الصراع في " اسرائيل "
انقسام حاد بين معسكرين في "إسرائيل".. ماذا في الأسباب وإمكانية الاحتواء أو التفاقم؟ لماذا يتحدث المسؤولون عن حرب أهلية متوقعة وتفكك مؤسسات الدولة؟ ومع تصاعد المقاومة الفلسطينية وفشل اجتماع العقبة.. ماذا في الاحتمالات والتداعيات؟ هل يهرب نتنياهو بأزمته الداخلية نحو عدوان عسكري ضد الفلسطينيين أو في الإقليم؟
نص الحلقة
<p> </p>
<p>كمال خلف: سلام الله عليكم مُشاهدينا في "لعبة الأُمم". انقسامٌ حاد بين معسكرين في (إسرائيل)، ماذا في الأسباب وإمكانية الاحتواء أو التفاقم؟ لماذا يتحدّث المسؤولون عن حربٍ أهليةٍ متوقّعة وتفكّك مؤسّسات الدولة؟ ومع تصاعد المقاومة الفلسطينية وفشل اجتماع العقبة، ماذا في الاحتمالات والتداعيات؟ هل يهرب "نتنياهو" بأزمته الداخلية نحو عدوانٍ عسكريٍّ ضد الفلسطينيين أو في الإقليم؟</p>
<p>في حلقة "لعبة الأُمم" نستضيف من (حيفا) الخبير في الشؤون الإسرائيلية "إيهاب جبّارين"، ومن (ترشيحا) شمال (فلسطين) المحتلّة الباحث في شؤون الأمن القومي الإسرائيلي الدكتور "فادي نحاس"، ومن (لندن) الكاتب السياسي "أكرم عطا الله"</p>
<p>تظاهرتٌ واحتجاجاتٌ وتمرُّدٌ في مؤسّسات دولة الاحتلال والسبب هو التعديلات القضائيّة. يقول المُعارضون إنّها تزيدُ نفوذ الحكومة في اختيار القُضاة وتحدُّ من قُدرات المحكمة العليا على إلغاء التشريعات إضافةً إلى أنّها قد تُساعِدُ رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" في التأثير على مُجريات مُحاكمته في قضايا فساد، وبذلك تنقسم (إسرائيل) إلى مُعسكرين مع الحكومة أو ضدّها، وعليه وصلَ الصراعُ إلى مؤسّسة الجيش وجنودٍ وضبّاطٍ في الاحتياط أعلنوا تمرّدهم. لكنّ "نتنياهو" يؤكِّدُ أنّ هذه الظاهرة يجبُ ألا تستمر </p>
<p>رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: رفضُ الخدمة العسكريّة يُهدّدُ أساس وجود (إسرائيل) ويجبُ ألا يكون له مكانٌ في صفوفنا، أنا مقتنعٌ بأنّنا سنتغلّب على رفض الخدمة هذه المرة، لطالما كان المُجتمع الإسرائيلي يلفظها ويُقدِّسُ الخدمة المُشتركة. لم نمنح قط رفضَ الخدمة موطئ قدمٍ في أيّ مكان لا في الجيش النظامي ولا في الاحتياط، بمُجرّد أن نمنحها الشرعيّة ينتشرُ وباء رفض الخدمة وتتحوّل إلى أُسلوب </p>
<p>من المعروفِ أنّ جيش الاحتلال هو عصبُ الدولة وأيُّ خللٍ فيه يعني أنّ الشِقاق اتّسع ويُهدّدُ مصير (إسرائيل)، فهل هذا الخلاف يعني حرباً أهليّة متوقّعة وأنّ دماءً إسرائيليّةً ستُسفَكُ على أيدي إسرائيليين؟ رئيس دولة الاحتلال "إسحاق هرتزوغ" أشار إلى هذه المسألة، مسألة الحرب الأهليّة، وأنّ هذه الأزمة تُهدّدُ بتدمير (إسرائيل) من الداخل </p>
<p>رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلية إسحاق هرتزوغ: أشعُر بأننا قد اقتربنا جداً من الاصطدام وحتى الاصطدام العنيف، فبرميل البارود يقتربُ من الانفجار، نحن على حافّةِ حربٍ أهليّة. أتوسّلُ إليكم، فالتهديدات من الخارِج كبيرة بما يكفي، والعنف من أيّ نوعٍ كان ضدّ قادة المُجتمع وناخبيه خط أحمر. في خضمِّ أيّامٍ مصيرية الأشياء التي أقولها خارقةٌ وملأى بالألم وبعضها لن ينتقل إلى جانبٍ أو آخر، في الأسابيع الماضية عمِلتُ بكلّ قوّتي للتوصّل إلى اتفاقيّاتٍ واسعة النطاق. يحتاج الطرفان إلى فَهمِْ أنّه إذا فاز طرفٌ واحدٌ فقط، ولا يهمّ أيّ طرف، سنخسر جميعاً وستخسر دولة (إسرائيل) </p>
<p>لم يكن "هرتسوغ" وحده مَن حذّرَ من حربٍ أهليّة، رئيس "الشاباك" السابق يوفال ديسكين" يقول: "في غضون أسابيع قليلة قد نصل إلى شفا حربٍ أهليّة"</p>
<p>رئيس "الموساد" السابق "تامير بوردو" يقول ويؤكِّد أنّ سلوك بعض وزراء الحكومة سيُقرّبنا من نهاية الحلم</p>
<p>رئيس الأركان السابق "دان حالوتس" يشير إلى أنّ "نتنياهو" لم يعُد إسرائيلياً مُخلصاً لوطنه، إنّه يُضحّي بالبلاد من أجل مصالِحه. منذ حرب يوم الغُفران لم أشعُر بالقلق الشديد على البلاد مثلما أشعُر اليوم، أنا لا أنام في الليل </p>
<p>أمّا الكاتب "جدعون ليفي" فيكتُب: "لن يستطيع أحد وقف عمليّة التدمير الذاتي الداخلي الإسرائيلي، فمرض (إسرائيل) السرطاني قد بلغَ مراحله الأخيرة ولا سبيل لعلاجه" </p>
<p>المؤرِّخ "بني موريس"، وهذا المؤرِّخ يبدو أكثر تشاؤماً حيثُ يقول إنّ (إسرائيل) مكانٌ ستغرُبُ شمسُه وسيشهدُ انحلالاً وغوصاً في الوحل </p>
<p>وكثيرون مشاهدينا من ساسةٍ وأكاديميين وعسكريين سابقين يتحدّثون عن الصراع وتداعياته، ومنهم مَن يذكُر "عقدة الثمانين" وأنّ (إسرائيل) لن تعيش ثمانين عاماً، هل هذا كلّه تهويل وتهديد؟ أم فيه حقائِق ملموسة؟ في المقابل ما هي التبعات المُحتملة على إثرِ استمرار هذه التظاهرات؟ هل يمكن أن تخضع حكومة "نتنياهو" لمطالب المتظاهرين؟ ما هي دلالات مشاركة ضبّاط كبار من منظومة العدو العسكرية والأمنية في الاحتجاجات؟ وأين الدور الأميركي في احتواء الأزمة؟ وهل يمكن للمجازر في (الضفة) أو لعدوان جديد على (غزة) أو في الإقليم أن يعيد خلط الأوراق لاسيما بعد فشل قمّة (العقبة) الأخيرة وتوقّعِ تصعيدٍ كبير في شهر رمضان المبارك؟ حيّاكم الله </p>
<p>المحور الأول </p>
