الفنان اللبناني أحمد الزين

حلقة مميزة من فودكاست الميادين مع الفنان اللبناني القدير أحمد الزين، نستكشف فيها طفولته، شخصيته، مسيرته الفنية وأكثر.

نص الحلقة

 

 

أحمد أبو علي: أهلاً بكم مشاهدينا الكرام إلى هذه الحلقة من Vodcast التي نستضيف فيها الفنان اللبناني أحمد الزين.

ضيفنا ولِدَ عام 1944 في بلدة شحور الجنوبية. وَهَبَ للفنّ أكثر من نصف قرن من عُمره.

في رصيده عدد كبير من الأعمال المسرحية والتلفزيونية والسينمائية يصعُب تعدادها كلّها.

مسرحيًا، نذكر الشهيد إبن البلد، وابتسم أنت لبناني، والمُهرِّج، والطرطور.

تلفزيونيًا، للموت، السنوات الضائعة، الغالبون، عندما يبكي التراب.

أما سينمائيًا، فهناك طَيْفُ المدينة، ناجي العلي، الانفجار، الممرّ الأخير، وأماني تحت قوس قُزَح.

هو إبن البلد، المُمثّل القدير أحمد الزين.

أستاذ أحمد الزين، أهلاً وسهلاً بك في هذه الحلقة من Vodcast.

 

أحمد الزين: أهلاً، أطال الله عمرك.

 

أحمد أبو علي: طبعًا هي أعمال كثيرة يصعُب تعدادها كما أشرنا منذ قليل في المُقدّمة، لكن حاولنا أن نذكر بعض المحطّات، إنْ كان مسرحيًا، تلفزيونيًا، أو سينمائيًا.

أولاً، ماذا تحبّ أن يُنادوك، إبن البلد، تحب هذا اللقب؟

 

أحمد الزين: إبن البلد، نعم.

 

أحمد أبو علي: لماذا ما زال هذا اللقب يرافقك، مع أنّ عُمرك اليوم 81 عامًا، العُمر كلّه.

 

أحمد الزين: حفظك الله.

 

أحمد أبو علي: ما زال هذا اللقب يرافقك هذا اليوم، لماذا؟

 

أحمد الزين: قبل أن أجاوبك على السؤال، أريد أن أبدأ بتحيّة مُباركة للشهداء الذين قدَّمتهم الميادين، التي هي بالنسبة لي اسم على مُسمّى. تحيّة من القلب لأرواح هؤلاء الشهداء، ولإبن البلد الأصيل الأستاذ غسان بن جدو، وتحيّة لكل من حوله، لأنني أحبّه كثيرًا، وأحترمه كثيرًا، والميادين تعني لي كثيرًا، لأنها كانت في كل الميادين.

 

أحمد أبو علي: هذه شهادة نعتزّ بها أستاذ أحمد الزين.

 

أحمد الزين: وهذه حقيقة. بالنسبة لإبن البلد، إبن البلد بدأ بطريقة لم أتحدّث بها بعد في الإعلام. يرنّ الهاتف عندي، رددتُ، لم يكن هناك موبايل في حينه، كان هاتفًا عاديًا، مرحبا، مَن معي، قالت لي أستاذ أحمد أنا رحاب ميقاتي، قلت لها يا أهلاً، قالت لي أنا مُديرة صوت لبنان العربي، نريد أن نأخذ من وقتك خمس دقائق. كانت "الشهيد إبن البلد" في أوجّها. حين ذهبت إليهم، قالت لي نريد حلقة يومية من خمس دقائق للإذاعة، إذا لم يكن لديك مانع وكذا، قلت لها لا، بالعكس، لي الشرف، ولكن أنا هناك إسم أحبّه كثيرًا ينزل في جريدة لسان الحال، قنبلة كل يوم، ينزل، والإمضاء إبن البلد. بدأت تضحك، قلت لها لماذا تضحكين، قالت لي خالي شقيق أمّي شفيق الحوت رئيس منظّمة التحرير الفلسطينية، وها هو منزله في البناية المجاورة، وهو يحبّك، لأنّ كل مسرحياتك للقضية الفلسطينة. اتّصلت به، زرناه في المنزل، عانقني ولم يكن يتركني رحمه الله، عانقني، قبّلني، وتحدّثنا، وقالت له ماذا قلنا. أتى بكُتيِّب صغير من المكتبة، إسمه يوميات إبن البلد، كتب لي أحمد الزين أنت خير مَن يحمل هذا الإسم، إبن البلد أحمد الزين. وبدأنا من هنا. الآن كلّ شهرين، أو ثلاثة، أمرّ عليه، وأقرأ له الفاتحة، ولمحمود سعيد، في مدفنهما في دوّار شاتيلا.

 

أحمد أبو علي: أستاذ أحمد، بالحديث عن المحبّة، كل الناس تحبّك.

 

أحمد الزين: الحمد لله.

 

أحمد أبو علي: لا يوجد شخص قلت له ضيفنا الممثّل القدير الأستاذ أحمد الزين، إلا وكانت أول ردّة فعل، "يا الله كم أحبّ هذا الفنان وهذا المُمثّل".

 

أحمد الزين: الحمد لله.

 

أحمد أبو علي: ما سرّ هذه المحبّة؟ هل تعرف كم تحبّك الناس؟

 

أحمد الزين: يجب أن تسأل ربّ العالمين، إذا أحبّ إنسانًا حبَّب العباد به. أنا عُمري لم أمثّل في الحياة، عُمري لم أجسّد شخصية، ضعْ المهنة جانبًا، أنا في الحياة منذ خرجت من بطن أمّي ووعيت على هذه الدنيا، أنا أنا، وثمّة قول لأمير المؤمنين عليه السلام، يقول: يا ابن آدم عجبت لمَن يتجبَّر ويتكبَّر وقد خرج من موضع البول مرّتين، أي على ماذا. أنا لا أعرف أن أسير، لا أزال أسير على الأرض، الشهرة أحيانًا تحرق فيوز لإنسان، عندما ينجح في شيء ما، أيّ فنان أو سياسي، وهذا الفيوز عندما يحترق، ليس له قُطَع غيار لا مُسْتَعْمل ولا جديد، فأنا الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله، أشكر الله.

 

أحمد أبو علي: أستاذ أحمد، حضرتك.

