هل سيخرج الدم الاصطناعي من المختبر قريباً؟
لا تزال عملية التبرع بالدم في العديد من البلدان قليلة جداً. علماء يبحثون عن بديل له "الدم الاصطناعي" من المختبر. إلّا أنّ تطوير دم قابل للاستخدام على البشر عالمياً لايزال عملية معقدة. اليابان أول دولة تجري تجربة سريرية على البشر.
-
تغيير جذري في الصحة العالمية: الدم الاصطناعي العالمي من اليابان يدخل مرحلة التجارب البشرية (Medium)
هناك نقص في احتياطات الدم في جميع أنحاء العالم. وحسب منظمة الصحة العالمية، تواجه خدمات التبرّع بالدم في العديد من البلدان تحدياً يتمثل في توفير ما يكفي من الدم المأمون.
وحسب الصليب الأحمر الألماني هناك حاجة إلى حوالى 112 مليون عملية تبرّع بالدم في جميع أنحاء العالم سنوياً، ويمكن علاج ما يصل إلى ثلاثة أشخاص مصابين أو مصابين بأمراض خطيرة بتبرّع واحد بالدم.
ومع ذلك فإنّ المتبرعين بالدم يتوزعون بشكل غير متساوٍ، ويتم جمع 40 في المائة من الدم في البلدان ذات الدخل المرتفع حيث يعيش 16 في المائة فقط من سكان العالم. إلّا أنه لا يتم عادة تصدير احتياطي الدم من أوروبا على سبيل المثال إلى أفريقيا أو آسيا.
وحتى في البلدان ذات الدخل المرتفع فهناك حاجة مستمرة لاحتياطات الدم. وفي كثير من الأحيان حتى المدفوعات النقدية أو الهدايا المغرية أو القسائم لا يمكنها في كثير من الأحيان إقناع عدد كافٍ من الناس بالتبرّع بالدم. ففي ألمانيا وحدها هناك حاجة إلى حوالى 15,000 وحدة دم كل يوم.
Blood not safe due to the mRNA they keep pushing?
— “Sudden And Unexpected” (@toobaffled) June 17, 2025
Artificial blood is on its way!https://t.co/8Z5WJsKJbi pic.twitter.com/W1h3leZ2ui
الدم الحيواني يختلف عن دم البشر ولا يمكن استخدامه
إنّ فكرة استخدام الهندسة الوراثية لتعديل الدم الحيواني بحيث يمكن إعطاؤه للبشر كتبرّع بالدم قد تكون ممكنة نظرياً، لكنها تنطوي على تحديات كبيرة. ويرجع ذلك إلى أنّ خلايا الدم الحمراء الحيوانية تختلف اختلافاً كبيراً عن خلايا الدم الحمراء البشرية من حيث تركيبها السطحي.
يتعرّف الجهاز المناعي البشري عموماً على الدم الحيواني على أنه دم غريب ويرفضه. ولذلك يجب إزالة جميع المستضدات ذات الصلة من الناحية المناعية أو إدخال مستضدات بشرية فيها وهي عملية معقدة للغاية. وهذا هو السبب في أن استخدام دم الحيوانات كمتبرع بالدم للبشر أمر ليس واقعياً بعد.
البحث عن دم اصطناعي عالمي
وفي إطار البحث عن بدائل يتبع الباحثون في جميع أنحاء العالم، هناك أساليب مختلفة للغاية لإنتاج الدم الاصطناعي. على سبيل المثال يقوم الباحثون بتعديل خلايا الدم الجذعية بحيث يمكن لخلايا الدم الحمراء نقل المزيد من الأكسجين، أو أنهم يطورون إنزيمات يمكنها تحييد فصائل الدم لجعل الدم أكثر توافقاً عالمياً. كما يجري تطوير خلايا الدم الحمراء الاصطناعية التي لها عمر افتراضي أطول.
لكن تطوير الدم الاصطناعي لا يخلو من المخاطر. إذ يمكن أن تحدث تفاعلات مناعية إذا تفاعل الجسم مع الإنزيمات أو مكونات الدم الاصطناعي الغريبة، وبالتالي تحصل هناك تفاعلات مهددة للحياة. لذلك يجب أن يؤدي الدم الاصطناعي جميع وظائف الدم الطبيعي، وأن يكون قابلاً للتطبيق عالمياً.
أكثر مناهج البحث الواعدة
لقد أصبحت بعض طرق إنتاج الدم الاصطناعي جاهزة تقريباً للاستخدام، بينما يحتاج البعض الآخر إلى مزيد من الاختبارات، بما في ذلك على البشر لضمان سلامة منتجات الدم الجديدة هذه.
Japanese scientists have created artificial blood that works for any blood type.
— Massimo (@Rainmaker1973) June 3, 2025
It’s made from expired donor blood and can last up to 5 years in the fridge or 2 years on a shelf, unlike regular blood that spoils in just 42 days.