<p>كمال خلف: أُرحِّب بضيوفي، أستاذ "فادي نحّاس"، "إيهاب جبّارين"، "أكرم عطا الله"، حيّاكم الله وأسعَد الله مساءكم ضيوفنا الأعزّاء وأبدأ من الأُستاذ "إيهاب جبّارين" من (حيفا). أُستاذ "إيهاب" دعنا نبدأ، طرحت أنا كلّ الأسئِلة في المقدِّمة دفعة واحدة فلنبدأ في الإجابة عليها بما نستطيع خلال الوقت. أوّلاً موضوع، بين قوسين، الإصلاحات القضائيّة أو التعديلات القضائيّة وغيره، ما علاقة هذا الأمر بالحديث عن مصير (إسرائيل)، هويّة (إسرائيل)، علاقة (إسرائيل) بالغرب وكلّ هذه المسائِل الاستراتيجيّة والعميقة. هل يُمكن أن نشرح للمشاهدين في طريقةٍ مُكثّفةٍ ومُختصَرةٍ ماذا يعني هذا الأمر وما ارتباطه بهذه القضايا الكبيرة، قضيّة الهويّة تحديداً؟ </p>
<p>إيهاب جبّارين: نعم، مساء الخير </p>
<p>كمال خلف: مساء الخير </p>
<p>إيهاب جبّارين: تحيّاتي لضيوفك الكرام والمُشاهدين والمُشاهدات. أظنّ أنّ (إسرائيل) عندما بلورت الحلم الصهيوني قبل أكثر من مائة عام، لنقل ذلك في شكلٍ دقيق أكثر، كانت قد بلورته في شكلٍ دقيقٍ وواقعي للمرحلة الآنيّة في تلك المرحلة. ما بين تداعيات أواخر القرن التاسع عشر وما بين القرن الواحد والعشرين، أظنّ أنّه كان هناك الكثير من الصدمات في الداخل البنيوي الصهيوني والكثير من الصراعات والصِدامات التي بدورها دولة (إسرائيل)، على مدى خمسة وسبعين عاماً هذا الكيان تحاشى الحديث وفتح هذه الصراعات والنقاشات. بالتالي، على مدى هذه السنوات حاولت هذه المؤسّسة الارتكاز على رواية واحدة، الرواية التي أتى بها الأشكينازي العلماني، الرواية الصهيونية بحدّ ذاتها، وارتكزت عليها وفق وقائِعها وحقائِقها التي حاولت هي أن تبنيها كحلم في تلك السنوات. هذا التطوُّر الديموغرافي الذي جرى في هذا الكيان على مدى خمسة وسبعين عاماً أدّى إلى تغيير في البنية الديموغرافيّة في طبيعة الحال وأدّى كذلك إلى تغيير في الصراع ذاته. كان هناك من دون أدنى شكّ على مدى سنوات، كانت هناك طبقات ممكن القول إنّها كانت صامتة و.. بفعل... الأشكينازي التي كانت حتى في داخل هذه التركيبة نوعاً ما أيضاً مُطلقة. عام 1977 وعام 1978 اعتلى "بيغن" الحُكم لأوّل مرّة وكان اأوّل احتدام وصراع بين "الأشكيناز" العلماني الغربي والشرقي المُحافِظ المُتديّن التوراتي حتى إن صحّ القول، كان الاحتدام لأوّل مرّة. "بيغن" حاولَ للحظة أن يغيِّر الـ Elite الحاكمة في هذه المؤسّسة، لكن مَن كانوا في جُعبِهم جمهور ناخبيهم لم يكونوا من دون كفاءات تستطيع السيطرة على هذه المؤسّسة وإدارتها</p>
<p>كمال خلف: تمام</p>
<p>إيهاب جبّارين: لذلك وضعَ ذلك جانباً. لكن منذ تلك السنوات وحتى على مدى ثلاثين عاماً يُمكن القول إنّ هذا أدّى إلى نشاط في داخل اليمين التوراتي المُتديّن والمُحافِظ في هذه المؤسّسة وعلِم جيداً أنّه يجب أن يُمسِك بزمام الأمور. فما نشاهده اليوم هو ليس صراعاً يدور حول تعديلات قضائيّة بل هذا الصراع هو صراع هويّة واحتدام، ويُمكن القول إنّه مُركّب من عدّة طبقات بمُلخصّه، والطبقة الأهمّ في نظري هي الصراع ما بين (إسرائيل)، المؤسّسة الصهيونيّة التي بنت خطوات استراتيجيّة، وما بين المؤسّسة الشعبيّة التوراتيّة المحافِظة كذلك</p>
<p>كمال خلف: تماماً </p>
<p>إيهاب جبّارين: بالتالي، هذا كلّ ما نجتهده في المُلخّص في هذه المرحلة، والأكيد أيّاً كانت تداعيات هذه المرحلة، هذه المؤسّسة بعد هذه المرحلة لن تشبه ما كانت عليه قبل هذه المرحلة</p>
<p>كمال خلف: سأعود إليك في طبيعة الحال أُستاذ "إيهاب" للمزيد من الاستفسارات. دكتور "فادي نحّاس" أسعدَ الله مساءك. في ما يتعلّق دكتور "فادي" بما ذكرناه قبل قليل، ما قاله "هرتسوغ" وما قاله كثير من الصحافيين والمؤرّخين والفلاسفة والمُنظِّرين في داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي، ما سمعناه حقيقياً وليس فيه مبالغة؟ هي تشخيصات ترتبط بمستوى حجم الأزمة داخل (إسرائيل)؟</p>
<p>فادي نحاس: مما لا شكّ فيه أنّ حجم الأزمة كبير جداً وأنّ هنالك انشقاق حاد في داخل المُجتمع الإسرائيلي والدليل على ذلك الاحتجاجات الضخمة الجارية غير المسبوقة في تاريخ (إسرائيل)، والأهمّ هم المتظاهرون من المُجتمع الغربي الحداثي الذي في شكلٍ عام لا يخرُج إلى هذه التظاهرات. من دون أدنى شك، أعتقد انّه طبعاً هنالك نوع من المبالغة لأنّ هذا يمسّ بما يُسمّى الـ " ايثروس"، أي المعتقد الأساسي للمجتمع في (إسرائيل)، أنّ العقيدة الصهيونيّة ما زالت سائِدة وهي المُكوِّن الأساسي في هذا المُجتمع. أعتقد أنّ (إسرائيل) تنتقل إلى حال الدولة الطبيعيّة التي تسودها تصدّعات مُختلفة مثل باقي الشعوب على المستوى الإثني والعرقي إلى آخره، لكن هذا المُجتمع ليس مجتمعاً أصلياً إنّما هو مجتمع مهاجر حداثي قابل لفكرة النزوح، ومن هنا يأتي النقاش الحادّ داخل المُجتمع الإسرائيلي وهذا لا يعني أنه طبعاً توجد مخاوف حقيقيّة لدى فئات كبيرة على الديمقراطيّة والحريّات الفرديّة، لكن في المقابل هناك مسألة "نتنياهو" والأحزاب المُعارِضة له في ذلك كرئيس حكومة. لذلك أنا أُلخِّص وأقول </p>
<p>كمال خلف: تفضّل أُستاذ "إيهاب"، لخِّص، تفضّل </p>
<p>فادي نحاس: "فادي"</p>
<p>كمال خلف: عفواً دكتور </p>
<p>فادي نحاس: أعتقد أنه نعم طبعاً، توجد مبالغة لكنّ الانقسام حادّ، وفي رأيي لا حديث عن "ربيع" إسرائيلي جديد، القضيّة تتلخّص في وجود صراع داخلي في داخل المُجتمع الإسرائيلي وهو أكبر من صراع قضايا في الشقّ القضائي</p>
