة بأشكال وأساليب مختلفة، هذا يُحيلنا لأدوار المُتخصّصين والأكاديميين للمُساعدة على تقديم السياق الشامل والاستراتيجي في مواجهة هذا الخطاب الإعلامي ونحن نتحدَّث عن عصرٍ أصبحت فيه كل أدوات التضليل مُتاحة، عصر الذكاء الاصطناعي الذي يسمح لنا بتزييف وفَبْركة أية مادة أو فيديو أو صوتية وتقديمها على وجه السرعة للجمهور والمُتابعين، تبقى الحقيقة هي التي ستفرض نفسها على المدى الطويل لأن الفَبرْكة كما عاينّا مُمكنة خلال الأحداث لتشويه حقيقة مُعيّنة أو لفَبْركة خبرٍ مُعيّن هذا في لحظه الخبر أو في سياق التعامُل المباشر والفوري معه ولكن مع مرور الوقت نجد أن العودة دائماً هي لصاحب الحق، لصاحب السردية، لصاحب الأرض والحق سينتصر في المنظور البعيد أو في السياق الأبعد.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد زيني: الآن سنُشاهد كيف تعاطى الإعلام العالمي مع الإبادة في غزّة، هذا السؤال طرحته الميادين على عددٍ من الصحافيين الغربيين، نستمع ثم نعود.</p> <p>&nbsp;</p> <p>إليك الآن دكتور سيف، نريد أن نسأل حول الدور الذي أدَّته وسائل الإعلام التابعة للمقاومة أو المُقرَّبة من المقاومة، الإعلام الحربي، حتى المواطنين عندما استخدموا وسائل التواصُل الاجتماعي كان لهم دورٌ مؤثّر ووُصِف بأنه بارز، إلى أيّ حدٍّ كان ذلك بارزاً ومهمّاً أن تنتشر فيديوهات الإبادة على مواقع التواصُل الاجتماعي في حين كانت وسائل إعلام غربية رصينة ولها باع تتحدَّث فقط عن الجانب الإسرائيلي ولا أهميّة للدم الفلسطيني.</p> <p>&nbsp;</p> <p>سيف دعنا: صحيح، هكذا فَهِمَ الناس أن الإعلام وهذا إنجاز مهمّ جداً أن الناس بدأوا يُدركون أن الإعلام هو جزء من الحرب، وأن الإعلام في الحقيقة ليس مُجرَّد حتى جبهة في الحرب، نحن قلنا بأنه أصبح حرباً بحد ذاته، وبالتالي كانت هناك مواجهة واضحة بين ما سمّيناه الإعلام التحرُّري في البداية في مقابل إعلام الهَيْمَنة والإعلام الاستعماري والإعلام الغربي المُناصِر للكيان الصهيوني، وبالتالي حرب السرديات أصبحت شَرِسَة جداً لكن الواقع الحقيقي كان يساعد على نشر السردية الفلسطينية، كان يساعد على نشر الحقيقة، لم يكن الإعلام التحرُّري يكذب، الإعلام الأخر هو الذي كان يكذب ويعرض تمثيلات. وحتى في الإعلام التحرُّري الميادين كنموذجٍ لم نكن ننظر إلى الإعلام الغربي وهذا ربما أحد الجوانب العبقرية في تغطية بهية أنها كانت تركِّز دائماً وأنا كنتُ أقع في هذا الفخّ أحياناً لكنها لم تقع فيه، أن الغرب والإعلام الغربي ليس كتلةً واحدة مُتجانِسة، كنا نرى التمايُز بينها ولكن في النهاية كان يهمّنا التأطير الذي تأخذه الأخبار التقارير والتقارير ولكن السياق الذي كانت تحدث فيه المواجهة الإعلامية قريب جداً وشبيه جداً بالسياق الذي كان يحدث في الميدان، كانت هناك ليس فقط هيمنة شبه مُطْلَقة لشركاتٍ كبرى على مستوى كوني وبرأسمالٍ هائلٍ على الإعلام، ولكن السياق أيضاً تضمَّن الترهيب، تضمَّن الحِصار ليس فقط لوسائل الإعلام