وفيق صفا - مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله
"السيد الأمة" في حوارٍ خاص مع مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله، وفيق صفا، يكشف فيها عن أسرارٍ ورسائل لشهيد الأمة، عن قائد استثنائي تجاوز تأثيره لبنان والإقليم.
نص الحلقة
<p> </p>
<p> </p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: وهل أمثاله يرحلون؟ جُملة ردّدها مُحبّوه وعارِفوه في لبنان وخارجه.</p>
<p>حاز ثقة الناس وآمنوا به، فكان قريبًا منهم وكانوا همَّه.</p>
<p>الصدق واحدة من صفاته التي يُسمّه بها الصديق وحتى العدوّ، فكانت عماد مسار استثنائي حافل وتاريخيّ، تجاوز فيه لبنان والإقليم، فكان الأمميّ، فما سرّ الأمين؟</p>
<p>رافِع راية القضية الفلسطينية، لم نسمع له خطابًا خلا من ذِكرها، جاعِلاً من تحريرها هدفًا في صُلب أهداف حزب الله، وقدَّم روحه لتحقيقه، واستشهد على طريق القدس، فماذا بعد؟</p>
<p>ثلاثون ونيِّف في الأمانة العامة لحزب الله، كيف جعل حزب الله قوّة إقليمية؟</p>
<p>ويُلحّ السؤال، نحن أمام أيّ حزب الله اليوم بعد الاستشهاد؟</p>
<p> </p>
<p>(فاصل)</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: مرحبًا بكم مشاهدينا في هذه المقابلة ضمن سلسلة لقاءات "السيّد الأمّة"، في إطار تغطية الميادين لحدث تشييع الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله.</p>
<p>نبحث في الكواليس، مع رفيق درب وبيت سرّ ورسائل لشهيد الأمّة، مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا. مرحبًا بكم.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: أهلاً.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: كان الاتفاق أن يكون اللقاء مع البدايات، وإذ بك تريد أن تبدأ بالوداع، في خطاب وداع السيّد حسن نصر الله، آخر خطاباته قبل أن يرتقي شهيدًا. لماذا؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: بسم الله الرحمن الرحيم. في حقيقة الأمر، إنه موقف مُحزن، وأنا خجل من نفسي كثيرًا، أنا الذي كنت أطلب منه أنك قريبًا ستتحدّث في أسبوعي، في شهادتي، في وفاتي، وأنا حين تحدَّثت عن موضوع الأسرى في آخر محطّاتهم، قلت هناك أسرار سيكشفها الأمين العام لأنها مِلكه. لم أكن أتصوّر يومًا من الأيام، أنا وإخواني، أن نجلس في مقامٍ نتحدَّث فيه عن السيّد حسن نصر الله، شهيد الأمّة، الأقدس والأنْبَل والأشرف، الحائِز على كل هذه الصفات، وهو الذي تميَّز وتفرَّد بصفاتٍ كثيرة، هذا السيّد الحنون، مع كلّ الجبروت الذي كان يمتلكه، هذا السيّد المُتواضع مع كل القوّة التي كان يختزنها، هذا السيّد المُحبّ والعطوف مع الناس، كلّ الناس.</p>
<p>في آخر خطاباته، بلا شكّ، كنت أعتبرها أنّها هي الوصايا السياسية للسيّد حسن نصر الله. هذه الخطابات، خاصة الخطابات الأخيرة في معركة طوفان الأقصى، شكَّلت وصايا سياسية على كل المستويات، للأفراد وللمجتمعات، لحزب الله وللناس وللبيئة وللجمهور وللمقاومة وللأمّة ولكل المسلمين ولكل العرب المنضوين تحت راية المُناهضة لإسرائيل.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: طالما اخترت أن تبدأ من الخطاب الأخير، ومتى كان آخر اتصال بينك وبين السيّد؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: آخر اتصال مع سماحة السيّد، هو بادَر به، يوم البيجر. يوم البيجر، اليوم الوحيد الذي لم أتجرّأ أن أتواصل أنا أو أدقّ.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: لماذا؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: لأنني كنت أدرك الحال النفسية التي كان فيها. هو بالتأكيد رجل شجاع ومِقدام وبطل بكلّ معنى الكلمة، ولكن عندما يتعلّق الأمر بالمقاومة أو بالمقاومين أو بالمُجاهدين، هذه آخر الدنيا لديه. هو اعتبر أن الذين فقدوا أعينهم أو أطراف أصابعهم، هذا أمر مؤلِم جدًا، لكن من تواضعه وسماحته ولطافته، هو في تلك الليلة، في آخر الليل، اتصل ليطمئنّ على إبني، لأنّ إبني أصيب بعينيه ويديه. هذه كانت آخر مُكالمة لها علاقة بالموضوع الشخصي. وقبل الاستشهاد بيومين، كان آخر اتصال، لأننا كنّا ننقل له رسالة لها علاقة بالوضع، وسبحان الله، هو قال سأعطيك جوابًا، انتظر منّي جوابًا. وما زلت يا سيّد أنتظر هذا الجواب.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: آخر لقاء.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: آخر لقاء، قبل شهادته بشهرين تقريبًا، كان هناك شيء له علاقة بالموضوع الداخلي، حتى هو أثناء الحرب التي يقودها ويخوضها، كان الموضوع الداخلي ليس غافِلاً عنه، والذي له علاقة بموضوع الرئاسة، والذي له علاقة بموضوع العلاقة مع التيّار الوطني الحر، والذي له علاقة أيضًا مع بعض الأمور التي تتعلّق ببعض الحلفاء. في هذا اللقاء، يمكن أن أكشف وأقول إنّ سماحة السيّد، وهذا قلته أنا، عندما تحدّثت.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: في موقع الاستشهاد.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: لم أقلها من عندي.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: أن لا فيتو.