مع رافي ماديان - عضو لقاء "مستقلون من أجل لبنان"
بعد نحو عقدين على اغتياله، أين أصبحت قضية الشهيد جورج حاوي؟ وما الذي يمنع كشف الحقيقة؟ من رأس حربةٍ في فريق الـ 14 من آذار إلى معارض له، لماذا؟ كيف يرى واقع التجمّع اليوم؟ مناضل سياسي يساري مشرقي كما يُحبّ أن يلقّب، فأين هو اليوم؟
نص الحلقة
<p> </p>
<p>رافي ماديان: مهما كانت الصِعاب ومهما كانت رصاصات الغدر ومهما كان الاغتيال سنبقى على الطريق الذي أهداه لنا الشهيد جورج، وأنّ حركة المقاومة التي أسّسها وأطلقها ستستمر حتى الانتصار على الكيان الصهيوني.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: بعد نحو عقدين على اغتياله، أين أصبحت قضية الشهيد جورج حاوي؟ وما الذي يمنع كشف الحقيقة؟ مِن رأس حربة في فريق الرابع عشر من آذار إلى مُعارض له، لماذا؟ وكيف يرى واقع التجمّع اليوم؟</p>
<p>مُناضلٌ سياسي يساري مشرقي كما يُحب أن يُلقّب، فأين هو اليوم؟ </p>
<p>عضو لقاء مستقلّون من أجل لبنان، نجل الشهيد جورج حاوي، الأستاذ رافي مديان، أهلًا بِكَ ضيفًا عزيزًا في برنامج بإيجاز، نوّرتنا.</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: أهلًا ومرحبًا.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: أهلًا بِكَ. </p>
<p>نبدأ مُباشرة، في الـ21 من حزيران عام 2005 تمّ اغتيال جورج حاوي الأمين العام السابق للحزب الشيوعي في لبنان وكان أيضًا نائبًا سابقًا ويُعتبر من أهمّ الوجوه السياسية لاسيما اليسار منذ سبعينات القرن الماضي في لبنان. نتحدّث عن مرحلة حسّاسة ومفصلية في تاريخ لبنان الحديث عندما نقول 2005. السؤال الذي دائمًا يُطرَح، أين وصلت هذه القضية اليوم؟ المُلابسات هل تُفضي بالفعل للجواب مَن الذي اغتال جورج حاوي وإنْ لم يصدر ذلك بالمعنى القانوني والقضائي؟</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: للأسف الظروف السياسية في لبنان في لحظة الاغتيال 2005، في اللحظة السياسية تلك، لم تسمح بتحقيقٍ موضوعي وبإقامة محكمة موضوعية تستطيع أن تُحقّق بالاغتيال وأهداف الاغتيال ومَن المستفيد من الاغتيال. ربما كان القضاء اللبناني غائبًا، ورغم أنّ الحكومة اللبنانية أحالت هذا الملف إلى القضاء العدلي في لبنان، وكان من المفترض على القضاء العدلي أن يُحقّق، لم يُحقّق، ومن ثمّ قامت الحكومات المُتعاقبة بعد الـ2005 وتحديدًا عام 2007 باستدعاء محكمة دولية أو بالتعاقد مع الأمم المتحدة لإقامة محكمة دولية خاصة، كانت لرفيق الحريري فقط وليس لكلّ الشهداء، وأنا من الناس الذين طلبوا من السيّدة نازك الحريري والمحامي شبلي ملّاط وآخرين، قالوا مُفترض أن تكون هذه المحكمة لكلّ الشهداء وليس فقط لرفيق الحريري. كان هناك رفض من قِبَل السيّدة نازك الحريري أن تنضمّ قضية الشهداء الآخرين إلى قضية الشهيد رفيق الحريري، ولكن مجلس الأمن قرّر أنّ هناك رابطاً بين اغتيال الحريري واغتيال جورج حاوي وأسماء أخرى.</p>
<p>لذلك المحكمة وبحسب رأيي الأمريكي والفرنسي أصحاب هذه الفلسفة، القاضي "بروغير" الفرنسي هو الذي وضع الأسس الفلسفية والقانونية لهذه المحكمة وكان من المفترض أن يتولّى إدارة هذه المحكمة، ولكن هو عقلها المدبّر، وعيّنوا قاضٍ آخر "ميليس"، ولكن لاحقًا دخل على المحكمة الدولية الأمريكي والمصري.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: هناك مسار طويل، وصلنا أن صدر قرار اتهامي في قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومن بعدها كان يُفترض أن يُفتح مسار آخر (للاغتيالات السياسية) التي حدثت ومن ضمنها قضية الشهيد جورج حاوي وأنتم رفضتم؟