الكاتبة والممثلة منى طايع
لم تظهر على الإعلام المرئي منذ 20 سنة ولديها الكثير لتقوله عن الإعلام والدراما والشهرة، منى طايع الممثلة والكاتبة الدرامية مع الشاعر والإعلامي زاهي وهبي في مقابلة ضمن برنامج بيت القصيد تكشف عن الوجه الآخر لواحدة من أشهر كتاب الدراما اللبنانية.
نص الحلقة
<p> </p>
<p>المحور الأول</p>
<p>زاهي وهبي: مساء الخير. مُبدعةٌ لبنانيّةٌ مُثقّفة قدّمت أعمالاً رسخت في ذاكرة الدراما التلفزيونيّة، تناولت أموراً اجتماعيّة وإنسانيّة، انحازت إلى جانب بنات جنسها وسلّطت الضوء أحياناً على قضايا المرأة وعلى كفاحها المرير في سبيل حقوقها المشروعة. كتبت في الكوميديا والتراجيديا وأثْرَت الشاشة اللبنانيّة بأعمالٍ نأت فيها عن الاقتباس والتتريك وتعاونت مع نخبة لامعة من الممثّلين على اختلاف أجيالهم. "بيت القصيد"، بيت المبدعين العرب يُسعَد بحضور الكاتبة والممثلة والمنتِجة والمُخرجة أحياناً السيّدة "منى طايع"، أهلاً وسهلاً</p>
<p>منى طايع: شكراً حبيبي، Thank You. أشكرك على استضافتي، شرف لي أن أكون معك </p>
<p>زاهي وهبي: نتشرّف. أعلم أنّ إطلالاتكِ قليلة جداً وسنتحدّث عن هذه النُقطة بعد قليل، لكن أولاً في رأيكِ، ما هي ميزات الدراما اللبنانية وما هي المآخذ على المسلسلات اللبنانية بالمُجمَل؟ أعرف أنّ التعميم صعب </p>
<p>منى طايع: في الوقت الحالي نتحدّث؟ </p>
<p>زاهي وهبي: في الوقت الحالي نعم </p>
<p>منى طايع: مُشكلتنا في رأيي هي التسويق فقط. عندما الدراما اللبنانية، الدراما الـ Pure أو الصافية اللبنانية </p>
<p>زاهي وهبي: ليست مشتركة أو فيها نجوم عرب أو سوريون</p>
<p>منى طايع: نعم، مع الأسف لا تسوّق إلى الخارِج لكي نزيد الإنتاج قليلاً ونقوّيه، ومع التلفزيونات المحليّة مع الأسف، لا يمكن للمنتج أن يخسر، لا يُمكنك أن تقول للمنتج اخسر. على قدر ما يدفعون لنا سنقدّم أعمالاً</p>
<p>زاهي وهبي: ما سبب قلّة التسويق للمسلسلات اللبنانية الصرف، اللبنانية الخالصة؟ لماذا المنتج اللبناني في النتيجة وحضرتك منهم، لماذا لا يسوّق لهذه المسلسلات كما يلزم؟ </p>
<p>منى طايع: لا أدري لماذا، مثلاً لأنّ النجوم صناعة وتريد أن تصنع نجماً، لا أدري لماذا ركّزوا في تلفزيوناتنا على صناعة نجوم مطربين ولا يعملون على صناعة ممثلين نجوم لبنانيين؟ لا زالوا لغاية الآن في المسلسلات المشتركة يأتون بممثلين أبطال من (سوريا) أو من (مصر) ويكون الممثلون اللبنانيون درجة ثانية، لا يضعون نجوماً لبنانيين في العمل لكي يبيع </p>
<p>زاهي وهبي: لماذا استطعنا صناعة نجمات في الدراما اللبنانيّة، بمعنى سيّدات أو فتيات أصبحت لهنّ جماهيريّة واسعة في العالم العربي، بينما الممثلون الشباب الرجال، لا ننكر جماهيريّتهم ولكنّها أقلّ من النساء </p>
<p>منى طايع: لا أعلم إنْ كانوا يتّكلون على أنّ الممثلة اللبنانية حلوة فنأتي بها ونأتي بممثل في مقابلها سوري، أعني أكثرهم ممثلون سوريّون. لا أدري لماذا يعتمد المنتجون اللبنانيون هذا النهج، لا أفهم لماذا</p>
<p>زاهي وهبي: قد نرجع إلى هذه النقطة، لكن في نظركِ ككاتبة دراما ومنتجة للدراما والمسلسلات التلفزيونية، ما هي وظيفة الدراما في رأيك؟ لماذا نصنع مسلسلاً تلفزيونياً؟ </p>
<p>منى طايع: لا أريد توسيع المسألة كثيراً وأقول إنّ المسلسلات مرآة للمجتمع وتحلّ مشاكل، لأنها بصراحة للترفيه فقط </p>
<p>زاهي وهبي: للتسلية </p>
<p>منى طايع: تسلية، وإذا أوصلت رسالة عبرها يكون هذا شيء جيّد جداً، لكن في النتيجة الفنّ في رأيي للتسلية والمتعة </p>
<p>زاهي وهبي: فقط </p>
<p>منى طايع: ليبتعد المرء قليلاً عن واقعه، لهذا أنا ضدّ الدخول كثيراً في الواقع المأساوي لأنّ الناس يعيشون هذا الواقع، تعرفه وتسمعه على الأخبار كل يوم. أنا أطرح دائماً طبعاً رسائل </p>
<p>زاهي وهبي: هذا ما أردت أن أقوله، أنّكِ طرحتِ قضايا اجتماعيّة، طرحتِ قضايا لها علاقة بالمرأة، طرحتِ قضايا لها علاقة بالمُجتمع الذكوري، تناولتِ الحرب اللبنانية </p>
<p>منى طايع: صح، حتى التاريخ، اشتغلت في التاريخ أيضاً </p>
<p>زاهي وهبي: نعم، "وأشرقت الشمس"</p>
<p>منى طايع: لكنّي أُحب أن أغلّف كل أعمالي برومانسيّة، ضحكة، ابتسامة. أحب أثناء مشاهدة الناس للعمل ولو كان يشاهدون مشكلة اجتماعيّة، أن يشاهدونها باستمتاع، بمعنى يتسلّون </p>
<p>زاهي وهبي: طبيعي، من اللازم أن يتسلّى المشاهِد. عندما يجلس المشاهد يريد أن يتسلّى والفن هدفه تسليته، لكن أيضاً للعمل الفنّي مضمون </p>
<p>منى طايع: مثلما قلت لك، العمل يوجّه رسالة إجتماعية، أو الرسالة التي تريد أن توصِلها </p>
<p>زاهي وهبي: يؤخَذ أحياناً على الدراما اللبنانية في شكلٍ عام ابتعادها عن الواقع، بمعنى تشاهدين أحداثاً ونماذج وقصوراً وبيوتاً تُشبه شريحة من المُجتمع لكنّها لا تشبِه عموم المُجتمع </p>
<p>منى طايع: في مجملها، أجل. طبعاً هذا غلط ولا أعلم إنْ كان كل كتّابنا ارستقراطيين، أعني لم ندخل في عُمق المشكلة، إلى الأحياء الشعبيّة والفقيرة، ربما الكتّاب بعيدون عنها ولا أعلم، ربما صادف هذا الأمر لكن أنا شخصيّاً ربما هذه مسألة غريبة عليّ. أنا أطرحها طبعاً، وطرحت مشاكل الشباب الذين يريدون السفر ويحتاجون إلى جنسية في الخارج ويريدون الزواج من مواطنة في الخارج كي يحصلوا على الجنسية، أعني طرحت المشاكل التي أعرِف عنها في مُجتمعي، لكن ربما أن أتعمّق فيها أكثر، أنا ضدّ ذلك قليلاً. قلت لك، أنا مع أدخال القليل من الأحلام إلى الدراما الواقعيّة لأننا إنْ دخلنا في الواقع لن نحلّ شيئاً في النتيجة</p>