<p>كمال خلف: دكتور "فادي"، دولٌ عصفت فيها أزمات، على سبيل المثال (لبنان) أربع عشرة سنة حربٌ أهليّة كما تعرِف دخلت فيها الدول وانقسامات داخليّة وشحن مذهبي وطائفي وإلى آخره، والحرب الأهلية لا داعي لأن نتحدّث عنها. (سوريا) عشر سنوات كذلك من النزاع الداخلي والخارجي الهجين وإلى آخره. (الجزائِر) في التسعينات وإلى آخره، كثير من الدول لم تتحدّث أيّة دولة أو أيّة نُخبة في أيّة دولة من هذه الدول سواء عربيّة أو غير عربيّة عن مسألة الاضمحلال والنهاية، أي التلاشي. هذه الدول تقول، نحن أمام حرب، بمعنى اللغة هنا ألا تدُلّ على أنّ ثمّة شيئاً مُختلِفاً في هذه الدولة؟ في هذا الكيان؟ </p>
<p>فادي نحاس: طبيعي، هذا ما حاولت أن ألفِت إليه في مُداخلتي الأولى. هنالك صحافي إسرائيلي توفّى إسمه "أوري أفنير"، تحدّث مرّة عن أنّ (إسرائيل) هي دولة شرق أوسطيّة بكلّ مكوِّناتها وطبيعتها ومعتقداتها لكن هي بعيدة عن أن تلعب اللعبة والذهنيّة الشرق أوسطيّة، بمعنى أنّ هذا مُجتمع كثير التصدّعات كما ذكرت من قبل وفيه اختلافات حادّة. لكن من جهةٍ أُخرى فيه مجتمع كبير جداً، الذين هم "الأشكيناز" الذين بنوا هذه الدولة. هم مهاجرون أتوا من (أوروبا)، لذلك في كلّ أزمة حقيقيّة مثل هذه الأزمة تعود إلى الواجهة مسألة النزوح ومسألة الاضمحلال </p>
<p>كمال خلف: العودة إلى بلدانهم </p>
<p>فادي نحاس: أجل، والاضمحلال. لكنّي أنظر إلى هذا كنوعٍ من التهويل في هذه المرحلة وهم بعيدون عن هذا المكان. (إسرائيل) تنتقل إلى دولة طبيعيّة مثل باقي الدول </p>
<p>كمال خلف: هنا أُريد أن أُرحِّب بالأُستاذ "أكرم عطا الله". أُستاذ "أكرم" استمعت إلى هذا النقاش، طبعاً نهتمّ جداً في سماع رأيك فيه وأُريد أن أُضيف إليه كذلك فكرة الآن في ضوء ما نتحدّث عنه. هناك ارتفاع لمنسوب الإجرام الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلّة، هناك ارتفاع لمنسوب العدوان أيضاً على دول الجوار، أتحدّث عن التحرّكات العسكريّة، هناك تهديدات لـ (إيران) وأنهم يريدون شنّ ضربات عسكريّة على المنشآت النوويّة الإيرانيّة وغير ذلك من الكلام. ما مدى ارتباط هذه التهديدات بالأزمة الداخليّة الإسرائيليّة؟ هل هذه التهديدات ممكنة الحدوث؟ أي ممكن أن تُقدِم (إسرائيل) على عملٍ عسكري وهي في هذا الوضع الداخلي الهشّ؟ هل هي في حاجة إلى عدوانٍ خارِجي لتوحيد لجبهة الداخليّة؟ بمعنى الهروب إلى الخارِج؟ الهروب إلى الأمام؟ ما هي المسارات التي تتوقّعها أُستاذ "أكرم" في السياق الذي نستفسر حوله؟ </p>
<p>أكرم عطا الله: مساء الخير لك وللضيوف الكرام وللسيّدات والسادة المُشاهدين </p>
<p>كمال خلف: مساء الخير </p>
<p>أكرم عطا الله: أبدأ في الإجابة على السؤال ثمّ نعود للداخل الإسرائيلي </p>
<p>كمال خلف: تفضّل</p>
<p>أكرم عطا الله: ثمة صحافي إسرائيلي كتب ربما منذ أكثر من إثنا عشرة عاماً أنّ ملفّ ضرب (إيران) هو ملفّ حياة "بنيامين نتنياهو"، كلّما ينتقده أحد أو يُطالبه أحد بأن يفعل شيئاً في الاقتصاد، في الأمر، في غيره، يقول إنّ هناك ملفاً إسمه الملفّ الإيراني. هذا الملف سياساً خدمَ "نتنياهو" لكيلا يطالبه أحد بالتنازُل في الملفّ الفلسطيني، ومن الجيّد أنه يتحمّل ويسكت على(إيران) ولم يضرِب (إيران). لو أرادت (إسرائيل) أن تضرب (إيران) لضربتها كما فعلت مع مُفاعِل (دير الزور) السوري ومع مُفاعِل "تموّز" العراقي، (إسرائيل) تضرب قبل أن تتحدّث. (إسرائيل) منذ أكثر من خمسة عشر عاماً وهي تُهدّد ثمّ تُهدّد ثمّ تُهدِّد واعتدنا على ألا تهدّد بل أن تضرب حتى من دون أن تُعلِن أصلاً، أن تتصرّف كما تفعل كلّ يوم في (سوريا). ما المانع من أن تضرِب (إيران) إذا المسألة في هذه السهولة؟ فكّر "نتنياهو" مرتين في ذلك</p>
<p>كمال خلف: فقدنا الصوت مع الأُستاذ "أكرم". أُستاذ "أكرم" فقدنا الصوت معك، أنا توقّعت أنّ الصوت انقطع عندي فقط. سأعود إليك بعد لحظات عندما يتمّ إصلاح الصوت بيننا وبينك، وخلال ذلك الوقت سآخذ رأي الأُستاذ "إيهاب" في هذه النقاط التي نتناقش حولها. موضوع الجيش أُستاذ "إيهاب"، موضوع الاعتكاف ورفض الالتحاق بالتدريبات خاصةً بالنسبة للطيّارين، العدد ليس قليلاً، وتمّ اتهامهم بالخيانة وإلى آخره وكذا. ما مدى أهميّة هذا المُعطى، وصول الاحتجاجات إلى المؤسّسة العسكريّة؟ </p>
<p>إيهاب جبّارين: أنا كنتُ قد تحدّثت في المُداخلة الأولى عندما "بيغن" نظر حوله ورأى جمهور ناخبيه، لا يستطيع إدارة هذه المؤسّسة، وقطعاً المؤسّسة العسكرية هي مؤسّسة في داخل هذه الدولة، كانت هنالك نُقطة مهمّة جداً بالنسبة إليه حول جمهور المستوطنين المحسوبين على الصهيونيّة الدينيّة والتوغُّل في داخل المؤسّسة العسكريّة ومحاولة السيطرة عليها. لكن ما حدث أنّ هنالك التغيير الديموغرافي في طبيعة الحال وأنّ القوّات الجويّة والبحريّة في طبيعتها الديموغرافيّة أصبحت أكثر أشكنازيةً، وقوّات المُشاة في طبيعة الحال أصبحت أكثر شرقية وذات طابع توراتي استيطاني وما إلى ذلك، يعني هم من جمهور مصوّتي.. إن صحّ القول حتى. بالتالي، وفق هذه المُعادلة يُمكن القول إنّ الديموغرافيا في مؤسّسة الجيش مقسومة إلى هذين القسمين. في طبيعة الحال، لهذا السبب رأينا التمرُّد أكثر من ضبّاط الاحتياط في القوّات الجويّة تحديداً ومن جهة أخرى أيضاً كذلك رأينا حتى قوّات الاحتياط، لأنّ حتى العسكريين القدامى هم من قوّات الاحتياط. وبالتالي رأينا هذا التمرّد ورأينا الطابع الأشكينازي يُسيطر أكثر عليه. لكن هناك ملاحظة مهمّة جداً، أنّ أغلبيّة الضبّاط الذين كانوا قد أعلنوا أنّهم على استعداد لنوعٍ من العصيان للأوامر وما إلى ذلك، فقط يوم أمس أغلبهم توجّهوا بطائِراتهم إلى مناورة عسكريّة في داخل (الولايات المتّحدة) وفقَ الصُحف العبريّة. بالتالي، وفق هذه المعادلة، حتى قضيّة العصيان أظنّ، في الكلاسيكيّات الإسرائيلية أنّ النبوءات أو المخاوف تسبق عصرها بثلاثة عقود أو عقدين على أقل تقدير. أظنّ أنّ هذه المخاوف يُمكن أن تكون، ولأنّها تُذكَر لأوّل مرّة، يمكن أن تكون واقعيّة أكثر بعد عقدين أو ثلاثة عقود من الزمن </p>
