الياس جرادي - نائب في البرلمان اللبناني
بين دعوة الرئيس بري للحوار وجولة المبعوث الفرنسي في لبنان هل من آفاق للحلول؟ وماذا يقول النائب الياس جراده، طبيب العيون ابن بلدة ابل السقي الجنوبية عن تجربته بعد أكثر من عام على دخوله المعترك السياسي؟
نص الحلقة
<p> </p>
<p> </p>
<p>مشاهد:</p>
<p>الياس جرادي: نحن نرى انتخابات رئاسة الجمهورية ليست مسألة شخص، نحن ندعو إلى انتخاب حُكم بكل معنى الكلمة.</p>
<p>الدعوة التي أطلقها الأستاذ نبيه بري هي فرصة لمخارج آمنة للجميع.</p>
<p>رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري: الزميل الياس جرادي.</p>
<p>الياس جرادي: أنا مع إقامة علاقات دبلوماسية بين لبنان وسوريا، طبعًا يجب أن تكون هناك علاقات دبلوماسية حتى لو كانت هناك خلافات، على الأقل لتنظيم الخلاف.</p>
<p>المقاوم هو الشعب اللبناني، المقاوم هو الفلاح، هو المزارع، هو العامل، هو الجندي، هو كلّ مَن ينتمي إلى هذه الأرض هو مقاوم.</p>
<p>لبنان باقٍ وإلى الازدهار شاء مَن شاء وأبى مَن أبى والنصر صبرُ ساعة.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: بين دعوة الرئيس بري إلى الحوار وجولة المبعوث الفرنسي في لبنان هل من آفاقٍ للحلول؟ </p>
<p>طبيب العيون، إبن بلدة إبل السقي الجنوبية ماذا يقول عن تجربته بعد أكثر من عام على دخوله المُعترك السياسي؟</p>
<p>النائب في البرلمان اللبناني الدكتور الياس جرادي أهلًا بِكَ ضيفًا عزيزاً في برنامج بإيجاز، نوّرتنا.</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: أهلًا وسهلًا بكم، لي الشرف أن أكون معكم، وسلام لكلّ المشاهدين.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: أهلًا بِكَ دكتور أو تحب أن أُعرّفك الفلاح الدكتور النائب الياس جرادي؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: هم جميعًا، أنا قلت لهم بلحظةٍ من اللحظات دكتور رُقّي إلى رتبة فلاح قبل أن أكون نائبًا، طبعًا مازالت الشخصية والصفات الإنسانية التي يحملها الشخص هي الأساس. النيابة هي مُهمّة قد ارتضيت فيها لتحقيق أهداف وليس أن تكون هي الهدف بحدّ ذاتها.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: سنتحدّث عن ذلك لاحقًا عن تجربتك ودخولك المُعترك السياسي وهذه المسؤولية أيضًا. لكن نُريد أن نسبر وإيّاك أغوار المشهد اللبناني، قُدّمت مبادرة الرئيس بري للحوار في شهر أيلول على أنّها حرّكت في ساكن المشهد السياسي لاسيما بالنسبة للشغور في الرئاسة الأولى، رئاسة الجمهورية، وأنتم كان لديكم دكتور موقف إيجابي منها ومازلتم؟ ما الذي وجدتموه في هذه المبادرة التي اعتبرتم بأنّها ستكون مخرجًا آمنًا للجميع، لماذا؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: بالتأكيد، دعيني أضع بإيجاز قليلًا من المبادئ، بالتأكيد نحن مع الاحتكام للدستور والدستور هو يعلو ولا يُعلى عليه، نحن جماعة لا تحمينا إلا الدولة والمؤسّسات، خارج الدولة والمؤسّسات ليس لدينا وجود، أنا عندما أقول نحن يعني نحن ومَن يشبهنا، طبعًا هناك تطبيق الدستور ولو طبّقنا الدستور لما كُنّا قد ذهبنا للفراغ الرئاسي، للأسف ذهبنا للفراغ الرئاسي، لو طبّقنا الدستور هناك منهجية مُعيّنة والمفروض أن نذهب وننتخب وبدورات متتالية، هناك مشهد سياسي الكل مُشارك به، لنكن واضحين جدًا، ليس فئة مُعيّنة، لأنّ مَن قال سنُعطّل إذا جاء مُرشّحكم الكلّ مارسوه، الثلث المعطّل والانسحاب الكل مارسه، هناك جزء مارسه وجزء هدّد بممارسته أنه إنْ كان لديكم أكثرية نحن أيضًا سنُعطّل، الكل يتخاطبون بنفس اللهجة.</p>
