عودة الإمبراطور

جرى تقديم "عقيدة مونرو" من قبل الرئيس جيمس مونرو إلى الكونغرس الأميركي في عام 1823، وتجسدت في عبارة تاريخية: "أميركا للأميركيين". في ولايته الثانية، أتى ترامب بتحديث لعقيدة مونرو... بذريعة حماية أميركا اللاتينية من نفوذ الصين على نصف الكرة الغربي. خاصة وأن بلدان أميركا اللاتينية تلعب دوراً رئيسياً في استراتيجية إدارة ترامب. من يتأمل السياسة التجارية الخارجية لترامب يدرك تدهور امبراطورية الولايات المتحدة؟ حيث أنه من الصعب جدا الحفاظ على هيمنتها في عالم متعدد الأقطاب.

نص الحلقة

 

 

برنامج ببساطة مع ألييدا غيفارا – عودة الإمبراطور

 

ألييدا غيفارا مارش: مرحباً، كيف حالكم؟ هل أنتم بخير؟ أنا سعيدة بوجودي معكم مجدداً.

في القرن التاسع عشر، كان الغزاة والسالبون الأوروبيون، عندما يصلون إلى مكان ما،

يطلقون عليه الاسم الذي يخطر ببالهم، من دون الأخذ في الاعتبار الاسم الذي يطلقه عليه السكان الأصليون.

على سبيل المثال، وصل الاسكتلندي (ليفينغستون) إلى الشلالات في أفريقيا وأطلق عليها اسم (فيكتوريا)،

اسم ملكته، متجاهلاً أن الأفارقة كانوا يسمونها (موسي-واتونغا)، أي الدخان الذي يُصدر صوتاً.

لدى النيكاراغويين ميناء يسمى (سان خوان ديل نورتي). وصل الإنكليز، فماذا سمّوه؟ (غريت تاون).

قلة من الناس يتذكرون أن المستعمرين الفرنسيين أطلقوا على (بوركينا فاسو) اسم (فولتا العليا).

 

ألييدا غيفارا مارش: بالحديث عن (بوركينا فاسو)، يجب أن أخبركم أن هناك ثورة جارية بقيادة نقيب شاب يدعى (إبراهيم تراوري)،

يمكن اعتباره تلميذاً لأفكار الثوري البوركيني (توماس سانكارا).

حسناً، على أي حال، هذا السيد، (توماس سانكارا)، هو الذي أطلق على شعبه اسم (بوركينا فاسو)،

والذي يعني، بترجمة تقريبية، "أرض الرجال الشرفاء".

حسناً، سنتحدث عن هذا في حلقة أخرى.

لا يمكن لأي مرسوم، مهما كان رئاسياً، أن يغيّر اسماً تاريخياً.

لكن يبدو أن الرئيس الحالي للبيت الأبيض، (دونالد ترامب)، لا يفهم هذا، لأنه يقول إنه من خلال مرسوم رئاسي يمكنه تغيير اسم خليج المكسيك.

للأسف، هذا ليس المظهر الوحيد للقوة والغطرسة الذي استخدمه الرئيس.

لا، القائمة طويلة جداً. وقد بدأت الأصوات ترتفع متحدثة عن وصول ديكتاتور إلى السلطة،

وأخرى بشيء من السخرية، تتحدث عن وصول ملك أو إمبراطور.

كل هذا في ديمقراطية الولايات المتحدة الأميركية التي يتشدقون بها، وبطابع مسياني.

في خطابه الأول في الكابيتول الأميركي، يصف (دونالد ترامب) نفسه بأنه منقذ الأمة.

وعندما يتحدث عن محاولة الاغتيال التي تعرّض لها، يقول إن الله أنقذه، لأنه مقدّر له أن يعيد العظمة إلى الولايات المتحدة الأميركية.

لقد قارن الرجل نفسه حتى بملك، وبالطبع، يستغل البيت الأبيض كل هذه الأمور، ويظهر على غلاف مجلة وهو يرتدي تاجاً.

بالطبع، كان يمكن أن تكون المجلة (تايمز)، لكنها في الحقيقة تسمى (ترامب).

ولكن حتى في هذا، ليس (ترامب) أصلياً حقاً. إذا لاحظتم، (كاليغولا)، على سبيل المثال، كان أول إمبراطور روماني أعلن نفسه إلهاً في حياته.

وكان يقول إن لديه علاقة وثيقة جداً مع (جوبيتر)، الذي كان الإله الأعلى للرومان في ذلك الوقت.