</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: نحن اعتبرنا أنّ هناك تسييساً وهناك لعبة الأمم بهذه المسألة، ونحن لم نكن مُقتنعين كعائلة أنا وأخواتي ووالدتي الدكتورة سوسي ماديان، لم نكن مُقتنعين بقرار هذه المحكمة، تارةً تتّهم سوريا وتارة أخرى تتّهم حزب الله، أنا كنت أُلاحظ منذ البداية أنّ هذه المحكمة هدفها خلق فتنة سنّية - شيعية في لبنان، عندما تتّهم قيادة الطائفة الشيعية بقتل رفيق الحريري قائد الطائفة السنّية أو عندما تتّهم قيادة حزب الله أو قائد المقاومة الإسلامية عماد مغنية ورفاقه بقتل قائد جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية جورج حاوي، هذه قرارات تُؤسّس لفتنةٍ في لبنان، ليست هذه سياستنا.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: واتّهمتم أيضًا القضاء اللبناني بالمُماطلة وكان لديكم اتّهام لإسرائيل، أنتم اتّهمتم الموساد في نهاية 2006، على أيّ أساس؟</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: على أساس مُعطيات قالها لي مدير المخابرات جورج خوري في تلك الفترة حول شبكة حسين خطّاب ومحمود رافع المسؤولة عن عدّة اغتيالات في سوريا ومسؤولة عن اغتيال جهاد أحمد جبريل سنة 2002 ومسؤولة عن استطلاع لمنزلنا، منزل الأهل في وطى المصيطبة واستطلعوا عدّة أهداف في لبنان، وأعتقد أيضًا قتلوا عدّة كوادر من حزب الله في الضاحية، هذه شبكة معروفة علاقتها بالموساد.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: وأين وصل المسار تحديدًا باتّهامكم إسرائيل على المستوى القضائي القانوني؟ نتحدّث عمّا قدّم لك مدير المخابرات السابق؟</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: أنا قدّمت هذه المعطيات واتّهمت إسرائيل، ولكن أنا بمجال التحقيق الميداني الاستخباري أنا لم تكن لديّ معلومات كافية، مخابرات الجيش لم تزوّدني أو أيّ جهاز أمني لبناني لم يُزوّدني بمعلومات كافية في هذا المجال. ولكن دعيني أقول بالسياسة وبالمنطق المستفيد كان إسرائيل، نحن نعرف أنّه بين جورج حاوي وإسرائيل هناك حساب طويل، نحن نعرف أنّ الموساد والمخابرات الإسرائيلية لا تُغلق الحسابات.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: على اعتبار بأنّه شارك في عملٍ مُقاومٍ بشكلٍ مباشر؟</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: أسّس جبهة المقاومة سنة 1982 وحتى عام 1990 مسؤول عن 1200 عملية، الشهيد جورج شارك شخصيًا بعددٍ كبيرٍ من العمليات العسكرية التي نُفّذت ضدّ الاحتلال الإسرائيلي وهناك صوَر له في عدّة مناطق مع المقاتلين ينطلقون في عمليات عسكرية. فهذه العمليات التي نفّذها جورج حاوي مسؤولة عن مقتل عشرات الإسرائيليين وعملائهم وبينهم ضبّاط، أي سنة 1984 هناك الضابط أبو النور والذي كان مسؤولًا عن الأمن العسكري في الشريط الحدودي قُتِل في كمين في "مجدل بلهيص" بالبقاع الغربي على يد رفاق جورج حاوي.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: انطلاقًا من ذلك، جانب المواجهة مع إسرائيل ليس فقط في شكله الميداني، نتحدّث عن مواجهة في المقاومة ولاسيما في محطات أساسية من بينها الاجتياح في 1982، لكن أتحدّث عن مواجهة مشروع، وأنت ذكرت بأنّه كانت هناك محاولة من خلال تسييس القضية لخلق فتنة سنّية - شيعية في لبنان أو حتى في جانب مرتبط بالعلاقة مع سوريا. هذا يدفع للسؤال فعلًا عن أهداف الاغتيال، لماذا إذا بالفعل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل اغتالت جورج حاوي، ما هي الأهداف؟ ما الذي كان يُشكّله وأرادت تصفيته انطلاقًا من منع ما تفضّلت بطرحه هذه الفتنة السنّية - الشيعية أو حتى في العلاقة بين لبنان وسوريا؟</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: أنا وجورج حاوي من بعد اغتيال الحريري عملنا من أجل مُصالحة لبنانية – لبنانية، حتى الفرنسيين "برنار إيميه" السفير الفرنسي في بيروت طلب باسم "شيراك" آنذاك أنّه يا أستاذ جورج أنت لديك علاقات جيّدة مع القيادة السورية ربما نُبرم تسوية مع سوريا، كان صحيحاً هناك حرب فرنسية - أمريكية لإخراج سوريا عسكريًا من لبنان ولكن بنفس الوقت كانوا يُريدون عقد تسوية مع النظام السوري.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: قُدّمت مبادرة بهذا الشكل؟</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: طلبوا من الشهيد جورج القيام بمبادرة مع القيادة السورية، في آذار ونيسان زار سوريا مرّتين، مرّة التقى باللواء آصف شوكت ومن ثمّ في نيسان التقى الرئيس بشّار الأسد وتمّ الاتفاق معهم على مُبادرة يُديرها جورج حاوي في لبنان، مبادرة كانت تتضمّن القيام بتحقيق موضوعي في اغتيال الحريري وليس مُسيّساً، تأجيل الانتخابات النيابية، إقامة حكومة وحدة وطنية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.</p>
<p>كانت القيادة السورية مُوافقة على هذا الاقتراح وهذه المبادرة وطلبت من جورج حاوي القيام باتصالات في لبنان ولاسيما مع سماحة السيّد حسن نصر الله من أجل البحث معه في مسألة تبديل رئيس الجمهورية إميل لحود في حينها.</p>
<p>والوالد قام باتصالته، التقى بوليد جنبلاط والرئيس بري، جنبلاط آنذاك كان القائد الأساسي في 14 آذار، التقى بآل الحريري وفؤاد السنيورة، وأجرى اتصالات بجميع الأطراف اللبنانية من أجل إيجاد تسوية.</p>
<p>السيّد نصر الله بالاجتماع الثاني الذي حضره الوزير السابق إيلي الفرزلي وكان النائب علي عمّار يأتي إلى منزلنا ويصطحب الوالد لزيارة سماحة السيّد، والسيّد نصر الله قال خلال الاجتماع ان استمهلنا يا أخ جورج لأنّنا جرّبنا الرئيس إميل لحود ولدينا علاقة معه وهو وقف إلى جانب المقاومة فاستبداله بأسماء أخرى كجان عبيد أو نسيب لحود المحترمين وهما صديقان يحتاج لتفكير ووقت.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: وهذا المشروع لا تُريده كما تقول الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بأن يكون هذا المسار للتواصل والتسوية إنْ كان في داخل لبنان، نتحدّث حتى عن الجانب المسيحي في مكان ما أو بين اللبنانيين، وأيضا بالنسبة لسوريا وهنا كان الاغتيال؟</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: كان يُعاكس التوجّه الأمريكي، التوجّه الأمريكي - الفرنسي كان الصِدام، إخراج سوريا عسكريًا من لبنان وخلق فتنة - خاصة الأمريكي - سنّية - شيعية والصِدام اللبناني – السوري. اقترح عليّ اللواء رستم غزالي ليكون والدي وزير داخلية، يدخل لحكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها نجيب ميقاتي في نيسان 2005 من أجل مُتابعة هذه المبادرة، قلت له لا نريد الدخول للحكومة، نحن نكتفي من خلال موقعنا السياسي بالقيام باتصالات ومُبادرة من دون أن يكون لدينا موقع رسمي في الحكومة.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: هذا يدفعني للسؤال في هذه المرحلة وبعد الاغتيال هناك تحوّلات كبرى ومُعقّدة حدثت ليس فقط في لبنان بل على مستوى المنطقة، وأنت هنا دخلت ضمن فريق سياسي، ضمن ما يُعرف بـ14 آذار، وأنا أربطه بما تفضّلت بطرحه، الشهيد جورج حاوي قال حتى لو تسلّم فريق 14 آذار الحكم كان سيكون في المعارضة، لكنّك كنت أنت فيه، في عام 2005 كنت باتجاه الانتخابات ودعمك بشكل كبير. بداية أنت لماذا دخلت 14 آذار؟ هل افترقت في الرؤية مع الشهيد جورج حاوي وأنت نجله، يعني فكر سياسي؟ ولماذا خرجت وغادرت 14 آذار؟</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: أنا أساسًا منذ سنة 2000 أنشأنا لقاء "بتغرين"، لقاء القيادات المسيحية، وكان هناك تشجيع من الرئيس إيلي الفرزلي وأمين الجميل والوزير الشهيد بيار الجميل وقيادة الحزب التقدّمي الاشتراكي وعدد من الشخصيات، كان يُفترض أن يكون الرئيس عمر كرامي في هذه اللقاءات، وكان لدينا اتصال بميشال سماحة وآخرين وكنا على اتصال، وجاء وليد جنبلاط في هذا اللقاء، لقاء "بتغرين"، الذي كان يُبادر الشهيد جورج حاوي ليتوسّط بين المجتمع المسيحي في لبنان ولاسيما بكركي والأحزاب المسيحية المارونية المعارضة والقيادة السورية من أجل إيجاد تسوية وحلّ وطني وحوار وطني، كان رأينا نحن وكنت أنا وجورج على تواصل مع القيادة السورية خلال هذا اللقاء في "بتغرين"، كُنّا نُطالب بتطبيق الطائف، إخراج القوات العسكرية السورية من لبنان مُقابل - وهذا كان مُتّفق مع الوزير نسيب لحود - مُقابل أفضل العلاقات الأخوية والاستراتيجية مع سوريا، هذا كان شعارنا وهذا كان اتفاقنا.</p>
<p>على هذا الأساس أنا دخلت مع نسيب لحود سنة 2001 من بعد لقاء "بتغرين" في تأسيس حركة التجدّد الديمقراطي التي كانت تضمّ عدداً من الشخصيات والقيادات بينهم المرشّح الرئاسي زياد بارود ونسيب لحود كان رئيس هذا التجمّع، وكُنّا نحن نُكمل هذا الخطّ السياسي الإصلاحي الديمقراطي.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: واجهتوه في 14 آذار؟</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: قبل 14 آذار.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: أنا أقول استمرارًا لذلك فقط وصولًا بالنقطة، إسمح لي بمشاركة جاءتك على مواقع التواصل الاجتماعي ربطًا بالمسار، تقول لك المشاركة "أين أصبحت المسألة والمحاسبة التي انتفض لأجلها في وجه ما يُسمّى بزعامات الرابع عشر من آذار؟".</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: أساسًا عندما بدأ مسار 14 آذار ينحرف سنة 2006، حتى نسيب لحود الذي هو كرجل مُعتدل وهو جسر وحواري وهدفنا كان انتزاع المناخ المسيحي والأجواء المسيحية أن ننتزعها من القوى المُتطرّفة ونُشركها في الحوار الوطني وفي التسوية الوطنية وفي المصالحة مع سوريا، على هذا الأساس أنا كنت مع نسيب لحود وكنت بموقع 14 آذار وكنت من مؤسّسي البريستول وكنّا أقل من 60 شخصية الذين أسّسوا لتلك المرحلة، لكن عندما شعرت أنّ هناك انخراطاً من قِبَل 14 آذار وجماعة البريستول ونسيب لحود وأمين الجميل والقوات اللبنانية انخرطوا في المشروع الأمريكي الصِدامي في البلد أنا فضحتهم وعقدت مؤتمرًا صحافيًا وخرجت من 14 آذار، أعلنت خروجي واتّهمتهم بالعمالة للأمريكي واعتبرت أنّ هؤلاء يُؤسّسون لفتنة وأنا لا يمكن أن أسمح لهم باستخدام دم جورج حاوي في الفتنة الداخلية أو الفتنة اللبنانية - السورية.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: تعتبر مشروع 14 آذار فشل؟</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: طبعًا فشل، تفكّك وانتهى هذا المشروع.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: عندما نتحدّث عن هذا المسار، بين مسار العمل السياسي والمواجهة مُباشرة في النضال على الأرض في غير مسار، لكن أنت ذكرت موضوع المقاومة والمواجهة لإسرائيل، ذكرت محطّات كان حاضرًا فيها الشهيد جورج حاوي، وهكذا أنتم أستاذ رافي، في الاجتياح كنتم حاضرين على الأرض وفي محور المتحف رأس النبع، المتحف في بيروت، هناك عدّة محطات، لكن كان هناك استعداد لمثل هكذا اجتياح. يبرز السؤال اليوم وكأنّكم كنتم تعلمون أو هناك تقدير بأنّه سيكون هناك اجتياح لبيروت في 1982؟