 

أحمد الزين: فقط لو تخفّف لي كلمة أستاذ أحمد، تريحني.

 

أحمد أبو علي: ماذا تريدني أن أناديك؟

 

أحمد الزين: عمّي أحمد، إبن البلد، ما تشاء، لكن أوقِف لي الأسْتَذَة.

 

أحمد أبو علي: سنوقِفها، على راحتك. نعود إلى البدايات، ربما قلتها قبلاً في عدّة مقابلات، أنك لم تدخل مدرسة في حياتك.

 

أحمد الزين: في مهرجان قلتها، وليس أكثر من مرة.

 

أحمد أبو علي: ربما الكثير من المشاهدين لا يعرفون أنّ حضرتك لم تدخل مدرسة، وتقول عن هذه الفترة إن مدرستك كانت ساحة البرج. حضرتك ولِدْت في البسطة في بيروت، وتقول إنّ طفولتك هي كانت، أو مدرستك هي كانت ساحة البرج. حدِّثنا عن هذه المرحلة، وحتى في الصِغَر كنت تبيع الصحف.

 

أحمد الزين: الصحف واليانصيب وأمور كثيرة، وكنت صانِع فرّان، وكنت أعمل في محلات رز بحليب، أيضًا على البسطة، وفي الفرن على البسطة، تحت جامع البسطة. هكذا كانت طفولتي، وأنا كان عُمري 12 سنة تقريبًا. بدأت، نحن 12 ولدًا.

 

أحمد أبو علي: كلّكم لم تتعلّموا منذ الصِغَر؟ كانت الحال المادية هي التي حالت دون تعلّمكم؟

 

أحمد الزين: الحال المادية والأسروية وكلّ شيء.

 

أحمد أبو علي: كيف اكتشف أحمد الزين أنني يجب أن أعمل على نفسي، على تطوير ذاتي، على تعلّم القراءة والكتابة، لأنّك حُرِمت من الدخول إلى المدرسة؟ في أيّة مرحلة أيقنت أنه يجب أن تبذل جهدًا لتطوير نفسك، بالرغم من أنّ حضرتك كما قلت، عملت في أكثر من مهنة، بعت الجرائد، الصحف، اليانصيب، وما إلى ذلك؟ كان لديك وقت للعمل على تطوير نفسك؟ مَن كان له الفضل الأكبر؟

 

أحمد الزين: الفضل الأكبر كان، كنت آخذ خبزًا على جمعية عباد الرحمن، على البسطة الفوقا، الله يرحم روحه محمد عمر الداعوق المدير العام، كنت أقول بعض النُكات، أنا أروي النُكات منذ الصِغِر، وسريعة، وكانوا يضحكون من قلبهم، فيما أنا لا أضحك. في أحد الأيام، أرسل ورائي، كان عندهم مسرحية إسمها بلال مؤذّن الرسول، ويريدني أن أمثّل، فأخذت زاوية جانبًا، وبدأت بالبكاء، لا شعوريًا. جاء إليّ، بدل من أن يناديني. لماذا تبكي؟ قلت له لا أعرف أن أقرأ وأكتب، قال لي بلا مزح، قلت له أتحدّث جدّيًا، قال من أين تأتي إذاً بهذه النُكات وهذه السرعة في الأجوبة، قلت له ربّ العالمين خلقني.

 

أحمد أبو علي: عفوًا، هذا سرّ أحمد الزين؟ سرعة البديهة، سرّ أحمد الزين، سرّ نجاحه، هذه الموهبة؟

 

أحمد الزين: نعم، ولكن الموهبة، هناك مشكلة أنّه في لبنان، أو في عالمنا العربي كله، لا يمكن أن تقول ماذا تعرف، يجب أن تقول مَن تعرف، دائمًا تحتاج إلى همزة وَصْل، تحتاج إلى دعمٍ. قال لي أية ساعة تنهي عملك، قلت له بالفرن كذا، بالرز بحليب كذا، قلت له الساعة الرابعة. قال لي كل يوم أنتظرك عند الساعة الرابعة وعشر دقائق. وأيضًا منزلي كان في مقابل جمعية عباد الرحمن، وأنت ولد من أولادي يا أحمد. علّمني الأحرف الهجائية، وبعد ذلك علّمني مخارِج الحروف، السين والصاد، الدال والضاد، وقرأ لي سورة قل هو الله أحد، والفاتحة، قرأهما لي، وقال لي، اقرأهما، والأحرف الهجائية. الآن، من الأحرف الهجائية، بدأت أركّب من اللوحات في الشوارع، من مانشيت الجرائد، وكنت سريعًا.

 

أحمد أبو علي: كان هناك صعوبة في هذه المرحلة أم أنّ الإصرار الذي كان لديك ربما ساهم في أن يكون التعلّم سَلِسًا وسريعًا؟

 

أحمد الزين: كان هناك عشق، لم تكن هناك صعوبة، كان هناك حبّ، كنت دائمًا أشكر الله أنه عرّفني على محمد عمر الداعوق، وأشكر الله أنه أعطاني هذه الموهبة. ذهبت إليه بعد أسبوع. قال لي افتح واقرأ لي. قلت له لا داعي أن أفتح، فقد حفظتهم. قرأت ما أودّ أن أقرأه. عانقني، وقبّلني. وبعد أسبوع آخر، جئت وقد حفظته كلّه. مرّت أيام وسنوات وعُمُر، حتى عملت في اليونان مسلسلاً لثلاث سنوات إسمه الأمانة، وحفظت ثلاثة أرباع القرآن فيه.

 

أحمد أبو علي: أعذرني عن المقاطعة. يمكن أن نشاهد هذا المقطع.

 

أحمد الزين: يجب أن تخدمني وتقاطعني قَدْر ما تشاء لأنني أسترسل.

 

أحمد أبو علي: ولا يهمّك. خذ راحتك. ولا يهمّك أستاذ أحمد.

 

أحمد الزين: لا، أنت خُذ راحتك.

 

أحمد أبو علي: حسنًا، اسمح لي أن نشاهد هذا المقطع عن هذا المسلسل بالتحديد.

 

أحمد الزين: عن الأمانة؟

 

أحمد أبو علي: عن الأمانة الذي تتحدّث عنه.

 

أحمد الزين: فاجأتني.

 

أحمد أبو علي: كنت تجسّد دور دكتور في التاريخ الإسلامي.