<p>للأسف وصلنا إلى ما وصلنا إليه، وصلنا إلى مأزق سياسي، مَن يدفع الثمن غاليًا هو الوطن اللبناني والشعب اللبناني، والخسائر المُدوّية التي تحصل قد تكون خسائر لا رجعة منها، هناك خسائر وعبَّرت عنها أكثر من مرة، هناك خسائر بالمباشر يمكن تعويضها، الخسائر الاقتصادية والبنيوية الخ كلّه يُعوَّض، لا أدعو لهذه الخسائر ولكنها تُعوَّض، ولكن هناك خسائر لا تُعوَّض، هجرة الشباب والصبايا، فقدان الثقة والأمل، التغيير الديموغرافي الحاصل الخ... نحن في مخاضٍ كبير جدًا في قلب العاصفة، في قلب جهنّم ربما وليس العاصفة، فوصلنا إلى ما وصلنا إليه.</p>
<p>معنى ذلك أنّنا يجب أن نتحاور، معنى ذلك أنّ الدستور الذي ندعو لتطبيقه ونحن دُعاة حُماة الدستور وتطبيقه، الآن لا يُنجز ما نبغاه، معنى ذلك يجب أن تكون لدينا بالسياسة مخارج أخرى، هذه المخارج الأخرى الذي طُرحت نحن كُنّا نطرحها، أن نذهب إلى نقاش بمدّةٍ مُحدَّدة، موضوع مُحدَّد هو رئاسة الجمهورية التي هي ليست رئاسة الجمهورية كشخصٍ أو كانتخاب رئيس، الانتخاب هو مُقدّمة لأن نذهب إلى الدولة ومؤسّسات الدولة التي أصبحت مُترهِّلة بكل شيء وتتفرَّغ من كلّ شيء.</p>
<p>وإنّما بتنا نعرف جميعًا مَن يقول إنّ رئاسة الجمهورية موقعها مُهمّش ليس صحيحًا، مازال لديها مكانتها وتأثيرها، والدليل على ذلك ما نراه حاليًا، هي مدخل لكل شيء.</p>
<p>معنى ذلك أنه علينا أن نضع حلولًا والتفكير من خارج الصندوق، وهذا هو الذي نتّبعه.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: وهل تحمل دعوة رئيس مجلس النواب ذلك؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: دعوة الرئيس نبيه بري برأيي جاءت بوقتها وجاءت مثل ما يقولون "هَفوة" بمنتصف الطريق، الناس الذين تشبّثوا بالحوار والناس الذين تشبّثوا بالدستور ودورات مُتتالية جاءت مخرجاً للإثنين، لا غالب ولا مغلوب، بغضّ النظر عمّا يُحكى أنّ الأستاذ نبيه بري يضعها فقط لأفخاخٍ سياسية، هذا لا يهمّني، ما يهمّني أنا ما أريد، إذا كان بالفعل - ولا أعتقد هذا الأمر - لكن إذا كان بالفعل هو يضع هذه الأفخاخ السياسية من المفروض أن أتلقّفها وأحوّلها إلى عملٍ مُجدٍ، هذا إذا أنا بالفعل أريد مخارج للوضع الحالي.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: ما شكل الحوار الذي تتوسَّمونه أن يكون في دعوة الرئيس نبيه بري؟ لأنّ هناك أسئلة مَن يقود الحوار وعلى أيّ أساس والرئيس بري هو ضمن طرف مَن يطرح مُرشّحاً؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: الآن أصبح هو نقاش أو حوار، هذا النقاش مُماطلة ومُماحكة سياسية كالنقاش بجنس الملائكة، هناك أزمة وهناك أفرقاء كلنا وصلنا لطريق مسدود، الكل لا يستطيع المجيء بمَن يريد، الوطن يحتضر، تُسمّيه حواراً، تُسمّيه نقاشاً، تُسمّيه فئة لفئة، حوارات جانبية، حوارات مُجتمعة، كل هذا لزوم ما لا يلزم، مَن يريد أن يُفشّل ويضع العُصي في الدواليب، أنا أنظر من منظورٍ آخر أن نذهب بكل إيجابية...