</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: من بعد اتفاق كامب ديفيد حوّل الشهيد جورج حاوي تنظيم الحزب الشيوعي إلى حركة مُقاومة تحت شعار حزب شيوعي جماهيري مُقاتل، الحزب الشيوعي اللبناني كان بالإسم فقط حزباً شيوعياً لكن لم يكن تأييدي سوفياتي كلاسيكي، كان حزب حركة تحرّر وطني، عالم ثالث، يشبه التيار الغيفاري في أمريكا اللاتينية أو المؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب أفريقيا أو في ناميبيا. الحزب الشيوعي بعد العام 1979 وعندما أصبح جورج حاوي أمينًا عامًا حوّله إلى حركة شعبية تحرّرية، بتنا أقرب إلى فتح، إلى الجبهة الشعبية، إلى حركات التحرّر الوطني، لأنّ القضية الوطنية وقضية فلسطين هي الأساسية كانت في تلك المرحلة، وكُنّا نرى من بعد كامب ديفيد وذهاب السادات وتوقيعه مع "بيغين" كامب ديفيد، كُنّا نعتبر أنّ لبنان الحلقة الثانية في المُخطّط الإسرائيلي الأمريكي لتوقيع السلام مع لبنان، الحلقة الثانية في كامب ديفيد. لذلك كان الشهيد جورج يستعدّ لمواجهة اجتياح إسرائيل، لمواجهة كامب ديفيد الثانية.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: كيف وصلت المعلومات؟</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: كان هناك رفاق بالحزب الشيوعي سرّيين موجودين مع قوات بشير الجميل في المنطقة الشرقية، وهؤلاء سنة 1980 و 1981 أخذ الإسرائيلي هؤلاء الشباب المسيحي في القوات اللبنانية من جماعة بشير الجميل بينهم كان هناك شباب سرّيون من الحزب الشيوعي، ذهبوا للتدرّب في فلسطين المحتلة في منطقة الجليل وتدرّبوا على احتلال مناطق تشبه بيروت، شيّدوا مُجسّمات وقاموا بعمليات مُحاكاة لاحتلال شوارع ومناطق تشبه بيروت وتشبه لبنان، لذلك عندما عادوا إلى المنطقة الشرقية هؤلاء الرفاق أخبروا الوالد بشكل سرّي أن الإسرائيليين وبشير الجميل يُخطّطون لاجتياح لبنان وهذا الاجتياح سيصل إلى بيروت، لذلك سرّع جورج حاوي في الاستعدادات العسكرية والأمنية.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: شهدنا بطولة أسطورية في الدفاع عن بيروت والعديد من القوى، ويبرز هنا ويجب أن يُنصف لأنّ هناك عملية تشويش وتشويه دائمًا بالنسبة للحضور المسيحي وانتمائه ودوره الوطني، كان هناك قادة مسيحيون ليس فقط الشهيد جورج حاوي.</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: طبعًا، إنعام رعد، أنطوان العلم الذي كان المسؤول العسكري بالحزب السوري القومي الاجتماعي، خالد علوان كان من رفاقه وشبابه، وجورج نصر الله كان لاحقًا مسؤولًا عسكريً بمنطقة البقاع الغربي، هو من منطقة زحلة، وكمال البقاعي الذي كان مسؤولَ محور المقاومة في منطقة مرجعيون – حاصبيا، هو مسؤول عن عملية تصفية أبو النور المسؤول العسكري الإسرائيلي سنة 1984 في منطقة "مجدل بلهيص". هناك كثر من المسيحيين، حتى الأرمن، أنا أعرف رفاقًا لي من الأرمن شاركوا بجبهة المقاومة الوطنية ضدّ الاحتلال الإسرائيلي. هناك دور للمسيحيين، ميشال صليبا من "بتغرين" فجّر سنة 1985 إذاعة لحد في منطقة مرجعيون.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: وهذه الإضاءات مُهمّة جدًا كما أشرنا ونتحدّث عن عمل مقاوم بدأ في المواجهة وتمّ تشكيل جبهة المقاومة الوطنية جمّول، لكن أوّل كمية مُتفجّرات وصلت إلى جمّول كانت مِن مَن؟</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: حافظ الأسد، وأودّ القول أنه حتى النائب الحالي إلياس جرادي شقيقه وهو مسيحي من منطقة الشريط من منطقة مرجعيون أحد مُنفّذي عملية صيدلية "بسترس" من أولى العمليات لجبهة المقاومة في بيروت.</p>