<p>كمال خلف: أُستاذ "أكرم عطا الله" الآن أصبح الصوت بيننا وبينك عال العال وتستطيع أن تُكمِل المُداخلة، هي مرتبطة بموضوع الجيش لأنه كما تعرِف أُستاذ "أكرم" يُسأل الجيش الآن عن حال ضبّاط معتكفين لا يريدون الخِدمة ومعترضين وإلى آخره، و"نتنياهو" يقول في الخارج: "سأذهب لقصف (إيران) والاعتداء على (إيران)" وغير ذلك</p>
<p>أكرم عطا الله: نعم، موضوع الحرب الخارجيّة ليس سهلاً خصوصاً وأنّ قيادة الأركان الإسرائيليّة دائماً ما كانت تعترِض على حروبٍ خارجيّة على مستوى حرب مع (إيران)، وحتى اضطرّ "نتنياهو" ذات يوم إلى اتخاذ قرار بتغيير كلّ الترويكا الأمنيّة، ثمّ جاء برئيس أركان جديد وقائِد سلاح طيران جديد، جاء بـ "أمير إيشل" الذي قصف المفاعل النووي السوري في تلك الأيام، ومع ذلك قيادة الأركان الجديدة اعترضت، بمعنى أنّ قيادة الأركان تُدرِك تماماً أنّ هذا يعني حريق المنطقة كلّها. هذا حولَ موضوع الحروب الخارجيّة</p>
<p>كمال خلف: نعم </p>
<p>أكرم عطا الله: لكن الجديد في العصيان الذي يحدُث في (إسرائيل) والتظاهرات التي تحدُث، في الأسابيع الأولى للعصيان كان عصياناً مدنياً وكانت كلّ الأذرُع العسكريّة والأمنيّة والشرطة خارِج هذا العصيان، وهذا الذي أضاء الإشارات الحمراء لدى الرئيس الإسرائيلي إذ لاحظنا أنه بدا أكثر انفعالاً مع كلّ الذين يتحدّثون بحُرقة على ما يحدُث لأنّ الأمر وصلَ إلى عصب، نحن نتحدّث مثلاً عن سلاح الطيران سرب 69 من طائرات F-3، هذا عصب سلاح الجوّ. وسلاح الجوّ عصب الجيش الإسرائيلي والجيش عصَب الدولة. بمعنى أنّه وصَلَ الأمر إلى الخطوط الحمراء. رئيس الموساد "ددي برنيع" أعطى صلاحيّات الموافقة على مشاركة أعضاء الموساد في الاحتجاج، الجيش يشاركهم في الاحتجاج، كلّهم يشاركون، بمعنى أنّ هناك تهديدات ثقيلة أيضاً بأنه لن يشارك الطيّارون. اليوم كانوا مُجتمعين قبل قليل وانتهى الاجتماع اليوم مساءً وكان رئيس الأركان مُجتمِعاً معهم في قاعدة (حِتسريم) وكانوا أغلبية، بمعنى بين التمرّد من عدمه حاولوا الوصول إلى قرار وسط لأنّ الأمر كان ربما عيِّنة صغيرة لكنّها تدُلّ على المسار الذي تذهب إليه (إسرائيل). لم يفصُلوهم لأنّ الأمر كان صعباً وشتموهم طبعاً. "شلومو قِرعي" وزير الاتصالات ووزيرة الإعلام قالا: "هؤلاء ذباب" </p>
<p>كمال خلف: تفضّل</p>
<p>أكرم عطا الله: اليوم اجتمعوا معهم، ما رشح من الاجتماع قبل قليل أنّ أغلبيّة الطيّارين ظلّوا مُصرّين على موقفهم. اليوم كان سبعة طيارين من ثلاثين عندهم تدريب وكان من اللازم أن تطلع طائِراتهم لكنّهم لم يصعدوا إلى الطائرات وكان الحلّ الوسط أن يجتمعوا في قاعِدة (حتسريم) ورئيس الأركان اكتشف أنّ الأغلبية موقفهم العصيان، لماذا؟ المسألة ليست فقط خوفاً على قواعِد الديمقراطيّة في (إسرائيل) وإنْ كانوا مهتمّين في (إسرائيل)، وربما موضوع التعديلات القضائيّة صعب لأن القضاة والسلطة القضائيّة والمُستشار القضائي والمُستشارون القضائيّون في الحكومة كلّهم ستُصادَر صلاحيّاتهم لصالِح ائتلاف السلطة التنفيذيّة وهذا الشيء خطير وسيؤثِّر على هويّة الدولة، بمعنى أنّه أحياناً ثمة قوانين يسنّها "الكنيست" حسب رغبة حزب صغير في الائتلاف، مثلاً أعطوا أموالاً لمدارِس دينيّة تابعة لـ "يهدوت هاتورا"، هذا مثلاً حزب "يهدوت هاتورا". عندما يصل الأمر إلى القضاة، المحكمة العليا ترُدّ الأمر وتقول إنّ هؤلاء لا يُدرِّسون المواد الأساسيّة وبالتالي تُوقَف هذه الموازنة. من أجل هذا، مع كلّ مَن له مصلحة مع "أرييه درعي" الذي سيعود وزيراً، مع "نتنياهو" الذي يريد أن يفلت من القضاء، مع " بتسلئيل سموتريتش " الذي يريد أن يضمّ الضفّة الغربيّة، هناك تحييد تام للقضاء. لكن هؤلاء الطيّارين طالما أنّ هناك قضاء إسرائيلي يرتكبون جرائِم حرب، وإذا كان هناك من شيء للمحكمة الدوليّة ممكن أن يحيلهم القضاء إلى المحكمة الإسرائيليّة والمحكمة الإسرائيليّة تفتح تقريراً. إذاً هم محميّون بفضل قوّة القضاء الإسرائيلي</p>
<p>كمال خلف: تمام </p>
<p>أكرم عطا الله: هذا القضاء الإسرائيلي عندما يضعف هذا يعني أنّ هؤلاء الطيّارين ممكن أن يذهبوا لمحكمة الجنايات الدوليّة ومحكمة العدل الدوليّة، وبالتالي لديهم مشكلة حقيقية في شخصيّة </p>
<p>كمال خلف: واضح أُستاذ "أكرم"، واضح. لكن أنا اُريد أن أعرِض، قبل أن أنتقل إلى ضيوفي الآخرين ما قالته القناة 12 الإسرائيليّة حول ما نتحدّث عنه، خشية الجيش من اتساع الرفض إلى التشكيلات النظاميّة. يخشون في الجيش الإسرائيلي حسب القناة من اتّساع الرفض داخل الجيش في أعقاب رفض جنود الاحتياط إلى مُختلف تشكيلات الخدمة. مصادر عسكريّة أعربت عن خوفها من تطوّر ذلك إلى رفضٍ في التشكيلات النظاميّة. هناك أماكنُ يتغلغل فيها الحديث إلى النظامي على سبيل المثال، في الأسراب طواقم الطيّارين النظاميين الذين يخدمون معاً ولذلك هم مُعرّضون للمُعضلات والإرباك تقول القناة 12. دكتور "فادي"، موضوع التهديد بالحرب الخارِجيّة أو بعُدوانٍ خارِجي والحاجة إلى ذلك؟ هل هذا الأمر يُمكن أن يوحِّد الجبهة الداخليّة فعلاً أم العكس؟ عندما ينزل المُستوطنون والإسرائيليّون إلى الملاجئ ربما تزيد النقمة. هلّ "نتنياهو" يلوِّح بالعُدوان الخارِجي ولديه خيارات؟ هو يتحدّث عن (إيران) وكبَّرَ الحجر، ولكن هل يلجأ إلى العدوان على (لبنان) أو (سوريا) أو (غزّة)؟ هل هذه الخيارات مطروحة؟</p>