</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: هكذا تقيّمون مَن لم يقبل بالحوار؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: الشروط التي وُضِعت أنا بالنسبة لي الياس جرادي هي أكثر من كافية، وقت مُحدَّد ودورات مُتتالية، أكثر من هذا أرفض النقاش بأيّ موضوع. وأكثر من ذلك، مَن يريد أن يذهب إلى حوارٍ ويضع شروطًا هو يُفرِّغ الحوار، لم يعد إسمه حواراً ونقاشاً، يكفي العاملَين اللذين وُضعا ونحن كُنّا نُنادي بهما، نقاش برئاسة الجمهورية وكيف الخروج من الفراغ ومُدّة مُحدَّدة ودورات مُتتالية، كل مَن يضع شروط كأنه يضع نتائج الحوار قبل الذهاب إليه.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: لأن برز موقف القوات والكتائب اللبنانية بما وضِع بعدم النظرة الإيجابية لهذا الحوار أو وضِع في إطار بعض الشروط أو المطالب؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: أنا لا أعرف ماذا لديهم من معطيات هم يُعبّرون عنها، أنا أُعبّر عن نفسي، أنا هكذا أرى، قد أخشى ما أخشاه أن تكون هذه الفرصة الأخيرة وهذا ما لا نتمنّاه.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: الفرصة الأخيرة؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: ما نراه وكأنّ هناك مُراهنات على الانهيار أو هناك مُراهنات على الاصطدام الكبير أو هناك مُراهنات على بعض التجمّعات السياسية التي لا نُريد إعطاءها صفات لا كانتونات ولا غيرها، وكأنّه يلوح بالأفق بعض الوَهْم ويُراهنون عليه.</p>
<p>أخشى ما أخشاه، نحن أمام فرصة، إن لم يكن لدينا هذا الالتزام بلبنان الـ10452، بلبنان المؤسّسات التي تحمينا جميعًا، لا يحمينا لا يمينًا ولا يسارًا، هذا ما يحمينا. رأينا نحن، أنا سمّيتها المشهد السياسي ومشهد كوع الكحالة، تريد أن تكون إمّا مع السلاح أو السلاح ضدّ السلاح، هذا لا يحمينا، مَن تحمينا هي دولة المؤسّسات، أن نذهب إلى دولة مؤسّسات، وهناك إمكانية كبيرة بأن نذهب إلى دولة مؤسّسات ولبنان لديه كلّ المقوّمات.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: وضّح لي مفهوم كوع الكحالة لأنّه كان مُفترقاً؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: يعني هذا الاصطفاف الحاصل إما أن تكون مع السلاح أو أن تكون مع هذا السلاح ضدّ ذاك السلاح.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: ما هو تعريف السلاح بالنسبة لك؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: هذا موضوع آخر.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: حتى نفهم رؤيتك. </p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: وكأنّ البلد انشرخ لمشهدين، اختزال لوجود دستورية الدولة اللبنانية ومؤسّسات الدولة اللبنانية هي التي تحكم في كلّ شيء والحقيقة هي التي تحمي في كل شيء وليس السلاح والسلاح المُضاد الذي يحمي، هذا يُوصلنا إلى ما لا تُحمَد عُقباه، إلى الانفجار الكبير.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: هناك نقطة أساسية يجب أن تُوضَّح لأنك تتحدّث عن كوع الكحالة، موضوع سلاح المقاومة، مُهتمّة أن أسمع رأيك أو موقفك؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: لنتحدّث بهذا الموضوع لأنه أُثير كثيرًا ولنكن واضحين، المقاومة في كلّ بلدان العالم وفي كلّ القوميات هي ليست هدفاً هي وسيلة، حتى نُحدّد الأمور، هل هي هدف أن نكون مقاومة؟ لا، هي وسيلة، هي وسيلة لتصل لحقوقك وتحمي نفسك عند فشل المؤسّسات، هذا مفهومنا للمقاومة، والمقاومة ليس فقط العمل المُسلّح وخاصة في هذه الأيام، هي ليست فقط العمل المُسلّح، هل العمل المُسلّح أن أذهب إلى الحدود لأحمي وطني والفساد يأكلنا من الداخل وينخرنا وأصبح هناك أناس يترحّمون على أيام العدو، للأسف أوصلناهم لهذا المكان. مفهوم المقاومة أشمل، هذا هو مفهوم المقاومة الذي نريده، المقاومة هي هدف لحماية القومية، لحماية الشعب.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: وهل المقاومة خرجت من هذا الإطار؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: سلاح المقاومة وبدائله يجب أن تكون هناك دولة قوية مُتمكّنة تحمي نفسها وليس سلاحاً ضدّه، هذا ما نتحدّث به، عندما أطرح سلاح المقاومة هو ليس فقط سلاحاً، عندما نتحدّث عن المقاومة هي ليست فقط سلاحاً، أنا هنا لا أدافع عن موضوع مُعيّن، أنا آخذهم جميعًا، أنا ضدّ التجزئة بهذا الموضوع، أنا مع الدولة المقاوِمة، الدولة المقاوِمة هي المُحصّنة سياسيًا، مُحصّنة ثقافيًا، مُحصّنة شعبيًا، مُحصّنة اقتصاديًا، وصدّقيني في هذه الأيام آخر أمر هو التحصين العسكري، لأنّ التحصين العسكري من دون هذه المُقوّمات القومية أن تبقى وتصمد ماذا بقي منها؟ التفتّت؟ يعني أنا أُحقّق انتصارًا على الأرض انتصارًا فزيائيًا وقد نخرني من الداخل أكون قد عملت مقاومة؟ لذلك أنا مع مفهوم الدولة المقاوِمة. الدولة المقاوِمة، القومية المقاوِمة هي مفهوم لا يتجزّأ، أنا ضدّ نقاشه بحصريّة تحصين مُعيّن، وأنا هنا أقول للذين لديهم غيرة على الدولة، مُقابلته هو التوجّه للدولة والدستور الذي يحمي كلّ اللبنانيين.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: انطلاقًا من ذلك، أنت تحدّثت عن الفرصة الأخيرة بالنسبة ربما للبنان لأنّ هناك تحدّيات تصل إلى مرحلة أو تُلامس مرحلة خطيرة ربما لا عودة عنها. برزت أيضًا جولة الموفد الرئاسي الفرنسي لودريان وجال على المسؤولين، هذه المرة التقى عددًا من النواب الموصوفين بالتغيريين وأنت منهم دكتور، وكنت أيضًا في لقاء لودريان، ما الذي حمله؟ وهل يمكن التعويل على هذا الجهد الفرنسي في خلفيّته مجموعة أيضًا من الأطراف الخارجية إنْ كانت عربية إقليمية أو حتى دولية؟ الرجل سيذهب إلى نيويورك كما فهمنا ويلتقي أطراف الخُماسية كما تُوصّف الخاصة بلبنان على أن يعود مطلع الشهر المقبل؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: بقدر ما هو السؤال مُهمّ ويجب الإجابة عليه وسأجيب عنه بقدر ما هو مُؤلم، هذا ما نسعى لتفاديه.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: مؤلم لأنّه تدخّل؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: لأنّ هذا النقاش يجب أن يبقى لبنانياً – لبنانياً، وهذا الحوار لبناني – لبناني، كيف نستجلب الحوارات الخارجية والوصايا الخارجية وماذا قالت الخُماسية وماذا قال الموفد الفلاني وماذا قال الرئيس الفلاني والأمير، حقًا مشهد مُذلّ كلبنانيين، مازلنا نطلب الحوار من الخارج ونستقدم الحوار من الخارج ونرفض الجلوس سويًا، هناك أمر خاطئ.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: التقيتم لودريان؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: نحن بداية التقينا به، طبعًا كانت هناك دعوة شخصية للغداء مع بعض الزملاء ولبّينا هذه الدعوة الشخصية وكان هناك حوار سنتحدّث عنه بإيجاز. نحن كان لدينا موقف أصلًا من الحوار أنه نحن نتمنّى على الفرنسيين وغيرهم النجاح بمسعاهم علمًا إنّنا نتمنّى أن يكون الحوار لبنانيًا – لبنانيًا، هناك أمر ناقص.