لكنه إضافة إلى ذلك، كان يدّعي أن له علاقات غرامية مع القمر.

إذا كان السيد (ترامب) سيقارن نفسه بإمبراطور، فيبدو لي أن الأمر صعب عليه.

ألييدا غيفارا مارش: فلنعد إلى مسألة الأسماء. لا يزال الأفارقة يسمون شلالاتهم (موسي أو أتونيا). والنيكاراغويون يسمون ميناءهم (سان خوان ديل نورتي).

وسيظل خليج المكسيك يحمل اسمه، بتلك المياه الدافئة التي تلامس سواحل الولايات المتحدة والمكسيك وكوبا، بقوة الأعاصير التي تضربنا.

 

ألييدا غيفارا مارش: في عالم تحكمه الشركات المتعددة الجنسيات بمجال الإعلام أو التضليل الإعلامي،

يقدم لكم هذا البرنامج مساراً مختلفاً كل أسبوع،

ربما يكون متمرّداً إلى حد ما. إذا أردتم متابعتنا، فافعلوا ذلك، (ببساطة)، مع (ألييدا غيفارا).

مقدمة البرنامج

 

ألييدا غيفارا مارش: للتفكير في ما يمثله وصول (دونالد ترامب) إلى السلطة لولاية ثانية، هناك كثير من زوايا التحليل.

لكن لا يمكنني أن أتخلى عن كوني من أميركا اللاتينية وقبل كل شيء كوبية.

لذلك، فإن أول ما يتبادر إلى ذهني هو رغبة هذا الرئيس في إحياء ركيزة قديمة للسياسة الخارجية الأميركية تجاه أميركا اللاتينية، وهي عقيدة (مونرو).

جرى تقديم عقيدة (مونرو) من قبل الرئيس (جيمس مونرو) إلى الكونغرس الأميركي في عام 1823، وتجسدت في عبارة تاريخية: "أميركا للأميركيين".

بالطبع، يجب أن نقرأ دائماً أن هؤلاء "الأميركيين" هم مواطنو الولايات المتحدة.

ومع ذلك، على الرغم من أن الرئيس (مونرو) هو من قدمها، يقال إن من كتبها أو صاغها هو وزير خارجيته، (جون كوينسي آدامز)، الذي أصبح رئيساً للولايات المتحدة بعد فترة وجيزة.

منذ ولايته الأولى، أخرج الرئيس (ترامب) هذا العباءة البالية.

لقد كانت السياسة الرسمية لبلدنا منذ الرئيس (مونرو) أن نرفض تدخل الدول الأجنبية في هذا النصف من الكرة الأرضية وفي شؤوننا الخاصة.

عندما يقرأ المرء هذه الأشياء، يدرك النفاق الهائل للسياسة الخارجية للولايات المتحدة.

لأن هذا هو بالضبط ما يفعلونه ضد أي شعب في أي جزء من العالم، سواء في أميركا اللاتينية، آسيا، أفريقيا أو العالم العربي.

 

ألييدا غيفارا مارش: لكن أميركا اللاتينية لم تظل صامتة. فلنستمع إلى بعض ردود الفعل في تلك اللحظة.

 

الرئيس الكوبي – ميغيل دياز كانيل: سيدي الرئيس، أميركا اللاتينية اليوم هي مسرح لتهديدات مستمرة

لا تتوافق مع إعلان أميركا اللاتينية والكاريبي منطقة سلام، الذي وقّعه رؤساء الدول والحكومات في (هافانا) عام 2014

لمناسبة القمة الثانية لمجموعة دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

أعلنت الإدارة الأميركية الحالية سريان عقيدة (مونرو)، وفي استعراض جديد لسياستها الإمبراطورية في المنطقة، تهاجم (فنزويلا) بحقد خاص.

في هذا السياق المهدد، نود أن نؤكد من جديد دعمنا المطلق للثورة البوليفارية والتشافيزية،

وللاتحاد المدني العسكري للشعب الفنزويلي، ولحكومته الشرعية والديمقراطية بقيادة الرئيس الدستوري (نيكولاس مادورو موروس).

 

إننا نرفض محاولات التدخل والعقوبات ضد (فنزويلا) التي تسعى إلى خنقها اقتصادياً وإلحاق الضرر بالأسر الفنزويلية.

 

رئيس فنزويلا – نيكولاس مادورو موروس: لقد رفع بالأمس تلك العقيدة، عقيدة (مونرو).