<p>فادي نحاس: إسمح لي بمداخلة بسيطة في ما يخصّ الجيش الإسرائيلي والمُعارضة الداخليّة. الجيش الإسرائيلي هو ما يُسمّى بالدولة العميقة في (إسرائيل)، وهنا عليك أن تكون حذراً إلى حدٍّ ما في كلّ مسألة التهويل الإسرائيلي، وأنت أعطيت حقيقةً المثال من قناة 12 التي هي قريبة أكثر لأحزاب المُعارضة. من دون أدنى شك هذا يدلّ على الانقسام لكن أنا أعتقد أنّ الأمر لا يزال ممسوكاً ومحدوداً. نحن نتحدّث عن جيش احتياط، عن أعداد قليلة حالياً. هنالك نقاش داخلي داخل المؤسّسة العسكريّة حول هذا الأمر، لذلك دعونا لا نأخذ الأمر إلى حجم أنّ هناك حالاً من العصيان داخل المؤسّسة العسكريّة. يا جماعة، المناعة عند اليهود القوميين تقاس بمدى عُمق تكاتف الجيش. لم تصل الجماعة إلى هذا الأمر وأعتقد أيضاً أنّ هذا المُجتمع المدني الإسرائيلي الذي يتحدّث عن الحريات الفرديّة والديمقراطيّة لا يذكُر بتاتاً الجرائِم التي تُقام اليوم والأمس في (نابلس) و(جنين). هناك فرزٌ تام وواضح في هذا الشأن، ولا يوجد خلاف داخل المُجتمع الإسرائيلي ينسحب على الاحتجاجات وهذا بالنسبة لأيّ عمل خارِجي أو حرب خارجيّة. أولاً في الملفّ الإيراني الذي أكتب عنه في شكلٍ دائِم، لا أعتقد أنّ "نتنياهو" بعيد عن كلّ هذا الأمر وهذه قضيّة أمن قومي أميركي. البيت الأبيض حالياً وحاكمه أصلاً بعيد عن التنسيق حالياً مع (إسرائيل) في هذا الشأن، فهي مُغامرة غير محسوبة وفضفضة إعلاميّة في اعتقادي. أمّا في إمكانيّة القيام بحربٍ خارجيّة لكي يُغيَّب الحراك أو الصراع الداخلي أعتقد لا لأنّ للأسف المأساة هي أنّ الضربات مستمرّة في اتجاه الشعب الفلسطيني والقِيَم قائِمة والتسويات وإلى آخره، فلذلك هنالك إجماع على هذا الأمر. إذا كانت هناك إمكانيّة لحربٍ أُخرى أنا أعتقد أنها ستكون في اتجاه "حزب الله"، لكن في رأيي حالياً بعيدة. لن يخرُج "نتنياهو" بحربٍ لكي يُحيِّد هذا الصراع الداخلي، هذا في اعتقادي </p>
<p>كمال خلف: لماذا يلوِّح فيها إذاً؟ </p>
<p>فادي نحاس: هو دائماً يلوِّح بالملفّ النووي الإيراني لكنّه لا يتحدّث عن حربٍ إقليميّة. هو يتحدّث عن الهاجس الأمني المُغلِّف لـ (إسرائيل) الذي هو هاجس. هذا دائماً موجود وليس فقط عند "نتنياهو"، في أيّة صدمة، في أيّة أزمة داخليّة دائِماً يبدأ التلويح بالعدوّ القادم لإزالة دولة (إسرائيل). هذا أيضاً جزء من الـ " ايثروس " الذي تحدّثنا عنه. لذلك أعتقد أنّ المُجتمع الإسرائيلي فاهِم هذا الأمر وهنا أعود وأؤكِّد، الصراع هو كما ذكره الزملاء، هو صراع داخل المُجتمع الإسرائيلي على هويّة هذا المُجتمع، إذا أردت أن نتحدّث عنه هو صراع على هويّة هذا المُجتمع وليس على سياساته الخارجية </p>
<p>كمال خلف: سأتوقّف دكتور "فادي" ومُشاهدينا وضيوفي مع فاصل قصير ثمّ نعود مرّة أُخرى لطرح المزيد من الأسئِلة على ضيوفنا حول هذا الملفّ. فاصل ونعود </p>
<p>المحور الثاني </p>
<p>كمال خلف: تحيّة من جديد مُشاهدينا في "لعبة الأُمم". كنّا نتحدّث عن التصعيد الإسرائيلي ولهجة التهديد بالحرب وإلى آخره. أُريد أن أُشير قبل أن أسأل ضيوفي حولَ هذه المسألة إلى ما كتبته صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبريّة تحت عنوان "الزيارات الخاطفة والخوف في (الولايات المتّحدة) - قد تفاجئنا (إسرائيل) وتُهاجم (إيران)". تقول الصحيفة: "مخاوف سياسيّة وأمنيّة لدى الإدارة الأميركيّة من قيام "نتنياهو" بتحرّكٍ غير موزون في الساحة الفلسطينيّة أو ضدّ (إيران) للخروج من الأزمة الداخليّة. الحرب على (إيران) أو "حزب الله" أو (غزّة) ستُعمِّقُ من أزمة "نتنياهو" لأنّ الجبهة الداخليّة سيزيد سخطها عليه وهي مُختبئة في الملاجئ خصوصاً وأنّه لا يستطيع تحقيق نصر حقيقي يُقنِعُ فيه جبهته الداخليّة بجدوى الحرب". أسأل الأُستاذ "إيهاب جبّارين" حولَ هذه النُقطة. تفضّل أُستاذ "إيهاب"</p>
<p>إيهاب جبّارين: (الولايات المتّحدة) لطالما نظرت إلى دولة (إسرائيل) كحليفٍ استراتيجي في المنطقة، هذا منذ بداية قيام هذه الدولة حتى يومنا هذا. بالتالي، وفق هذه المعادلة يُمكن أن نرى كلّ تداعيات العلاقات الإسرائيليّة الأميركيّة على مدى كلّ هذه السنوات. في العام الأخير، (الولايات المتّحدة)، أو على الأقلّ في الأشهُر الأخيرة، نظرت في عين الرَيْب لحلفاء إثنين في داخل هذه الحكومة "بن غفير" و"سموتريتش"، بل هنالك بعض الأقاويل بأنّها فعّلت بشكلٍ جاد لنوعٍ من توطيد العلاقات ما بين "نتنياهو" و"غانتس" لكي يقيم حكومة مغايرة لهذه الحكومة، فبالتالي (الولايات المتّحدة) تنظر إلى هاتين الشخصيّتين كتهديد أمني لقومها بدايةً وقبل أيّ شيء. هاتان الشخصيّتان كما قلت وكما ذكرتهما، حتى المشروع الصهيوني في شكلٍ عام هو مجرّد أداء، حلمهم هو مشروع توراتي تناخي، هذا ما يطمحون إليه وهذا ما يريدونه. حتى في طبيعة الاستيطان، الاستيطان حتى هذه المرحلة كان استيطاناً صهيونياً، والاستيطان منذ هذه المرحلة وما بعد هو ذات طوابع توراتيّة تناخيّة، هذا ما يحاولون السيطرة عليه. بالتالي وفق هذه المعادلة، مخاوف (الولايات المتّحدة) ليست من "نتنياهو" بل أظنّ أنّ (الولايات المتّحدة) تعلم أن "نتنياهو" هو شريك أو ربما الرجل القوي حتى في داخل دولة (إسرائيل) على مدى كلّ هذه السنوات. لهذا السبب رأينا كيف أنّ آخر زيارة لوزير خارجيّة أميركي كانت لـ "بلينكن" في نهاية ولاية "نتنياهو" الخامسة، وفي الولاية السادسة "نتنياهو" استقبلَ "بلينكن" كذلك مرة أُخرى. بالتالي هذه النقطة، النقطة الهامة في نظري، أنّ (الولايات المتّحدة) تنظُر بعين الرَيْب لهاتين الشخصيّتين تحديداً وهي مستاءة جداً من وجودهما في داخل هذه الحكومة لأنها تعلم جيداً أنهما لا ينظران للمعادلة في استراتيجيات أمنيّة أو في استراتيجيّات اقتصاديّة أو أيّاً كانت بل معادلتهما، وهي شعبويّة توراتيّة وهذا ما يهمّهم وهذه هي المساعي التي يطمحون إليها. بالتالي وفق هذه المعادلة، هناك تكون المخاوف وبالذات لأنّ "سموتريتش" لطالما طالب، وإن كانت وزارته في داخل وزارة الجيش الإسرائيلي هي فقط لتسيير الأمور.. للمستوطنين في (الضفة)، لكن مع ذلك وجوده</p>
