مذبحة آدم

قمر يهلّل للفتح الجديد، قمر كامل لأجلنا.

مذبحة آدم (Andrew Kent-Marvick)

لوَّحت بمنديلها.. 

قمراً ، قمراً للمذبحة 

هذي الأصابع طعنات..

فنامي على سرير البرتقال يا حواءُ 

تشرينُ يشحن الجو بالكثافةِ 

يشدّ عروة الصدرِ

أكاد لا أتنفّس..

يدخل الأحياءُ 

يخرج الميتون 

أنا فجأة لا أحد 

تتّسع دائرة الضوء

حول شخوص المشهد ما قبل الأخير 

يجلس الملك الرابِط صهوة خيله 

بين ملح العفاريت ، وصندل الهند

مملوك بعينين إفرنجيّتين 

خلفه عبدٌ 

يُخفّف عنه رطوبة وجودي وهواء فمي 

هسهسة عقد على جيد جارية 

تغلق شهوة الموت 

يغنّي الآس في المزهرية 

قاضيان يرميان بنرد الشهود 

اتهم بشيء لا أدري ما هو 

ينصبون مشنقتي..

أصعد إلى حتفي 

بين قدم الجلاّد 

وصعود الكهرباء الباردة 

قمر يحتل موقعه 

يكدِّس ساعاته في مسام أوردتي 

تشرين يمتدح زفرة الفناء في دمي 

يطفو الليل..

رويداً، رويداً 

يُتمتم أغنية غريبة 

كأنني أموت ولا أموت 

تنطفئ الجموع تحت دخان المأساة 

قمرُ لأواخر تشرين 

طريقنا مُدجّجُ بالصرخات 

قمرُ يُهلّل للفتح الجديد 

قمرٌ كامل لأجلنا

يترجم كلام الغيب 

يوزّع معونته الشهرية من أفيون الأمل 

لمَن هم أقل حظا ً وسعادة 

قمرُ ناعم من حرير وجعنا 

يستر عورة ليلنا 

يفضح كلامنا المرتد على جدران النفس 

يذوّب ليل تشرين 

يحمل مسدسه الفردي 

يطلق النار على ظلالنا 

يفتح مائدة السهر 

يملأ كؤوس نبيذنا المر 

قمر ُ لبدايات النهايات 

لنهايات النهايات 

لاستعادة كلمات الموت 

لجَلد الحسّ بسوط الحسّ 

قمرُ مهزومُ ، مُتهالِكُ 

يذيع في أجسادنا بخوره 

يغرز مقصّه في لحمنا 

وأوراق زيتونه 

يدقّ بمزوده الحجري على نحاس الانتظار 

يجهّز أكفان الرحيل إلى الرحيل 

قمرُ واضح الشحوب 

يحلّق كطائرٍ فضي في فضاء الروح المستعبدة 

يزاوج خفاش عتمتنا قاق صباحاتنا 

يكتب فصل كبريائنا الهزيل 

خطابات أحلامنا المؤجّلة 

يهبط إلى أوكار تعاستنا 

يسحب سجادة الأرض 

لنهوي إلى هاويتنا 

أكثر خفّة وأقل إيمانا 

قمر ٌ أخرس ٌ 

يُقدّد لحم ساعاتنا 

يدجّن أصواتنا.. 

قمر ٌ حلزوني الشكل

يلتفّ حولنا كقوقعة 

لنجرجر إلى الأبد حاضرنا الماضي 

سيغني على إيقاع ليلك الأخير.. كلماتك الأخيرة 

قمرٌ لميلاد السراب المُتناقِص منك 

لسمائك المُحاصَرة ، لاندحار الغمام 

أمام هجوم الغمام 

لغيابك الدائم عن الغياب 

لنهارك المنهارِ

قمرٌ لك أنت وأنت لا تزال أنت 

توازن نفسك على خيط سحاب 

تُخرج الدروب منك إلى آخرك 

تتقمّص أشكال كائنات سبقتك إليك 

تلبس أزياء عصورك المُتباعِدة 

لم تغيّرك الأشياء ولا السنون 

لم تغيرّك حروب السادة – الرعاع 

لمَن حنطوا أجساد عبيدهم 

ليبنوها أهراماً وهياكلا 

مَن سكبوا كلام السماء على بردي أحلامهم 

فصارت أصناما 

لم يقنعك هذا الوجود المؤسّس على التثليث 

"أب يقتطع من شجيرة روحه فرعاً، يسقيه من خمر الوهته قُدساً حاضراً محتضراً منه فيه" 

وقال له: سر ومن معك على طريق جلجلتي

 

ترحب الصفحة الثقافية في الميادين نت بمساهماتكم بنصوص وقصص قصيرة وشعر ونثر، وكذلك المقالات والتحقيقات التي تتناول قضايا ثقافية. بإمكانكم مراسلتنا على: [email protected]