<p>وسنة 1983 الوالد ذهب والتقى الزعيم السوفياتي "بريجنيف" بعد الاجتياح الإسرائيلي وقال بريجنيف تنقل الرسالة للرئيس حافظ الأسد يا جورج بأنّ حلف وارسو سيُعيد تسليح الجيش السوري الذي خسر 90 طائرة حربية خلال الاجتياح الإسرائيلي، قال له تذهب وتقول نحن سنُعيد تسليح الجيش السوري وحلف وارسو لن يسمح بنتائج الاجتياح الإسرائيلي الأمريكي في لبنان، وقل لحافظ الأسد نحن معه.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: هذه الرسالة نُقلت؟</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: نقلها جورج إلى الرئيس حافظ الأسد والرئيس حافظ الأسد اتّخذ قرارًا بدعم المقاومة في لبنان وبشكل أساسي جبهة المقاومة، عندما قامت جبهة المقاومة بتنفيذ عملية في 18 أيلول سنة 1982 عملية صيدلية "بسترس" الرئيس حافظ الأسد اتصل بالتلفزيون السوري مُباشرة، بالمدير، قال له لا تضع استقبالات الرئيس في البداية بل تضع خبر عملية جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: صحيح، قال هذه الظاهرة الجديدة ستُشكّل رافعة لكلّ حركات التحرّر العربي في مُواجهة الاحتلال على اعتبار أنّ هذه ليست عمل المقاومة الفلسطينية بالاشتراك مع مقاومين من لبنان وإنّما حركة مقاومة لبنانية، واعتبرها ظاهرة مُهمّة. كميّة المتفجّرات التي وصلت 3 طن؟</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: 3 طن، الرئيس حافظ الأسد دعم جبهة المقاومة بأوّل كمية من المتفجّرات، أعطانا 3 طن من المتفجّرات، وصلت إلى منطقة البقاع تسلّمتها قيادات عسكرية من جبهة المقاومة، وأنا أعرف كيف أنّ هذه الكميات من الـTNT تمّ فرمها وقصّها ووضعها في أكياس من الطحين وتهريبها إلى مناطق الشريط الحدودي وتمّ استخدامها في عمليات تفجير ضدّ الدوريات الإسرائيلية.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: وأنت تتحدّث أستاذ رافي أستعيد كلّ المشاركات التي جاءت، لم تحمل سؤالًا بمعنى استفسارًا في بعض المحطات التي كنت حاضرًا فيها وهناك الكثير من المعلومات يا ليت الوقت يتّسع لها. </p>
<p>لكن السؤال عنك أنت وهذا يبرز اليوم في هذا المسار، أين أنتم اليوم أستاذ رافي؟ تقول لك زينب: "لماذا كان الإعلام مُغيّبًا عن قيمة مُضافة كمحلّل سياسي مثل الأستاذ رافي؟".</p>
<p>هناك عملية تغييب، هناك سؤال دائمًا هل أنت غائب أم مُغيّب؟ وأين أنت رغم أنه كانت عندك رغبة للترشّح في الأعوام 2000 و2005 و2009 وللدخول إلى البرلمان؟</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: هل يمكننا أن نتحدّث عن عام 1982، أنا كنت على المتحف مسؤول مجموعة عسكرية يسارية، كُنّا نُقاتل ويساريون عراقيون يتطوّعون لقتال الاحتلال الإسرائيلي وتوزّعوا على فصائل لبنانية وسورية وأنا كنت مسؤولًا عن مجموعة من ستة شباب عراقيين، ذهبنا إلى منطقة رأس النبع قرب المتحف من أجل التصدّي للاجتياح الإسرائيلي، الهجوم الإسرائيلي بمحور المتحف كان أرييل شارون يتفقّد دائمًا هذا المحور من أجل أن يُشرف على مُحاولات تقدّم القوات الإسرائيلية التي حاولت التقدّم عدّة مرات ولكن لم تستطع.</p>