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: دَعَم الفرنسيين دعوة الرئيس بري، ماذا حمل لودريان؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: لودريان لم نتناقش معه بالأسماء وهو كان يرفض الحديث بالأسماء ونحن أيضًا نرفض الحديث بالأسماء، كانت جلسة غداء مع بعض الزملاء وتحدّثنا بالأمور العامة، ما لمسته أنا أنّ لودريان كان يُذكّرني بنفسي بما كنت أقوله منذ البداية، أنّ هذا الاصطفاف قاتل، تسمية الرئاسات التي وضِعت، يسمّونها بلوكات المواجهة، هي لا تُجدي ولن تصل إلى أيّ شيء بل تصل إلى صدامات أخرى وهذا ما كنا نقوله، يجب أن يكون هناك رئيس بصفاتٍ لبنانية يحمل الصفات هي أن يُطمئن جميع اللبنانيين قبل أن يُطمئن الخارج ويُطمئن الخارج، يعني يُعيد الثقة، نحن ندعو برئيس يُعيد الثقة للبنانيين، إعادة الثقة للبنانيين قبل الخارج وللخارج وخاصة فئة الشباب والصبايا الذين يُهاجرون لأن لم يعد لديهم إيمان. </p>
<p>هو يقول أنه يجب أن نجلس مع بضعنا ونتّفق على رئيس بهذه الصفات لأنّ الاصطفاف صار قاتلًا، ونحن أكيد هذه نظرتنا، كُنّا نتمنّى أن تبقى قناعة داخلية هذه وألا يكون هناك تدخّل خارجي وهذا لا مفرّ منه، وإن كان التدخّل الخارجي قد يُعطي مفاعيله، يُشجّع الزعلان ويذهب بنا إلى الحوار فليكن. وإنّما أيضًا هناك مشهدية مؤسفة، نريد لجنة خُماسية للرئيس ولجنة سُباعية لرئيس الحكومة وغدًا نريد لجنة تُساعية لا أعرف لماذا.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: يُقدّم أنّ موضوع طرح رئيس الجمهورية كمُرشّح أنّ الفرنسيين ليس لديهم مشكلة مع أن يكون الترشيح لسليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، أنتم لا تتوافقون مع هذا الطرح، كنتم ممّن طرحوا في جلسة حزيران إسم الوزير زياد بارود، لم تُؤيّدوا ترشيح جهاد أزعور. لماذا زياد بارود؟ وبالنسبة لسليمان فرنجية ما هي الرؤية بالنسبة لكم؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: أشكرك على هذا السؤال، نحن ليست لدينا مُشكلة بالأشخاص، أنا كنت قد قلت إنّ أيّ رئيس يصل ويذهب بي للمؤسّسات والدستور أنا إذا كان معه 64 الـ65 يضمنها للخروج من هذا المأزق. وإنما نحن نقول إنّ هذا الاصطفاف القاتل أولًا لن يُجدي، هو قاتل ولن يصل إلى مكان وقاربنا على سنة وأثبت ذلك، فلماذا مازلنا نُصرّ عليه.</p>
<p>وإن أتينا برئيس على جُثث الشريك الآخر، نتحدّث عن الجثث السياسية طبعًا، هذا نحن نرفضه، نحن نريد أن نذهب إلى دولةٍ تجمع جميع اللبنانيين، نضع جميعًا أيدينا لنصل للدولة، لذلك قلت لك قبل قليل ليس فقط الإسم مهم، المهم إلى ماذا نذهب؟ نذهب إلى الدولة الحاضنة التي يؤمن بها جميع اللبنانيين، نذهب إلى بناء المستقبل للأجيال القادمة أو نذهب للاصطفاف الذي رأينا مفاعيله القاتلة خلال الست سنوات الماضية والتي سمّيتها ست سنوات عِجاف. يعني بالسياسة أمضيناها ولا أتحدّث بالشخصي، للأسف الاصطفاف الذي كان قائمًا والتعطيل القاتل.</p>
<p>إذا أنا أردت إنتاج رئيس بهذه المواصفات ماذا أكون قد فعلت؟</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: تتحدّث عن عدم تكرار تجربة الرئيس عون؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: عدم التكرار، نحن نقول فلنأتِ برئيس ليس بالأشخاص، أيّ شخص من هذين المرشّحين اللذين ذكرتهما إن كان الأستاذ جهاد أزعور أو الأستاذ سليمان فرنجية، يثبت للطرف الآخر أنّه بهذه الصفات أن يعطي الثقة ويقول له الطرف الآخر أنا واثق معك نحن نسير به. الآن إذا اتّفق الأفرقاء اللبنانيين على أيّ إسم من الإسمين أنا معهم، أنا أريد دولة مؤسّسات. </p>