 

قد تتساءلون، لماذا هذا الهجوم الشرس من السلطة الأميركية على جميع المستويات،

الذي عبّر عنه خطاب الرئيس (دونالد ترامب) يوم أمس؟

إنه صراع تاريخي. لقد قلنا ذلك كثيراً في العالم، وشعبنا يعرفه جيداً.

إنه الصراع بين عقيدة (مونرو) الإمبريالية، التدخلية، والاستعمارية الجديدة، في مقابل العقيدة التاريخية الاستقلالية،

المتمردة، الداعية للكرامة والعدالة والحرية الجمهورية والمساواة، التي أرسى دعائمها محررنا (سيمون بوليفار).

إنه صراع قديم. إنه تناقض قديم بين عقيدة إمبريالية تسعى للسيطرة على منطقتنا؟

في القرن التاسع عشر، كانوا يخططون للسيطرة على منطقتنا فقط. في القرن العشرين، خططوا للسيطرة على العالم.

وفي القرن الواحِد والعشرين، ينوون الاستمرار في حكم العالم وتوجيهه وابتزازه وإصدار الأوامر له كما لو كان مِلكاً لهم.

 

ألييدا غيفارا مارش: إصدار الأوامر للعالم كما لو كان ملكاً لهم، تماماً كما قال الرئيس الفنزويلي (نيكولاس مادورو).

من ناحية، عقيدة (مونرو)، ومن ناحية أخرى، "القدر المتجلي".

وبهذا حاولوا تبرير توسعهم في أميركا اللاتينية.

بالطبع، هم يقولون إن لديهم الحق الإلهي للقيام بذلك، كأمر من العناية الإلهية.

ولكن ما هو مؤكد وتاريخي هو ما قاله محررنا (سيمون بوليفار) في عام 1829:

"يبدو أن الولايات المتحدة مقدّر لها من قبل العناية الإلهية أن تملأ أميركا بالبؤس باسم الحرية".

 

ألييدا غيفارا مارش: الآن، في هذه الولاية الثانية، يأتي الرئيس (ترامب) بتحديث لعقيدة (مونرو).

والهدف هو حمايتنا من "الخطر الأصفر".

أي حمايتنا من نفوذ الصين على نصف الكرة الغربي، ولكن على نحو خاص على أميركا اللاتينية.

 

الآن، إذا تعمقنا في الأمر، فسندرك أن هذه السياسة الخارجية لـ (ترامب) وسياسته التجارية

ليستا سوى مظهر من مظاهر تدهور الولايات المتحدة، ما يجعل من الصعب جداً الحفاظ على هيمنتها في عالم متعدد الأقطاب.

هناك طرق عديدة للقيام بهذه الأمور، لكنني أريد أن أشير على نحو خاص إلى اثنتين.

الأولى: الضغط والابتزاز على الحكومات المحلية، على سبيل المثال، من خلال الرسوم الجمركية.

الثانية: استخدام قوى اليمين واليمين المتطرف لمنع هذه الحكومات التقدمية من تحقيق أهدافها.

 

ألييدا غيفارا مارش: آه، يا (سيمون بوليفار)! يا لَبصيرتك!

مع زيارة وزير دفاع (ترامب) (بنما)، جرى التوصل إلى اتفاق مع (واشنطن)

يجري بموجبه زيادة الوجود العسكري الأميركي في هذا البلد، إضافة إلى السماح له باستخدام مناطق محاذية لقناة (بنما).

بالطبع، خرج الشعب البنمي غاضباً للاحتجاج على ذلك، لأنه، بالطبع، تدخّل في شؤونه الداخلية وطعنة في سيادته.

هذه الضغوط على (بنما)، التي تشمل أيضاً ابتزاز السيطرة على القناة بالقوة مرة أخرى،

دفعت البلاد إلى إعلان انسحابها من مبادرة "الحزام والطريق" التي تروّجها الصين.

لكن إضافة إلى ذلك، جرى نقل ميناءين في القناة

كانا تحت إدارة شركات من (هونغ كونغ) مباشرة إلى شركات أميركية.

(بلاك روك)، هل تتذكرونها؟

 

ألييدا غيفارا مارش: لأنه ينبغي ألّا ننسى أنه بتواطؤ الحكومات المحلية وخضوعها تتمكن الإمبراطورية من إكمال هيمنتها.

 

 

ألييدا غيفارا مارش: تؤدي منطقة أميركا اللاتينية والكاريبي دوراً رئيسياً

في استراتيجية إدارة (ترامب) وفي سياستها الخارجية.