<p>زاهي وهبي: هل في شكلٍ عام، ربما هروب الكتّاب والمنتجين من الواقع، من "الواقع كما هو" الذي هو شعار "الميادين" على كلّ حال، هو هروب من الواقع الطائِفي، الواقع السياسي، التشظّي الموجود في المُجتمع اللبناني مذهبياً وطائفياً وحزبياً إلى آخره؟ </p>
<p>منى طايع: طبعاً، ثمة ممنوعات. حتى عندما كتبت آخر مسلسل "يا حبيبي اللدود" عن الحرب لم آتِ إلى سيرة أيّ حزب ولا مذهب ولا طائِفة، لأن مشكلتي هي أن أوصِل للشباب رسالة مفادها ألّا يلحقوا زعيماً من دون تفكير لأنّ في النتيجة كلّ زعيم ينفِّذ مصلحته، وفي النتيجة لا ندخل هكذا في حرب جديدة وفي مآسٍ جديدة</p>
<p>زاهي وهبي: أن نوصِل الفكرة الأساسية بمعزِل عن توثيق كيف كانت الحرب </p>
<p>منى طايع: "الواقع كما هو"، من أجل هذا "الميادين" إخبارية أكثر </p>
<p>زاهي وهبي: أيضاً صعب أن تتناولي الحرب ولا تتحدّثين عن الأطراف فيها بصريح العبارة، لكن ربما هذا عمل الوثائقيات أكثر من عمل الدراما. تنتجين نصوصكِ بنفسكِ "منى"</p>
<p>منى طايع: مؤخّراً </p>
<p>زاهي وهبي: أجل مؤخّراً، كم منحكِ هذا حريّة في اختيار الموضوعات؟ لأننا أحياناً نشعُر بأنّ المنتج اليوم أو المموّل يُملي علينا ما يُريده </p>
<p>منى طايع: ليس في اختيار الموضوعات، عندي القليل من الحريّة في الإنتاج. حتى عندما أنتجنا مع غير شركة "طايع"، مع منتجين آخرين، ولا مرّة أحدهم تعارض معي في المواضيع التي أريد أن أطرحها. أنا جريئة في طرح المواضيع خصوصاً عن المرأة وعن ثورة المرأة وتمرّدها على قوانين وعلى تقاليد. ولا مرّة، لكن في الإنتاج قليلاً تكون لديّ حريّة. الشركة في النتيجة لإبن عمّي أكثر مما هي لي، أنا منتجة بالإسم </p>
<p>زاهي وهبي: منفِّذة </p>
<p>منى طايع: وحمّلت إبن عمّي القليل من الخسائِر التي لا يمكنني تحميلها إلى منتِج آخر، عرفت؟ هنا كان عندي القليل من الحرية لإغناء العمل في الإنتاج </p>
<p>زاهي وهبي: لكن في شكلٍ عام، اليوم ألا نشعُر أنّ المنتِج يختار ما يريده وليس ما يريده الكاتب وما يُريده المُخرِج؟ </p>
<p>منى طايع: أنا لا يحدث هذا معي لأنّ أصلاً لا أحد يعرِض عليّ وأكتُب، أنا أكتب ما يخطر في بالي. ربما تمضي سنتان من دون أن أكتُب وعندما أكتب أكتب موضوعي، مَن يريد أن يأخذه أهلاً وسهلاً. ولا مرّة فرضَ عليّ المنتِج أن أكتب موضوعاً معيّناً يريده. هذا يحدث إذا أنا والمنتج صرنا أصدقاء ويكون في الموضوع حديث </p>
<p>زاهي وهبي: أجل، إذا طُرِحت فكرة </p>
<p>منى طايع: وأحببتها. هذا غير أن تُفرَض عليّ كتابة الموضوع الذي يناسب المنتج، لا، لا أكتب هكذا </p>
<p>زاهي وهبي: حسناً. قبل أن أُتابع طرح الأسئِلة على حضرتكِ نذهب برفقتكِ ورفقة زميلتنا "عادة صالِح" إلى مدينة (جبيل)، هذه المدينة اللبنانية الجميلة، مدينتك، نشاهدكِ ونسمعكِ ثمّ نعود </p>
<p>قطع وصل - منى طايع:</p>
<p>- لا أحب أن أُجري مقبلات للتلفزيون، هذه أوّل مقابلة منذ عشرين سنة. أعرف معزّة "زاهي وهبي" عندي </p>
<p>- علاقتي بـ (جبيل) كلّها وليس في بحرها فقط. طبعاً طفولتي هنا، غير أنّها مدينة حلوة جداً وتاريخية وأثريّة، كلّ ذكرياتي هنا منذ طفولتي لحدّ المراهقة </p>
<p>- كنت أكره المدرسة، أكرهها، مع أنني كنت محبوبة من التلاميذ والأساتذة، غيّرت مدرستين وكلاهما في (جبيل). أنا فنانة في النتيجة، كلّ الأشياء التي تلزمني بوقت مُحدّد وواجبات معيّنة مفروضة عليّ أكرهها، وما زلت لغاية الآن </p>
<p>- والدي كان يكتب الشعر الزجلي وجدّي لأُمّي كان يكتب حتى مسرحيات وشِعراً، كان جدّي معروفاً في منطقته. كانت أمّي تعلِّم في الناحية الشماليّة فكتب لها جدّي:</p>
<p>يا رايحة عـ المدرسة تا تعلّمي رموش عينِك بـ فؤاديّ معلِّمة </p>
<p>كلّ ما نسمة هوا مالِت عــ الشمال بقلّهن على محبوب قلبي سلّمي</p>
<p>- كان صوت الماما حلواً وكانت تُحبّ أن تُغنّي عتابا وميجانا وكانت تغنّي لنا "يا نور حبُّكِ"، "آمنت بالله" تلك الأغاني التي كانت مشهورة في طفولتها</p>
<p>- كلاهما توفيا وصارا في العدم في رأيي. عندما يموت الجسد خلص يفنى الإنسان، يصبح تراباً. هما في ماذا يبقيان؟ يبقيان في ذكرياتنا وفي محبّتنا وفي قلوبنا، لكن هما في الواقع لم يعودا موجودين، إنسانان لم يعودا موجودين</p>
<p>- كان قراري ألاّ أُنجب أولاداً مثلما قال "أبو العلاء المُعرّي": هذا ما جناه أبي عليّ وما جنيته على أحد". فأنا هذا ما جناه أبي عليّ ولم أرضَ أن أجني على أحد </p>
<p>- قادر النصّ اللبناني على المنافسة مع أنّه مع الأسف، أغلب منتجينا في نصوصهم يذهبون نحو نصوص غير لبنانية مثل "الصبّاح"، مثل "إيغل فيلم"، لكنّهم طبعاً نجحوا كلّهم. "كلوديا" نجحت كثيراً في الخارج و"عشق النساء" لي نجح كثيراً أيضاً. طبعاً، عندما تقول إنّ الكتّاب غير اللبنانيين أهمّ منّا اعتبر ما قلته إهانة لي، أكيد ليسوا أهمّ منّا، بل أنا عندي الكثير من الملاحظات على كثير من المسلسلات كتبها مصريون أو سوريون، كان ممكن أن تكون هذه المسلسلات أحلى من هكذا</p>
<p>زاهي وهبي: سأرجع إلى بعض النقاط التي أثرتِها. أولاً أشكركِ على ثقتك وأن تكون أوّل إطلالة لك بعد عشرين سنة معي في "بيت القصيد". لماذا انتِ مُقلّة؟ لماذا بخيلة إلى هذا الحد في إطلالاتكِ الإعلامية؟</p>
<p>منى طايع: أولاً مثلما قلت لك، مقلّة على التلفزيون أكثر. قلت لك أنّي لم أُحب الشُهرة، أُفضِّل أن يُتداول بإسمي من دون أن يعرف الناس وجهي. ثانياً أيضاً، أنا صريحة جداً وما أُفكِّر به أقوله، تمرّدي وصوتي وكلّه، وأحيانا كانوا يرفعون عليّ دعوى </p>
<p>زاهي وهبي: رُفِعَت عليكِ دعوى، أعلم ذلك</p>