وحتى للضيوف وللأكاديميين. نحن ندرك أن الكثير من المُثقّفين العرب والأكاديميين العرب ربما يودّون حتى المُشاركة ولكنهم استطاعوا ترهيبهم وتخويفهم. حتى نفهم ماذا كان يواجه الإعلام التحرُّري، ماذا كانت تواجه الميادين وقلّة من أمثال الميادين، حتى بالإعلام العربي للأسف ليس هناك الكثير من نموذج الميادين في ظلّ هذا الخَلَل الهائِل في موازين القوى. كنا نرى خرِّيجي الوحدة 8200 كما تحدَّثنا عنهم بالتفصيل وبالأسماء يملأون المؤسّسات الإعلامية الغربية ليس فقط في الإعلام الغربي وإنما في مراكز نفوذ وتأثير كبيرة في هذه المؤسَّسات. كنا نرى أن الرقيب العسكري الصهيوني هو المصدر الأساسي للأخبار، أكثر من ستة آلاف وخمسمائة خبر نُشِرَ في الاعلام الغربي تمَّت إعادة صياغته أو تدقيقه من قِبَل الرقيب العسكري الصهيوني بمعدّل عشرين تقريراً تقريباً أو خبراً كل يوم. تحدَّثنا عن رئيس تحرير هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي رافي بيرج كيف أصبح محور فضيحة مستمرّة بسبب التحيُّز المَنْهَجي، وهذا التحيُّز لم يكن تعاطُفاً مع الكيان الصهيوني بقَدْرِ أنه كان عضواً سابقاً في إحدى منظّمات الدعاية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ولاحِقاً كان هناك في التحقيق حديث عن علاقته &nbsp;بالموساد. نحن نتحدَّث إذاً عن جبهة قوية جداً خلفها سلطات وحكومات وشركات وأموال هائلة، وبالتالي أيّ إنجاز يمكن ينجزه الطرف الآخر كان مهمّاً جداً ولكن في الجانب الاخر كانت هناك عبقرية وإبداع لدى الإعلام العسكري تحديداً في غزّة وفي لبنان وأيضاً في اليمن، هناك عدّة مشاهِد أعتقد استطاعت أن تنسف الكثير من سردية الإعلام المُهَيْمن والإعلام الغربي. سأذكر ثلاثة أمثلة، المثال الأول في غزّة وهو المشهد الذي رأيناه في اليوم الأول لوقف إطلاق النار، مشهد قوات النُخبة من كتائب القسَّام تنتشر في غزّة بلباسٍ نظيف ومكوي وكأنه خارج المصنع في نفس اليوم بسلاحهم وعتادهم وجُعَبِهم العسكرية وحتى بسياراتٍ نظيفة وإلى آخره. المشهد الثاني من اليمن حين رأينا طريقة سيطرة أنصار الله على السفينة غالاكسي في البداية، طريقة التصوير أيضاً كانت مُدْهِشة جداً، هذا جانب مهمّ من العمل المقاوِم والمشهد الثالث أو حتى عدّة مشاهِد رأيناها من المقاومة اللبنانية في جنوب لبنان كانت تُشابِه ألعاب الفيديو، لهذه الدرجة كانت الحِرَفية والتقنية والأداء، وهذا يؤكّد أن المقاومين في كل الأماكن في جبهات الإسناد وفي غزّة يدركون أهمية ومركزية الإعلام في هذه الحرب الكبيرة، ويدركون أهمية ومركزية معنويات البيئة الحاضِنة رغم أن هذه الصوَر وهذه الفيديوهات كان لها تأثير كبير على الطرف الآخر وعلى الإعلام الغربي وعلى سرديّة الإعلام الغربي وسرديّة الإعلام الصهيوني إلا أن تأثيره على البيئة الحاضِنة في غزّة ولبنان واليمن والمنطقة كلها، وتأثيره على كل العرب تحديداً والمسلمين كان كبيراً جداً، وهذا يؤكّد أنهم يعرفون ماذا يفعلون. هذا المستوى من الحِرَفية