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: أنا سمعتها من سماحة السيّد رحمه الله، وأبلغتها لقائد الجيش في ذلك الحين العماد جوزاف عون، أنه ليس لدينا فيتو، ولا مشكلة لنا معه، بالعكس نحن مدّدنا له أول مرة وثاني مرة، والعلاقة كانت سليمة جدًا، لكن كان لدينا مُرشّح طبيعي هو سليمان فرنجية. هذا الأمر الذي حال دون إجراء انتخابات لصالح العماد جوزاف عون، لأنه كان هناك سليمان فرنجية، أما بعد الحرب، بعد شهادة سماحة السيّد، وسليمان فرنجية قدّر الأوضاع وانسحب، فكان من الطبيعي أن يقول حزب الله إنّه في الأصل لا يوجد مشكل، وبالتالي هو من الأوفر حظًا، هو من المُرشّحين الجدّيين، الطبيعيين، وهذا ما جرى. ولذلك أنا عندما قلت لا يوجد فيتو، يعني لا نُمانع به.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: ولكنه كان مسبوقًا ممّا قاله السيّد حسن نصر الله.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: مئة في المئة، وقلنا وقتها لماذا لا نريد أحدًا آخر.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: هنا، نحن الآن في حضرة السيّد حسن نصر الله، السيّد الأمّة، وتضيق الكلمات، وحتى الزمن لا يتّسع، وأنتم بيت سر ورفيق درب، وربما نبحث في الكثير من التفاصيل والكواليس التي لديكم، لكن سنبدأ من نقطة البداية في العمل مع السيّد.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: في العمل مع سماحة السيّد، عندما نزل من البقاع إلى بيروت، واستلم منطقة بيروت، أي المنطقة الجغرافية التي لها علاقة بالضاحية وبيروت، وحينها كنت آنذاك مسؤولاً ثقافيًا في منطقة بئر العبد، ثمّ بعد ذلك مسؤول قطاع، وعملت معه منذ تلك الفترة، إلى أن انتقل هو إلى رئاسة التنفيذ، ومن هنا تأسّست ما سُمّيت باللجنة الأمنية التي تحوّلت بعد الحرب إلى وحدة الارتباط والتنسيق. ثم عندما كان أمينًا عامًا، مُعاونًا في مكتبه، وصولاً إلى هذا الموقع الذي أشغله الآن. هذه رحلة منذ عام 1985، أي مرّت عليها 40 سنة.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: هذه الأربعون سنة تدفعنا للسؤال، ما هو سرّ السيّد؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: أنظري، السيّد لديه أسرار. أولاً لديه سرّ مع الله، وهنا لا أتحدّث إنشاء عربي ولا مشاعر، بل أتحدّث عن شيء حقيقي لمسته، لست أنا مَن لمسته، بل كل إخواننا الذين يرون سماحة السيّد ويجلسون معه ويتحدّثون معه، لمسوا فيه هذا الأمر. السرّ الأول أن محبّة الله له مُتجلّية، أبدًا، كيف أن الله قال لموسى واصطنعتك لنفسي، نحن كنّا نشعر أنّ السيّد حسن نصر الله كان مصنوعًا من الله لهذا الحزب، وكان مصنوعًا من الله لهذه الأمّة، وألقيت عليك محبّة منّي، قالها الله لموسى، هذه المحبّة من الله للسيّد كانت واضحة، لأنه سبحان الله، هذه المَلَكات الموجودة عنده التي كل العالم أصبحت تعرفها، من الطيبة للتواضُع والمحبّة والإخلاص والتفاني.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: الصدق.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: الصدق موضوع آخر. عندما نتحدّث في السياسة، نتحدّث عن ذلك. هذه كلّها صفات الله سبحانه وتعالى تجلّت في هذا الشخص، ولذلك لديه سرّ مع الله، ولديه سحر أيضًا، شخصيّته جذّابة، لا يوجد أحد من السياسيين التقاه، وتسألينه، عندما كنّا نأتي إليه، لن أسمّي من، أصحاب كلمة على المنبر، عندما يجلسون بين يدي سماحة السيّد، يتلعثمون، يتلكّأون، كأنّ هيبة تجلّلت عليهم، ولم يعودوا يعرفون كيف يتحدّثون، واللطيف أن سماحة السيّد كان يساعدهم. فيه شيء من الله، هذا الموضوع قلتِ أنتِ سرّ، لا، توجد أسرار، وستأتي الأيام، تُكْشَف هذه الأسرار. له سرّ مع الله وله خلوات مع الله، ومرّة من المرّات، هو أخبر جمهوره، هو صريح جدًا بالمناسبة مع الجمهور، واضح وصريح وشفَّاف، ما يفعله ويُفكِّر به يقوله للناس، هو كان يقول لهم، ولكن كان يفعلها بطريقةٍ لطيفةٍ جدًا، كان يقول للناس إذا كان عندك مشكلة وتشعر أنك بعيد عن الله خصِّص ساعة من وقتك، اختلِ فيها بنفسك، وتكلّم مع الله، بالمباشر، ومن دون أن تتحدّث بالفُصحى.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: هل هناك ربما اتجاه للكشف عن بعض الأسرار في المقبل؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: إن شاء الله أكيد، وهذا ربما عند عائلته بالخصوص، لأن السيّد جواد مُهتمّ بهذا الأمر.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: وفي موضوع الناس، هناك مَن يقول إنّ إسرائيل، العدو الإسرائيلي كان يعلم أنّ نقطة ضعف السيّد هم الناس.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: هي ليست نقطة ضعف، هي نقطة قوّة. سماحة السيّد أول أمر قام به سنة 1996، المُعادلة، هي مُعادلة حماية المدنيين، الذين هم الناس، ثبَّت هذه المُعادلة في حرب نيسان، ثم استمرّت، هذه أول مُعادلة يبنيها حزب الله ويبنيها سماحة السيّد في المقاومة، هي حماية المدنيين، وبالتالي أنتم لا تقصفون مدنيين ونحن لا نقصف مدنيين، مع العَلم أنّ المجتمع الإسرائيلي بكله وكلكله هو مجتمع حرب، في كل الأحوال. هذه أول نقطة وأول مُعادلة وأول ردع كان لإسرائيل، محورها المدنيون، أي محورها الناس. ثمّ كان بعد التحرير، الذي كان الناس العمود الفقري فيه، ورأينا دخول الناس، وما أشبه اليوم بالأمس، أيضًا رأينا اليوم، خلال الأسبوعين الفائتين، بعد مرور شهرين على وقف إطلاق النار، كيف دخلت الناس، كما حصل سنة 2000، حصل اليوم سنة 2025. موضوع الناس نقطة قوّة عند سماحة السيّد، ولذلك كان يقول ويوصي، يوصي المسؤولين والتنظيم والأخوة جميعًا، الناس، لأن هذا الحزب حزب الناس كما سمّاه.