<p>لماذا الأستاذ زياد بارود؟ لأنّنا نحن نرى أنّ هذه الشخصية التي لديها مناقبيتها وحضورها وتعطي الثقة للداخل اللبناني وللشباب اللبناني بعِلمه وكفاءته وتجربته قبل الخارج وللخارج أيضًا وليس اصطفافي، هذا الذي نعتقد أنّه مناسب للمرحلة ولم نحصر الأمر بزياد بارود وإنّما كان علينا وضع إسم، وقلنا مَن لديه إسم مُشابه وصفات مُشابهة أكيد نحن معه.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: نحن نتحدّث عن دخولك المُعترك السياسي في أزمة لبنان تُعتبر من أكثر الأزمات على مستوى العصر. الحديث أنت بالأساس دكتور عيون، كنت خارج لبنان، سنة 2010 عدت إلى لبنان، 2016 استقرّيت مع عائلتك هنا ودخلت البرلمان، بالأساس أنت كنت تريد أن تكون ضابطًا في الحربية ومن ثمّ بالتوازي قدّمت للكلية الحربية مع كلية الطب، قُبِلت في كلية الطب ومن بعدها عرفت أنك قُبِلت بالكلية الحربية لكنّك بقيت في مسار طب العيون، انطلاقًا واقتضاءً أيضًا بشقيقتك منى التي تعتبرها مثالاً أعلى بالنسبة لك وشخصاً استثنائياً بحياتك وتعتبر أنها صنعت حياتها كما صنعت حياتك، وهذا أيضًا من النقاط العلّامة في مسيرتك الشخصية، ومن ثمّ دخلت المُعترك السياسي، هل ندمت؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: أيضًا بإيحاء من منى.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: إحكي لنا القصة؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: الآن لا يتّسع الوقت وإنما بشكلٍ سريع، أختي الدكتورة منى هي أكثر من أخت لي، كانت دائمًا هي الشخص المختلف، دائمًا خارج الاصطفاف التفكيري والإسقاط التفكيري، منذ أنا وصغير كنت أراها وهي ليس أكبر مني بكثير الفرق سنتان أو ثلاث، لا يوجد فارق كبير، لكن منذ الصِغَر كنت أعتبرها شخصاً مختلفاً وبقيت أسير خلفها وخلف خياراتها وتشجيعها.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: وقالت لك أدخل إلى الانتخابات؟ نريد الاتصال بينك وبينها؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: السؤال الذي تسأليه يحتاج لساعات للحديث عنه، عندما كنت أعيش حياتي وفَرِح كشخص وبين أن أحمل هذه الجمرة بيدك كالقابض على الجمر بالفعل، طبعًا تكون هناك لحظات تردّد وكم سأنجح وأنا طبيب أكاديمي وفلاح أكاديمي وأمارس الإثنين بمنتهى الشغف ومنتهى العلم، فما لي وكيف سأنجح.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: كان هناك إصرار أكثر من محيطك وعائلتك وكان يوم الإثنين وسافرت إلى العراق وكان يوم الجمعة يفترض أن يُغلَق باب الترشيح واتصلت بك أختك؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: لحظات مُؤثّرة جدًا لا أريد استحضارها، لكن أعيد وأقول إن منى كانت العامل المؤثّر، لأنها قالت لي كلامًا وجدانيًا.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: ما الذي قالته لك؟ أنك لست إبن...