ما هي كفايات القرن 21 التي يحتاجها القطاع التربوي؟

تمثّل الكفايات القدرات والمهارات التي يستطيع الفرد من خلالها اعتماد مختلف أنواع المعارف وأشكالها.. فما هي الكفايات التي يحتاجها القطاع التربوي؟

  • ما هي كفايات القرن 21 التي يحتاجها القطاع التربوي؟
    ما هي كفايات القرن 21 التي يحتاجها القطاع التربوي؟

إنّ الكفايات عبارة عن مجموعةٍ من القُدرات والمهارات التي تُشكِّلُ البنية الأساسيّة للسيرورات المعرفيّة، وهي تُمثِّلُ مستوى الوَعي ودرجة المهارة التي يستطيعُ بها الفرد اعتماد مختلف أنواع المعارف وأشكالها، وخاصّةً المعارف اللغويّة، والرياضيّة، والتواصليّة.

ولكي يتمكَّنَ الفردُ من الحصولِ على هذه الكفايات، لا بُدَّ من أن تكون الهيئة التعليميّة في مؤسَّسات التعليم العالي مُتمكّنة من هذه المهارات والكفايات حتى تستطيع إيصالها بالطريقة المطلوبة إلى الطلاب عبر برامج هذه المؤسَّسات وسياساتها.

وهذا يؤدّي دوراً أساسيّاً في بناء رأس مالٍ بشريَ يُحاكي تطلّعاتِ المُنظّمات التي تطمحُ إلى الحصول على طاقمٍ من الموارد البشريّة المؤهّلة لمواكبة تطوّرات العصر وتحديّاته، من خلال امتلاكها المهارات والكفايات المطلوبة التي يلعبُ التعليمُ العالي دوراً بارزاً وأساسياً في تمكين الفرد منها.

لقد دخل مفهوم الكفاية إلى الأدب التربوي في ستينيات القرن الماضي، وقد كان هذا المفهوم مُسْتَخْدَماً قبل ذلك في الميادين العسكرية والصناعية والاقتصادية، وتقوم حركة التربية القائمة على الكفايات على توصيف الكفايات مُستخدمة المنهج التحليلي للأدوار والمهام التي يقوم بها المُعلّم، وتحديد القُدرات والمهارات والمعارف التي يحتاجها المُعلّم ليقوم بأداء تلك الأدوار على الوجه الأكمل.

والمقصود بحركة تربية المُعلّمين على أساس الكفايات، تلك البرامج التي تحدِّد أهدافاً دقيقة لتدريب المُعلِّمين، وتحدِّد الكفايات المطلوبة بشكلٍ واضحٍ ثم تُلْزِم المُعلِّمين بالمسؤولية عن بلوغ هذه المستويات، ويكون القائمون بتدريبهم مسؤولين عن التأكّد من تحقيق الأهداف المُحدَّدة.

وقد ظهرت الحاجة إلى هذه الكفايات نتيجة فشل التربية التقليدية في تحقيق أهدافها بشكلٍ إجرائي، وقصورها في إعداد المُعلِّم وتدريبه، حيث أن مردودها التربوي لا يؤهِّل المُعلِّم للقيام بعملية التدريس بشكلٍ مُرضٍ، فهي تركّز على الجانب النظري التقليدي في إعداد المُعلِّمين، الذي يُهتّم بإمداد المُعلِّم بالمعلومات والمعارف النظرية من خلال دراسة مُقرَّرات تربوية تجعله مُعلِّماً قادِراً على تحمّل أعباء المهنة ومسؤولياتها.

في حين تستند حركة تربية المُعلِّمين القائمة إلى الكفايات على تحديد الكفايات المُرتبطة بأدوار المُعلِّم ومسؤولياته في الموقف التعليمي، إنها تعتمد الكفاية بدلاً من المعرفة.  

ومن أجل تحقيق هذه الكفايات لابدّ من فضاءٍ ومحيطٍ يسهام في ذلك. فالجامعة أو المدرسة تساعد المُتعلِّم على التعلُّم بسرعةٍ وبمرونةٍ ويكون مُبْدِعاً ومُجدِّداً ويقضي وقتاً مهماً في اكتساب كفايات أساسية مُرتبطة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والفنون والرياضيات ونقد الأفكار وتحليل نصوص من أجل استخراج أفكار مُلائمة ومهمة، والمُدرِّس مُسهِّل ومُدرِّب يرتكز حول كيف نتعلَّم؟ أكثر مماذا نتعلَّم؟ وتقويم المشاريع" والمُرتبطة أساساً بأنشطة الحياة المدرسية"، ترتكز على عمل المُتعلِّم في المشروع ويتمّ وفق شبكة معيارية تبرز فيها التشارُكية وبناء المعرفة والتقويم وحلّ المشكلات واستعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال والتواصُل. ولقد اعتمدنا في عرض الكفايات إلى توزيعها على مجموعاتٍ بحسب موضوعها على النحو الآتي:

الكفايات العامّة ذات الطابع العرفاني

* كفاية حلّ المسائل المُركّبة: وهي القدرة على إيجاد الحلّ المناسب لمسألة مُعقَّدة من خلال وضع عدّة فروض تساعد في البحث عن أساس المشكلة للتوصّل إلى حلٍّ مقبول.

* كفاية التفكير الناقد: تساهم في تحليل الإمكانات، والأفعال، والتوجّهات المُعْتَمَدة لمُعالجة وضعيّة مشكلة مُعيّنة، وشرح العوامل التي تتحكَّم فيها من خلال تحليل الأدلّة والبراهين التي وُجدَت من أجل التوصّل إلى الحلّ المناسب.

* كفاية اعتماد التكنولوجيا الحديثة: التي تُسْتَخْدَم في استثمار العمل التعليمي التعلّمي من أجل تحقيق مشروعٍ في الحياة العامّة.

* كفاية الإبداع: تأتي أهميّة هذه الكفاية من خلال التغيّر السريع الحاصل في العالم في ضوء تطوّر الاكتشافات والاختراعات المتواصلة في مجالات العلوم، وتداعيات العولمة التي فرضت على الفرد بشكلٍ شبه مستمرّ استنباط طرائق واستراتجيّات جديدة للتكيّف مع الأوضاع المُحيطة به، والمُستجدّات التي تفرض نفسها عليه وعلى مجتمعه.

* كفاية اعتماد طرائق عمل واستراتجيّات مناسبة: من خلال وضع أكثر من طريقة لإنجاز مهمّة ما، والتمكين من إدارة الوقت بالشكل المطلوب، فضلا عن الشعور بالسعادة والرضا لما يتمّ العمل به، واستخدام أفضل وسائل الاتصالات المُعقّدة للوصول إلى الهدف.

 الكفايات العامّة ذات الطابع الاجتماعي

* كفاية التواصُل مع الغير: يستطيع الفرد، من خلال هذه الكفاية، إقامة تواصلٍ فاعلٍ مع الغير، إذ بإمكانه لَفْت أنظار الآخرين من خلال أفكاره التي يطرحها أمام الغير بأسلوبٍ ومضمون مناسبين للظرف الذي تمّ فيه التواصُل.

* كفاية التعاون والتشارُك: يكون الفرد من خلالها قادراً على العمل مع أفرادٍ مختلفين في التوجّهات، والطباع، والأهداف، والاستماع بعناية إلى أفكار الآخرين ومُقترحاتهم، ويكون الفرد من خلال هذه الكفاية مؤمِناً بأهميّة العمل الجماعي الذي يستطيع من خلاله تحقيق الأهداف بأقلّ عناء.

* كفاية العيش معاً: تتمثّل في قُدرة الفرد على العيش مع الآخرين، واحترام التنوّع الثقافي والديني، والتفهّم لاتجاهات الآخرين، والتواصُل الفكري مع الثقافات الأخرى.

كفاية عامّة ذات طابع وجداني

تضمّ هذه المجموعة كفاية واحدة، وهي كفاية التعرّف على الذات وعلى إمكاناتها وحدودها، وتتمّثل في القدرة على الوعي بالسِمات الشخصيّة، وحسّ الانتماء إلى جهةٍ معينة (وطن، أمّة، حضارة، تاريخ، ..إلخ)، إذ تؤثّر بالفرد على مستوى سلوكه واتجاهاته، وقِيَمه، وتصرّفاته اتجاه نفسه والآخرين والمجتمع.

وعليه، لقد تميَّز العالم اليوم بتوسّع معرفي ما يفرض علينا متابعة مُستجدَّات سوق العمل على الصعيدين المحلي والدولي ومواءمة برامج التعلّم المختلفة، وإن أهميّة إكساب المُتعلِّمين كفايات القرن الحادي والعشرين تتحقَّق بالإستناد إلى نموذج تكويني قوامه أن يتحوَّل المُدرِّس من مهني مُختصّ في مجال التعليم إلى مهني مُختصّ في مجال التعلّم وظيفته إعداد التلاميذ إعداداً يجعل منهم مُتعلِّمين مدى الحياة.