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: ما قصدته بموضوع نقطة الضعف كما رآها الاحتلال، بمعنى فتح ربما بعد عدّة ضربات كانت قاسية لحزب الله، أخذ قرار ربما بتوسيع المواجهة أو الحرب، كان السيّد حسن نصر الله يفكّر بلبنان ككل، بالناس، ولا سيما بالبيئة التي سيطالها مباشرة العدوان، وهو ما جرى بطبيعة الحال في أيلول.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: بالتأكيد، موضوع الحرب، الإسرائيلي رأى أنّ سماحة السيّد ليس ذاهبًا إلى الحرب، وما ذكرته صحيح، خلفيّة هذا الأمر هي الناس، لا يريد تشريد الناس ولا تهجيرهم ولا الإضرار بمصالحهم. هو كان يقول، عندما تعتدي إسرائيل على لبنان نحن نردّ، أي ابتداءً لا يوجد شيء، لكن الذي حصل، عندما تمكّن الإسرائيلي من النَيْل من سماحة السيّد دخل إلى هذه الحرب. ربما هذا الذي جعل الإسرائيلي يدخل بقوّة باتجاه هذه الحرب، وكلنا نعلم أن سماحة السيّد استهدافه والنَيْل منه هو ثلاثة أرباع ربح في المعركة.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: كيف؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: بمعنى أنّ سماحة السيّد عندما يكون هو قائد هذه المعركة، قائد الحرب، قائد هذه الأمّة، وينالون منه ويستشهد، أي عمليًا هم يعتقدون أنه انتهى، يستمرّون بالحرب إلى حين القضاء على الحزب، ولذلك هم ترفّعوا، أو صعّدوا بأهدافهم. الهدف الأول كان له علاقة بإعادة المستوطنين إلى الشمال، ثم ذهبوا بهدفٍ أعلى وهو ضرب القوّة العسكرية لحزب الله. عندما نالوا من سماحة السيّد، تحدّثوا عن القضاء على حزب الله، وللأسف نتنياهو وآخرون خاطبوا بعض الداخل اللبناني، أنه لاقونا.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: لديكم معلومات في هذا الإطار؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: في الإعلام.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: أسأل عن معلوماتكم.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: لا، معلومات خرجت في الإعلام، خاطبوا بعض الجانب اللبناني أنه لاقونا، ولذلك عندما نتحدّث أن حزب الله انتصر، أصل بقاء حزب الله ووجوده الآن هو انتصار.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: هذا الكلام ارتباطًا بتصريح السفيرة الأميركية في لبنان في حينها، ولكن لا توجد معلومات أوسع من ذلك لديكم؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: في أي موضوع؟</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: في هذا الموضوع، بأن يُلاقي بعض الأطراف أو القوى اللبنانية إسرائيل في العدوان للوصول إلى القضاء على حزب الله.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: أنا لا أقول إن الداخل اللبناني تجاوب، أنا أقول الإسرائيلي خاطب، أنه لاقونا.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: لم يتجاوب؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: لا، الحمد لله، لم يتجاوب.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: في أي حزب الله يمكن أن نقول بتنا منذ أن تسلّم السيّد حسن نصر الله، السيّد الأمّة، شهيد الأمّة، حزب الله، وأيّ تحوّل جرى على موقع الأمانة العامة للحزب؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: بالتأكيد تحوّل عظيم جدًا، تحوّل كبير جدًا، شخصية سماحة السيّد ساعدت، بعض المُميزات الموجودة عنده، والتي ذكرتها، أيضًا سهّلت. الظروف السياسية والأمنية والميدانية ساعدت. وبتنا أمام قائد عظيم. هذه المقاومة كان فيها قادة، قادتها شهداء، بدءًا من السيّد عباس أمينها العام، ثم الشيخ راغب، ثم عماد مغنية، مصطفى بدر الدين، وإلى آخر سلسلة القيادة. عندما تكون هذه المسيرة، قادتها شهداء، هذه مسيرة ماذا فعل بها السيّد حسن نصر الله؟ السيّد حسن نصر الله الذي هو اليوم جعل حزب الله جزءًا من الأمّة، وجعل جزءًا من الأمّة حزب الله، ولذلك كان يقول، على مَن تريدون القضاء، على حزب الله؟ عندما تقضون على الناس تكونون قد قضيتم على الحزب. هذه قوّة حزب الله، ولذلك كان مُصرّاً على استعمال كلمة حزب الناس. السيّد عباس رحمة الله عليه كان يقول للناس، من هناك انطلقت أنه كيف مطلوب من الحزب أن يتداخَل مع الناس ويتآخى مع الناس، سنخدمكم بأشفار العيون، لأن هؤلاء ناسنا وأهلنا وبيئتنا، وهؤلاء الأهل والناس والبيئة أكمل سماحة السيّد بالتعاطي معهم وصولاً إلى اعتبارهم أنهم أقداس. لذلك عندما تتظاهر الناس ويحصل شيء معها، كان يتألّم سماحة السيّد ويعتبر أن هذا موجّه له.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: تريد أن تُخبرنا عن صورة أشرف الناس.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: صورة أشرف الناس، كلّنا نعرف، وكلّنا، كل الناس، الحزب، والمُناصرون والمُحبّون، من كل الطوائف، يضعون صورة سماحة السيّد في بيوتهم ليتبرّكوا بها ويستأنسوا بها. أنا تفاجأت في إحدى المرات، عندما ذهبت إلى المكتب، وإذ أجده واضعًا صورة كبيرة للناس، الصورة التي أخذت في 22 أيلول، بعد الانتصار، انتصار 2006، هذا المشهد الكبير جدًا للناس، فيه العَلم اللبناني وأعلام حزب الله وحركة أمل وبعض الأحزاب الأخرى. كان يضعها، قلت لي أريد أن أتصوّر معك بجانبها، وقد تصوّرنا، ربما ضاعت الصورة بالحرب لكن نجدها إن شاء الله، فقال لي الناس تحبّني وتضع صوَري، وأنا أحبّ الناس ولذلك أضع صورَهم عندي.