</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: نعم، قالت لي أنك لست إبن فارس جرادي وقد أثّرت فيّ كثيرًا. </p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: دمعت عينك لماذا؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: هي كانت تريد وهي شخصيّتها استثنائية وهي ليست مُحايدة وأنا لست مُحايداً، عندما استفزّتني إنك لست إبن فارس جرادي. أقول لك أمراً عن منى عند حصول كورونا هي طبيبة أمراض مُعدية ومورِس عليها من الظلم ما مورِس على كل القطاع الطبي خاصة هذا الفرع الذي لم يُقدَّر بصدق ولم يُعطَ حقوقه، قالت لي الياس حقًا يجب أن أرحل وسُنحت لها الفرصة للرحيل، ما الذي يبقيني هنا، لكن قالت لي هذه الكلمة في وقتها في أيام كورونا، لكن أنا لا أكون إبنة فارس جرادي إذا غادرت وأُدِر ظهري لشعبي.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: دمّعت عينك دكتور.</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: فمنى أكيد لها تأثير كبير جدًا.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: وبعدها ذهبت؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: وبعدها ذهبت، هي عرفت كيف تُؤثّر عليّ.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: حدّثنا بشكلٍ سريعٍ قصّة الطعم المر؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: بعدما قلت لا وأشكلت معها في المطار هي تقول وتبكي الياس كيف تقول عليك أن ترجع، قلت لها منى خلص رجاءً هذا الموضوع حُسِم ولا عودة عنه، وصلت إلى العراق وذهبت إلى العيادة وعندما عدت من العيادة في آخر الليل وأريد أن أقطع الطريق للوصول إلى المنزل فجأة بتّ غير قادر على المشي، فجأة شعرت بشيء خاطئ، علما إنني طبيب أمارس الرياضة وفجأة شعرت بقدمي ثبتت بالأرض، هكلت الهمّ، وصلت للبيت وطول النهار من دون أكل وأريد أن آكل في آخر الليل، أول أكل مُر، غيّرت الخبز مُر، كلما آكله مُر، حتى بالبراد جئت بالـ"مربا"، قلت هناك أمر خاطئ، كان طعمه مرًّا أيضًا، ما الذي يحصل معي، لا أعرف أن هناك شيئاً كهذا طبيًا، كانت كورونا وقتها، كنت أعمل فحوصات كل يوم قبل السفر حتى لا أكتشف كورونا، وكنت سلبياً في المطار وليس لدي كورونا.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: حسب تشخيصك علميًا أنت كنت تصاب بالمر، ذقت المر لأنّك..</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: وذاق طعم العلقم، أنا لم أكتشف ما بي، كلّ شيء مرّ، اتصلت بإبن خالتي دانيال هو مُقرّب جدًا مني، قلت له أنا قصّتي هكذا ولا أعرف ما بي، أخبرك حتى يكون معك علم إن أصابني شيء، لكن أنا لا أعرف ما الذي يحدث معي، تأزّمت معي بنفس الليلة واتصالات من لبنان ولا يا الياس تراجع، قلت لهم سأعود وكان بقي يوم نزلت إلى بيروت أنجزت الأوراق والوكالة.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: وعاد الطعم طبيعياً؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: فجأة عاد كل شيء طبيعياً وتنشّطت، هنا أنا أقول وذاق طعم العلقم، أنا عرفت ما معناها.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: أنا تأثّرت كثيرًا دكتور بدمعتك وأنا عرفت أنّ هذه الدموع زُرِفت عندما شاهدت صوَر الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، أنت كنت خارج لبنان؟ لا أريد أن أبكيك مُجدّدا، آسفة.</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: لحظات أذكرها بحياتي، بالفعل لحظات لا تُوصَف، هذه اللحظة، واللحظة الثانية عندما ولَدَت ابنتي.