<p>كمال خلف: سأكمِل الموضوع الأميركي، لكن قبل ذلك أُستاذ "إيهاب"، الحكومة الحاليّة هل ستسقُط في نهاية المطاف؟ </p>
<p>إيهاب جبّارين: من دون أدنى شك. أغلب الحكومات في (إسرائيل) سقطت بسبب الائتلاف ذاته. حكومة "نتنياهو" الحاليّة لديها خمسة مشاكل وأظنّ أنّها تضعف منذ سنوات وتحديداً هي أضعف حكومات "نتنياهو"، لديها مشاكل ميدانيّة في كلّ ما يخصّ التظاهرات والاحتجاجات. في ذات الوقت لديها مشاكل اقتصاديّة وهي على شفير هاوية اقتصاديّة جادّة. لديها مشاكل أمنيّة </p>
<p>كمال خلف: هذه المشاكل تُشكِّل عوامل سقوط؟ أنت ترى أنّ الحكومة الحاليّة يُمكن أن تسقُط؟ </p>
<p>إيهاب جبّارين: المؤشِّر الأهمّ بأنّ هذا الائتلاف متجانس ولكنّه غير متجالِس، بمعنى مَن كان يرى بأنّه ممكن أن تكون هناك فروقات ما بين "شاس" و"يهدوت هاتورا"؟ الفروقات هذه ظهرت في داخل التشكيل الائتلافي، وكيف "آفي معوز" ترك هذا الائتلاف وما إلى ذلك. أنا أنظُر إلى أنّ هذا الائتلاف لن يصمُد، لكن "نتنياهو" سيعمل جاهداً ليبلور حكومة أُخرى تكون في رئاسته في غضون أشهُر لأنّ الخلافات في داخل هذا الائتلاف جادّة </p>
<p>كمال خلف: سأذهب للأُستاذ " أكرم عطا الله" وأُكمِل في الموضوع الأميركي. أُستاذ "أكرم عطا الله"، "لويد أوستين" كان من المفترض أن يصل غداً إلى (فلسطين) المُحتلّة، إلى (تل أبيب)، وأجّلَ الزيارة بسبب الاحتجاجات، ويبدو حتى ونحن نتحدّث الآن أنّ الأمور تتصاعد والاحتجاجات متصاعدة وثمة محاولة لقمع المتظاهرين وإلى آخره. لكن بالنسبة لـ (الولايات المتّحدة الأميركيّة)، نحن نرى أنّ هناك نوعاً من إرضاء للمُتطرّفين في (إسرائيل) بالحديث الأميركي عن (إيران)، بأنّه يجب إلزام (إيران) ويجب أن نتحرّك وإلى آخره. كنت أقرأ لـ "دنيس روس" يوم أمس في "معهد (واشنطن) لدراسات الشرق الأدنى"، هو يقترح أربع خطوات: تزويد (إسرائيل) بذخائِر وكذا وأن تصل إلى مسافات بعيدة في (إسرائيل) ويجب ضرب المفاعِلات المدنيّة والعسكريّة وإلى آخره يتحدّث الرجل. هناك مسايرة للإسرائيليين في هذا الأمر لكن (الولايات المتّحدة الأميركيّة) الآن كيف ستتعامل مع التصعيد الإسرائيلي؟ في (الضفّة)، موضوع (العقبة) الذي أنجزه "بلينكن"، قبل أن ينتهي الاجتماع قال الإسرائيليون: ليس لنا علاقة به، ما جرى في (الأُردن) يبقى في (الأُردن)</p>
<p>أكرم عطا الله: ربما الكاتب الإسرائيلي "بن كسبيت" كتبَ مقالاً هامّاً حولَ هذا الموضوع، حول العلاقة مع (الولايات المتّحدة الأميركيّة) ويقول إنّ العلاقة على المِحكّ. شوف، منذ عام 1968 عندما نقلت (إسرائيل) علاقتها من ظهيرها الاستراتيجي (فرنسا)، أذكُر أنّها في عام 1967 خاضت حربها بالـ "فانتوم" الفرنسيّة وبَنت المفاعِل النووي من (فرنسا)، ثمّ انتقلت (الولايات المتّحدة الأميركيّة) ووقّعت اتفاقيّات بألا يكون هناك أيّ نقد متبادل علني بين الجانبين، كلّه عبر القنوات، وهذه هي المرّة الأولى التي نسمع فيها انتقادات علنيّة وهذا شيء كبير في لغة (الولايات المتّحدة). موضوع "سموتريتش" وموضوع حرق (حوّارة) وإزالتها من الوجود هو حرَجٌ كبير وسمعنا كيف تحدّث عنه السفير الأميركي ووزير الخارجيّة الأميركيّة وغيرهما، بمعنى أنّ هناك قدراً من التصادُم. الأمن هو موضوع مُختلِف وحتى في هذا الموضوع نذكُر أنّ هناك شيئاً في العلاقة الأميركيّة الإسرائيليّة. في الملفّ الفلسطيني تحاول (إسرائيل) أن تربط الملفّ الفلسطيني بالملفّ الإيراني، بمعنى كلّما كان هناك ضغط على (إسرائيل) في الموضوع الفلسطيني تُلوِّح (إسرائيل) بالموضوع الإيراني، ثمّ تُقدِّم (إسرائيل) التنازل في الموضوع الإيراني وتقول: هذا أكثر ما يُمكن أن أُقدِّمه، لا أستطيع أمام ائتلافي وشعبي أن اُقدِّم في الملفّ الفلسطيني، وعينها على الملفّ الفلسطيني. بمعنى أننا نذكُر في فترة "أوباما" أنّه ضغط عليها ومنعها من أن تتحدّث في الملفّ الإيراني، منعها وقال إنّ هذا موضوع أميركي بامتياز، لا تتحدّثوا فيه. أريد أن أُقدِّم شيئاً في الملفّ الفلسطيني، أوقفوا الاستيطان وغيره، ولكن "أوباما" صرَفَ لـ (إسرائيل) 38 مليار دولار على مدار عشر سنوات. بمعنى أنّه في الموقف الأميركي، أن كانت المشكلة مشكلة أمنكم ودعم وتحصين ذواتكم هذه (إسرائيل) تؤمّنها (الولايات المتّحدة)، وبالتالي يبقى هذا الملفّ حتى تستطيع (الولايات المتّحدة) أن تقول لـ (إسرائيل) أنّ هذا الملفّ أميركي بامتياز. لكن (الولايات المتّحدة الأميركيّة) تفاجأت، الأعوام الخمسة الأخيرة فيها شيء مُفاجئ، هناك صعود مُفاجئ لـ (الصين)، هناك حدائِق خلفيّة لـ (الولايات المتّحدة) من ضمنها (أفريقيا) ومنطقة الخليج العربي، ورأينا الاستقبال في (السعوديّة) وغيره