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: هذا في الجانب المُرتبط بأن حزب الله هو حزب الناس. بناء القادة، وهذا المسار الذي رسَّخه السيّد حسن نصر الله منذ تسلّمه الأمانة العامة.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: سماحة السيّد بنى 3 أمور، الأول أنه أتى بالناس كلهم وأنشأ لهم حزبًا، المُلتزم وغير المُلتزم، المُتدّين وغير المُتدّين، شرَّب الناس عقيدة حزب الله المبنيّة على ماذا؟ علاقة بالعزّة، بالإباء، بالشهامة، بالكرامة، بالمُطالبة بالحقوق، بعدم الخضوع، وجعل هؤلاء الناس، أطَّرهم بإطار أنّ هؤلاء بيئة حزب الله. الأمر الثاني بناء التنظيم، سماحة السيّد مشهود له كثيرًا في موضوع الهيكليات التنظيمية، طوَّر الحزب تنظيميًا وعلى مستوى الهيكلية العسكرية والأمنية والتنظيمية وصولاً إلى ما شهدناه الآن. وأيضًا عمل على بناء قادة، هو أمين عام، وفي الوقت نفسه قائد القوات المُسلّحة، أي قائد المقاومة، وبالتالي يريد أن يبني قيادات. بناء القادة كان يعتمد على التواصُل المباشر أو على اللقاءات المباشرة. سأذكر نموذجين من بناء القادة، نموذج السيّد هاشم صفي الدين رحمة الله عليه.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: يُقال إنه ذاب بالسيّد حسن نصر الله.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: حقيقةً، ما بناه سماحة السيّد للتنظيم، السيّد هاشم صفي الدين رعاه وأعطاه من وقته وعِلمه وفكره، وتدرّج في الحزب من ثقافة بيروت إلى منطقة بيروت إلى الجنوب إلى التنفيذ، كله برعاية سماحة السيّد، وكان أهّله ليكون خليفته بعده، ولم يكن يتصوَّر أن يأتي هذا اليوم. كلنا كانت لدينا قناعة أن القيادات تستشهد ويبقى السيّد. في كل الأحوال، بعد رحيله كان السيّد هاشم مُهيّأ جدًا ليستلم، ولذلك سُرعان ما لحق به، لكنه استشهد ولحق به أمينًا عامًا لحزب الله، لأنّ انتقال الأمانة العامة كان سَلِسًا إلى هذا الحدّ، مباشرة وكان الحزب مُهيّأ لذلك، هذا بناء القادة.</p>
<p>على المستوى العسكري، أيضًا نفس الأمر، كان لديه أكثر من شخص ليقوموا مكان الحاج عماد.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: السيّد حسن نصر الله هو حزب الله، وحزب الله هو السيّد حسن نصر الله، وبالتالي نحن أمام أي حزب الله بعد استشهاده، وهل ما زال قوّة إقليمية؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: حزب الله كما كان يقول عنه سماحة السيّد، لا يقف على شخصٍ، هكذا كان يقول، حزب الله نهج، حزب الله مشروع، حزب الله تنظيم، حزب الله أمّة، لا يقف على شخص، ولذلك ترك سماحة السيّد قادة من خَلْفه، وقلت السيّد هاشم صفي الدين أحدهم، وأيضًا بعد السيّد هاشم كان الأمر الطبيعي أن يكون الأمين العام الشيخ نعيم قاسم حامِل الأمانة. حقيقة الأمانة بيد أمينة، لأن الشيخ نعيم على مدار هذه السنوات الطِوال كان نائبًا لسماحة السيّد، وبالتالي العلاقة قريبة جدًا أيضًا. أودّ أن أقول، الذي أطلقه الشيخ نعيم، هو صاحب شعار إنّا على العهد، ولذلك هذا الحزب مستمر، ذهب سماحة السيّد والسيّد هاشم، وتركا لنا قادة كبارًا، الآن الشيخ نعيم موجود أطال الله عمره مع إخوانه في الشورى، الحزب سيستمرّ. هذا الحزب الذي كان قوّة إقليمية، الآن هذه القوّة ستعود، وأكثر ممّا كانت، على المستوى الداخلي الآن هناك بعض الحركة باتجاه الداخل لتقطيع هذه المرحلة، لكن في الموضوع الإقليم، وأنا قلتها مرّة، الآن سوريا خرجت من المشهد، غزّة إلى الآن ما زالت في المشهد، اليمن، العراق، إيران، حزب الله ما زال حاضِرًا. أكيد سيكون التركيز الآن على الداخل، إنما شُعلة الإقليم لم تنطفئ بعد.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: طالما تحدّثنا أن التركيز على الداخل، سنتحدّث عن هذا البُعد الذي كان حريصًا جدًا عليه السيّد حسن نصر الله، ألا وهو البُعد الوطني، وضرورة التركيز على إنْ صحّ التعبير لبْنَنَة، أو العُمق اللبناني لحزب الله. قبل أن نخوض في التفاصيل، سنعرض هذه الصوتية للسيّد حسن نصر الله وهو يتحدّث عن هذا الجانب والحرص على البُعد الوطني اللبناني.</p>
<p> </p>
<p>صوتية للسيّد حسن نصر الله: بالنسبة إلينا في حزب الله، نحن بعد هذه التجربة، أشدّ التزامًا، أولاً اقتناعًا بمسارنا وخياراتنا، وأشدّ التزامًا بسلمنا الأهلي، بعيشنا المُشترك، بدعمنا للدولة، لمؤسّسات الدولة، للجيش اللبناني، للقوى الأمنية، للوحدة الوطنية، للتعاون بين اللبنانيين رغم الخلافات والخصومات والتبايُنات فيما يعني الوضع الإقليمي، وسنكون كما كنّا دائمًا، أشدّ حِرصًا على هذا السلام، على هذا الأمن، وعلى هذا الاستقرار، وعلى هذا الازدهار، وأيضًا كما فعلنا في السابق، أن نوظّف كل صداقاتنا وكل علاقاتنا لمصلحة لبنان وليس على حساب لبنان.