 

أحمد الزين: الدكتور خالد فاضل.

 

أحمد أبو علي: نشاهد هذا المقطع، ثمّ نتابع الحديث مع حضرتك.

 

(فيديو)

 

أحمد أبو علي: أستاذ أحمد الزين، هذه الشخصية التي جسّدتها في هذا المسلسل، إلى أيّ مدى تشبه أحمد الزين؟

 

أحمد الزين: أسْرَويًا، كيف أتعاطى مع أولادي، كيف يتربّى أولادي، كيف عشت مع زوجتي، كيف عشت في منزلي كبيتوتي. نعم، علّمتني الكثير من الأشياء، كثيرًا وليس قليلاً، حتى هناك مشهد، هناك مشهد جعلني، رغم أنني كنت قارئًا، لكن لم أدخل في الحال، جاء مشهد، جعلني أوقِف المشروب الذي كنت آخذه. كنت آخذ كأسًا في بداية نجوميّتي، يأتيني مشهد، صهري رحمه الله سمير شمص، عامل بار في المنزل ويشرب وهذا، فكلما كان يشرب كان يضرب أختي، فأنا والدي رحمه الله علي دياب، رحمه الله، توفّاه الله، توفى والدي، بتّ أنا أربّي العائلة، فجاءت إليّ، كان ثمّة دم يسيل من هنا، مهى المصري التي جسّدت دور أختي، قالت لي كذا وكذا، ذهبت إلى منزله. هذا المشهد هو الذي غيّر حياتي.

 

أحمد أبو علي: بسبب هذه الحادثة.

 

أحمد الزين: بسبب هذا المشهد، فتح لي المنزل، والكأس في يده، أهلاً خالد، ودخل إلى خلف البار. جلست، صفنت أنا هكذا، قال لي ما بك خالد، البار إنه هنا منذ عشر سنوات، ألم ترَه قبل الآن؟ قلت له رأيته يا عبد الحميد ولكن لا أدري لِمَ استوقفني اليوم. اسمع يا خالد، أنا أحترمك كثيرًا، قلت له والله ربّ العالمين ألا تحترمه، لا تشرب أمامي وتشرب أمامه؟ اسمع يا عبد الحميد، قال الله في كتابه العزيز، بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رِجْس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلّكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدّكم عن ذِكر الله وعن الصلاة فهل أنتم مُنتهون. أريد أن أبكي سمير شمص، فبكيت أنا قبل. رحم الله الكاتبة، أوقفت التصوير، أحمد لماذا تبكي أنت، يجب أن تجعل هذا المخلوق يبكي، أنا جئت لتدفعه للبكاء. قلت عفوًا أعيد، أعدته وبكيت، ثالث مرّة بكيت. أوقفوا لنا التصوير عشر دقائق. أخرجتني للخارج. قالت لي لماذا تبكي، قلت لها لأنني أكذب على الله، هذا المشهد حفظته وأنا أشرب الكأس في الفندق، في اليونان.

 

أحمد أبو علي: هناك تمّ تصوير هذا المسلسل؟

 

أحمد الزين: نعم، كله، ثلاث سنوات في اليونان، بيئتنا. بدأت بالبكاء هي، انقلبت القصة.

 

أحمد أبو علي: أبكيتها؟

 

أحمد الزين: بدأت هي بالبكاء، عندما قلت لها.

 

أحمد أبو علي: بالحديث عن البكاء أستاذ أحمد الزين، اليوم بعد كل هذه المسيرة الطويلة.

 

أحمد الزين: فقط لأنهي لك الموقف، بعد إذنك أخي أحمد.

 

أحمد أبو علي: تفضّل.

 

أحمد الزين: قالت لي ما الذي يُريحك، قلت لها اتركوا لي هذا للغد، وهذا ما حصل. ذهبت إلى الفندق، أخذت المشروب، ورميته في الحمّام، وجئت شرشفًا عن السرير، ووضعته. ناديت لشخص على الاستقبال، قلت له هل تعرف أين القبلة، فأرشدني، جلست على القبلة، وبدأت الحديث مع الله، وأتسامح من الله.

 

أحمد أبو علي: اليوم، ما الذي يُبكي أحمد الزين في الحياة بعد كل هذه المسيرة؟

 

أحمد الزين: كلّ ما يحصل يُبكيني، ولكن ما سبّب لي الآن كارثة من البكاء، لا أريد تسميتها مُبالغة، وحوّلني إلى طفل عُمره سنتين، أطفال غزّة الذين ما زالوا تحت الأنقاض حتى الآن، والذين تمنّيت أن أكون طفلاً معهم. من يتحدّث عنهم؟ ما زالوا حتى الآن تحت الأنقاض. عشرات إذا لم يكن مئات الآلاف مع كبار السنّ، ولكن تحديدًا الأطفال.

 

أحمد أبو علي: لهذه الدرجة مشهد مأساوي؟

 

أحمد الزين: ليس طبيعيًا. أسمع ما جرى في هيروشيما وناغازاكي. لا شيء أمام غزّة. لا شيء.

 

أحمد أبو علي: إلى جانب هذه المجازر التي تُرْتَكَب بحقّ الفلسطينيين بشكل يومي، في كل فلسطين، خاصة في غزّة، ما الذي يُبكي أحمد الزين اليوم.

 

أحمد الزين: فلسطين، والجنوب، وسوريا.

 

أحمد أبو علي: كل المشهد حولنا يُبكي، وهناك مأساة إلى هذه الدرجة؟

 

أحمد الزين: طبعًا، صارت الناس أرقامًا. الناس أرقام، لما يحضَّر في الغُرَف وتحت الطاولات، في السفارات.

 

أحمد أبو علي: كل المأساة التي نعيشها اليوم أستاذ أحمد الزين، في لبنان أو في المنطقة، كلّها هي مُحضَّرة، هي ضمن مُخطّط يُرسَم لنا، ونحن نعيشها، وتمّ تقسيم أدوار كل طرف؟

 

أحمد الزين: ولا يزال هناك كثير. لا يزال هناك كثير. هذه رؤية. أنا لست مُحلّلاً سياسيًا، وفي مكانٍ ما، يكون لديّ هبلوجيا بالتعابير أو بالكلام، ولكن أنا الآن على ثقة أنّ أميركا وإسرائيل ومَن لفّ لفّهما، يخطّطون لما هو أكبر.