<p>منى طايع: كذا دعوى، لأنّي قرّرت أنني لا أريد أن أُجري مقابلات. ما أريد أن أقوله أكتبه في نصوصي ولم يعد هناك لزوم لإجراء مقابلات</p>
<p>زاهي وهبي: ماذا صار في الدعاوى التي رُفِعت عليك؟ </p>
<p>منى طايع: لم أكمل بها وتصالحنا، لكن دائماً هناك مشاكل</p>
<p>زاهي وهبي: على كل حال لا نريد أن نتسبّب هذه الليلة في مشاكل وندخُل في قضايا، من الجيِّد أنّكِ تصالحتِ مع الذين رفعوا دعاوى عليكِ من زملاء سواء منتجين أو مُخرجين، أنا أعلم مَن. مثلما قلت، كنتِ في فترة من الفترات ممثلة معروفة وتطلّين أحياناً، آخر مرّة ربما </p>
<p>منى طايع: مع "جورج خبّاز" </p>
<p>زاهي وهبي: نعم. لماذا لم تحبّي الكاميرا وأن تكوني معروفة في الشكل؟ اخترتِ أن تُعرفي فقط في الإسم </p>
<p>منى طايع: لأنّي لست اجتماعيّة كثيراً. كما تعلم، أنا أحب خصوصيّتي كثيراً. إذا كنت أتناول العشاء مع أحدهم لا أُحب أن يأتي إليّ الناس ويتحدّثون معي أو يسألونني أسئلة أو يتصوّروا معي. هذه الأشياء كانت تزعجني كثيراً ولا يمكنني أن أبخع الناس، يعني انزعجت من هذا الموضوع </p>
<p>زاهي وهبي: الشهرة لها مستلزمات، ثمة واجبات على الإنسان المشهور عليه أن يتحمّلها </p>
<p>منى طايع: وأن يتحمّل كل مزاجيات الناس وكل مستويات الناس وأنا فضّلت أن أطلع من هذا، هذا غير أن في التمثيل بالذات كانت تُعرَض عليّ نصوص لا أكون عن جدّ مقتنعة بها. أحياناً أغيب لسنتين، فقرّرت ألّا أكون وراء الكاميرا، وأنا كاتبة، وألّا أمثِّل دوراً أنا غير مقتنعة به </p>
<p>زاهي وهبي: كم الكتابة تمنحك طاقة إيجابيّة أو كم تمنحكِ شعوراً بالرضا أو الاكتفاء؟ </p>
<p>منى طايع: فعلاً طبعاً، في الكتابة أمثّل كل الشخصيات وليس فقط شخصيّتي، في الكتابة أُعبِّر عمّا أحسّ به وعمّا أُفكِّر به، هذا يختلف عن أن تستعير أفكار ومشاعر كاتب آخر</p>
<p>زاهي وهبي: حضرتكِ درستِ الإخراج والتمثيل في معهد الفنون ولم تُكملي، ولكن سؤالي هو، ما الذي أخذكِ إلى عالم الكتابة؟ هل تأثّرتِ بكتّاب مُعيّنين؟ هل أُعجِبتِ بكتّاب معيّنين؟ ما الذي أحضركِ إلى هذا العالم؟ </p>
<p>منى طايع: مثلما قلت في الربورتاج، كان والدي كاتب شعر زجلي وكان جدّي يكتب مسرحيات وكان أديباً، هؤلاء يسمّونهم شعراء الاغتراب</p>
<p>زاهي وهبي: نعم، شعراء المهجر أو كتّاب المهجر </p>
<p>منى طايع: منذ أن كنت صغيرة كنت أكتب، لم يقل لي أحد، منذ أن كنت صغيرة كنت أتّجه إلى الكتابة وأكتُب قصصاً أحياناً وأكتب وجدانيّات، منذ أن كنت صغيرة. الموهبة تُخلَق مع الإنسان، أنت كاتب وشاعِر كبير وتعرِف </p>
<p>زاهي وهبي: كتاباتكِ التي لها علاقة بالمرأة وانحيازكِ لقضايا المرأة كم لها علاقة بواقعكِ الشخصي؟ كم فيها من تجربتك الشخصيّة، من تمرّدكِ، من خياراتكِ التي لم تكن دائِماً تعجب أهلك، كم لها صلة بما تكتبين؟ </p>
<p>منى طايع: أنا أيضاً ولِدت متمرّدة ولا أعرف لماذا، مع أنّي لم أنشأ في بيئة مُحافِظة جداً. لكن مهما كان، الصبي غير البنت ومنذ أن كنت صغيرة أعي ذلك. لماذا مطلوب منّي أن أرتّب سريري وغير مطلوب ذلك من أخي؟ لماذا مطلوب منّي أن أشتغل في البيت وغير مطلوب ذلك من أخي؟ لماذا مسموح لأخي أن يخرج وأنا ممنوعة من الخروج؟ </p>
<p>زاهي وهبي: كانت هذه الأسئِلة تدور دائِماً في رأسكِ </p>
<p>منى طايع: كان عندي تمرُّد عليها ولا أقبل بها، وطبعاً جسّدتها في كتاباتي. أول كتاباتي "عصر الحريم" في بداياتي، كان عمري تسع عشرة سنة والكلّ يتحدّثون عن هذا الموضوع. حتى في الإرث، الشاب مميّز دائماً عن البنت عندنا وفي المشاوير، أعني تقاليدنا كلّها على حساب المرأة </p>
<p>زاهي وهبي: أيمكننا القول هنا إنّ التشدّد أو الكبت يؤدّي أحياناً إلى نتيجة معاكِسة من المُراد منه؟ </p>
<p>منى طايع: طبعاً</p>
<p>زاهي وهبي: بمعنى، يظنّ الأهل أنه شيء صحيح أن يُحدِثوا هذا الضغط على أولادهم، لكن تكون النتيجة عكس ما يريدونه </p>
<p>منى طايع: طبعاً غلط كثيراً، في النتيجة كم ستكبت الإنسان؟ سيفجِّر الكبت ما فيه. أنت تجعله يُفجِّر تمرّداً وثورة على شيء ضدّ إحساسه وضدّ طبيعته، ضدّ ما يُفكِّر به وما يشعُر به </p>
<p>زاهي وهبي: هناك نظريّات كثيرة حول ازدواجيّة الرجل العربي أو الشرقي وخصوصاً المثقّف، هناك كتب تبحث في هذا المجال </p>
<p>منى طايع: وأنا طرحتها في "عصر الحريم"، دكتور الجامعة الذي يعتبر نفسه متحرّراً ومن المفترض أنّه مثقّف ودكتور يعلِّم في الجامعة لكنه لم بتقبّل أنّ عند زوجته علاقة قبل الزواج، حاول أن يظهر كأنّ الأمر غير مهم لكنه عاد في النهاية </p>
<p>زاهي وهبي: حينما حان أوان الحقيقة عاد إلى الرواسب والأشياء التي يحملها معه. كم هذه الازدواجيّة تؤدّي فعلاً أحياناً إلى نتائج </p>
<p>منى طايع: مشكلتي مع الرجل في الأساس، وفي كلّ علاقاتي كانت مشكلتي مع الرجل، لأنه يعرِف كيف أُفكِّر ويدّعي في البداية إمّا محبةً أو يريد علاقة معي ويُصدَم لاحقاً، لا يمكنه في النتيجة ألّا أن يظهر على حقيقته. كنت أُصدَم دائِماً منهم </p>
<p>زاهي وهبي: كيف تكتشفينهم؟ </p>
<p>منى طايع: في مواقف معيّنة، عندما تحتدم الأمور وتتطلّب موقفاً كبيراً يظهر على حقيقته </p>
<p>زاهي وهبي: هذا الشيء جعلكِ إلى اليوم ضدّ الارتباط؟ ضدّ الزواج؟ ضدّ المؤسّسة الزوجية؟ </p>
<p>منى طايع: لا، مسألة ضدّ الزواج قلتها في الربورتاج، لأنّي ما زلت أبحث عن الله ولا أريد أن أقول إنّني ملحِدة، ما زلت أبحث عن الله وأعتبر أن في الحياة الكثير من المآسي وأُفضّل ألا أُعرِّض أولادي لما تعرّضت له، أو الإنسان. الحياة مُرّة ولا عدل فيها، فيها ظلم، فيها خوف، في الحياة بشاعة كثيرة ولو خيّرتني كنت أُفضِّل ألّا أولَد في هذه الحياة </p>
