"برنامج العائلة الفلسطينية": تثبيت حق مئات الآلاف ببلدهم

تأسست "هوية" على همّ توثيق وجمع العائلات الفلسطينية، وتثبيت حق المهجرين الفلسطينيين بأرضهم، وانجزت حتى الآن توثيق 6 آلاف عائلة.

  • فلسطينيون يتقفون أثر عائلاتهم المشتتة بالنكبة
    فلسطينيون يتقفون أثر عائلاتهم المشتتة بالنكبة

برنامج "العائلة الفلسطينية" هو مدماك جديد للعودة الحتمية، وضعته مؤسسة (الـمشـروع الـوطني للـحفـاظ على جذور العائلة الفلسطينية- "هوية") للاثبات أن الفلسطينيين المهجرين خارج فلسطين، في الشتات، أو في داخلها، هم أبناء البلد الأصليون، وهم تجذرّوا فيها قبل النكبة.

انطلق العمل في الذكرى الستين للنكبة، ومضى عليه 12 عاماً، شارك فيه، مع "هوية"، 20 رابطة وجمعية فلسطينية في لبنان تهتم بشؤون العائلة، و30 رابطة في الأردن، بالإضافة إلى 400 متدرب، حققت الجهود خلاله توثيق 6 آلاف عائلة فلسطينية، من مختلف مدن فلسطين، وبلداتها، وقراها المهجرة، معتمدة على ركيزة "شجرة العائلة" التي تتمدد فيها أعداد الأفراد باتساع غير محدود.

تحضيرات

مدير "هوية" ياسر قدورة تحدث لـ "الميادين نت" عن سبب اختيار العائلة للبرنامج، ذلك أن "العائلة الفلسطينية هي نواة الشعب الفلسطيني"، كما قال، متابعاً: "العائلة كانت مستهدفة بالمشروع الصهيوني تماماً مثل الأرض الفلسطينية، ونالت من الأذى، والتشريد ما طال الأرض من تدمير واحتلال، فرأينا أن العائلة، والإنسان الفلسطيني، يستحق الاهتمام، والعناية، فتم التوافق على عنوان "شجرة العائلة الفلسطينية". 

بداية العمل كانت وضع مخطط تنفيذ البرنامج، واستند في انطلاقته على مؤلفات عن أصول العائلات الفلسطينية، وكتب وأبحاث عن المدن والقرى، ومواقع الكترونية مختلفة مهتمة بالشأن، وعشرات الأعمال الفردية المنشورة في منصات إعلامية مختلفة.

  • قدورة مستضيفا مهجرين يوثق عائلتهم
    قدورة مستضيفا مهجرين يوثق عائلتهم

قدورة يوضح آليات العمل التي اعتمدت توصلا لما تحقق: "خصصنا الأشهر الستة الأولى للبحث، والاطلاع على الجهود المبذولة، والأعمال المنجزة سابقاً في مجال شجرة العائلة الفلسطينية. وجدنا أن شغف الفلسطيني بجمع شجرة العائلة كبير، والأعمال المنجزة كثيرة، ولكنها مشتتة، وتحتاج إلى جهد كبير لجمعها، وتوظيفها في خدمة "مشروع وطني".

مراجع

ثم عرض ما تم العثور عليه وفق عدة أقسام: الأول، مراجع، وكتب متخصصة منها مثلاً كتاب "كشف النقاب عن الجدود والأنساب في مدينة رام الله" لمؤلفه عزيز شاهين الذي رسم شجرات عائلات "رام الله"، وكتاب "تاريخ الناصرة" لمؤلفه القس أسعد منصور الذي طبع عام 1924، وتضمن شجرات العائلات في الناصرة، وغيرها من المراجع.

الثاني، كتب وأبحاث عن مدن وقرى فلسطينية تضمنت فصولاً تناولت شجرات عائلات البلدة على سبيل المثال: سلسلة الكتب الصادرة عن مركز الوثائق والأبحاث في جامعة بيرزيت تحت عنوان "القرى الفلسطينية المدمرة".

الثالث، مواقع الكترونية عائلية محترفة أفردت لشجرة العائلة مساحة كبيرة، وقامت بعمل احترافي في مجال جمع وعرض شجرة العائلة مثل موقع عائلة "الآغا الغزية" و"الخالدي المقدسية"، وغيرها.

الرابع، عشرات الأعمال الفردية المتواضعة المنشورة في مواقع فلسطينية أو صفحات شخصية.