 

أحمد أبو علي: أستاذ أحمد الزين.

 

أحمد الزين: أخي أحمد، إذا أردت أن تحدّثني الآن حتى عن لبنان، أبكي، لأنني أشعر أنّ لدينا ستّ دول. أنا أشعر أن لدينا ستّ دول الآن. لماذا نجحت معي الشهيد إبن البلد؟ ثلاث سنوات، حضور كامل، لماذا؟ لأنني قتلت زوجتي، لأنّ إسمها مذاهب، أنا إبن البلد وأريد في منزلي إبنة البلد.

 

أحمد أبو علي: في أية مرحلة بالتحديد أستاذ أحمد الزين؟ تتذكّرها؟

 

أحمد الزين: هذه في العام 1980، كانت حرب السنتين قائمة، بيروت الشرقية وبيروت الغربية، وذَبْح على الهوية. لماذا جعلوا منه شهيدًا؟ لأنه قتل زوجته. لماذا قتل زوجته؟ لأنّ إسمها مذاهب. هو إبن البلد، ويريد أن تكون في منزله إبنة البلد، فهم يحضّرون له، يريدون أن يدفنوه، يتصاعد الدخان من الضريح، ويخرج رجل من التاريخ، لعبه، أول دور رئيسي يلعبه معي، نعمة بدوي نقيب الممثّلين، نفض غبار التاريخ عنه، وماذا تفعلون في هذا المكان، هذا جوابًا على سؤالك. يقولون له هذا الشهيد إبن البلد، يقول لهم الشهيد مَن يُقتَل برصاص عدوّه، وليس برصاص أخيه وإبن عمّه وإبن بلده. خذوه إلى مكانه الآخر، هنا لا يُدْفَن إلا الشهداء، لأنه أين قُتِل، كان يجلب ربطة خبز لأولاده، فاختلف أبناء الصف الوطني الواحد، فضربته رصاصة يسمّونها طائشة، فيما هم الطائشون. فيحصل تواصل بيني وبينه، كذا، ونحن خارجون إلى فوق، في منتصف الطريق، حاجز طيّار، تعرف ما هو الحاجز الطيّار، لزوجتي مذاهب، مع ستة أزواج لها، و18 حفيداً، أزواجها الطوائف الستّ، وأحفادها ما يتفرّع من الطوائف الستّ.

 

أحمد أبو علي: بالحديث عن الحاجز الطيّار، في مرحلة تمّ خطفك، صحيح؟

 

أحمد الزين: طبعًا.

 

أحمد أبو علي: احتجزت في عددٍ من، كم ساعة تمّ خطفك؟

 

أحمد الزين: نحو ثلاث أو أربع ساعات.

 

أحمد أبو علي: أين بالتحديد؟

 

أحمد الزين: لا أقول أين.

 

أحمد أبو علي: ما كان السبب؟

 

أحمد الزين: السبب كان إبن البلد، ومسرحيات إبن البلد، وأحمد الزين ومقابلاته، وطول لسانه، وعفويّته.

 

أحمد أبو علي: دفعت ثمن كل ما قلته؟

 

أحمد الزين: لم أدفع الثمن، قلت لك إذا أحبّ الله واحدًا، كل الذين ضربوني وكل الذين تآمروا عليّ وكل الذين قتلوني أصبحوا عند ربّ العالمين، وسامحتهم، والله على ما أقوله شهيد.

 

أحمد أبو علي: تعرف مَن خطفك في هذه المرحلة؟

 

أحمد الزين: نعم، طبعًا. ولو؟ دفعوا ثمنًا غاليًا.

 

أحمد أبو علي: تسامحهم؟

 

أحمد الزين: دفعوا ثمنًا غاليًا.

 

أحمد أبو علي: تسامح أستاذ أحمد الزين؟

 

أحمد الزين: أسامح كثيرًا، لأنه عند ربّك لا شيء يضيع. المُسامِح كريم، بالإذن من الأستاذ جورج قرداحي.

 

أحمد أبو علي: أستاذ أحمد الزين، إبن البلد.

 

أحمد الزين: مَن الأستاذ؟

 

أحمد أبو علي: حضرتك أستاذ، إسمح لي.

 

أحمد الزين: حسنًا.

 

أحمد أبو علي: في هذه الفترة التي قدّمت فيها إبن البلد، بعد كلّ هذه العقود، ما كان يقوله إبن البلد، في وقتها، هو نفس اليوم ما يمكن أن يقوله أحمد الزين؟

 

أحمد الزين: طبعًا، طبعًا.

 

أحمد أبو علي: أم هناك إضافات؟

 

أحمد الزين: يا أخي، سأقول لك أمرًا. موضوع الإرهاب، سبق وقلتها، وقد ردّدتها كثيرًا. إسرائيل تريد أن تحارب الإرهاب وأميركا تريد أن تحارب الإرهاب وأوروبا تريد أن تحارب الإرهاب وعالمنا العربي من الماء إلى الماء يريد أن يحارب الإرهاب، لكن أريد أن يعقد أحد ما، راضِع من حليب أمّه، مؤتمرًا ويقول لنا مَن يُرْهِب مَن. ففي إحدى مسرحياتي، قلت للجمهور أريد أن أقدّم هذه الهدية عن الإرهاب. أراد تركيعي وتكويعي وتجويعي وتطويعي وتطبيعي، لكنّي قاومت، بإيماني قاومت، بعزيمتي قاومت، بعدالة القضية قاومت، وصرخت رغم بطشه، أنا صاحب القضية، بلادنا لنا، وأرضنا لنا، سماؤنا لنا، وماؤنا لنا، هذا هو الجواب عن تهمة الإرهاب، في قُدسنا أغراب، هذا هو الإرهاب، يُدنّس الأعتاب، هذا هو الإرهاب، في حدودنا الذئاب، هذا هو الإرهاب، في شطورنا الحراب، هذا هو الإرهاب. إذا الغدر دقّ بابي، إذا العدو داس ترابي، اغتصب وطني، سرق كتابي، سأكتب بدمي، هذا جوابي، نعم، إنني إرهابي، إنني إرهابي، إنني إرهابي، إنني إرهابي، إنني إرهابي. 