<p>زاهي وهبي: أفّ، لهذه الدرجة؟ </p>
<p>منى طايع: أجل، إلى هذه الدرجة </p>
<p>زاهي وهبي: نتيجة خيبات شخصيّة، نتيجة واقع شخصي، أم نتيجة كل ما تعيشه البشرية والإنسانية؟ </p>
<p>منى طايع: العناوين الكبيرة في الحياة، عندي مُشكلة وجوديّة منذ أن كنت صغيرة. أين الإله، كيف الإله، لماذا هكذا؟ عندي مُشكلة، عندي تمرُّد على واقع مُعيّن </p>
<p>زاهي وهبي: لكن في الحياة أشياء كثيرة حلوة في نفس الوقت رغم كلّ مصاعبها، يستطيع الإنسان </p>
<p>منى طايع: لا تستحقّ. ثمة لحظات فرَح في الحياة تمرّ بها </p>
<p>زاهي وهبي: لحظات حبّ، لحظات فرح</p>
<p>منى طايع: أجل لربما يبدأ الحب يشتغل. ثمة لحظات فرح صغيرة تمرّ في الحياة لكن المآسي أكبر بكثير </p>
<p>زاهي وهبي: هل لهذا الشي علاقة بالطفولة؟ </p>
<p>منى طايع: لا لا، طفولتي عشتها في بيئة مريحة من كل النواحي، أهلي كانوا نسبياً جيّدين معنا في تنشئتهم ولم أنزعج في شكلٍ خاص؛ لا شيء يُبرّر كيف أنا أحسّ. ولِدت هكذا متمرِّدة وعندي مشكلة وجوديّة </p>
<p>زاهي وهبي: خلقةُ الله. حسناً، ما الذي يحفِّزكِ أو يُساعدكِ على الاستمرار، على الكتابة، على الحياة نفسها؟</p>
<p>منى طايع: أتذاكى على الحياة، أتسلّى بالتفاصيل الصغيرة التي تعطي فرحاً، كتاب حلو أحياناً، فيلم على التلفزيون، أُسلّي نفسي في التفاصيل الصغيرة، في جلسة مع الأصحاب، هذا ما أُحبّه </p>
<p>زاهي وهبي: ما الذي تحبّين قراءته أكثر؟ </p>
<p>منى طايع: الاجتماعي والتاريخي </p>
<p>زاهي وهبي: ومَن تحبين رؤيته على الشاشة إذا شاهدتِ إسمه سواء ممثل أو كاتب أو ممثلة أو كاتبة أو مُخرجة؟ </p>
<p>منى طايع: ليتك تحّدد لي، كثيرون </p>
<p>زاهي وهبي: مثلاً، نحن نعطي أمثلة </p>
<p>منى طايع: أشاهد سياسي كثيراً أيضاً، ليتك تحدّد لي السؤال أكثر. أشاهد تلفزيون، مسلسلات وأفلاماً وأحب الأفلام أكثر، أحب الكوميديا sitcoms، مقابلات مع كتّاب أو فنّانين، هذا شيء يهمّني أيضاً</p>
<p>زاهي وهبي: سنحدّد السؤال أكثر ولكن بعد أن نسمعكِ في رأي صغير ونتوقّف مع استراحة ثمّ نتابع "بيت القصيد" </p>
<p>رأي - منى طايع:</p>
<p>- كلهم يقولون لي: كيف تكتبين؟ كيف تستطيعين أن تجمعي كلّ هذه الأحداث والشخصيّات؟ فأقول لهم: شغلكم لا أجيد القيام به وأنا شغلي سهل بالنسبة لي. طبعاً لا شيء يأتي بسهولة </p>
<p>- ممكن أن أمكث سنة وأنا لي الآن سنتين أو ثلاث لم أكتب شيئاً، لم أتمكّن من الكتابة. لا يمكنني أن أكتب على الطلب، أنا مزاجيّة كثيراً في كتاباتي</p>
<p>- ممكن أن أمكث سنتين أو ثلاث بدون أن أكتب وربما لوقت أطول، عندما يأتيني شيء أرغب في كتابته أكتبه لكن حينها لا أجد أشياء كثيرة لأكتبها </p>
<p>- الكاتب هو مَن يُقرّر المصائِر، هو مَن يُحدّد مصير الإنسان وتوجّهاته ومشاكله وإسمه ولونه، ليس من السهل أن تكون عندكِ حريّة تقرير مصير أيّ شخصيّة، قد تقتلينها، قد تحب، قد يخونونها، كل هذه المشاكل </p>
<p>المحور الثاني</p>
<p> تتمة قطع وصل - منى طايع: </p>
<p>- لا لا، أنت غير طبيعية، عن جد لستِ طبيعيّة. أجل في الجامعة كما تعلمين، في أيّام الحرب كانت كل الأحزاب التي نحن ضدّها تعشعش في الجامعات، فكانوا يلاقونني وأنا اضطررت لترك الجامعة في السنة الثالثة جرّاء مُضايقة أحد الأحزاب. لأقول لك بصراحة، أنا كنت لا أسكت أيضاً وأُريد أن أقول رأيي، فدفعت ثمن ذلك </p>
<p>- عدت منذ 25 سنة إلى (لبنان) وكدت أن أموت في الحرب، لكنّى عدت وكنت قد قرّرت أنّ هذا هو البلد الذي أريد أن أعيش فيه، وفعلاً لم أندم إلا منذ سنة. كنت أقول، سأُطفئ التلفزيون ولا أشاهد الأخبار ولا أعرف ماذا يحدُث، وها نحن نعيش. لكن الآن نلمس أنّ حقوق الإنسان لا تصلنا، لا أعلم إلى أين أوصلونا. نحن فخورون جداً بأنفسنا ومثقّفون جداً، لا يمكنهم أن يفعلوا بنا هذا ويجعلوننا نعيش في عصرٍ بدائي، لا يمكنهم أن يفعلوا هذا بنا</p>
<p>زاهي وهبي: أكيد لا يمكنهم أن يفعلوا هذا بنا وليس من حقّهم أن يفعلوا هذا بنا. حاولتِ أن تعيشي خارج (لبنان)، سافرتِ فترة، لكن كأّنكِ لا تستطيعين العيش خارِج (لبنان) </p>
<p>منى طايع: لا </p>
<p>زاهي وهبي: لماذا؟ رغم كلّ مشاكلنا وأزماتنا </p>
<p>منى طايع: حتى عندما رجعت بعد أربع سنوات كنت أقول لأُختي: "مشتاقة للحُفَر الموجودة على الطرقات". عن قناعة اكتشفت أنّ هذا البلد الذي أريد أن أعيش فيه، عشت في الخارِج مع مُجتمعات، حتى الرجُل اللبناني مع كل مشاكله أُفضّله على الرجُل الأجنبي، لكن منذ حوالى سنة ندمت بسبب ما يحدث </p>
<p>زاهي وهبي: بسبب حجم الانهيار وحجم الأزمات التي نعيشها، لكن ما هو السرّ؟ ألاحظ أنّ مُعظم اللبنانيين مهما هاجروا ومهما تغرّبوا يظلّون معلّقين بـ (لبنان)، خصوصاً الذين عندهم نَفَس إبداعي فنّي وأدبي تجدين علاقتهم أقوى أيضاً. نتحدّث عن الفنّ الحقيقي والأدب الحقيقي ولا نتحدّث كيفما كان </p>
<p>منى طايع: لأنّ اللبنانيين طبعاً حسّاسون، أحاسيسهم تكون أقوى بالأرض بالشجر بالتراب بالذكريات بالطفولة بالأصدقاء، وفي النتيجة هذا هو الوطن، هذا هو البلد. لكن الآن كرهته، لا أعلم أن كنتم ستزيلون ما قلته على المونتاج </p>
<p>زاهي وهبي: لا لن نزيل شيئاً </p>
<p>منى طايع: مثل العاهرة التي يعرِف المرء أنّها أبداً ليست جيّدة لكنه خلص مغروم ومتعلِّق بها، هكذا البلد صار بالنسبة لي </p>
<p>زاهي وهبي: أف، أليس قاسياً هذا الانطباع؟ عفواً، هناك فرق بين الطبقة السياسية والسُلطة، وبين البلد </p>