للرئيس الصيني، وهناك الحرب الروسيّة وظهور (روسيا) كمُنازِع قوي لـ "الناتو" يسيطر على بعض المناطق حتى في (أوكرانيا) التي كانت تُعتَبَر حتى الأمس جزءاُ من الحديقة الخلفيّة لـ "الناتو" و"الولايات المتّحدة الأميركيّة". بمعنى أنّ هنالك قضايا كبرى وهذا آخِر ما تريده. لهذا ربما رأينا الشهر الماضي في شكلٍ مُفاجئ أن هناك كثافة في الحضور الأميركي في المنطقة، مدير المخابرات الأميركية ومستشار الأمن القومي ووزير الخارجية الأميركيّة و"هادي عمر"، ووزير الدفاع سيأتي ونائب وزير الدفاع سيأتي. هذه الكثافة الأميركيّة منذ حوالى شهر ونصف الشهر، خمسة من أكبر كبار المسؤولين الأميركيين في المنطقة كلّهم يريدون شيئاً واحداً من (إسرائيل) ويُدرِكون أنّهم في هذا الأمر سيجدون صعوبة كبيرة مع هذه الحكومة الإسرائيليّة، يريدون هدوءاً في المناطق ولا يريدون حرباً أُخرى في المنطقة تخوضها (غزّة) و(الضفة الغربيّة)، هذا آخِر ما يريدونه. لكن سلوك الحكومة الإسرائيلية يتسبّب بهواجس كبيرة للإدارة الأميركية </p>
<p>كمال خلف: حجم التأثير هنا أُستاذ "أكرم"، حجم التأثير الأميركي على هذه الحكومة أيضاً محلّ تساؤل، مثلاً، عندما تحدّث "بلينكن" مع الرئيس "أبو مازن" حولَ موضوع (العقبة) وطلبَ من السلطة الفلسطينيّة سحب مشروع القرار من مجلِس الأمن وكان واضحاً مع الرئيس "محمود عبّاس". قال له: "لا نستطيع أن نُجبِر الإسرائيليين أو أن نفرِض عليهم أيّ شيء. سنتحدّث معهم لكن لا نستطيع أن نفرِض عليهم أيّ شيء". أيضاً الإدارة الأميركيّة تضغط على (مصر) و(الأُردن) من أجل موضوع الاحتواء والتهدئة وإلى آخره مما يجري في (الضفة). في المقابل، لا تُقدِّم (الولايات المتّحدة) أساساً سياسياً لتحرُّك (مصر) و(الأُردن)، أي لا يوجد مشروع سياسي تحدّث عنه أو تقوم عليه مسألة إقناع المصريين والأُردنيين و"السلطة " بالتنازُل أو بالتفاوُض</p>
<p>فادي نحاس: تماماً</p>
<p>أكرم عطا الله: صحيح. هي تُدرِك أنّه حتى المفاوضات مع هذه الحكومة هي مفاوضات بلا جدوى، بمعنى لا المصريين ولا الفلسطينيين ولا الأُردنيين مع حكومة فيها "سموتريتش". يوم استلامه أو يوم تقاسمه مع وزير الدفاع "غالانت" صلاحيّات (الضفّة الغربيّة) كتب تغريدة وقال: "الآن نستطيع أن نبني في أرضنا حتى نوقف تمدّد الغرباء الفلسطينيين في الأرض، بمعنى لماذا المفاوضات مع هذه الحكومة؟ أنا أظنّ أنّ سلوك (الولايات المتّحدة الأميركيّة) تجاه (إسرائيل) هو سلوك له علاقة بالرغبة في إسقاط "بنيامين نتنياهو" وحكومته، ضغط خارِجي مع عدم قُدرة أطراف داخل الحكومة وعدم قُدرة "نتنياهو". حضرتك سألت سؤالاً عن هذه الحكومة قبل قليل، متى ستسقُط هذه الحكومة؟ أنا أظنّ عندما تصل إلى اللحظة الحَرِجة التي تفقِد فيها هذا التوازن الدقيق بين الضغوطات الخارِجيّة والضغوطات الداخليّة ستسقُط هذه الحكومة. بمعنى أنّ (الولايات المتّحدة الأميركية) تُطالب بوقف الاستيطان. لماذا طالبت بوقف الاستيطان بالذات في مشروع مجلس الأمن؟ لأنّ موضوع الاستيطان موضوع حسّاس لدى "سموتريتش"، ولماذا استهدفت "سموتريتش" مثلاً؟ لأنها تريد ردّة فعل من "سموتريتش". لأنّ المعروف عنه أنّه لم يتنازل عن أيّ موقف من مواقفه، وبالتالي عندما يُعلِن "نتنياهو" وقف الاستيطان ولو حتى لمدّة شهرين، سيُعلِن "سموتريتش" أنه سيخرُج من الحكومة وبالتالي ستنهار هذه الحكومة. هذه مراهنة أميركيّة، "نتنياهو" ثعلب ذكي جداً، داهية، مجرِّب، تمكّن "نتنياهو" من تجاوز هذا اللغم و(الولايات المتحدة) ستستمر. أنا أظنّ انّه أفضل خيار لـ (الولايات المتّحدة الأميركيّة) هو استمرار الضغط على هذه الحكومة، ضغط غير ملموس وغير محسوس غبر قنوات خاصة وغيره لإسقاطها وهذا أفضل شيء لأنّها لن تستطيع التعايُش حتى من دون "سموتريتش، ثمة موقف من "بنيامين نتنياهو" نفسه</p>
<p>كمال خلف: دعني اُستاذ "أكرم" آخذ رأي الدكتور "فادي" في هذا الموضوع. هل هذا هو فعلاً ملخّص السياسة الأميركيّة تجاه ما يجري في (إسرائيل)؟ لديّ سؤال آخر أيضاً، سيناريو انقلاب عسكري في (إسرائيل) غير موجود إطلاقاً؟ </p>
<p>فادي نحاس: نعم هو سيناريو بعيد تماماً، بعيد تماماً. هذا أمر غير مطروح. تحدّثت وأُعيد وأُكرّر، (إسرائيل) تنتقل إلى حال الدولة الطبيعيّة المُتصدّعة الأقطاب لكن هي دولة ثابتة لها أنظمتها، لها ثورتها لها مؤسّساتها، لا، هذا الأمر بعيد جداً، لكن أنا أتماثل مع ما ذكرت وإنما ذكرت مسألة "السلطة الفلسطينية". أنا أعود وأُؤكِّد على حديثك وحديث الإخوة. أحد عناصر الضعف لهذه الحكومة هو سياسة وأداء وزراء الحكومة خاصةّ "بن غفير" و "سموتريتش" وإلى آخره. لكن من هنا الى حدّ مسّ هذا بالتعاون الاستراتيجي المتين، هناك تحالُف قوي جداً بين (الولايات المتّحدة) و(إسرائيل) وأنا أعتقد ولا أيّة أزمة، حتى اليوم الأزمة الأصعب هي أزمة الحرب التي تشنّها (روسيا) على (أوكرانيا)، حتى الآن لم تأتِ بأيّ نوع من التصدّع في هذه العلاقة الأميركيّة الإسرائيليّة. لذلك، أعتقد أنّه ما دامت "السلطة الفلسطينيّة" لا تؤازر أو تدعم أو تمد يداً إلى المقاومة الشعبيّة المسلّحة الفلسطينيّة و(إسرائيل) تنتهِك يومياً، هنالك إجماع حتى من قِبَل المتظاهرين الإسرائيليين حول ضرب الشارع الفلسطيني، لكن أريد أن أنوِّه إلى أمرٍ ضروري جداً</p>
<p>كمال خلف: تفضّل</p>