<p>وردًا على زينب أنّه بالمرحلة السابقة كان هناك تغييب، الإعلام كان مُغلقًا أمامي لأسباب سياسية، وهذا الإعلام اللبناني قسم منه مُطيّف ومُسيّس ومأجور من قِبَل أطراف خارجية يخدمون المشروع الأمريكي والغربي، ربما أُعتبر صديقاً للمقاومة فليس لي مكان.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: أنت صديق وداعم للمقاومة؟</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: أنا جزء منها وحليفها، هذا ربما جزء لسبب تغييبي على بعض الشاشات والقنوات.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: لأنّك حليف وداعم للمقاومة الإسلامية في لبنان حزب الله؟</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: تمامًا، لأنّه لا يعجبهم رأيي، أنا مُعادٍ لإسرائيل والأمريكي ولا يعجبهم رأيي، وهذه قنوات مُقرّبة من الأمريكي، وكانت في فترة مُقرّبة من أطراف عربية خليجية، فلم تتمّ استضافتي. وكان أيضًا لديّ انتقاد لسياسة حزب الله بالساحة المسيحية لأنّهم حصروا علاقاتهم وتحالفاتهم مع طرف واحد هو جبران باسيل والتيار العوني، بالمقابل كان هناك تغييب للمستقلّين والحلفاء الآخرين من المردة وقوى أخرى مُستقلّة حليفة للمقاومة، تمّ تغييب المسيحيين المستقلين لمصلحة طرف واحد والعلاقة مع طرف واحد. لذلك فضّلت السكوت ولا أنتقد الواقع الحاصل كي لا أختلف مع المقاومة بكلّ صراحة.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: ونحن عندما نتحدّث عنكم سيّد رافي ماديان والوقت قد انتهى، لكننا نتحدّث من خلالك إضاءة على حقيقة الواقع المسيحي لاسيما بين قوسين الأرمني والأرمن ضمن النسيج المؤسّس حتى في لبنان وساهموا في التطوير الاقتصادي والإنتاجي والصناعي، ومن خلال جدّك نختم "آرتين ماديان" كان من المقاومين الذين واجهوا الاستعمار الفرنسي ودعموا الثورة السورية الكبرى؟</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: "آرتين ماديان" مُؤسّس الحزب الشيوعي اللبناني السوري وأسّس الخلايا الأولى في بيروت، لديه مجموعة سبارتكوس الأرمنية من 50 شاباً أرمنياً، وكان لديه مجموعة من رفاقه في منطقة حلب ودير الزور والرقة ودمشق، وبالتالي هؤلاء كانوا يتعاونون مع اليساريين والحزب الشيوعي الفرنسي من أجل مقاومة الاحتلال والانتداب والاستعمار الفرنسي، هو وزّع بيانات وحرّض على تظاهرات وحرّض الجنود الفرنسيين لينتفضوا بسلاحهم ضدّ القادة والجنرالات الفرنسيين، فحكموا عليه بالمحكمة العسكرية الفرنسية في بيروت في المتحف بنفس المكان حكموا عليه بالإعدام ولكن لم يستطيعوا إعدامه فنفوه إلى جزيرة أرواد، وهو أرسل سلاحًا سنة 1926 إلى سلطان باشا الأطرش من خلال موفده علي ناصر الدين.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: والواقع اليوم بالنسبة للأرمن، أرمن لبنان، كيف تجده بجملة، لأنه في الأرقام خصوصًا في الانتخابات هناك رَصْد لتراجع العدد؟</p>
<p> </p>
<p>رافي ماديان: للأسف الأرمن مثل كلّ المسيحيين واللبنانيين كانوا يُهاجرون نتيجة تردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، هناك أكثر من 3000 شاب أرمني في السنوات الأخيرة الثلاث هاجروا من لبنان، هناك تراجع للأعداد إلى ما دون الـ50000، كانوا سنة 1975 حوالى 175000. ولكن يبقى الأرمن قيمة مضافة في هذا المجتمع، هم مُؤسّسون للدولة وللاقتصاد ومُطوّرون للاقتصاد والثقافة والفنون والحِرَف.</p>
<p> </p>
<p>راميا الإبراهيم: ضمن النسيج اللبناني. </p>
<p>شكرًا جزيلًا لك عضو لقاء مستقلون من أجل لبنان إبن الشهيد جورج حاوي الأستاذ رافي مديان، شكرًا جزيلًا لك على المشاركة معنا في برنامج بإيجاز.</p>
<p>والشكر لكم مشاهدينا أينما كنتم، موعد جديد يتجدّد الأسبوع المقبل ودائمًا بإيجاز، إلى اللقاء....</p>