<p>منى طايع: كان كذلك منذ حوالى السنتين عندما لم يكونوا قد دخلوا في حياتنا اليوميّة، الآن دخلوا ونتيجة أفعالهم نعيشها في حياتنا اليوميّة. أعني عن جدّ أرجعونا إلى لا أدري ما هو، لا كهرباء ولا مياه ولا دواء ولا إلى آخره. لا لا، غير مسموح ما يحدُث ولا يستوعبه العقل</p>
<p>زاهي وهبي: على كلّ حال، موضوع الأزمة والانهيار الحاصل يُحكى فيه لساعات في البرامج السياسية والاجتماعيّة</p>
<p>منى طايع: من دون أن ندخل في السياسة </p>
<p>زاهي وهبي: ويصبح الحوار في مكان آخر</p>
<p>منى طايع: دعنا بما هو حلو، بالجمال والإبداع </p>
<p>زاهي وهبي: ما هو أحلى شيء في البلد؟ أريد أن أسمع منكِ، إذا تحبّين (لبنان) ما هو الذي تحبّينه فيه؟ لماذا تُحبّينه؟ </p>
<p>منى طايع: أحبّ كيف نحب الحياة وكيف نحبّ حتى المَظاهِر والأشياء الموجودة عندنا، الأكل الطيّب، اللقمة الطيّبة، الكأس الحلو مع الأصحاب، الطقس والمناخ، كل شيء حلو في (لبنان). أبعد (لبنان) عن السياسة ونتائِجها كل شيء حلو في هذا البلد. الدفء بين البشر، الصداقة بين البشر</p>
<p>زاهي وهبي: العلاقات الإنسانية </p>
<p>منى طايع: أكيد، هذه لا تجدها في الخارِج. ثمّة سحر خاص في هذا البلد ليس موجوداً في أيّ بلد في العالم </p>
<p>زاهي وهبي: على كل حال نتمنّى أن نتجاوز الأزمة وأن تطغى الإيجابيات في يومٍ ما. حضرتكِ قلت إنّك غير اجتماعيّة، لكنك تكتبين عن مُجتمع لا تختلطين كثيراً به. كيف تلتقطين مفارقاته؟ كيف تلتقطين الشخصيات التي ترسمينها طالما أنتِ لأنّكِ لم تخوضي التجربة </p>
<p>منى طايع: أحينا يسألونني: "كيف تعرفين في العلاقات الزوجية"؟ لكن كما تعلم، مع الخبرة والتجربة والقراءات والأصحاب وتجاربهم أيضاً ألتقط الأشياء، ولأنّ عندي ثمة حساسية ولأنّ عند الكاتب الحشريّة أيضاَ، عندي حشريّة للتعرُّف على الأشياء وعلى الناس والأشخاص والمشاكل، عندي هذه الحشريّة وأيضاً عندي الوعي</p>
<p>زاهي وهبي: كم الحشريّة ضروريّة للكاتب أساساً؟ أو الفضول، أليس كذلك؟ </p>
<p>منى طايع: طبعاً، عليك أن تعرِف في كل شيء، عليك أن تمتلك حشريّة التعرُّف على كل المواضيع في كل المجالات لأنّك تكتب عن كل شيء </p>
<p>زاهي وهبي: في هذه الحال عينكِ مثل كاميرا، ترصد كل شيء يدور حولها </p>
<p>منى طايع: صحيح </p>
<p>زاهي وهبي: الآن ترصدين </p>
<p>منى طايع: أنا اجتماعية ولست غير اجتماعية، أُحبّ العزلة، أعيش لوحدي ولا يمكنني أن أعيش مع أحد، لكن في نفس الوقت أريد أن أرى الناس كل يوم، إما أستقبل أناساً عندي في بيتي أو عليّ أن أخرج وأرى الناس وأعود لاحقاً إلى عزلتي </p>
<p>زاهي وهبي: إذاً يمكننا أن نقول إنّكِ مبتعِدة ولكنكِ لست انطوائيّة أو لستِ متوحِّدة </p>
<p>منى طايع: لا على العكس، أُحبّ الناس كثيراً </p>
<p>زاهي وهبي: أتحبّين أن تذهبي لعندهم أكثر أو أن يأتوا لعندكِ أكثر؟ </p>
<p>منى طايع: أحب أن يأتوا لعندي كثيراً أيضاً، دائماً عندي أناس </p>
<p>زاهي وهبي: مضيافة </p>
<p>منى طايع: أجل مضيافة</p>
<p>زاهي وهبي: دعينا نسمع رأياً في هذه الحال عن حضرتك من الكاتبة والناقدة "جوزفين حبشي"، نسمع ما تقوله ثم نعود </p>
<p>كلام يوصل – الكاتبة والناقدة جوزفين حبشي: </p>
<p>- "منى طايع" وكيف تعرّفنا على بعضنا، في طريقة مهضومة جداً، من دون أن أتعرّف عليها تعرّفت عليها. أنا عادةً كثيراً في مجال السينما لكن أكيد أُتابع دراما تلفزيونيّة، وكنت أُلاحظ وجود مسلسلات جديدة أشاهدها بشغف، وكلّما تُعرَض من جديد أعود لمشاهدة هذه المسلسلات. أعني إذا أعيد عرض مسلسل عشر مرّات أعود لمشاهدة المسلسل كاملاً من أول إلى آخر حلقة دائماً في العروض المُعادة سواء أعمال دراميّة أو كوميدية، مسلسلات معيّنة أشاهدها، وإذ بي أكتشف أن العامل المشترك بين كل هذه المُسلسلات هي الكاتبة "منى طايع". فقلت، إذا هذه الكاتبة تشدّني إلى هذا الحدّ وإلى هذا الحد أُحب العمل، إذاً أكيد هي كاتبة مُختلفة. منذ ذاك الوقت صارت هي الكاتبة المفضّلة عندي حتى قبل أن ألتقيها شخصياً </p>
<p>- ما يميّز شغل "منى" قصص كثيرة. سواء في كتاباتها الدرامية أو الكوميديّة عند "منى" عُمق، وأهمّ شيء أجده هو أنّ "منى" مؤلِّفة، تبتكر القصّة. "منى" لا تقتبس، ولا أريد أكيد أن أُجامل، لكن الكثير من الناس يستوحون. مسلسل كتبته "منى طايع" غير ممكن أن تكوني قد قرأتِه في كتاب أو شاهدتِ شيئاً يشبهه في فيلم، دائماً عند "منى" ابتكار في شغلها من صميم واقعنا، يشبهنا، مع العلم أنّ مَن يعرِف "منى" شخصياً، هي مهضومة لكن أثناء مجالستها ليس أنها تحكي نكات وأنها لذيذة وضحك كل الوقت، تقولين عنها شخصاً جدّياً، بينما هي تكتب كوميديا أهم كاتب يكتب كوميديا لا يستطيع أن يكتب مثلها ويُضحكك مثلها. في نفس الوقت في الدراما لا أحد يلامسك مثلها في دواخلك، بمعنى كلّه مع "منى" تشعرين بأنه يشبهكِ، هذا ما يُميّزها </p>
<p>- تحترم نصّها كثيراً وتحبّه، كثيراً ما لا تقبل أن تفرِّط في نصّها، هذا الشيء ممكن أن يخلق لها مشاكل مع المنتجين أو المُخرجين لأنّ "منى" حاضرة دائماً لمتابعة النصّ وأنا معها في هذه المسألة مئة في المئة. كل شخص يكتُب يعلم كم يكون النصّ غالياً. هذا الشيء أحبّه كثيراً عند "منى" وأقول لها: "لا تتغيّري"</p>
<p>- "منى" أنا أعلم الآن إنّك لستِ في مزاج الكتابة مع أنّ عندك شيء جاهز، لكن نحن مررنا في البلد بمرحلة السابع عشر من تشرين الأول 2019 وثورة ووضع متعب علينا كلّنا. هذا الشيء يُمكن أن يُخرِج من الإنسان قصصاً كثيرة، المعاناة تُفجِّر قصصاً</p>
<p>- "منى" Please، على بالنا مسلسل عن جدّ يتحدّث عمّا مررنا به في شكلٍ مميّز لم يكتبه أحد من قبل، هيّا أرِنا همّتكِ</p>
<p>زاهي وهبي: حلو كثيراً ما قالته عنكِ "جوزفين حبشي" مع حفظ الألقاب، نُحيّيها </p>