ليس من قبيل الصدفة أن تكون أول رحلة رسمية لوزير الخارجية، (ماركو روبيو)،

جولة في دول أميركا الوسطى والكاريبي.

لقد مر أكثر من قرن، منذ زيارة (تشيس نوكس) (بنما) في عام 1912 أثناء بناء قناة (بنما)،

لم تكن أميركا اللاتينية وجهة أول رحلة رسمية لوزير خارجية أميركي.

 

ألييدا غيفارا مارش: (ماركو روبيو)، بالمناسبة، الذي كالحرباء الانتهازية، مر بتحول مثير للاهتمام.

قبل بضع سنوات، انتقد الرئيس الحالي لافتقاره إلى الخبرة في السياسة الخارجية.

ووصفه بأنه محتال وسخر من يديه الصغيرتين.

رداً على ذلك، خلال الانتخابات التمهيدية لعام 2016، أطلق عليه (ترامب) بازدراء لقب "(روبيو) الصغير"،

وسخر منه، مستهزئاً بالسيناتور آنذاك لاستخدامه كثيراً من الماكياج، وشربه الماء بإفراط، وتعرّقه الشديد.

يا لها من زمرة تحكم الإمبراطورية!

 

ألييدا غيفارا مارش: بعد هذا التبادل العلني للشتائم، نرى (ماركو روبيو) طموحاً ومتملّقاً جداً لرئيسه،

ويدعمه في كل سياسته الخارجية. سواء كان ذلك شراء (غرينلاند)،

أو تغيير اسم خليج المكسيك، أو السيطرة على قناة (بنما) بالقوة،

ودعم اقتراح (ترامب) بالاستيلاء على (غزة).

بالمناسبة، "(روبيو) الصغير"، الذي وافق بالفعل على غزو الولايات المتحدة للعراق،

يدعم الآن بالكامل، ويصفّق لاقتراح (ترامب) الاستيلاء على (غزة) مع تطهير عرقي،

وهو ما يسميه أيضاً "جريئاً".

جريئاً؟ حقاً؟ قد تكون الحكومة جريئة عندما تعطي أسلحة وقوة اقتصادية كاملة لحكومة أخرى

قادرة على محاولة محو بلد من على وجه الأرض.

هل يمكن حقاً أن يكون سلوك دعم إبادة جماعية بهذا الحجم جريئاً؟ لا.

ليس جريئاً. على الإطلاق. هذا سلوك عصابات مافيا، سلوك إجرامي، قاتل،

أو كما يقول (نعوم تشومسكي)، سلوك "عصابات".

قصص

 

ألييدا غيفارا مارش: في كانون الأول/ ديسمبر من عام 1964، سافر والدي كممثل للشعب الكوبي ودولته الثورية إلى الأمم المتحدة لإلقاء خطاب لا يزال يُذكر كثيراً حتى اليوم.

ولكن في تلك الرحلة كان لديه أيضاً جدول أعمال أوسع بكثير،

من ضمنه مقابلة مع إحدى أهم القنوات التلفزيونية في الولايات المتحدة لبرنامجها "واجه الأمّة" (Face the Nation).

هناك، طرحوا عليه أسئلة عديدة مثيرة للاهتمام.

كانت مجموعة من المهنيين الذين بدوا مستعدين جيداً.

في (كوبا)، في ذلك الوقت، كنا نعيش بالفعل وضعاً صعباً.

كنا قد مررنا بالفعل بغزو "خليج الخنازير"،

أي غزو مرتزقة من قبل كوبيين من أصل كوبي جرى تدريبهم على يد وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

وقد هزمناهم في أقل من 72 ساعة.

كنا قد عانينا أيضاً من أزمة الصواريخ.

نحن نسميها كذلك، لكنها في الحقيقة تسمى "أزمة أكتوبر".

ألييدا غيفارا مارش: لأن الاتحاد السوفيتي كان قد أعطانا صواريخ دفاعية.

وعندما علمت الولايات المتحدة بذلك، أصيبت بالهستيريا.

لكنها هستيريا بطريقة وحشية.

كنا على وشك أنْ تبدأ حرب عالمية ثالثة.

 

ألييدا غيفارا مارش: في الواقع، في تلك اللحظة، كان الشعب الكوبي محاصراً بالفعل.

محاصراً اقتصادياً من قبل الولايات المتحدة، وهو حصار ما زلنا نعاني منه حتى اليوم.

تخيلوا، كنا في بداية هذا الوضع وكان التغيير قاسياً جداً على الشعب.