يؤكّد لنا بشكلٍ من الأشكال، إذا كان الإعلام العسكري بهذه الحِرَفية وبهذه الطريقة لكنا أصبحنا ندرك كيف استطاعت غزّة أن تصمد خمسة عشر شهراً في وجه كل هذه القوّة وأيضاً في لبنان وفي اليمن، ما حصل في اليمن هو عدوان أميركي بريطاني أوروبي، ما حصل في لبنان هو حرب عالمية وعلى غزّة أيضاً. هذا يؤكّد أن الذهنية ونمط التفكير هو نفسه سائِد في كل الجبهات لأنهم يدركون ترابُط كل جبهات المعركة.</p> <p>&nbsp;</p> <p>سيف دعنا: إليكِ بهية، أشرنا في السابق إلى أن الرواية الحقيقية دائماً تجد طريقها إلى الجمهور، الآن كيف يمكن لمْس ذلك؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>بهية حلاوي: سأنطلق مما ذكره الدكتور سيف عن موضوع التوثيق ودور الإعلام الحربي لأن هذه ربما هي الجزئية الأساسية، توثيق ما يحصل وإعطاء الذريعة وإلقاء الحِجّة أمام الجمهور وأمام المُتابعين أولاً لمواكبة الميدان، وثانياً لإثبات أن هذه قضية مُحقّة وإعطاء الشرعية لما يقوم به هؤلاء المقاومون أو المجاهدون في مختلف المناطق، هذا يثبت لنا أنه مهما اختلفت طُرُق التزييف والتضليل وحتى أساليب نقل الأخبار ورَصْدها، ومهما وفَّرت التكنولوجيا أيضاً من أساليب للتضليل والفَبْرَكة لتقديم رواية بديلة أو سردية بديلة، كنا ننطلق من هذه المشاهِد التي كانت تُشكّل الذريعة الأولى أو البُرهان الأول للانطلاق منه في مُخاطبة الجمهور وخاصةً الجمهور الغربي. وهنا بالتوازي كان موضوع الوعي الجماهيري الذي هو ربما الدرع أو الأساس لانتظار هذه المادة والاستناد إليها في مقابل التحريض والتضليل الذي كان يرْصده أو يواكبه في منصّاتٍ أخرى إسرائيلية وغربية. أيضاً منصّات التواصُل الاجتماعي والشاشات التي كانت تبثّ المُعاناة والتطهير العِرقي الذي كان يحصل بصورةٍ حيّة ومباشرة كان أيضاً يُعطي نوعاً من الزُخم للمتابعة والمواكبة وللحديث أكثر عن الموضوع حتى تضجّ المنصّات وتنتشر الوسوم، فضلاً أيضاً عن الأدوات الرقمية الجديدة التي سخَّرها بشكلٍ خاص الجيل الجديد من عملية صناعة محتوى أو صناعة فيديوهات وإمكانيات بثّ مباشر من خلال حساباتٍ شخصية فورية لنقل فكرة أو تصوُّر أو جزئية أو حتى لسرد قصّة حصلت إنْ كان في غزّة أو في لبنان أو حتى في أيّ مكانٍ آخر تعرَّض فيه المؤيّدون لنوعٍ من الابتزاز أو الترهيب. لذلك لاحظنا الحِراك الطلابي الواسع وكيف جرى قَمْع هؤلاء وشَيْطَنتهم، ولاحظنا أن البُعد الجغرافي لم يكن عائِقاً أمام تضافُر الجهود وحتى ابتكار أدوات أو طُرُق للتواصُل وطُرُق للاستفادة ولتوظيف المحتوى والداتا التي كانت تخرج من الميدان. بعض الأرقام أو الاستطلاعات التي تثبت صحّة ما قام به الإعلام الحربي، ما قام به الطلاب وما قام به الصحافيون الذين كانوا يواكبون، المراسلون الميدانيون من فريق الميادين ومن فِرَقٍ أخرى أيضاً كانت موجودة في الميدان. نبدأ من هذا الاستطلاع لموقع "يوجوف" حول موقف الأميركيين تحديداً من موضوع وقف إطلاق النار في غزّة، نجد أن إثنين وخمسين في المئة أي أكثر من النصف يؤيّدون الاتفاق مقابل فقط عشرة في المئة يعارِضونه، هذا نتيجة انتشار الصورة الحقيقية عن الإبادة وما قام به جيش الاحتلال ضدّ الفلسطينيين في غزّة وحال توسُّع التعاطُف الشعبي مع الفلسطينيين رغم كل محاولات الاحتلال والإعلام الغربي المؤيِّد لشَيْطَنتهم وإبعاد الجمهور الغربي عن التضامُن معهم.