<p>منى طايع: أشكرها، أجل حلو كثيراً ما قالته عنّي، شهادة حلوة من ناقدة مميّزة وكاتبة أيضاً، عندها فيلم سينمائي سيُعرَض قريباً </p>
<p>زاهي وهبي: كانت تكتب في "دليل النهار"، كنّا معاً </p>
<p>منى طايع: وكانت حتى كاتبة سينمائيّة أيضاً</p>
<p>زاهي وهبي: نعم، صحيح. ممكن أن تكتبي عملاً من وحي الواقع الذي نعيشه في (لبنان) جرّاء هذه الأزمة التي جعلتكِ تنفرين إلى هذا الحدّ من البلد وتكرهينه؟ </p>
<p>منى طايع: ممكن لكن ليس الآن، لأنّ هناك عجقة أشياء في رأسي، من ثورة 17 تشرين إلى المشاكل الاقتصادية المالية الاجتماعية الإنسانية و"كورونا"، كل هذه الأشياء مجتمعة ولا أعرِف بعد كيف سأجمعها أو ما الأشياء التي سأختارها منها</p>
<p>زاهي وهبي: حضرتكِ من نوع الكتّاب الذين يفضّلون وجود مسافة زمنية مع الحدث الذي ينوون الكتابة عنه؟</p>
<p>منى طايع: أحياناً لا، أحياناً يستفزّني الحدث فأكتبه بسرعة. أحياناً مثل الآن، الأمور ضاجّة بالمشاكل من كل الجهات</p>
<p>زاهي وهبي: كثُرت المشاكل، الكوكب كلّه يضجّ </p>
<p>منى طايع: بالضبط، كوكب الأرض كلّه جرّاء "كورونا" صار عنده مشاكل، وجاءت حرب (أوكرانيا) أيضاً. مشاكل كبيرة جداً بحيث لا تدري عن ماذا تكتب، لم تتّضح بعد الأشياء في رأسي حتى أكتبها </p>
<p>زاهي وهبي: أشارت "جوزفين حبشي" إلى علاقة الكاتب بالمُخرِج والمنتج </p>
<p>منى طايع: عندي هذه المشكلة بصراحة </p>
<p>زاهي وهبي: عندكِ هذه المشكلة في أيّ معنى؟ بمعنى أنّكِ لا تُحبّين أن يتدخّل المُخرج أو يأخذ النصّ حسب رؤيته الإخراجية؟ نحن نقرأ ونسمع عن شيء إسمه الرؤية الإخراجية. المخرج عنده رؤيته في أيّ عمل بين يديه </p>
<p>منى طايع: رؤية أنّه عندك هذا النصّ، كيف تريد أن توصله في طريقة حلوة للناس؟ وليس أن تُغيِّر في النصّ، وإلا أكتبه أنت. عندما أكتب يأتي المنتج أو المخرج، إماّ أن يحب النصّ ويريد تنفيذه كمُخرج أو كممثل أو كمنتج، أو لا يحبّه. أنا لا أعتبر أنّ نصّي مُنزَّل لكن عودوا لي، راجعوني وقولوا لي: عندنا هذه المشكلة هنا، وهنا نفضّل هذا، إذا اقتنعت بالتعديل أُغيِّر ونحن ياما نغيِّر. أحياناً ممثلون يقولون لي: ليتنا نقول هذا هنا فأقول لهم: حلوة قولوها إذا كانت ضمن النصّ. لستُ عنيدة كثيراً ولا أوافق بسبب عناد مني</p>
<p>زاهي وهبي: نأخذ ونعطي، المهم أن تحدث الأشياء بالحوار والنقاش </p>
<p>منى طايع: بالضبط </p>
<p>زاهي وهبي: وليس من دون معرفة الكاتب يأخذ المنتج أو المخرج النصّ إلى حيثما هو يريد </p>
<p>منى طايع: صحّ، هذه مشكلتي. هناك منتجون ومخرجون يحبّون أن يشتغلوا معي لكنّهم يخافون منّي من هذه الناحية، وأنا غير مستعدّة لأن أُغيِّر أو أتنازل</p>
<p>زاهي وهبي: في علاقة الكاتب مع المنتج أو المخرج توجد هذه النقطة. في علاقة الكاتب اليوم مع التقنيّات نفسها هناك أشياء تتغيّر. بمعنى، التلفزيون التقليدي الذي نشأ عليه جيلنا، اليوم اختلف الوضع. هناك منصّات منذ سنتين أو ثلاث إلى اليوم مثل "شاهد" و"نت فليكس" وهذه القضايا، كم تعتقدين أنّ هذه المنصّات ممكن أن تترك أثراً على طبيعة العمل نفسه، طبيعة الكتابة، حجم المسلسل أحياناً. كيف تجدين هذه المنصّات وكيف هي علاقتك معها. هل ممكن أن تكتبي أعمالاً لمستلزمات المنصّة؟ </p>
<p>منى طايع: طبعاً. أظنّ العكس، المنصّة إنتاجياً كل ما تتحدّث عنه حضرتك من مستلزمات، على العكس، تكون في خدمة النصّ وتوصله في الشكل الأفضل والأوسع والأغنى للناس. طبعاً لا مشكلة عندي</p>
<p>زاهي وهبي: نظرتكِ للاقتباس، اقتباس الأعمال وتحويلها إلى أعمال لبنانية سواء من التركي أو من غير التركي، من مسلسلات أجنبية ومن أفلام أجنبية، أحسّ كأنّكِ ضدّ هذه الفكرة </p>
<p>منى طايع: نعم، ضدّها لأنّها صارت قاعدة. إذا كتاب حلو، لأن الناس لا تقرأ، حلو أحياناً أن توصِل روايات لكتّاب كبار إلى التلفزيون في جعل الرواية متأقلمة مع الواقع اللبناني Adaptation، طبعاً أنا لست ضدّ هذا، لم أصل إلى هذه المرحلة لكنّي لستُ ضدّها. لكنها تُصبح قاعِدة، يستنسخون مثلاً فيلماً تركياً أو مسلسلاً تركياً لكنها أعمال مُدبلجة عُرِضت سابقاً، يحوّلون هذه الأعمال إلى اللبناني! لم أفهم ما هو الهدف من ذلك</p>
<p>زاهي وهبي: والأجزاء الطويلة من تسعين أو مئة وخمسين ومئة وستين حلقة </p>
<p>منى طايع: نعم، ولا أعلم ماذا يقصدون بهذا، هذه الأمور كلّها طبعاً تكون على حساب النصّ وعلى حساب إيقاع العمل والسرعة والبناء الدرامي وكل هذه الأشياء </p>
<p>زاهي وهبي: هل تُفكّرين في كتابة سيناريو من روايات لبنانية لأدباء معروفين؟ لروائيين؟ في لبنان مجموعة كبيرة من الروائيين نساءً ورجالاً </p>
<p>منى طايع: صحّ. أرغب في ذلك وأظلّ أقول أحياناً إنني عندما أتفرّغ أريد أن أبحث في الروايات لأنّ طبعاً هناك الكثير من الروائيين والروائيّات منهم لبنانيون ولبنانيات يستحقّون أن تتحوّل أو تُتَرجَم أعمالهم إلى مسلسلات </p>
<p>زاهي وهبي: مثلاً؟ اذكري لي إسم روائياً أو روائيّة </p>
<p>منى طايع: "نجوى بركات" مثلاً أُحب كتاباتها جداً</p>
<p>زاهي وهبي: وعندها نَفَس ساخر </p>
<p>منى طايع: نعم، كتاباتها حلوة كثيراً. عندها لغة حلوة في أسلوب المُضحِك المُبكي. كثيرون في الحقيقة لا يحضر إسمهم في رأسي، كثير من المُبدعات اللبنانيات والعرب مثل "نوال السعداوي" التي أُحبّ قصصها، "حنان الشيخ" أُحب قصصها، كثيرون للحقيقة لكن أسماءهم لا تحضر في بالي </p>
<p>زاهي وهبي: على سيرة الروايات والروائيّات، أعلم أنّك صرّحتِ قبلاً برأيك في مسلسل "ذاكرة الجسد" للسيّدة "أحلام مستغانمي" الروائيّة المعروفة، لم يكن المسلسل ناجحاً في رأيكِ </p>