كنا قد تعرضنا بالفعل لآلاف الهجمات الإرهابية ضد جميع مجالات حياة الشعب الكوبي.

ولكن على نحو خاص، شمل ذلك أيضاً حياة قادة الثورة الكوبية.

بالطبع، يجب أن أقول إنه لم تعد لدينا علاقات دبلوماسية بين (كوبا) والولايات المتحدة.

في تلك اللحظة، على وجه التحديد، كان هناك كثير من التوتر بين (كوبا) والولايات المتحدة،

لكنه شمل أيضاً دولاً أخرى في العالم.

يمكن القول إن (كوبا) في هذه اللحظة قد أصبحت منارة للحرية.

لذلك، تريد الولايات المتحدة أن تضغط علينا، تريد أن تجعلنا نختفي.

وفي تلك اللحظة بالذات، طرحوا هذه الأسئلة على والدي،

الذي قدم حقاً إجابات استثنائية عندما سألوه عن رأيه في العلاقات بين الولايات المتحدة و(كوبا). لهذا السبب، أقترح أن نستمع إلى ما أجاب به بنفسه.

مقابلة مع شي غيفارا

 

صوت المذيع: دكتور غيفارا، واشنطن قالت إن هناك شرطين سياسيين لإقامة علاقات طبيعية بين الولايات المتحدة وكوبا:

الأول هو التخلي عن التزامكم العسكري تجاه الاتحاد السوفياتي،

والثاني هو التخلي عن سياسة تصدير الثورة إلى أميركا اللاتينية.

هل ترون أي فرصة لحدوث تغيير في أي من هاتين النقطتين؟

 

إرنستو غيفارا: بالتأكيد، نحن لا نفرض أي شروط من أي نوع على الولايات المتحدة.

لا نريد تغيير نظامها. لا نريد أن يتوقف التمييز العنصري في الولايات المتحدة.

لا نفرض أي شروط لإقامة العلاقات، لكننا أيضاً لا نفرض شروطاً على...

 

صوت المذيع: لكن سؤالي كان هل ستقبلون هذه الشروط التي وضعتها الولايات المتحدة لاستئناف العلاقات الطبيعية؟

 

إرنستو غيفارا: لن نقبل أي شرط من الولايات المتحدة. لن نقبل شروطاً تفرضها الولايات المتحدة علينا.

 

مقابل ملايين الدولارات، يحتجز رئيس السلفادور، نجيب بوكيلي، مجرمين فنزويليين مزعومين في مركز احتجاز الإرهاب.

--

الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يؤكد من دون أدلة أن بلاده تتعرض لغزو من قبل عصابة "قطار أراوغا".

--

وهي منظمة إجرامية، يزعم ترامب كذباً، أنها تعمل كذراع مسلحة لحكومة نيكولاس مادورو.

--

في السجن الضخم، مركز احتجاز الإرهاب، يعيش الفنزويليون في حالة فراغ قانوني: فهم ليسوا تحت الولاية القضائية الأميركية، ولا مشمولين بحماية النظام القضائي السلفادوري.

--

وقد أدت هذه السياسات التي انتهجها ترامب إلى حالة الرعب التي يعيشها اليوم ملايين المهاجرين في الولايات المتحدة.

--              

 

ألييدا غيفارا مارش: من بين هَوَسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب هناك الحملات ضد المهاجرين…

عائلات ممزقة، أساليب وحشية، كما رأينا في الفيديو السابق.

خوف العمال من الخروج إلى الشارع لأنه قد تكون هناك حملة مداهمة ويجري اعتقالهم ثم يظهرون على بُعد كيلومترات من عائلاتهم.

لكن ينبغي ألّا يتفاجأ أحد بهذه الأساليب لأن (دونالد ترامب) مارسها بالفعل في المرة السابقة.

ما حدث هو أنه الآن قد أتقنها وجعلها أكثر وحشية.

تذكروا الأطفال الذين جرى فصلهم عن عائلاتهم وكانوا ينامون في أقفاص مغطاة ببطانيات معدنية.

 

الأمر الأكثر حزناً في هذا هو أنهم لم يتمكنوا بعد ذلك من لمّ شمل هؤلاء الأطفال مع عائلاتهم

لأنهم لم يأخذوا في الاعتبار إلى أين كانوا يذهبون.

 

ألييدا غيفارا مارش: الجدار. هل تتذكرون الجدار الذي وعد في ولايته الأولى بأنه سيبنيه على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة؟ تحديداً لمنع الهجرة أو كما يسميها هو، "الغزو".