  • لم شمل العائلات المشتتة بالهواتف
    لم شمل العائلات المشتتة بالهواتف

تطبيق لجمع التراث

أولى الخطوات العملية في المشروع كانت العمل على جمع هذا التراث، والتفكير بالآليات المناسبة لوضعه بين أيدي الناس، وإتاحة الفرصة لتطويره، وإشراكهم في تحديثه، بحسب قدورة.

نتيجة لذلك التوجه، أوضح قدورة أنه "كان لا بد من بناء برمجة تطبيق خاص لبناء شجرة العائلة على موقع "هوية" لأن ما هو متوفر في السوق التجاري لم يكن متلائماً مع قواعد العمل التي اعتمدها المشروع".

صعوبات

ويستعرض قدورة صعوبات عديدة واجهت الانطلاق، وأبرزها حصر جذور العائلات، بما يتماشى مع هدف المشروع وهو إثبات انتماء العائلة إلى موطنها في فلسطين قبل النكبة عام 1948، إضافة إلى اختلاف الثقافات، والعادات التي اكتسبها الشعب الفلسطيني في مختلف بلاد الشتات.

ومن الصعوبات العملية التي واجهت العمل أيضاً، "تعدد أو اختلاف اسم العائلة للأسرة الواحدة، فعند إجراء الإحصاءات وتوثيق أسماء اللاجئين في مختلف بلاد الشتات، كان كل رب أسرة يسجّل اسم العائلة بطريقة مختلفة، فالبعض سجّل باسم الجد، والبعض سجّل اللقب الذي تعرف به العائلة، وهكذا صار الأخ وأخوه يحملان اسم عائلة يختلف عن الآخر.

أضف إلى ذلك الأخطاء الإملائية في تسجيل العائلات، أو اختلاف التسميات حين الترجمة للغة الانجليزية في سجلات الأونروا مثلاً، وما شابه من إشكالات.

  • توثيق ورقي للعائلات
    توثيق ورقي للعائلات

العمل الميداني

اجتاز المشروع مراحل التأسيس، وجمع المراجع، والصعوبات التقنية، ثم بدأ بالعمل الميداني، وهو الأهم. يقول قدورة: "المرحلة الأخرى كانت بالنزول الميداني، وزيارة العائلات بشكلٍ مباشر، وجمع الشجرة ورقياً، وبعد عدة زيارات واستكمال العمل يتم رفعه للموقع".

رغم الصعوبات والنواقص مثل رحيل كبار السن، لكن حصر النسب في مرحلة ما قبل 1948 الحديثة، أدى الغرض المطلوب، "ألا وهو تبيان تسلسل النسب في العائلة بما يثبت وجودها وانتماءها لبلدتها في فلسطين”، يوضح قدورة.

هذا العمل الميداني انطلق بشكلٍ متزامن في كل من سوريا ولبنان والأردن، وإن كان تطور وتسارع الأحداث في سوريا قد أعاق العمل بشكلٍ كبير، بحسب قدورة، مضيفا أنه "جرت الاستفادة من انعقاد فعاليات كبرى مثل معارض الكتاب أو المعارض والأنشطة التراثية لحجز ركن خاص بالمشروع، واعتماد نموذج ورقي مبسط لجمع جزء يسير من شجرة العائلة للزائرين، ما شجّع الشباب والطلاب على المشاركة في هذا البرنامج”.

  • مشتت يبحث عن أهل أو أنسباء
    مشتت يبحث عن أهل أو أنسباء

إعادة تواصل

من منجزات البرنامج خلال هذه السنوات، أنه تمت إعادة التواصل، والتعارف بعض أبناء العائلات الذين فرّق بينهم التهجير، عبر موقع "هوية"، ويفيد قدورة أننا "تلقينا اتصالات من بعض الأشخاص لطلب أرقام أو عناوين لأقرباء لم يكونوا على معرفة بهم، ولكنهم عثروا على أسمائهم من خلال شجرة العائلة".

ويختم: "تجارب ومحطات تعطي حافزاً لمزيد من الجهود، وتعتبر "شجرة العائلة" هي واحدة من الوثائق المادية التي يمكن لكل فرد فلسطيني أن يتسلح بها لتثبيت حقه في العودة إلى وطنه في وجه المزاعم والادعاءات الصهيونية".

  • الهاتف وسيلة تواصل  بين العائلات
    الهاتف وسيلة تواصل بين العائلات