<p>منى طايع: لا لم يكن ناجحاً</p>
<p>زاهي وهبي: لماذا؟ </p>
<p>منى طايع: لأنه أدخلنا في إيقاع بطيء، ربما لأننا أحببنا الرواية وخيالنا </p>
<p>زاهي وهبي: نعم، أحببنا الرواية </p>
<p>منى طايع: دخلت الرواية في خيالنا ووجداننا لكنّها تجسّدت في المسلسل في شكلٍ مغايِر، هذا بخلاف أنني أحسست بأنّ إيقاع المسلسل بطيء جداً </p>
<p>زاهي وهبي: دائماً نُلاحِظ سواء في الأفلام السينمائيّة أو في الأعمال التلفزيونيّة أنّ الروايات المكتوبة عندما نقرأها تظلّ أمتع. ربما تكون هناك استثناءات بسيطة، أن يكون الفيلم أقوى من الرواية ولكن عموماً </p>
<p>منى طايع: لأنّ خيال الإنسان يشتغل أثناء القراءة </p>
<p>زاهي وهبي: هنا السؤال، لأن كل قارئ ربما تأخذه المُخيّلة إلى مكان مُختلف عن القارئ الآخر </p>
<p>منى طايع: ويجد الواقع في الفيلم يختلف عمّا كان يتخيّله عند قراءة الرواية </p>
<p>زاهي وهبي: مسلسل "الهيبة" عندكِ ملاحظات عليه. وما أُلاحظه أنّك تقولين رأيكِ حتى لو كنتِ في نفس المهنة، أو إبنة الكار، عادة أبناء المهنة الواحدة يتجنّبون إعطاء رأيهم بصراحة في أعمال بعضهم البعض، لكن حضرتكِ تقولين رأيكِ </p>
<p>منى طايع: أقول صحيح، لكن ربما فهمت غلط. كان عرض المسلسل قد بدأ وفي أول ثلاث أو أربع حلقات اعترضت فقط على البطل الذي هو مُجرِم خارِج عن القانون. كُتِبَ دوره في شكل أن يصل كفارس الأحلام للصبايا، كأنّ ما تقوله هذه الشخصيّة هو قانون وهذا غلط، كأنّ ما يقوله قانون ومبادئ وشرف، بمعنى يصدر قوانين على حسابه. هذا فقط ما اعترضت عليه، على العكس كان المسلسل خصوصاً في أول جزء منه جيّداً جداً إخراجياً و</p>
<p>زاهي وهبي: يعني أفهم أن اعتراضكِ هو على تصوير شخصيّة المُهرِّب أو شخصيّة البلطجي </p>
<p>منى طايع: كشخصية مثالية </p>
<p>زاهي وهبي: نعم، تجعل الجمهور يحب هذه الشخصية ويتعّلق بها </p>
<p>منى طايع: بالضبط</p>
<p>زاهي وهبي: حضرتك مع أنّ الشخصيّة السلبيّة يجب أن تُكرَه من المشاهدين؟ علما أنّ الخير والشرّ مسألة نسبيّة أليس كذلك؟ </p>
<p>منى طايع: ولا مرّة كانت شخصيّاتي في كل مسلسلاتي مثالية أبداً. دائماً يحملون المنحيين مثل أيّ إنسان </p>
<p>زاهي وهبي: كل إنسان عنده منحى خير ومنحى شر</p>
<p>منى طايع: صحّ، عندي هذان المنحيان دائماً. لكن عندما يكون شرّيراً ومجرماً، في فكره مُجرم، يقوم بأفعال وتصرّفات مُجرمة وتسوّقونه على أساس أنّه رجل مثالي ورجل الأحلام، هذا ما أعترض عليه</p>
<p>زاهي وهبي: أيّ شخصيّات تستمتعين بكتابتها أكثر ورسم ملامحها؟ الشخصيّات الشرّيرة، السلبية، الشخصيات الإيجابية، الرومانسية. أيّ شخصيات أثناء كتابتكِ على الورق؟ </p>
<p>منى طايع: أحب الشخصيات الجدلية </p>
<p>زاهي وهبي: التي نسمّها مركّبة؟ </p>
<p>منى طايع: التي عليها جدل، هل نحبّها أو لا نُحبّها؟ صحّ أو غلط؟ عنده موقف جدلية، وهذه الشخصيات موجودة في كتاباتي. شخصيّاتي ليست المثال أو المجرم، شخصياتي دائماً جدليّة. تحبّها وتتعاطف معها ولو كل مواقفها أحياناً لا تقتنع بها </p>
<p>زاهي وهبي: مرجعكِ هو الحياة في الكتابة والشخصيّات، هو مشاهداتكِ وقراءاتكِ </p>
<p>منى طايع: أعلم ما في دواخلي من رومانسيّة، كل ما أكتبه أُحب أو أوصله بأسلوب رومانسي، أحب الرومانسيّة</p>
<p>زاهي وهبي: نعم، وعلاقتك مع الطبيعة جيّدة أعتقد، من سكنكِ في (ديك المِحدي) إلى علاقتك بمدينتك (جبيل)، واضح أنّ ثمة علاقة جميلة مع الطبيعة </p>
<p>منى طايع: لكن ليس الطبيعة لوحدها. أنا مثلاً في غابة لوحدي لا أُحبّ أن أكون. طبيعة مع الناس، أنا أُحبّ الناس كثيراً، هناك جمال في الناس أيضاً. الطبيعة مع الناس أحبّهما </p>
<p>زاهي وهبي: غريب، الانطباع عنكِ مُختلف</p>
<p>منى طايع: أرأيت؟ </p>
<p>زاهي وهبي: تعرفين أنّ الانطباع عنكِ مختلف </p>
<p>منى طايع: أسمعت ما قالته "جوزفين"؟ قالت "منى طايع" مهضومة وتكتب كوميدي، وأنا في الحياة جديّة دائماً </p>
<p>زاهي وهبي: هل أنتِ مسؤولة عن هذه الصورة التي تصل إلى الآخرين؟ </p>
<p>منى طايع: أنا لا أُمثِّل، أنا هكذا، طبيعتي هكذا، يقولون إنّ هذه العبسة هي عبسة آل "طايع"، معروفة. الذي يعرفني يعرِف أنني مرِحة مع أصحابي لكنّي بعيدة، من أجل هذا لم أُحب الشهرة </p>
<p>زاهي وهبي: ربما صراحتكِ ورأيكِ الذي تبدينه في شكلٍ مباشر يكون قاسياً أحياناً؟ </p>
<p>منى طايع: أجل طبعاً، صراحتي تؤثِّر عليّ </p>
<p>زاهي وهبي: هل خفّت هذه الصراحة مع الوقت، مع المشاكل، مع الدعاوى؟ </p>
<p>منى طايع: أجل، أُحاول أن أكون دبلوماسيّة أكثر </p>
<p>زاهي وهبي: قبل قليل قلتِ لي: حدّد لي السؤال أكثر". أنا أُحب أن أعرِف مَن هم الممثلات والممثّلين الأحبّ إلى نفسكِ؟ سألتكِ: مَن تحبّين أن تشاهدي أو ما ترغبين في مشاهدته على التلفزيون؟ مَن هم الممثلون والممثلات، سم أو عدّة أسماء قريبة إلى نفسك؟ إذا شاهدتهم على الشاشة عندما تقلبين المحطّات تتوقفين عن البحث؟</p>
<p>منى طايع: "رولا حمادة" </p>
<p>زاهي وهبي: طبعاً صديقتنا وحبيبة قلبنا "رولا"، من كبار الممثلات </p>
<p>منى طايع: فعلاً، "ورد الخال" أحبها، ممثلة جيّدة جداً والسهل المُمتنع موجود عندها. كثيرون للحقيقة </p>
<p>زاهي وهبي: ومن الشباب؟ </p>
<p>منى طايع: "رفيق علي أحمد"، "يورغو شلهوب" الذي هو من أهم ممثلينا، "جورج شلهوب"، "ألسي"، غير صداقتنا أحب رؤيتهم على التلفزيون </p>
<p>زاهي وهبي: كلّهم اشتغلوا في أعمالكِ </p>
<p>منى طايع: كلّهم اشتغلوا معي، وأنا عندما اخترتهم كان اختياري عن قناعة </p>