<p>فادي نحاس: في السنة الأخيرة، وهذا ما لم نلحظه منذ عدّة سنوات، مراكز الأبحاث الإسرائيليّة تقول إنّ عودة الملفّ الفلسطيني إلى الواجهة خطر أساسي لـ (إسرائيل)، هذا على عكس السياسة الإسرائيليّة التي تقول إنّ القضيّة الفلسطينيّة قابلة للإدارة وليست قابلة للحلّ. لكن هنالك فعلاً كُتّاب ومُفكّرون وباحثون يقولون لا، إذا صار هناك تحوّل في الشارع الفلسطيني كردّة فعل إزاء سياسة لا تُطاق ينتهجها الوزراء العنصريون الأمنيون وإلى آخره تجاه الشعب الفلسطيني قد تؤدّي إلى تحرُّك أميركي في النهاية. لكن في الظرف الحالي، إذا "أبو مازن" والسلطة لا تتحرّك هل ستتحرّك (الولايات المتّحدة)؟ لذلك حتى الآن للأسف الشديد، هذه مواقف وتصريحات أميركيّة من دون أدنى شك، هناك خلاف حادّ بن الإدارة الأميركيّة و(إسرائيل) حول أدائها وسياستها لكنه لا يصل إلى حدّ دعنا نقول أزمة في العلاقة بن الطرفين</p>
<p>كمال خلف: أو العمل عكس المصالِح الإسرائيليّة. أُستاذ "إيهاب جبّارين" السيناريو المُقبل، في (إسرائيل) يتحدّثون عن "رمضان" وأيضاً أكثر من طرف فلسطيني يتحدّث عن شهر رمضان كموعِدٍ للحظة تفجير، ومن هنا نسأل: هل هناك دور لتصاعُد المقاومة في (الضفة الغربيّة) وانعكاس مُباشِر على الأزمة الداخليّة في (إسرائيل)؟ وما طبيعة هذا الانعكاس؟ في أيّ اتجاه يُمكن أن يؤثِّر في الأزمة الداخليّة داخل (إسرائيل)؟</p>
<p>إيهاب جبّارين: على مدى الأشهُر الأخيرة هناك الحديث عن كلّ ما يخصّ (إسرائيل) في داخل (الضفة) وما إلى ذلك، لكن التصعيد لهذه المعادلة، معادلة التصعيد من الجانب الإسرائيلي هنالك ثلاثة متغيِّرات: الأجهزة الأمنيّة على ائتلافها، "نتنياهو" ومن دون أدنى شك يتمثّل بـ "غالانت" طبعاً، ومن دون أدنى شك "سموتريتش" و "بن غفير". بالنسبة للأجهزة الأمنيّة، هي تريد السيطرة على المشهد. أسوأ سيناريوهات هذه الأجهزة الأمنيّة في هذه المرحلة هو أن تكون هنالك هبّة شعبيّة شاملة أكبر مما جرى في أيّار 2021 على مُختلف الجبهات أكان من (قطاع غزّة) أو (الضفّة) أو (القدس) أو الداخل الفلسطيني، بالنسبة إليهم هذا السيناريو هو الأسوأ. لذلك ما نراه في الأيام الأخيرة وفي تواتُر الاقتحامات وحتى المجازر إن صحّ القول في الأيام والأسابيع الأخيرة ما هو إلا محاولة السيطرة على المشهد ومُحاولة استدعاء المقاومة الفلسطينيّة إلى نوعٍ من المواجهة لكي يتمّ احتواءها والتنفيس من الغضب الفلسطيني في الشارع، هي تريد هبّة شعبيّة في أيّ شكلٍ من الأشكال. هي تريد إسماً، هي تريد "بوكس" للملاكمة في كلمات أبسط، هذا بالنسبة للأجهزة الأمنيّة. بالنسبة لـ "بن غفير" و" سموتريتش"، هذه هي فرصتهما وربما تكون فرصتهما الوحيدة التي يصلان بها إلى سدّة الحكم بالذات في ظلّ كلّ هذه التوتّرات. أحد أهمّ الكلمات التي كانا يردّدانها في حملتهما الانتخابيّة هي من شروط السيطرة، هم يريدنن السيطرة على (الضفّة الغربيّة)، على مناطق C، بالنسبة إلى "سموتريتش" تفريغ المناطق C من سكانها والسيطرة عليها وإعلان الضمّ، بالنسبة إليه هذا حلم حياته. بالنسبة لـ "بن غفير" السيطرة على كلّ البؤر التوراتيّة في المدن المُختلطة وفي (القدس) حتى وما إلى ذلك، هذا كذلك بالنسبة إليه حُلُم، فبالنسبة لهما الحلّ يكمُن في إشعال المنطقة. بالنسبة لـ "نتنياهو"، رغم كلّ هذه المعادلة هو لا يريد في أيّ شكل من الأشكال التصعيد لأنّه كما كنت قد ذكرت سابقاً، هنالك خمسة ملفّات من دون أدنى شك أسوأها الملفّ الأمني لكن بالنسبة إليه تصعيد صغير ومن ثمّ دخوله كنوع من المخلِّص ونوع من الرجل العقلاني، هذا السيناريو ممكن أن يساهم إليه في بعض الأرصدة السياسيّة </p>
<p>كمال خلف: إسمح لي، سأختُم مع الأُستاذ "أكرم عطا الله" لأنّ الوقت انتهى. أُستاذ "أكرم"، السيناريو المقبِل، إلى ماذا ستُفضي هذه الأزمة المُركّبة في (إسرائيل) في نهاية المطاف؟ </p>
<p>أكرم عطا الله: على كلّ الجوانب أعتقد ضمن الوقت المتاح أنّنا لن نذهب إلى تغيّر دراماتيكي خلال أيّام قليلة. الوضع المُتفجِّر فلسطينياً هو، بالأمس ستّة تمّ اغتيالهم في (جنين) والوضع لن يتفجّر في "رمضان"، بكلّ الظروف الوضع متفجِّر، وقبل هذا في الأسبوع الماضي عشرة أشخاص، وبالتالي الوضع متفجِّر باستمرار وليس هناك من داعٍ للانتظار. على الصعيد الإسرائيلي، واضح أنّ هناك حال اختناق وهناك مُشكلة، لا أفق للمعارضة لتقديم أيّ تنازل في هذا الموضوع. أنت تدرس كلّ الخارِطة في الائتلاف الحكومي وتشعُر كأنّ الأمور أُغلِقت. المصالِح لا تسمح، المصالِح والرغبات والمواقف لا تسمح بتقديم تنازُل. بالنسبة للمعارضة أيضاً، أنت تشعُر بأنه ليس هناك استعداد لتقديم أيّ تنازُل، لأنّ أيّ تنازُل وحلول وسط، الرئيس الإسرائيلي قدّم مشروعاً لم يلفت حتى نظر الحكومة والائتلاف نهائياً. لدى الائتلاف تفاصيل في هذا الموضوع وليس مستعدّاً للتنازل. بالتالي، نحن أمام إدامة للأزمة، ربّما تستغرق أسابيع أطول، ربما تستغرق وقتاً أطول. كيف ستُحلّ؟ يجب أن تدخُل على خطّ المُعارضة ربما قوى أكبر وأعتقد أنّ خطوط الأمن أشعلت الأضواء الحُمر </p>
<p>كمال خلف: سنتابع هذا الملفّ أُستاذ "أكرم" بطبيعة الأحوال. أشكرك أُستاذ "أكرم عطا الله" الكاتب السياسي من (لندن)، شكراً جزيلاً لك وعُذراً على المُقاطعة لأنّ وقتي انتهى. أُستاذ "إيهاب جبّارين" الخبير في الشؤون الإسرائيليّة من (حيفا) شمال (فلسطين) شكراً جزيلاً لك. دكتور "فادي نحّاس" الباحث في شؤون الأمن القومي الإسرائيلي من (ترشيحا) أيضاً شكراً جزيلاً. مُشاهدينا "لعبة الأُمم" انتهت، شكراً للمتابعة وإلى اللقاء.</p>
<p> </p>
<p> </p>
<p> </p>
<p> </p>
<p> </p>