&nbsp;</p> <p>أيضاً عِلماً أن الإعلام الغربي كان يقول دائماً إن السياسة الخارجية ليست ضمن اهتمامات أو أولويّات الأميركيين، هذا كان أمراً تاريخياً يصدِّره الإعلام الغربي. استطلاع لموقع هارفارد أظهر أن ما مجموعه 62 في المئة يتابعون فعلياً تطوّرات غزّة، 13% فقط لا يتابعونها، هذا يعني أن قضية فلسطين فرضت نفسها على أجندة الاهتمامات برغم كل محاولات إخراجها من إطار النضال أو الحقّ أو حتى القضية التي فرضت نفسها من خارج مروحة اهتمامات الأميركيين التقليدية، فرضت نفسها على أولويّاتهم، على اهتماماتهم وحتى على وسومهم والمواد التي تصلهم على حساباتهم الشخصية بمختلف المنصّات والتطبيقات. تأثير قوّة هذه الصورة على الولايات المتحدة على خلفيّة دعمها بشكلٍ أساسي لدولة الاحتلال الإسرائيلي لا يقف فقط عند الداخل الأميركي، هنالك تحوُّل كبير حتى في الرأي العام العربي تجاه السياسات الأميركية، وهذه جزئيّة مهمّة جداً لأننا نتحدَّث دائماً عن المُراكمة، عن جدوى هذه الأمور المستمرّة. هنا نجد أن 76% من الجمهور العربي أو المُستطلعين من الجمهور العربي باتوا أكثر سلبيةً تجاه السياسة الأميركية بعد معركة طوفان الأقصى مقابل نِسَب مُتدنية جداً ما قبل الطوفان. أيضاً واقع الرأي العام الغربي بشكلٍ عامٍ يُظْهِر لنا أيضاً لأية جهة مالت الدفّة في الحرب الإعلامية ومَن كان له التأثير الأكبر، مثلاً في المملكة المتحدة هناك تقارير تتحدَّث عن استخدام إسرائيل لأسلحتها في قَتْل الفلسطينيين، أيضاً رأى 70% من الإسكتلنديين أنه على حكومة المملكة المتحدة منع جميع تراخيص التصدير العسكري إلى إسرائيل. قد نستعرض العشرات لا بل المئات من هذه الاستطلاعات أو من هذه المواد التي توثّق فعلياً هذه التحوّلات اللافِتة والمهمّة والتي سيُبنى عليها وستظهر آثارها أكثر وتنجلي مع مرور الوقت وليس بشكلٍ مباشر، ولكن سأتحدَّث عن جزئية المُقاطعة لأننا واكبنا هذا الموضوع في البرنامج، واكبنا كيف حاول الإعلام إبعاده عن الاهتمامات وعن أولويات المواطن في مختلف الدول الغربية، هنا مثلاً بعض النماذج السريعة وفق تقارير إعلامية، انخفضت أسهم شركة ماكدونالدز مثلاً بنسبة تُقارِب 4 في المئة بعد أن فشلت في تلبية تقديرات مُحلّلي وول ستريت مُسْتَشْهدةً بتأثير الحرب في غزّة كمُسبّبٍ أول لهذا التراجُع. أيضاً صافي دخل شركة ستاربكس انخفض بنسبة 15 بالمئة في الربع الثاني فقط من العام الماضي مُقارنةً بالفترة نفسها من العام الذي سبق بينما انخفضت الإيرادات بنسبة إثنين في المئة. أيضاً تراجعت أرباح KFC، بيتزا هات، وسلسلة المطاعم الموجودة في الشرق الأوسط إلى