<p>زاهي وهبي: لا يُمكننا أن نعدّد حتى أسماء وعناوين المُسلسلات لضيق الوقت. كتبتِ للفنّانة والصديقة "كارول سماحة" إنّك مستعِدّة لكتابة عمل لها تعليقاً على الكليب الأخير لها أو ما قبل الأخير ربما لأنها قدّمت كليباً آخر بعده، لماذا مستعدّة للكتابة لـ "كارول سماحة"، ما الذي يلفتكِ في "كارول" كممثلة؟ </p>
<p>منى طايع: "كارول" أولاً إبنة المسرح وعندها حضور طاغٍ وعندها إحساس. شاهدت مسلسلات لها، وهي أكثر مُطربة تستحق أن تمثِل، هي و"هبة طوجي"، هبة خرّيجة Audio Visual و"كارول" مسرح، إذاً الممثلة موجودة عند كلتيهما. الممثلة ليست موجودة عند كل المُطربات</p>
<p>زاهي وهبي: تشعرين دائماً أنّ الذين يأتون من المسرح تكون العدّة والتقنيات عندهم مُختلفة، صحيح؟ </p>
<p>منى طايع: طبعاً، عندهم أدواتهم وعندهم العصب والإحساس والثقافة، الخلفية الثقافية </p>
<p>زاهي وهبي: رغم آراءك وصراحتكِ تجاه الممثلين تستعينين أحياناً بوجوه جديدة من دون تردّد ولا خوف </p>
<p>منى طايع: أجل </p>
<p>زاهي وهبي: رهانك على ماذا يكون؟ </p>
<p>منى طايع: كل نجوم اليوم كانوا وجوهاً جديدة في مسلسلاتي منذ عشرين سنة </p>
<p>زاهي وهبي: مثل </p>
<p>منى طايع: "نادين الراسي"، "يوسف الخال"، "ريتا برسونا"" كانت أدوارهم صغيرة لكنّهم ظهروا في أعمالي، "روان تحتوح" إبنة أُختي </p>
<p>زاهي وهبي: كان عندك رهان على إبنة أختكِ "روان" في أن تصبح نجمة</p>
<p>منى طايع: ابتعدت "روان" قليلاً للدراسة في الجامعة وعندما عادت اشتغلت معي في عملين وهي تزوّجت الآن واختصاصها مختلف. هي تُحب أن تُمثِّل أكثر معي، تحبّ التمثيل في نصوصي عندما تكون هناك نصوص، إذا اقتنعت بالدور </p>
<p>زاهي وهبي: أي لم تُعطِ كل حياتها للتمثيل </p>
<p>منى طايع: لا </p>
<p>زاهي وهبي: بالتالي صعب ربما أن تكون نجمة أولى في هذا المعنى. ممكن في عمل أو في عملين، أقصد إذا لم تكُن متفرِّغة </p>
<p>منى طايع: صحيح </p>
<p>زاهي وهبي: قياساً بالفترة الزمنيّة التي تكتبين وتشتغلين فيها في هذا المجال، أعمالكِ تُعتَبر قليلة أم كثيرة؟ </p>
<p>منى طايع: قليلة جداً </p>
<p>زاهي وهبي: لماذا؟ </p>
<p>منى طايع: لأنّي كما ذكرت مزاجية كثيراً في الكتابة، قد تمرّ سنتان أو ثلاث من دون أن أكتب إلى أن تأتيني فكرة تستفزّني وتبقى في رأسي لعدّة أشهُر حتى أبدأ في الكتابة، إذاً الكتابة تستغرق وقتاً. الكتابة كما يقولون إبنة اليأس أو الحزن، لكن أقل مشكلة تعترضني أو أي شيء خارجي يزعجني لا أعود أكتب، عليّ أن أكون مرتاحة كثيراً على وضعي</p>
<p>زاهي وهبي: هل عند حضرتك وقت معيّن أو طقوس معيّنة للكتابة؟</p>
<p>منى طايع: طبعاً أُحب أن أكتب في الليل لأنّي في النهار أكون كما قلت لك اجتماعيّة وأرغب في رؤية الناس وأصحابي. أكتب في الليل، أنام عند الفجر وأستيقظ بعد الظهر إلّا إذا كان هناك تصوير. في الليل كما تعلم تحسّ بتركيز عالٍ وتكون منسجماً مع نفسك ولا توجد ضوضاء حولك</p>
<p>زاهي وهبي: أيمتى ممكن أن نشاهد لكِ عملاً جديداً على الشاشة؟</p>
<p>منى طايع: عندي الآن عمل حاضر ويبدو أنه من اللازم أن نبدأ به، لكن قلت لك ماهي المشكلة. انتهينا من مشكلة "كورونا" والآن نحن في الأزمة ولا أدري كيف سنتعامل مادياً مع الممثّلين </p>
<p>زاهي وهبي: ربما المُشكلة الماديّة هي الأصعب لأننا مذ ولِدنا توجد مشاكل في بلدنا، إذا كنّا سننتظر إلى أن تُحلّ المشاكل حتى نكتب </p>
<p>منى طايع: لا تنسى أنّ جائِحة "كورونا" أبقتنا في البيت مدة سنتين، الكرة الأرضيّة كلّها مكثت في البيت. وعندنا مشكلة مادية، المشكلة المادية ليست مع شركة "طايع" بل كيف سنتعامل مع الناس بالمال إذا المصارِف لا تأخذ شيكات </p>
<p>زاهي وهبي: بناءً على أيّ سعر، بناءً على أيّ طريقة، هذا الموضوع مفهوم</p>
<p>منى طايع: ولأننا لا نبيع للخارج. هناك شركات تبيع للخارِج وهي شركات مرتاحة لوضعها</p>
<p>زاهي وهبي: ألم تفكّروا في محاولة إيجاد أسواق في الخارِج وأن تبيعوا للخارج؟</p>
<p>منى طايع: ما زلنا نحاول، المسألة صعبة قليلاً </p>
<p>زاهي وهبي: الشركات الكبيرة</p>
<p>منى طايع: طاغية وعندما تكون الدراما لبنانيّة خالصة وليست مُشتركة لا يحبّون شراءها كثيراً </p>
<p>زاهي وهبي: لماذا لا تستعينين للقيام بدراما مُشتركة؟ </p>
<p>منى طايع: قمنا بذلك في مسلسل "أمير الليل" ومشى الحال، استعنت من كل العالم العربي </p>
<p>زاهي وهبي: وخسرتِ </p>
<p>منى طايع: نعم خسِرنا مع الأسف </p>
<p>زاهي وهبي: مع احترامي لـ "رامي عيّاش" ونجوميّته، هو ليس سبب الخسارة </p>
<p>منى طايع: على العكس كان رائِعاً في العمل، لكن المسلسل لم يُسوّق جيّداً، لا أدري الغلط ممّن لكنه لم يُسوّق في الشكل اللازم </p>
<p>زاهي وهبي: عليك بإيجاد شركة تسويق شاطرة </p>
<p>منى طايع: صحيح، هكذا يلزم </p>
<p>زاهي وهبي: نوّرتِ "بيت القصيد" سيّدة "منى طايع" الكاتبة والمنتجة والصديقة </p>
<p>منى طايع: لا أصدّق أن المقابلة انتهت في شكلٍ سَلس لقدر ما كنت خائِفة، حلو كثيراً الحديث معك، مرّت والحمد لله </p>
<p>زاهي وهبي: وأنا أُكرّر امتناني أنك تظهرين بعد عشرين سنة في حوار تلفزيوني من خلال "بيت القصيد" </p>
<p>منى طايع: أكثر من عشرين سنة </p>
<p>زاهي وهبي: أكثر، ربع قرن؟ </p>
<p>منى طايع: لا تُكبّرني </p>
<p>زاهي وهبي: لا نريد أن تقول كم سنة. نوّرتِ وشرّفتِ، أهلاً وسهلاً</p>
<p>منى طايع: حبيبي، لي الشرف أنا أيضاً </p>
<p>زاهي وهبي: شكراً لفريق العمل والشُكر الأكبر دائماً لمُشاهدينا الكرام في كل أنحاء العالم. نلتقيكم الأُسبوع المقبل على خير بإذن الله.. </p>
<p> </p>