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: حاج، كان حريصًا السيّد حسن نصر الله على لبنانيّة الحزب، وكان حريصًا جدًا على لبنان. هناك تعميم أصدره على كافة وحدات حزب الله وضع العَلَم اللبناني إلى جانب عَلَم حزب الله في داخل المراكز العامة والخاصة. ما أهمية هذه الجزئية في النموذج الذي أراد وكان حريصًا عليه السيّد حسن نصر الله لحزب الله؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: هو أراد أن يقول إن حزب الله لبناني، من هذه البيئة ومن هذه المجموعة، لبناني، نحن نؤمِن بولاية الفقيه، بلا شكّ، ولاية الفقيه وولاية الإمام القائد السيّد الخامنئي حفظه الله، لكن في النهاية نحن في الجمهورية اللبنانية، التي لديها عَلَم لبناني ولديها قانون ودستور لبناني، ولديها قوانين لبنانية نحترمها. لذلك كان حرص سماحة السيّد أن يقول أن يكون العَلَم اللبناني إلى جانب عَلَم الحزب، وأن يقول للمقاومة عندما تضعون عَلَم حزب الله ضعوا أيضًا العَلَم اللبناني وأدّوا له التحيّة.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: وهذا ما جرى في الجرود.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: في الجرود وفي غير الجرود، لكن تجلّى أكثر في الجرود، لأنها كانت شبه عملية مُشتركة مع الجيش اللبناني، فكان المجاهدون عندما يضعون العَلَم، يؤدّون له التحيّة. هذا عبارة عن انتماء، وهذا الانتماء الذي أخذه السيّد وكرَّسه في حزب الله، أننا نؤمن بلبنان وطناً نهائياً لجميع أبنائه.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: ما الذي أدخله إنْ صحّ التعبير في السياسة في لبنان السيّد حسن نصر الله؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: سماحة السيّد كان مدرسة في السياسة. السياسة لدينا في لبنان مبنية على مصالح مُتبادَلة، أو كما يُعرَّف عنها ليس لها دين. في السياسة أراد سماحة السيّد أن يترك مدرسة، أن يترك أثرًا، عنوان جديد ومفهوم جديد لهذه السياسة، تقوم على الوفاء وتقوم على الصدق وتقوم على الأمانة، وواحدة من تجلّيات هذا الموضوع الذي تكرَّس فعليًا وواقعيًا، هو عندما وُعِدَ الرئيس ميشال عون بالرئاسة، وقف سماحة السيّد معه لمدّة سنتين ونصف السنة، لأنه التزم معه. عُرِضَت عروضات كثيرة، ولم يقبلها سماحة السيّد، وبقي مُصرّاً حتى أوصله إلى الرئاسة، سنتان ونصف السنة لأنه التزم معه. عندما يقولون وفاء، يقولون السيّد حسن، عندما يقولون التزام، يقولون السيّد حسن، عندما يقولون صدق، يقولون السيّد حسن. ولذلك حتى عند الجمهور الإسرائيلي، هم يقولون إنهم يُصدّقونه أكثر من قادتهم. والأمر الآخر، سليمان فرنجية. سليمان فرنجية وُعِدَ من سماحة السيّد، لكن بعد شهادة سماحة السيّد، سليمان فرنجية خرج من المشهد.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: لأننا تحدّثنا عن الرئيس ميشال عون، يحضرني مشهد مار مخايل وهذا التفاهُم الذي جرى. لماذا تمّ اختيار هذا الموقع؟ مَن اختاره؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: اتفاق مار مخايل، في الحقيقة كانت هناك إرادة لدى الحزب أن ينفتح على كل المكوّنات الداخلية، والجنرال عون كانت لديه نيّة أيضًا أن ينفتح على حزب الله، حزب الله الذي كان يروَّج عنه في الخارج أنه إرهابي، عندما سمع الرئيس ميشال عون بعض خطابات سماحة السيّد، وكأنه انجذب إليه، كأنه ارتاح له، فكلّفوا لجنتين للتشاور، كيف يمكن التوصّل إلى اتفاقٍ، هو في الحقيقة تفاهُم أكثر منه اتفاقًا. في الحقيقة وضِعَت مجموعة من العناوين، أنجزت هذه اللجان البعض منها، لكن بقيت ثلاثة عناوين، مستحيل الوصول إلى نتيجة منها، لا هؤلاء يتقدّمون ولا نحن نرجع، والعكس صحيح. قال سماحة السيّد إنه يجب أن يلتقي بالرئيس عون، وأنه يحلّ الموضوع. لهذا الحدّ كان لديه من الثقة، لأنه بمُجرّد أن تجلسي معه، يوحي له سريعًا بالثقة والارتياح والاطمئنان، فاختلفوا على المكان، بحيث لا يظهر أن الرئيس عون جاء إلى السيّد، ولا العكس، لأن سماحة السيّد كانت لديه ظروف أمنية، فقيل إنه في مكان بين بين كما يقولون، وله رمزيّته، مار مخايل، على المستوى المسيحي له رمزيّته، وعلى المستوى الديني أيضًا، نحترم رموز الآخرين، فكان هذا اللقاء، وطلب سماحة السيّد أن يختلي بالجنرال. يُقال إنهما اختليا لمدة نصف ساعة أو ثلاثة أرباع، وخرجا باتفاق على النقاط، وقالا للجنة أعلنوا عن التفاهُم، وهذا ما حصل.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: الحرص على الجيش اللبناني، هذه نقطة كان حريصًا شديد الحرص عليها السيّد حسن نصر الله.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: بمفهوم سماحة السيّد أن الجيش اللبناني يؤمِّن الأمن الوطني أولاً، يؤمِّن الاستقرار الأمني في البلد، يؤمِّن حماية الناس ويؤمِّن كيان هذه الدولة. اليوم رأينا نتيجة الظروف، أغلب الأجهزة لم يعد لديها هذا التأثير، وبقي لدينا الجيش، ولذلك كان حريصًا على أن يوجِّه التحيّة لقادة الجيش، لقيادة الجيش، لضبّاط الجيش، لأفراد الجيش اللبناني الذين كانوا يخدمون في البقاع أو الجنوب أو بيروت أو الشمال، لأنه يعتبر هؤلاء أبناءه، وكان يعتبر الجيش، هو أصلاً مؤمِن بالمُعادلة الذهبية، جيش وشعب ومقاومة، هذا هو الجيش، والشعب هو الذي تحدّثنا عنه، والمقاومة التي رأيناها الآن، هذه المُعادلة وهذه الثلاثية حقيقة هي التي حمت لبنان. حرام أن تضيع هذه الثلاثية في مشهدٍ داخلي، ولذلك أقول إنه بموضوع حرص سماحة السيّد، كما هو حريص على الجيش، حريص على السِلم الأهلي، وهذا ما سمعناه الآن في الخطاب، حرصه على السِلم الأهلي كحرصه على المقاومة وعلى الجيش وعلى حزب الله، وهذا ما أوصلنا إلى هنا.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: حاج، حضرتكم مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله، أي نتحدّث عن الشخصية التي تنسِّق بين القيادة والداخل اللبناني وحتى مع الخارج، وكثير من الرسائل حملتموها من السيّد أو إلى السيّد، وهناك مَن يطمح ويطمع ويتمنّى أن يعرف بعض التفاصيل، تلك التي تُظْهِر جانبًا من هذا الأداء والعمل بالنسبة للقيادة والحرص على لبنان.</p>