النصف بسبب المُقاطعة بشكلٍ مباشر. رَصَدنا التحرّكات والفيديوهات من منصّات التواصُل الاجتماعي من مُبادرات شبابية وطلابية، كان الشباب يخرجون بطريقةٍ عفويةٍ ليُقدّموا مواد قصيرة وسريعة ولكنهم يُحرِّكون في المقابل العشرات في مناطق قريبة منهم أو من مُتابعيهم أو من المُتأثّرين بحساباتهم. أختم مع هذه المواد، بالرغم من الرقابة العسكرية على الإعلام الإسرائيلي كنا نُعاين محاولة لفرض صورة معيّنة دائماً وتنميط هذه الصورة وحتى تأطير كل الصوَر التي يتمّ تصديرها كما ذكر الدكتور سيف، تداعيات العدوان وتأثير الصورة الإعلامية انعكسا على الكيان الإسرائيلي بذاته، أحدثت الحرب في غزّة خسائر اقتصادية كبيرة في قطاع التكنولوجيا، هذا القطاع الذي كان يروَّج على أن دولة الاحتلال ستكون "سيليكون فالي" الخاص بالشرق الأوسط، هي التي ستكون المركز الحيوي لكل ما يتعلّق بالتكنولوجيا الرائِدة والحديثة، أثارت مخاوِف بعض المُستثمرين الأجانب، لم تتمكَّن مئات الشركات الناشِئة من الوصول إلى الاستثمار الذي تحتاجه، أيضاَ مُغادرة العشرات بل المئات من الموظّفين الذين يعتمدون عليهم. نعم، كل هذه ربما من العيّنات على جدوى ما حصل وعلى جدوى انتصار غزّة في حرب الصورة، انتصار المقاومة في لبنان، في اليمن، في غزّة بتصدير الرواية الشفّافة والحقيقية والمؤثّرة لأنها كانت عفوية ولأنها كانت تُحاكي العقول والقلوب، إضافةً إلى الوَعي لكيفيّة التعامُل معها على المنصّات وكيف تلقّفها الشبان والطلاب وانطلاقاً منها دعموها بمادةٍ تاريخيةٍ أو بأبحاثٍ ومواد أكاديمية لتصبح ذات سياق أوسع وأشمل يتمّ البناء عليه.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد زيني: ولأن فلسطين هي القضية ولأن غزّة أعطت العالم دروساً في الصمود والتحدّي والمقاومة، وصدّت الاحتلال ومنعته من حَسْم المعركة كما هزمته في الميدان الإعلامي فنقلت صورة الحقيقة إلى العالم، نُخصِّص هذا الجزء الأخير للإعلاميين المقاومين في غزّة، مراسلو الميادين الذين تحدّوا العدوان والحِصار والجوع وكل المصاعب، وكانوا حاضرين في الميدان يومياً وفي كل الأوقات والظروف وعلى مدى أيام معركة طوفان الأقصى، تحيّة لهم أولاً في هذا العرض.</p> <p>تحيّة لزملائنا الأبطال، طيلة معركة طوفان الأقصى كان واضحاً مُشاهدينا تلك الوسائل الإعلامية الكبيرة التي تدَّعي المهنية والمصداقية ولديها الكثير من الإمكانيات لم تُجازِف وتبعث بمراسلين إلى قطاع غزّة كي تغطّي الصورة من هنا وهناك، هي اكتفت فقط بمُرافقة الجيش الإسرائيلي ونقل قصص عمّا أسمتهم بضحايا السابع من أكتوبر. الآن إليك دكتور سيف في مُداخلةٍ أخيرة في هذه الحلقة الأخيرة من حروب الإعلام، تفضّل.