 

أحمد أبو علي: كلّ هذا الموقف الصريح، الموجود لديك، من كل القضايا، ومن هذه النقطة بالتحديد، ماذا كلّف أحمد الزين في مسيرته؟ ما الذي حُرِمْت منه؟ هل حوربت بفترة من الفترات، وهل الأعداء أصبحوا كثرًا؟

 

أحمد الزين: دعني أقول لك أمرًا. الآن أنا أتحدّث معك، وأنا في الميادين، أنظر، كم وقف الله معي. حوربت؟ شيء جميل جدًا. هذه حرب شريفة، ومَن الذين حاربوني؟ أين هم؟ مَن هم؟ في الطرطور مثلاً، الطرطور هي قصّتي ونقولا دانيال، معلّم وطرطور، أصبح كلّ معلّم فوقه معلّم، وكلّ معلّم فوقه معلّم، وبعد ذلك، كل طرطور فوقه طرطور، كل طرطور فوقه طرطور. العامود أصبح طويلاً جدًا، وهوى، وقع، لم نعد نعرف مَن الطرطور ومَن المعلّم.

 

أحمد أبو علي: كانت نقلة نوعية بهذه المرحلة؟ نتحدّث عن الطرطور، ليعقوب الشدراوي، صحيح؟

 

أحمد الزين: نعم، طبعًا، رحمه الله. الطرطور، يعقوب الشدراوي، وروجيه عساف أيضًا تعاونت معه.

 

أحمد أبو علي: هذه كانت مرحلة الاحتراف، يمكن أن نتحدّث عن هذه المرحلة، أنها كانت مرحلة الاحتراف عند أحمد الزين؟

 

أحمد الزين: أول بطولة مُطلقة كمسرح، انتهت هاتان المسرحيتان، أصبح أحمد الزين يقدّم. نقولا دانيال مثلاً أخرج لي مسرحيّة، هي جزء من حياتي أو كل حياتي التي هي الشهيد إبن البلد. الآن، أنت والناس الذين حولك، أصبح هناك كثير من الطراطير، أنظر إلى العملاء والجواسيس، وبمئات الآلاف، لا يهمّهم، ربّهم الدولار، والمعلّم لا يمكن أن تقابله إذا احتجت إليه، لا يمكنك.

 

أحمد أبو علي: نعود إلى البدايات في تلفزيون لبنان. أعرفك تحبّ كثيرًا تلفزيون لبنان.

 

أحمد الزين: طبعًا.

 

أحمد أبو علي: لأنه كان له الفضل في انطلاقك ونجاحك. أتحدّث عن البدايات، أعتقد مسلسل أبو عبد البيروتي.

 

أحمد الزين: نعم.

 

أحمد أبو علي: وكانت لديك أدوار صغيرة أو حتى كومبارس في وقتها.

 

أحمد الزين: كومبارس، ثمّ رقّوني إلى كومبارس مُتكلّم عندما رأوا أنني أرتجل، وبعد ذلك تبنّاني بشكل رائع الراحل الياس رزق، أبو المراجل، وبعد ذلك احتضنني محمد شامل، وأعدّ لي شخصية إسمها أبو الزوز. أبو الزوز نجحت كثيرًا، أبو الزور أنست الناس إسم أحمد الزين. جاءني الأمانة، كان لديّ الجزء الثاني من الدنيا هيك، فذهبت إلى الأستاذ شامل، أتسامح منه على الجزء الثاني، جاءتني فرصة كنجم جدّي، بدور كبير، وإنتاج ضخم، وسفر وهكذا. قلت له، بطريقة المزاح، هو كان يمزح كثيرًا رحمه الله، قلت له إن الناس نسيت إسم أحمد الزين، أبو الزوز، أنا لا أريد أن أصبح أبو كذا أو أبو كذا، أنا أريد أن أكون ممثلاً. قال يا أمّ يوسف، نادى زوجته، رحمهما الله، قال لها أنظري، الصبي، من الآن حتى تصعد إلى ربّك، أبو الزوز راكبك يعني راكبك، قلت له تشارط، قال لها يريد أن يشارط، نعم أشارط. اتفقنا. بدأ إبن البلد، عندما بدأ إبن البلد، بعد نحو سنة من إبن البلد، مَرِضَ رحمه الله محمد شامل، ذهبت لأطمئنّ إليه، عندما فتح الباب، إبن البلد، يا أمّ يوسف جاء إبن البلد. ربحت الشرط وقتها، وحضنني، وحدّثني عن حلقات.

 

أحمد أبو علي: حتى كانت هناك تجربة مع الراحل الكبير شوشو.

 

أحمد الزين: تجربتي كبيرة جدًا. شاهدني في مسرحية المُهرّج. المُهرّج مسألة كبيرة جدًا. شاهدني، شاهد حفلة الماتينيه، وقال لفؤاد العشي، فؤاد أخ أحمد، قال له وقّع مع هذا الصبي، توقّع معه عقدًا على ثلاث سنوات، ولا تعرقل المهمّة. لم يغادر المسرح، إلا وجعلني أوقّع على عقد ثلاث سنوات خلف الكواليس، فؤاد العشي.

 

أحمد أبو علي: مع أنّه أستاذ أحمد الزين، سرّ نجاحك كان الارتجال.

 

أحمد الزين: وما زال.

 

أحمد أبو علي: والراحل شوشو كان مُبْدِعًا في الارتجال. لم يكن هناك غيرة بين الفنانين في هذا الزمن، أنه تمّ استدعاؤك لتشارك معه في الأعمال الفنية؟

 

أحمد الزين: لا أضيّع وقتي في هذه المسائل. دعني أقول لك، سرّ نجاحي أيضًا مسألة أحبّ أن أسردها لك وللناس حتى تسمعها، علّمتني الأيام أن أحبّك كما أنت، وليس كما أريدك أنا. لكن انتبه، يجب أن تحبّني كما أنا، وليس كما أنت تريدني. هذا الموضوع يجعلني أوجِد المُبرّر لكلّ الذين يغارون، والذين يحسدون، والذين يلقلقون ويُلَتْلِتون، هؤلاء هم هكذا، ولكن أنا أرسم خطًا، وفقط. لكن أبدًا، لا أحاسب، ولا أعاتب.

 

أحمد أبو علي: يمكن أن نعيدك قليلاً لتلك الأيام مع الراحل شوشو، ونتابع هذا المقطع، للفرق نمرة.

 

أحمد الزين: حسنًا.