<p>ربما محطة ترسيم الحدود البحرية واحدة من أهمّ المحطات، لا أدري إنْ كان هنالك من رسالة يمكن أن تفرجوا عنها في هذا الإطار؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: في الحقيقة، في هذا الجانب، الكل يعلم، وهذه كانت نموذجًا، أن قوّة لبنان في مقاومته، وكان سماحة السيّد يقول أمرًا، ليس من مصلحة الدولة أن يكون قرار المقاومة بيدها، وليس من مصلحة المقاومة أن يكون قرار الدولة بيدها.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: عِلمًا أن الحزب كان يستطيع أن يحكم كقوّة.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: كان يقدر لكنه كان يعتبر أن هذا مَهْلكة لهذه المقاومة، والجيش نفس الأمر، كان يعتقد أن الهامش بين المقاومة والجيش يفتح المجال ليستفيد لبنان من هذه المقاومة، ولذلك ذهبنا إلى موضوع الترسيم. في الترسيم، إذا سألت الذين عملوا على هذا الملف من الجانب اللبناني، وكنت ألتقيهم قبل وبعد، كلهم يقولون الإسرائيلي من غير الممكن أن يرسِّم مع لبنان. الذي أجبر العدو الإسرائيلي على التنسيق والترسيم مع لبنان هي هذه المقاومة، هي المُسيَّرات الثلاث التي ذهبت، قال عنهم سماحة السيد إن 2 تعمّدنا أن يسقطهم الإسرائيلي، وواحدة قلنا لا، ورجعت. هذا السلاح استفادت منه الدولة، وهنا أشهد للرئيس عون، وأشهد للوزير جبران باسيل، الذي قال لولا سلاح المقاومة لما أُنْجِز الترسيم.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: هوكستين حمل رسائل للسيّد، أو حملتم رسالة منه للسيّد.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: أنا لم يكن هناك تواصل بيني وبين هوكستين. هذه الإدارة الأميركية التي كانت تضع الحزب وأفراده على العقوبات، هذه الإدارة الأميركية التي كانت تفعل ذلك مع المقاومة، في الحقيقة كانت تعمل ليلاً ونهارًا مع أكثر من وسيط، من أجل اللقاء مع حزب الله.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: تريد أن تفتح اتصالاً مباشرًا.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: مباشر مع حزب الله، تعتبر ذلك قوّة، وفي الحقيقة ليس مع سماحة السيّد، ولكن مع أيّ مسؤول بالحزب، ولكن حاضرون أن نأخذ ونعطي، كما يفعلون الآن، هم حريصون أن يتحدّثوا بالمباشر.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: حتى الآن؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: حتى الآن، حتى الآن، حتى هذه اللحظة. كم حزب الله مُنفتح، كان سماحة السيّد يقول، 2 لا يمكن الكلام معهما، الإسرائيلي والأميركي.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: الوقت بات يداهمنا، نريد أن نتحدّث عن موضوع الأسرى والتبادُل، وأنتم كنتم حاضرين، وهذا الملف اضطلعتم به. ربما مشهد التبادُل عام 2004، نحن نتحدّث هنا عن الكثير من المفاوضات جرت، برزت فيها القيادة في حزب الله، وشخص السيّد حسن نصر الله، في مرونة، والاستفادة ممّا هو قائم، إن كان في مسعى أن يكون في حينها تحرير الشهيد سمير القنطار، لكن كان في حيثيّات أخرى، رُتّبت الأولويات، واستفيد مما هو قائم.</p>
<p>هناك مشهديّتان، هذه الاستفادة ممّا هو قائم، ومشهديّة التحرير في مطار بيروت.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: قلت سابقًا إن سماحة السيّد شكّل لجنة للتفاوض، وكشفنا عنها، لأن الحاج عماد استشهد وكذلك السيّد ذو الفقار، وعندها قلت غدًا نستشهد ربما والسيّد يتحدّث عن تفاصيل الكواليس إذا صحّ التعبير، لأنني عندما سُئِلت عن الكواليس قلت هذه مِلْك سماحة السيّد. في الحقيقة، كان من جهةٍ حريصًا على أن يُحرّر الأسرى، وهو بعد التحرير عام 2000، جاء كوفي أنان التقى سماحته في الأمانة العامة، وقال له سماحة السيّد كلمتين، حلّ موضوع الأسرى، لأننا لن نترك الأسرى في السجون.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: لن نترك أسرانا.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: ومنذ ذلك اليوم، خرجت مقولة نحن قوم لا نترك أسرانا في السجون، وثانيًا اذهب وحلّ موضوع النقاط التي لا يزال الإسرائيلي موجودًا فيها. لم يأتِ بجواب، فكانت عملية الأسر. تجلّت عمليات التحرير سنة 2004. في هذا العام، نحن كلجنة، كنّا نقول نحن نريد إطلاق سراح كل اللبنانيين من السجون، الإسرائيلي وافق على شروطنا التي فيها سجناء فلسطينيون وسجناء عرب وكان فيها نساء فلسطينيات ونساء عرب، وكان فيها أجساد شهداء فلسطينيين وعرب، وكان فيها أجساد لشهداء الحزب، وكان هناك أسرى للحزب. كلهم وافق عليهم الإسرائيلي باستثناء سمير القنطار. بالتشاور في ما بيننا قلنا لا نستطيع إبرام صفقة ناقصة، وأرسلنا المُقترح إلى سماحة السيّد، فطلب لقاء مع اللجنة، نجلس معه، يقول يا إخوان، أنظروا، عادة لديه هذه الكلمة، أنظروا إلى الجانب الملآن من الكوب، الآن أنتم تأخذون 1 و2 و3 و4 و5، بقي سمير القنطار، بعد ذلك نعمل عليه، خير إن شاء الله. أنجزناها، وكان عرسًا وطنيًا.