</p> <p>&nbsp;</p> <p>سيف دعنا: أولاً تحيّة لكل المُراسلين والأصدقاء في غزّة محمود وأحمد وأكرم وعلي على هذا العمل العظيم الذي قاموا به، كانوا مقاومين حقيقيين في الحقيقة وأصحاب قضية. أودّ أن أشكر بهية جداً على الفرصة وأشكر الفرصة على العمل مع بهية التي أعتبرها كِنْزاً إعلامياً عربياً وقلتها لأكثر من شخص وأكثر من مرة، وجدتُ نفسي أكثر من مرة مدفوعاً للعمل أكثر من أية مرة أخرى وشكّلت نوعاً من التحدّي لأن أجهّز نفسي بسبب التحدّي الذي شكّلته كإعلاميةٍ مهمّةٍ وكبيرة ولها مستقبل زاهِر. أودّ أن أشكرك أيضاً محمد على الإدارة المُحْتَرِفة جداً والمهنية جداً وأيضا على تحمّلك لنا وتحمّلك لي تحديداً في سلسلةٍ طويلةٍ من الحلقات. طبعاً لا أريد أن أنسى ميساء وهالة وسارة ونغم في الإنتاج، كان عملاً مُضْنياً ومُتْعِباً لأكثر من 15 شهراً، شكراً للجميع، ولكن مُداخلتي الأساسية التي أريد أن أنهي بها هذا البرنامج هي رسالة لأهلنا العرب في كل مكان. في هذه اللحظة هناك أكثر من 18 ألف طفل شهيد بحسب توثيق وزارة الصحة، أكثر من ستة آلاف طفل بُتِرَ لهم إما طرف واحد أو أكثر، وهناك أكثر من 22 ألف طفل يتيم في غزّة فَقَدَ أحد والديه أو كليهما. هناك كارثة إنسانية حقيقية ستستمر مفاعلها لأننا نتحدَّث عن أطفالٍ لعشرات السنين إن لم نقل أكثر، هذا هو فقط أحد جوانب عملية الإبادة التي تعرَّض لها أهلنا في فلسطين لكن هذا يعني بالضرورة لأن المفاعيل ستستمر كما قلتُ لعشرات السنوات أن مسؤولية مَن خَذَلَ فلسطين وخَذَلَ غزّة من العرب والمسلمين أثناء حرب الإبادة لا تزال قائمة وستبقى قائمة لفترة ٍطويلة، وحتى لو تجاهلنا المسؤولية الوطنية والقومية والدينية والإنسانية، أنا أدعوكل عربي ومسلم لأن يتخّيل أطفاله مكان هؤلاء الأطفال، ماذا كنت ستتوقّع وتطلب من أمّتك لو كان أطفالك في تلك اللحظة في هذا المكان؟ هذه بالضبط مسؤوليّّتك اليوم، ماذا كنت ستطلب من الناس أن يفعلوا؟ حرب الإبادة التي رأيناها في غزّة كانت مؤلِمة جداً في الحقيقة ولكنها جولة في حربٍ طويلة، هذه الحرب مع الاستعمار الاستيطاني الصهيوني لفلسطين وأنا أتحدَّث كاستنتاجٍ لكل ما نعرفه، لا يمكن ولا يستطيع الفلسطينيون أن يخسروها ولا يمكن ولا تستطيع الأمّة العربية أن تخسرها كلها ولا تستطيع أن تتحمّل تبعات خسارتها. على أساس نتائج هذه الحرب الطويلة مع الكيان الصهيوني سيتقرّر الوجود السياسي والثقافي الفلسطيني والعربي كله، لهذا قلنا أكثر من مرةٍ إنه لا يوجد خيار أمام الفلسطينيين ولا يوجد أمام العرب أيّ خيار، ما حصل في غزّة هو مُجرَّد صورة مُصغّرة عما سيحصل لإخضاع كل العرب وكل المنطقة واستعبادهم، ما تابعناه خلال الخمسة عشر شهراً لمَن يريد أن يعرف، كان التعريف الحقيقي لمعنى النكبة التي نردّدها منذ سنوات، حتى يعرف العرب أنّ مَن قاتل في غزّة كان يُقاتل نيابةً عنهم، جاءت في 1948 في لحظةٍ مفصلية في التاريخ العربي والعالمي، حدثت النكبة تحديداً في مرحلةٍ حاسِمة من تشكُّل الجامعة العربية وتشكُّل الأمّة العربية وهي مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية واستقلال الشعوب المُسْتَعْمَرة بعد الحرب العالمية الثانية وتشكيل أممها ودولها. في هذه اللحظة بالضبط حصلت النكبة وأنتج وجود الكيان الصهيوني حالاً من القطع التاريخ العنيف بين الماضي والمستقبل العربي، وبالتالي تمّ بعنفٍ تمزيق هذا التواصُل الموجود عند كل الأمم والعلاقة بين الأزمنة الثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل غير موجود في الحياة العربية، لا يمكننا العودة إلى الماضي، الماضي ما قبل النكبة، لا يمكننا السَيْر نحو المستقبل بسبب وجود الكيان الصهيوني مثل باقي الأمم، وحاضِرنا هو عبارة عن متاهة من القلق والخطر وعدم اليقين والفشل. الكل يدرك الفشل الذي يدور حوله، خطر النكبة الحقيقي ليس على الفلسطينيين فقط وإنما على كل العرب، أنها أظهرت هذا الصَدْع بين العرب وإمكانية استمرارهم التاريخي كشعبٍ وكأمّةٍ، العرب أمام تحدٍّ وجودي، تحدّي استمرارهم السياسي، تحدّي استمرارهم الثقافي وهذا التحدّي موجود ولا يزال موجوداً بعد حرب غزّة وسيبقى طالما كان هناك كيان صهيوني. الأهمّ أنه لا يمكن للعرب أن يتحمّلوا تبِعات الهزيمة ولا يمكن لهم أن يتحمّلوا هم والأجيال القادمة تبِعات الاستسلام. النكبة الآن أصبحت تعني وصول الأمّة العربية، أمّة بمُقدّراتٍ بشرية ومادية هائلة جداً إلى حالٍ من الفشل المستمر وحال من الهوان، لا تستطيع هذه الأمّة الممتدّة من المحيط إلى الخليج بمئات ملايينها وبكل ثرواتها أن تمنع إبادة عشرات الآلاف من أطفالها على الهواء مباشرةً كما حصل في غزّة. هذه هي النكبة الحقيقية وهذه هي الحرب الحقيقية الدائِرة منذ قرن ولكن سأختم بالقول إن هذا سيكون مصير كل طفل عربي، لو كان هناك مَن هو مُقتنع بأنه يمكننا أن نتحمّل خسارة الحرب في النهاية، ودم الأطفال في غزّة وفي سوريا وفي لبنان وفي اليمن وفي كل المنطقة العربية برَسْم كل عربي من المحيط إلى الخليج. انتهت الجولة لكن الحرب لم تنتهِ، الحرب مستمرّة وعلى أساسها سيتقرّر مصير العرب ووجودهم السياسي والثقافي، وبخصوص فلسطين ليس مجرَّد وجود سياسي وثقافي ولكن كما رأينا في غزّة الوجود الحقيقي الفعلي الجسدي أن الكيان الصهيوني لن يتردَّد ولن يتورَّع عن ارتكاب الإبادة كما رأيناها إذا توافرت له الفرصة.&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد زيني: شكراً لك دكتور وندعوك أيضاً لأن تكون مع الزميلة بهية في مُداخلتها الأخيرة.&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>بهية حلاوي: لا شكّ محمد أن دور الصحافيين كان جوهرياً في معركة طوفان الأقصى ونحن واكبنا واستندنا إلى هذه المادة التي تمّ تقديمها، لقد عاينّا كيف عَمَدَ الاحتلال إلى اغتيالهم بشكلٍ مباشر وهم نيام وهم يرتدون الخواذ والدروع وكل ما احتاجوه للحماية، لكن سأختم مع استذكار شهداء الميادين بشكلٍ خاص الذين ارتقوا وهم يقومون بالواجب، الزميلان الشهيدان فرح عمر وربيع معماري ارتقيا في بداية طوفان الأقصى وهما على الحدود مع فلسطين المحتلّة، أيضاً كان معهما الزميل حسين عقيل يساعدهما في المنطقة، وأيضاً من بعدها اغتيال واستشهاد الزميلين غسان نجار ومحمد رضا اللذين ارتقيا وهما يغطّيان العدوان على لبنان. أيضاً خسرنا الزميل