من المؤسف أن هؤلاء الرجال والنساء هم من يقومون بأصعب الأعمال داخل الولايات المتحدة.

ولكنه وعد أيضاً بأن (المكسيك) هي من ستدفع تكلفة هذا الجدار.

إن قصة الجدار مليئة بالمغالطات، إن لم نقل الأكاذيب، والمبالغات،

إضافة إلى دعاية تليق بالرئيس رجل الأعمال.

هو يقول إن هذا الجدار كان نجاحاً باهراً، لكننا نعلم أنه كان فشلاً ذريعاً.

وعلى سبيل الملاحظة الجانبية، لم تدفع (المكسيك) سنتاً واحداً من الفاتورة.

 

ألييدا غيفارا مارش: يقال إنه بعدما شجّع هذا النوع من الأعمال في (الكابيتول)،

جلس السيد (دونالد ترامب) بهدوء في غرفة الطعام بالبيت الأبيض

ليراقب الأحداث على شاشة التلفزيون. قضى ساعات وكأنّ الأمر فيلم سينمائي.

عندما جرى تنصيبه رئيساً، أصدر أولاً عفواً رئاسياً

عن كل أولئك المجرمين الذين جرى اعتقالهم ومحاكمتهم بموجب القوانين في الولايات المتحدة الأميركية.

آه، الحقيقة هي أنه كان يجب أن يُحاكم هو أيضاً على هذه الأفعال،

لكن هذا واحد من ديونه الكثيرة للعدالة الأميركية.

وبعد ذلك يريدون منّا جميعاً أن نصدق أن الجميع سواسية أمام القانون في الولايات المتحدة.

 

ألييدا غيفارا مارش: ليس سراً على أحد أن هناك دوائر صحافية تنتقد بشدة ما يفعله الرئيس (ترامب).

ولكن يجب أن أقول أيضاً إنهم مدعومون من غرفة صدى إعلامية قوية

ومنصات رقمية تضخّم وتعزز صورة هذا الرئيس الذي يعتقد أنه إمبراطور.

مشهد:

في نهاية هذه الحلقة، أود أن أستحضر مناضلاً اجتماعياً عظيماً.

مناضلاً مناهضاً للإمبريالية وناقداً جداً لنظام بلده، الولايات المتحدة الأميركية.

هو كاتب معترف به، ولغوي مشهور عالمياً، وأيضاً معارض سياسي.

لقد كان دائماً متضامناً جداً مع الشعب الفلسطيني

في نضاله ضد استعمار (إسرائيل). أعني (نعوم تشومسكي).

 

خلال البرنامج، أُجريت مقابلة مع (نعوم تشومسكي) بكلمات حازمة جداً.

هو يقول إنّ من يحكم البيت الأبيض هو رجل عصابات.

لذلك، تبدو هذه الكلمات منعشة جداً، وكأنها قيلت أمسِ.

ويمكنها أيضاً أن تساعدنا على أن نفهم بطريقة أفضل

لماذا وضعت السلطة الحقيقية في الولايات المتحدة رجلاً كهذا ليحكم البلاد.

أريد أن أشارككم إياها.

 

ألييدا غيفارا مارش بلسان نعوم تشومسكي : أنا كبير في السن بما يكفي لأتذكر أنني في طفولتي

كنت أستمع إلى خطابات (هتلر) على الراديو.

لم أكن أفهم كلماته، ولكن من نبرة صوته ورد فعل الحشود التي كانت تعشقه،

كان ما يحدث واضحاً ومخيفاً جداً.

نحن نعلم إلى ماذا أدت تلك الأمور. أتذكر هذه الخطابات على الفور عند سماع هذيان (ترامب) والحشود.

أنا لا أقول إن (ترامب) مثل (هتلر). كان لدى (هتلر) أيديولوجيا، أيديولوجيا مروّعة.

أما في ما يتعلق بـ (ترامب)، فإن الأيديولوجيا الوحيدة الملحوظة هي النرجسية الخالصة.

هذه هي أيديولوجيته.

ما دمت ذكياً بما فيه الكفاية، فلتستمر في خدمة الأسياد الحقيقيين،

وتصبّ الأموال في جيوب الأغنياء وقطاع الشركات،

سيتركونك جميعاً تواصل تهريجك.

ألييدا غيفارا مارش بلسان نعوم تشومسكي: نراكم الأسبوع المقبل.

النهاية