This discovery could be a major breakthrough in… pic.twitter.com/sli4KSh9DI
1- التعديلات الجينية في خلايا الدم الحمراء
طوّر باحثون في جامعة ستانفورد وجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو طريقة جديدة باستخدام مقص الجينات CRISPR لتعديل بعض الخلايا الجذعية في نخاع العظم، بحيث تنتج المزيد من صبغة الدم الحمراء (الهيموغلوبين). وهذا يمكّن خلايا الدم الحمراء من نقل المزيد من الأكسجين. ومع ذلك لا يمكن حتى الآن إنتاج سوى كميات صغيرة جداً بهذه الطريقة تبلغ حوالى 1 في المائة من التبرّع بالدم العادي. ومع ذلك ونظراً لعدم وجود مضاعفات أو آثار جانبية فقد تمّ الترحيب بهذه النتائج باعتبارها إنجازاً طبياً كبيراً.
2- تحييد فصيلة الدم بإنزيمات من بكتيريا الأمعاء
اكتشف علماء من الدنمارك والسويد إنزيمات من بكتيريا معوية يمكنها إزالة مواد معينة من خلايا الدم الحمراء. وتحدد مستضدات فصيلة الدم ABO هذه فصيلة الدم على سبيل المثال A أو B. إذا تمت إزالتها تصبح خلايا الدم من الفصيلة 0 والتي يمكن إعطاؤها لأي شخص تقريباً. ومع ذلك تبقى بقايا صغيرة في الدم والتي يمكن أن تؤدي إلى ردود فعل تحسسية قوية لدى بعض الأشخاص. ويتمثل التحدي الكبير أيضاً في إزالة ما يسمى بعامل "ريسوس" أيضاً.
3- كويرات الدم الحمراء النانوية: خلايا الدم الحمراء الاصطناعية الصغيرة
يعمل باحثون في جامعة ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأميركية على بناء كويرات دم حمراء اصطناعية صغيرة جداً تعمل تماماً مثل الكويرات الحقيقية. وعلى الرغم من أنّ حجم كويرات الدم الحمراء النانوية هذه لا يزيد عن عُشر حجم كويرات الدم الحمراء الحقيقية، إلّا أنها لا تزال قادرة على نقل نفس كمية الأكسجين. وتتميز خلايا الدم الصغيرة هذه بمرونتها الشديدة ويمكنها أيضاً أن تتدفق عبر الأوعية الدموية الضيقة. وبما أنها تدوم لفترة طويلة في درجة حرارة الغرفة فهي مثالية للاستخدام في حالات الطوارئ أو الكوارث.
ومع ذلك يجب ألا تؤدي خلايا الدم الاصطناعية تحت أي ظرف من الظروف إلى التكتل أو التجلّط، أو تحفيز ردود الفعل المناعية. بالإضافة إلى ذلك لا يمكن حتى الآن استنساخ كميات كافية من خلايا الدم الاصطناعية في المختبر، وبالتالي لا يمكن حتى الآن إثبات سلامتها وفعاليتها على نطاق واسع بشكل كافٍ.
4- التطبيقات العسكرية لتحسين الأداء
يدعم الجيش الأميركي الأبحاث التي يتم فيها تحميل خلايا الدم الحمراء الطبيعية بجزيئات نانوية خاصة. ويهدف البرنامج البحثي للوكالة الأميركية (وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتقدمة) المسمى "مصنع خلايا الدم الحمراء" إلى مساعدة الجنود على التأقلم بشكل أفضل مع مستويات الأكسجين المنخفضة. على سبيل المثال في المرتفعات العالية أو في درجات الحرارة أو البرودة الشديدة أو أثناء بذل مجهود كبير أو في وجود مسببات الأمراض أو الأمراض المتوطنة مثل الملاريا. ويبدو أنه يتم إجراء أبحاث مماثلة أيضاً في الصين.
5- تحويل المخزون القديم إلى دم عالمي
في اليابان يقوم الباحثون في جامعة نارا الطبية باختبار حويصلات الهيموجلوبين الاصطناعي على البشر منذ أذار/مارس الماضي. يتم الحصول على فقاعات الهيموجلوبين من احتياطي الدم القديم غير المستخدم. ويمكن لهذه الحويصلات نقل الأكسجين بشكل جيد وهي مناسبة لكل فصائل الدم.
وقد نُشرت البيانات الأولى للتو في حزيران/يونيو الجاري، في مجلة الأعضاء الاصطناعية. وكان بعض الأشخاص الذين خضعوا للاختبار يعانون من حمى طفيفة، لكن النتائج واعدة جداً لدرجة أنّ الباحثين يريدون أن يتم التصريح باستخدام هذه الطريقة اعتباراً من عام 2030.
تتم متابعة كل هذه الأساليب الواعدة بأقصى سرعة. ولكن قد يستغرق الأمر سنوات قبل أن يتوفر الدم الاصطناعي بكميات كافية وبالسلامة اللازمة للاستخدام على نطاق واسع. وحتى ذلك الحين سيظل التبرّع بالدم أمراً لا غنىً عنه في طب نقل الدم.
Japan will begin human trials in 2025. This purple, lab-made blood is created from expired donor blood, works for all blood types, and has a shelf life of up to two years. pic.twitter.com/uCT7R3d8u0
— illuminatibot (@iluminatibot) June 2, 2025