الشهيد في الميادين أونلاين هادي السيّد وكان برفقة عائلته ينتقل من مكان إلى آخر ولكنه أيضاً صديق وحبيب وشجاع ومِقدام في عمله. أيضاً نوجّه التحية مُجدّداً للشهداء الأحياء من زملائنا في غزّة بعد كل ما خاضوه وتعرّضوا إليه، ونحن كنا نتابع أوضاعهم الشخصية، مَن رُزِق بطفل في الخيمة ومَن كان مُنقطعاً عن عائلته، حتى أنهم لم يتمكّنوا من الاتصال بعائلاتهم مراراً وتكراراً لفتراتٍ طويلة، وهم يتعرَّضون لكل هذا كانوا يحرصون على إرسال المادة لنا لتنتشر على المنصّات وليشاهدها العالم بأسره من خلال منصّات الميادين وشاشة الميادين. هذا دور الإعلام الذي يؤيّد المقاومة والذي يحضن الإنسان، هذه هي شاشة الميادين على الرغم من الإمكانات الضيّقة وعلى الرغم من كل هذه المُضايقات على منصّات التواصُل الاجتماعي حيث نتعرَّض لحَجْبٍ دائم إنْ كان في اليوتيوب أو المنصّات التابعة لشركة ميتا على اختلافها أو حتى لنشر الأخبار بصورةٍ عادية بينما وسائل إعلامية أخرى تنشر المُصطلحات نفسها وبالأساليب نفسها ولا يتعرَّض لها أيّ شخص أو أية منصّة أو أية جهة. مع كل هذا كنا نريد أن نكون جزءاً من معركة الإنسان الشريف في هذا الزمن الذي كانت تُبثّ فيه الإبادة بصورةٍ حيّة على المنصّات. رَحِمَ الله الشهداء من الميادين ومن كل المنصّات والمؤسّسات الإعلامية، كل الزملاء الصحافيين والإعلاميين. أيضاً وجّهنا التحيّة للزميلات العزيزات اللواتي ساعدنَ في إنتاج حلقات حروب الإعلام، نوجّه التحية لجنود الخفاء المُنتجات العزيزات هالا بطرس، ميساء شديد، سارة بهجة ونغم الفيطروني، أيضاً لفريق الرَصْد في الميادين أونلاين الزملاء قتيبة الصالح، جوليا قاسم وهنادي جرجس، ولفريق قسم الشؤون الإسرائيلية الذي واكب معنا أيضاً في حروب الإعلام وزوّدنا دائماً بالمقاطع المُتَرْجمة من الإعلام العبري، هم الذين كانوا يرصدون أيضاً الداخل الإسرائيلي ماذا يقول وكيف يتفاعل، وشكّلت هذه أيضاً مادةً إضافية لنوازِن ونُعايِن الصورة كاملةً ونقدّمها للجمهور. أشكرك محمد على كل المجهود ولكل جنود الخفاء في الميادين ولإدارة الميادين التي سمحت لنا بالمُشاركة في هذه المعركة الشريفة، والشكر الأخير للمُتابعين الذين تفاعلوا معنا ومعي شخصياً على الحسابات في منصّات التواصُل الاجتماعي إنْ كان لإبداء الإعجاب أو لإعطاء الملاحظات القيّمة التي استفدنا منها وأخذناها بعين الاعتبار دائماً.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد زيني: إسمحي لي بهية في الثواني الأخيرة أن أتقدّم بالشكر للزملاء مُذيعي الميادين الذين تناوبوا على تقديم حلقات طوفان الأقصى، كانت حلقات مهمّة بالتأكيد، الزميل كمال، عبد الرحمن، راميا والزميلة وفا سرايا. شكراً لكم مشاهدينا على تفاعُلكم الدائم، على الرسائل التي كنتم تبعثون بها، شكراً جزيلاً لك الدكتور سيف دعنا أستاذ عِلم الاجتماع، شكراً جزيلًا لِك الزميلة بهية حلاوي مديرة الميادين أونلاين، شكراً لكم مشاهدينا وفي أمان الله.</p> <p>&nbsp;</p>