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: كرستين وكانديز؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: كانديز الكبيرة، ولِدَت وكنت في أميركا، لا أعرف وصفها ولا أصدّق أنني لم أطِر، أنا تخيّلت نفسي صار لي جوانح طرت وعدت على الأرض. عندما انسحبت إسرائيل نفس الأمر، كنت خارج لبنان لم أكن أعرف ما الذي يحصل، عدت للمنزل.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: شاهدت الصوَر على التفاز ولم تُصدّق. هذا يقودنا لسؤال جاءك من أبو صالح على مواقع التواصل الاجتماعي يسأل: "كيف أثّر الاعتقال على رؤيته لنهج المقاومة؟". من خلاله ربما بما تبقّى من وقت نتحدّث عن تجربتك، أنت مقاوِم مناضل اعتُقلت في الخيام لمدة ثمانية أشهر، كان عمرك 17 عامًا، هذه تجربة كيف تصفها وخصوصًا أنّها أثّرت بِكَ من الداخل وحتى لم تكسرك لكن هزّتك دمعة أمّك ووالدك عندما زاروك في المعتقل واختصرها لي بتهريب الطعام للمعتقلين؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: الآن ستفتعلين لي خضّة، كنت أودّ الحديث بالسياسة أكثر. بالمُختصر المفيد، مفهوم المقاومة كما قلت لك قبل قليل، تجذّر عندي هذا المفهوم بشكل واضح جدًا، المقاومة أولًا هي ليست هدفاً هي وسيلة، المقاومة الأكبر هي بناء وطن وأجيال وقد عبّرت عنه أن أبني وطناً من أجل مَن استشهد لأجل وطنه يعرف أنّه ترك عائلته لتُحتَضن من وطن يبني كرامته ويُبقي لها حقوقها وتبقى ذكراه خالدة في الوجدان وأن لا نتحوّل لوطن الزبائنية، هذا كلّه يحتاج لإعادة صوغ المفهوم، نعم بوقت من الأوقات كان العدو مباشراً ولم يكن هناك مجال للحياد، لا مكان للحياد، وهذا كان واجباً.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: تعرّضت للتعذيب، كنت تُدخِل الطعام للمعتقلين بالانفرادي؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: كنا نتناوب، كان بعض الناس يُوزّعون الطعام، كان معتقلو الإفرادي هناك أسماء كثيرة بعضها أذكرها وأخرى لا أذكرها، وجوه أذكرها ووجوه لا أذكرها لأنّها ذهبت.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: أقدّر مشاعرك وهي فسحة أيضًا للناس لتعرف الشخصيات أمثالك دكتور.</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: كنت أهرِّب لهم الطعام.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: عندما كان يتمّ القبض عليكم كان يتمّ التعذيب.</p>
<p>أنت تجربة نضالية وعائلتك تجربة أيضًا بهذا الإطار وأيضًا أخوك عمّار كان من المقاومين؟</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: هو مَن أطلق جبهة المقاومة.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: صحيح عند اجتياح لبنان في بيروت، محطّات كثيرة كنت أتمنّى لو يسمح الوقت فيها، لكن قدر الُمستطاع بإبقاع بإبجاز، أشكرك جزيل الشكر دكتور الياس جرادي.</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: أنتِ عملت عملية إيقاع بي، كنت أودّ الحديث بالسياسة وليس بالجانب الشخصي.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: الجانب الشخصي لو الأمر لي أن أضع كل الحلقة في تجربتك، لكن يجب أن نطلّ بالسياسة. شكرًا جزيلًا لك النائب اللبناني الياس جرادة على هذه المشاركة معنا في برنامج بإيجاز.</p>
<p> </p>
<p>الياس جرادي: شكرًا.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: شكرًا لك.</p>
<p>والشكر لكم مشاهدينا أينما كنتم، موعد جديد يتجدّد الأسبوع المقبل ودائمًا بإيجاز، إلى اللقاء.... </p>