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: مَن اختار مكان المطار؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: بالتنسيق مع سماحة السيّد، أنا، لأنه كانت الفكرة، أن يأتوا بهم من إسرائيل مع الصليب الأحمر، هيبة الطائرة أولاً، لكن هو صاحب فكرة أن يخرج إلى المطار.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: كان حضور الدولة اللبنانية.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: الدولة اللبنانية آنذاك، هو قال يجب أن تكون.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: الرئاسات الثلاث.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: نعم، أرسلنا رسائل، ووافقوا. وأسجّل للرئيس برّي، قال أنا أول واحد، وكذلك الرئيس الشهيد رفيق الحريري قال أنا حاضر أن أكون، والدولة كلها تكون، والوزراء والنواب.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: ونحن في ذكرى رحيله.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: نحن في ذكرى شهادة الرئيس الحريري، نذكر مثلما نذكر رئيس الحكومة سعد الحريري الذي كان حقيقةً حريصًا على السِلم الأهلي، هذا العرس الذي حصل في المطار، فكرة سماحة السيّد أن يحضر هو، مع الخطورة الأمنية، لكن كان يعتقد أنه أبرم معادلات، وأصبحت هذه المعادلات حاكِمة، فيمكن أن يذهب إلى المطار.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: ووقتها كانت الرئاسات الثلاث، الرئيس نبيه برّي، الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والرئيس إميل لحود، رئيس الجمهورية.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: وفي الحقيقة الرئيس إميل لحود كان كما يقولون، سبّاقًا في هذا الأمر، أن يستقبل. حينها، خرج أسرى كان لهم 20 سنة في السجن، وأسرى محكومون. هذا المشهد أخذنا لاحقًا إلى الوعد الصادق.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: لأنّه نحن لا نترك أسرانا، السؤال الآن، ماذا عن الأسرى ما بعد العدوان الأخير على لبنان؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: هذا الموضوع سيتحدّث به سماحة الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، وهو لديه فكرة عن هذا الموضوع، سيقولها، وأنا أتحدّث بعده إن شاء الله.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: بمعنى؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: هو يتّبع نفس قاعدة سماحة السيّد، مُهتمّ بالأسرى ولن يتركه، لكن هو يقول كيف.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: بمعنى أننا لن نترك أسرانا؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: أكيد. ما هي الوسيلة؟ ما هو الأسلوب؟ نحن الآن موعودون من رئيس الجمهورية أنه في 18 الشهر هناك انسحاب، وهناك إطلاق للأسرى، وسنرى.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: في حال لم يكن؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: في حال لم يكن، كما قلت له، سماحة الشيخ نعيم قاسم سيكون له موقف في هذا الإطار.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: الآن الحديث ربما عن القضية الفلسطينية، بمعنى أن السيّد حسن نصر الله رفع راية القضية الفلسطينية، حقيقة كانت حاضِرة في كل خطاباته، دخلت هدفًا بتحريرها ضمن أهداف حزب الله، واستشهد السيّد على طريق القدس. ماذا بعد؟ حزب الله والقضية الفلسطينية.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: بالتأكيد القضية الفلسطينية حضرت منذ أن تحدّث عنها الإمام الخميني رحمه الله، وأقام يومًا إسمه يوم القدس، وأصبح الحزب يتعاطى مع هذا الأمر على أنه قضية مركزية. لكن واحدة من مميّزات سماحة السيّد أنه أنشأ لهذه القضية، خلايا، من القيادات، التي تخطّط، وأنشأ لها برامج، وسياسات، ووضعها. في الحقيقة، تجلّت الفكرة أكثر بعد التحرير سنة 2000، بدأت الانتفاضة في فلسطين، وكانت المقاومة في لبنان سبّاقة للتعامُل مع هذه الفصائل. كانت كتائب شهداء الأقصى، وكانت القسّام، وكانت الجهاد، أصبح هناك بناء علاقة، وتولّى هذه العلاقة مع هذه الفصائل الحاج عماد مغنية، الحاج رضوان، ثم جاء الحاج قاسم. حزب الله قدّم في البداية التدريب ونقل الخبرات، خبرات المقاومة، وصولاً إلى السلاح، وكان يصل السلاح إلى تلك الفصائل، منذ ذلك الوقت، ثم سماحة السيّد اعتمد، وتطوّرت هذه العلاقة مع الفلسطينيين، وأكثر شيء برزت حماس في المقاومة الفلسطينية، ولذلك بُنِيَت علاقة وطيدة مع هذه القيادات، على المستوى الأمني، على المستوى العسكري، وعلى المستوى السياسي.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: ما زال الوعد سنصلّي في القدس كهدف لحزب الله؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: قال سماحة السيّد إنّ لديّ أمل أن أصلّي في القدس. هذا الأمل سيتحقّق بإذن الله، أن حزب الله وقادته سيصلّون في القدس في يومٍ من الأيام.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: تحدّثنا عن لبنان، عن بعض النقاط في لبنان، لكن الثُنائية، الثُنائي الوطني، والعلاقة مع الرئيس نبيه برّي، الأخ الأكبر كما سمّاه.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: سماحة السيّد الذي عبّر عن دولة الرئيس بالأخ الأكبر، هو فعلاً كان ينظر إليه بهذه النظرة.