 

أحمد أبو علي: ثمّ نتابع الحديث.

 

(فيديو)

 

أحمد أبو علي: ماذا تعلّمت من شوشو؟

 

أحمد الزين: عشت كلّ فترتي مع حسن، وأنا أعاني من قهره ومن عذابه، ومن الدّين الذي كان عليه، لأنّ الأفلام التي أنتجها لم تنجح، وهناك قضايا كثيرة أنجزها من إنتاجه لم تنجح، وكان عنده ورطة مع المُرابين، مع المُرابين، حتى أنّ أحد المُرابين، شَرِس جدًا، جدًا، لا أعرف أن أسمّي، إذا الساعة 12 ظهرًا هناك شيك ولم تدفعه، كان يريد سجنك. فكان عليه شيك له في وقتها، نحو 50 ألفًا، كانت الـ50 ألفًا تُخيف في وقتها، ذهب يريد أن ينام لم يستطع، لم يكن معه منهم فرنكًا. اتصل به الساعة الرابعة صباحًا، ردّت زوجته، قال لها أنا حسن، قالت له حسن، تتصل عند الرابعة صباحًا، قال لها أيقظيه، أحتاجه ضروري، والمُرابي ينام إلى العاشرة والحادية عشرة. أيقظته. ما بك يا حسن، قال له غدًا ليس معي أموال، اسهر أنت الآن لأنني أريد أن أنام. 

 

أحمد أبو علي: مع أنّ الراحل شوشو كان مُبْدِعًا، وكانت كلّ أعماله ناجحة. غريب، لا نعرف كل هذه التفاصيل.

 

أحمد الزين: قبل كل شيء، الكمال لله، وحسن كان يعمل في بنك، عندما اشتهر خجلوا في البنك، فأعطوه مركزًا، وزلزلت الأرض بشوشو، خاصة في شخصية يا مدير، الشخصية التي خلقها محمد شامل، والتي ولّعت الدنيا، وكان قلبه طيّبًا، وفي مكان ما، لم يكن يحسب. كان مكتبه في مقابل المسرح، وكان يقف على المكتب، أحيانًا ثلاث ساعات أمام الزجاج، ليرى الناس التي تحجز تذاكر. فتورّط بالدّيْن مع مُرابين لا يخافون الله ولا يعرفون الله، لم يستطِع. إبن 37 سنة، رحل.

 

أحمد أبو علي: نتحدّث عن أعمالك السينمائية، عن المشاركة السينمائية، والأفلام التي برزت فيها. فيلم ناجي العلي.

 

أحمد الزين: أول فيلم، بيروت يا بيروت، مع الراحل مارون بغدادي. هذا أول فيلم بطولة، وبعد ذلك جاء الممر الأخير، والغجرية، والأبطال، والمغامرون، وأماني تحت قوس قُزَح. الدور الذي ولّع إعلاميًا، العالم العربي، هو دور المسؤول العسكري لمخيّم عين الحلوة، في فيلم ناجي العلي، مع الراحل.

 

أحمد أبو علي: أخذت جائزة وقتها على هذا الدور.

 

أحمد الزين: نعم، في القاهرة، صحيح، ورحم الله المخرج عاطف الطيّب، ورحم الله ناجي العلي.

 

أحمد أبو علي: في هذا الدور، وفي هذا العمل بالتحديد، كانت انطلاقة أحمد الزين العربية؟

 

أحمد الزين: لا، عربيًا، كنت تلفزيونيًا قد بدأت. كانت قد مرّت قصّة حياتي، في السنوات الضائعة، ومرّ نساء عاشقات مع نضال الأشقر، وكبار الجموع، لا، وسيّدتي الجميلة أيضًا مع محمود ياسين.

 

أحمد أبو علي: ونيلّلي.

 

أحمد الزين: نيلّلي.

 

أحمد أبو علي: فيلم مصري.

 

أحمد الزين: نعم. عربيًا، أساسًا تلفزيونيًا أنا من السبعينات.

 

أحمد أبو علي: كان الانتشار موجودًا منذ ذلك الوقت.

 

أحمد الزين: طبعًا، من السبعينات.

 

أحمد أبو علي: المشاركات التلفزيونية.

 

أحمد الزين: شاركت كثيرًا في أعمال أنا، بطولات مع رشيد علامة، وغيره، قبل الأمانة، شاركت.

 

أحمد أبو علي: نتحدّث أكثر عن المراحل اللاحقة، وصولاً إلى اليوم، والأعمال التي شاركت فيها. 

أيّ عمل حديث طُبِع داخل أحمد الزين وأثّر به؟ تجربة لا تنساها؟ تلفزيونيًا نتحدّث.

 

أحمد الزين: تلفزيونيًا. هناك، الذي فتح لي مجال الأدوار التي لا تشبهني، والتي كانت أول مرة في حياتي أجسّدها، هو عندما يبكي التراب، الشيخ فاتح، جزّار، دموي، لصّ، قاتل، لا يعرف الله. هذا الدور جلب لي "ما فيّي".

 

أحمد أبو علي: كل هذه الأدوار لم تكن تشبه أحمد الزين؟

 

أحمد الزين: أبدًا.

 

أحمد أبو علي: ولافت أنك أبدعت فيها ونجحت.

 

أحمد الزين: طبعًا. جاء بعد ذلك "ما فيّي".

 

أحمد أبو علي: كيف تفسّر هذه النقطة بالتحديد، لم تكن تشبهك لكن نجحت بها؟

 

أحمد الزين: محبّة الله، اهتمامي بحياتي، بشخصي، بقراءتي، بمتابعتي. أنا أوصلني لمرحلة آل باتشينو ودي نيرو، أوصلوني إلى مرحلة أنّ قمّة الإبداع في التمثيل.

 

أحمد أبو علي: خلال متابعة دائمة للسينما، العالمية حتى.

 

أحمد الزين: طبعًا. قمّة الإبداع في التمثيل أن لا تمثّل. أنا أعيش الحال. عندما يأتيني دور مثلاً، أقرأه ولا يشبهني، كي لا أجرح الآخرين، كنت أرفع المَهْر حتى يقولوا هم لا، وأذهب إلى المنزل مرتاحًا.

 

أحمد أبو علي: مع أنّ أحمد الزين، الشقّ الأكاديمي كان غائبًا، نتحدّث عن المرحلة الجامعية. لم تدرس المسرح والتمثيل في الجامعة. لديك موهبة، طبعًا، ولكن تجربة أحمد الزين، ماذا تقول لكلّ مَن يؤمنون بنظرية أنّ الفنان يجب أن يتابع دراسته الأكاديمية إلى جانب الموهبة طبعًا؟ حضرتك لم تدخل الجامعة ولم تدرس المسرح والتمثيل، وبالرغم من ذلك، أبدعت، وطبعًا صقلت موهبتك بالمعرفة، والتعلّم، والمتابعة أيضًا.

 

أحمد الزين: أولاً، اقرأ، اقرأ باسم ربّك الذي خلق. يجب أن تقرأ. القراءة والمتابعة مهمّة جدًا. أنا مثلاً منذ سنوات، وما أزال إلى الآن، أستمع لعناوين نشرة الأخبار، العناوين، ولكن لا أدخل في السياسة في لبنان، في سوريا، لم أعد أضيّع وقتي بشيء أستطيع أن أستفيد منه، ومسيري على الأرض، ومشاركتي في وجع الناس، كانت وما زالت وستبقى تعطيني الكثير. أعود، أنت إذا لم يكن لديك الاجتهاد، ليس لديك الجهاد وليس لديك المحبة لنفسك، لا تستطيع أن تحقّق شيئًا. إذا أردت أن أعدّد لك كلمات المخرجين التي لديها أفضال عليّ، وشركات الإنتاج التي لها فضل عليّ، تنتهي الحلقة من دون أن أتحدّث أية كلمة. كُثُر مَن لهم عليّ الفضل، لا يُعدّون، ولا ينكر =المعروف إلا قليل الأصل. كُثُر. جاء "ما فيي" بشخصية أبو فوزي، ولّع الدنيا، وكُرِّمت عنه في الموريكس دور، وجاءت شخصية تشبهني، تشبه أحمد الزين في كل شيء في حياته، للموت، المعلّم عبد الله. أيضًا كُرّمنا عليه. هذا رضا من الله، رضا من الله، وصدّقني، لا أحد له فضل عليّ بالقراءة والمتابعة، كل هؤلاء الذين سمّيتمهم لا يستطيعون دعمي إذا لم يكن لديّ شيء في الداخل. هذا الأمر الداخلي أنا وراؤه، محبّتي لنفسي، ثقافتي، لا تستطيع أن تفعل شيئًا إذا لم تكن هناك موهبة، إذا لم يقف الله معك، إذا دخلت في عالم الليل وفي عالم الممنوعات وفي كل هذه الأمور التي قتلت الكثير من أحبائي وأصحابي.

 

أحمد أبو علي: بالحديث عن التكريم، أحمد الزين، هل تكريمك حتى الآن كان بمستوى مسيرة ونجاح أحمد الزين؟ راضٍ عن هذه المرحلة؟

 

أحمد الزين: طبعًا، طبعًا، طبعًا. الجَمْعة وحدها، جَمْعة الشمل وحدها. أول كلمة أقولها في التكريم، أشكر مَن جمع شملي بهم.

 

أحمد أبو علي: مع أنك تقول حسب ما أعرف أنك لا تحب التكريم.

 

أحمد الزين: لا أحبّ التكريمات، لأنني أعرف مَن لديه عشرة دروع، أخذها إلى صيدلية، ليعطوه علبة بانادول، ولم يعطوه. هذا موضوع آخر. أما التكريم، الآن مثلاً لديّ تكريم في حزيران ليس على دور مُعيّن، ولا على مسلسل مُعيّن. لديّ تكريم، عن تاريخ أحمد الزين الذي تتحدّث عنه أخي أحمد أنت الآن.

 

أحمد أبو علي: متى قرّر أو فكّر أحمد الزين بالاعتزال؟ في عدّة مراحل من حياتك، كنت قد أخذت قرارًا بالاعتزال ورجعت عن هذا القرار، ما السبب؟

 

أحمد الزين: قال لي ناس، لم أكن أصدّق، ثمّ تأكّدت أن ما قالوه صحيح، تموت فَقْعًا، تنعطب صحيًا، وكلّ ما حذّروني منه، عشته.

 

أحمد أبو علي: هذا دليل على أنّ أحمد الزين ما زالت لديه طاقة وإبداع يمكن أن يقدّمهما في أعمال جديدة؟

 

أحمد الزين: كل سنة الله يزيدها أكثر. الله لم يُرِد، وكل الدنيا، كل العالم التي عرفت أنني مُعتزِل، اتصلوا به، ونريدك.

 

أحمد أبو علي: لم يكونوا راضين أن يعتزل أحمد الزين.

 

أحمد الزين: طبعًا، طبعًا، طبعًا. حتى أولادي، صوَرهم وهم أطفال، جلبتها لكم في الميادين، قالوا لي تموت فقعًا، لا تستطيع. ووتّرني الموضوع فعلاً. لكن زاد التواصُل مع شركات الإنتاج، والعمل والسفر، والحمد لله، الحمد لله، الحمد لله على كل شيء.

 

أحمد أبو علي: بالحديث عن السفر، كانت لديك فرصة أن تغادر لبنان، أن تسافر إلى بلد آخر؟

 

أحمد الزين: سافرت 10 سنوات إلى سوريا، 10 سنوات. أنجزت 54 مسلسلاً، حاربوني هنا كنجم لبناني، رجعت من سوريا نجمًا عربيًا على حصان أبيض لألعب الغالبون.

 

أحمد أبو علي: بالحديث عن الغالبون، يمكن أن نتابع مقطعًا منه. حضرتك إبن الجنوب، إبن بلدة شحور، ودورك كان أيضًا.

 

أحمد الزين: أبو حسين.

 

أحمد أبو علي: أبو حسين الجنوبي. نتابع قليلاً هذا المشهد، ونتابع الحديث معك.

 

أحمد الزين: حسنًا.