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: كيف أتت تسمية الثُنائي؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: الثُنائي جاءت من عند الرئيس برّي، وهو يتميّز ببعض عباراته ومُفرداته كما يقولون، وكان الودّ قائمًا بينهما، على قلّة اللقاءات التي كانت تُعْقَد، لكن الودّ كان قائمًا بينهما. هذا الودّ، بمعنى أنه حتى لو لم يتحدّثا مع بعضهما، يلتقيان بالأفكار نفسها، لذلك في كثير من الأحيان، حين كان يحصل نقاش في أية قضية من القضايا، سواء الأمنية منها أو السياسية، وكانت وجهات قبل أن تبلّغ، كانت تكون مُتطابقة، سواء في ما يتعلّق بدولة الرئيس، أو في ما يتعلق بسماحة الأمين العام. هذه الثنائية هي أيضًا زادت المقاومة قوة، هذه الثنائية زادت الناس محبّة والتحامًا، وأيضًا صلابة.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: في جزئية محاولة اغتيالك حاج، في هذا العدوان الأخير، في أكتوبر الماضي، وكتبت الأخبار بناشرها الزميل إبراهيم الأمين، أنه كانت الـCIA ضمن العمل في محاولة الاغتيال هذه.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: كل المعلومات تحدّثت أنّ هذا كان مطلبًا أميركيًا، عندما اتُخذ القرار بالقضاء على حزب الله، القضاء على حزب الله بالسياسة وبالأمن وبالعسكر، الحمد لله أنهم فشلوا في الجانب العسكري، وأيضًا فشلوا في الجانب السياسي، أي اليوم حزب الله باقٍ وموجود، لأنها تعتبر حزب الله عدّوًا، وهذا الذي بنظرها هو عدوّ، ما زال يقف في وجهها، في وجه مشاريعها، فيما يتعلق بالإدارات الأمنية أو في ما يتعلّق بالإدارات المدنية.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: وهل ما زلتم الآن مهدّدين بالاغتيال؟ هناك بعض القنوات الإعلامية تشير إلى أن سياسة الاغتيالات مستمرّة، وأن إسرائيل بعد 18 شباط مستمرّة بسياسة الاغتيالات، وتوضع على القائمة أسماء مثل الأمين العام لحزب الله والحاج وفيق صفا.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: سماحة الأمين العام تحدّث عن هذا الأمر وقال، في ما خصّ الخروقات، سيكون لنا موقف، اليوم هذا الأمر متروك للدولة اللبنانية، في ما خصّ بقاء بعض القوات الإسرائيلية، الاحتلال، سيكون لنا موقف، وهو متروك الآن للدولة اللبنانية، وفي ما يتعلّق بأيّ أمر يستهدف حزب الله أو قادة حزب الله، يقول عندها يكون لحزب الله قرار واضح نقوله للناس.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: حماكم الله. التشييع، إنّا على العهد، تغيّر مُحيّاك حاج. نحن نتابع مشاهد من موقع الدفن، جثمان الشهيد السيّد حسن نصر الله. أدمعت عيناك. أنا أعتذر.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: هذا الأمر، نحن متيقّنون أن شهادته ستكون شعلة مُضيئة لحزب الله، وستكون أيضًا علامة فارِقة في هذا الجمهور وفي هذه القيادة وفي هذه الساحة، لكن في النهاية نحن بشر، متعلّقون بقادتنا، وهو القائد الاستثنائي. حتى يقول عنه سماحة القائد الخامنئي حفظه الله، فريد عصره، ونحن نعرفه كذلك، ولكن فريد عصره، نتحدّث عن العصر، ليس فقط في لبنان، حتى يكون بهذه المكانة ونفقده، لم يكن أحد منّا يتوقّع أن نصل إلى هذا اليوم الذي وصلنا إليه، أن نذهب إلى مكان التشييع ونرى أين سيكون مقامه. هذا يوم عظيم، ويوم عصيب، ساعد الله مُحبّي سماحة السيّد.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: نحن نشاهد صوَر حيث موقع الدفن لجثمان الشهيد السيّد حسن نصر الله، وأنتم كنتم في المكان. رسالة التشييع، هناك حديث أنه ستكون هناك مشاركات لحوالى 79 دولة. أية رسالة يمكن أن نقول إنه قد يحملها هذا التشييع، وبماذا تعدون طالما إنّا على العهد؟</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: إنّا على العهد تعني أن مسيرة سماحة السيّد سيستكملها الأمين العام الشيخ نعيم قاسم. إنّا على العهد يعني كل الأفكار التي كان يطرحها سماحة السيّد سيمشي بها سماحة الشيخ نعيم قاسم. إنّا على العهد، موضوع الاحتلال، موضوع المقاومة، موضوع الدولة، وفي النهاية موضوع الناس. الناس كما كانوا في وجدان سماحة السيّد هم اليوم في وجدان سماحة الشيخ نعيم قاسم. الرسالة التي أريد من خلالها هذا التشييع، أن نقول إن امتداد السيّد حسن نصر الله ووجوده في وجدان الشعوب كلّها، هذه رسالة، وبالتالي كل مَن سيكونون سيرون هذا الأمر ويشعرون به.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: وبيننا وبينكم الأيام.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: هذه قالها دولة الرئيس برّي، بيننا وبينهم الأيام. سماحة السيّد قال بيننا وبينهم الليالي والأيام والميدان.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: شكراً جزيلاً لكم مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا على هذه المقابلة ضمن تغطية الميادين لتشييع السيّد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، السيّد الأمّة.</p>
<p> </p>
<p>وفيق صفا: شكرًا لك أيضًا، وأنا حقيقة أهنّئ الميادين على هذا الشعار، وهو شعار صادق وواقعي، لأنّ السيّد كان هو الأمّة، والأمّة كانت هي السيّد، وذاب في الأمّة كما ذابت الأمّة في السيّد حسن نصر الله.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: والشكر لكم مشاهدينا. إلى اللقاء.</p>