 

(فيديو)

 

أحمد أبو علي: أحمد الزين الجنوبي، ماذا يقول عمّا يتعرّض له الجنوب اللبناني اليوم من خروقات واعتداءات إسرائيلية بعد هذه الحرب والمجازر التي ارتكبتها إسرائيل بحقّ لبنان؟

 

أحمد الزين: اليوم، اليوم ماذا يقول أحمد الزين؟ أنا من مواليد 1944، أنا منذ وعيت على الجنوب، والجنوب يعاني من العدو الإسرائيلي، يعاني من العدو الإسرائيلي. ماذا أقول؟ ماذا أقول؟ الله يهدّهم، الله يهدّ العدو، لأنه لا يعرف الله ولا يعرف الأنبياء، ولا يعرف شيئًا إلا القتل والإبادة والدمار. 

 

أحمد أبو علي: متى بكيت آخر مرّة في هذه الحرب؟

 

أحمد الزين: بكلّ الحروب، أنا بكلّ الحروب، لم أترك الناس. أقفلت صوت لبنان العربي، خرجت من صوت الشعب، من صوت الشعب إلى إذاعة لبنان، وفي النهاية حين لم تعد هناك إذاعات في بيروت، خرجت على صوت الفرح في صور. إبن البلد، كان يجنّ الناس، أين يسجّل هذا الصبي، أين يسجّل إبن البلد، كانوا يأخذونني بخط عسكري عن طريق طرابلس إلى الشام، أسجّل في إذاعة دمشق 60 حلقة، 30 لإذاعة دمشق، و30 لهنا. لم أترك الناس. ومنذ وعيت على هذه الدنيا، في العام 1958، ثورة 1958، كنت أبيع الصحف، ووقف الجيش، وهرب رفاقي، أتذكّر الحرب اللبنانية، حرب السنتين.

 

أحمد أبو علي: حتى حملت سلاحًا أيضًا في منطقة المتحف في مرحلة الاجتياح الإسرائيلي؟

 

أحمد الزين: قاتلت طبعًا. كيف حملت سلاحًا؟ لأنني خضعت لدورة عسكرية كاملة في حمص. كانت لديّ بطولة فيلم عن الطيران الشراعي، الثلاثة الذين قاموا بعملية في كريات شمونة من المناضلين الفلسطينيين، كان شرط أبو العباس رحم الله روحه، أنه لا يوجد كاسكادور لبنان، أنت يجب أن تقاتل وأن تطير في الطائرة، وصعدت، وطرت في الطائرة، وجسّدت الدور.

 

أحمد أبو علي: استفدت من هذه التجربة.

 

أحمد الزين: استفدت من هذه التجربة. عندما دخلت إسرائيل إلى بيروت من ستة محاور، سرقت من الإذاعة كلاشن وأربعة أمشاط، وذهبت إلى المتحف، بعد مستشفى بربير. سأل مدير الإذاعة، أين أحمد الزين، قال هل يريد أن يكون شهيدًا الآن، نحتاج إلى صوته، ذهبوا، كان لا يزال هناك نصف مشط، رميتهم جميعًا. حتى هناك ناس تناضل، وتنظر إليّ كانت. 

 

أحمد أبو علي: إلى أيّ مدى نجح أحمد الزين في تسخير الفنّ خدمة للقضايا الوطنية والنضالية والإنسانية التي تؤمن بها؟

 

أحمد الزين: كنت وما زلت وسأبقى ما بقي من عُمري، أناضل ثمّ أناضل، وإن شاء الله يكرمني الله أن أصعد إليه شهيدًا.

 

أحمد أبو علي: سؤال أخير، في ختام هذه الحلقة، وهكذا بسرعة، عن مراحل حياتك. إذا أردنا أن نقسّم حياتك إلى مراحل، كم مرحلة، وماذا تعطي لكل مرحلة من عنوان؟ وأية مرحلة تندم عليها أكثر شيء، إذا كان هناك ندم؟

 

أحمد الزين: والله، دعني أقول لك أمرًا، أنا علّمتني الحياة، أنا حياتي كلها تقريبًا، مع أهلي رحم الله روحهم، إلى أخوتي، كلها عذاب وقهر، عذاب وقهر ودراما وتراجيديا، ولم تكن هناك سعادة في حياتي، إلا محبّة الناس والدُعاء، والدَعاء، وأنّ الله لم يتركني بكل أزماتي، وأخذ لي حقّي من كل الذين أساؤوا إليّ. فقط، ليس لديّ لكل مرحلة عنوان، إلا عنوان علّمتني الحياة، أنا علّمتني الحياة، ولا أزال أتعلّم حتى الآن.

 

أحمد أبو علي: في دقيقة، في ختام هذه الحلقة، رسالة توجّهها لشخصٍ ما، أو لجهة ما، ماذا تقول على الكاميرا الخاصة بحضرتك؟

 

أحمد الزين: ألا سبّي لحالتنا واشتمينا واسحبي الفرد علينا، واشلخينا، حالتنا محلّك سر، محلّك سر، كذلك رحنا، كذلك جينا، أيامنا طفرٌ وسهر ليالينا، أفراحنا جنازات وأعيادنا أربعين، مَن لم يمت بالهمّ مات بغيره، قنصًا بطبنجة أم بالهواوين، جوّعونا، شرّدونا، مذهبونا، هجّرونا، طوّفونا، وحرقوا سنسفين، سنسفينا، من أجل هذا سنضع رؤوسهم، على نعالنا، وهذا قليلٌ عمّا فعلوه فينا. 

هذه رسالة لكلّ سياسي ولكل واحد باع لبنان وباع شرفه وباع كرامته، وتآمر مع كلّ الذين لا يحبّون البلد.

 

أحمد أبو علي: إبن البلد، الكبير، القدير، أحمد الزين، سعدت كثيرًا بالحوار مع حضرتك.

 

أحمد الزين: حبيبي.

 

أحمد أبو علي: وسعيد أنه كانت لديّ فرصة أن أحاور قامة فنية كبيرة.

 

أحمد الزين: هذا شرف لي، الجلسة معك، والميادين تاج على الرأس، ليس فقط في قلبي.

 

أحمد أبو علي: هذا بيتك أستاذ أحمد الزين.

 

أحمد الزين: الميادين محطة لا تتكرّر، لا إسمًا ولا عملاً ولا موقفًا.

 

أحمد أبو علي: شكرًا جزيلاً لك على حضورك والمشاركة معنا في هذه الحلقة....

 

أحمد الزين: شكرًا لك حبيبي.

 

أحمد أبو علي: مشاهدينا الكرام وصلنا إلى ختام هذه الحلقة من Vodcast الميادين.

شكرًا للمتابعة وإلى اللقاء.