"أسبوع أفلام المقاومة والتحرير": تونس تحتفي بالانتصار

"أسبوع أفلام المقاومة والتحرير" في تونس يختتم فعاليات دورته الثانية، وتأكيد على إحياء فعل المقاومة كنمط حياة.

  • "أسبوع أفلام المقاومة والتحرير": تونس تحتفي بالانتصار

"تسقط الأجساد لا الفكرة"، يقول غسان كنفاني مدافعاً عن استمرار المقاومة ودفاع أهلها عن القضية الفلسطينية في وجه المحتلين، ويُضاف إليهم اليوم المطبعون. 

في هذا السياق، اندرجت الدورة الثانية من "أسبوع أفلام المقاومة والتحرير" التي اختتمت فعالياتها أمس الأحد في مدينة الثقافة في العاصمة التونسية، محتفية بذكرى هزيمة لبنان لــ"إسرائيل" في العام 2000، وانتصار غزة والمقاومة الفلسطينية في معركة "سيف القدس".

البداية كانت مع الفيلم الفلسطيني "أرض الحكاية" (إخراج رشيد مشهراوي)، الذي يوثق العدوان المستمر على القدس وأهلها. يرصد مشهراوي من داخل عربة متحركة أزقة القدس، مستنطقاً بيوتها قبل سكانها، وناقلاً ظروف العيش تحت أسقف بيوت لم تعد صالحة للسكن، ولا يسمح الاحتلال لأهلها بإصلاحها، في خطوة متعمدة لإفراغ المدينة التاريخية من أهلها وتغيير ملامحها.

ينقل لنا الفيلم ما يتعرض له المقدسيون من مضايقات، ليجبروا على إخلاء بيوتهم، لكنّهم على الرّغم من ذلك يتمسّكون بها ويرفضون المغادرة، ويصرون على المقاومة والصمود حتى الرمق الأخير.

طوال مسيرته، حمل مشهراوي قضيّة وطنه. وفي رصيده، أفلام عدة كان أولها "جواز سفر"، ثم "الملجأ" و"دار ودور" و"أيام طويلة في غزة". 

المهرجان الذي نظمته "الجمعية اللبنانية للفنون - رسالات"، ستتواصل عروض أفلامه في ولايات تونس. ومن هذه الأفلام، "أمينة" للفنان السوري أيمن زيدان، تجسّد خلاله الفنانة نادين خوري دور البطولة، وتدور قصته حول نضال المرأة وقدرتها على تحمل المصائب التي تنزل بأبنائها، ومنها إصابة ابنها بالشلل بسبب رصاصة. يختزل الفيلم ما تكبَّدته المرأة السورية من ويلات خلال الحرب.

ومن جملة الأفلام التي استضافتها قاعة عمار الخليفي، فيلم "السر المدفون" للمخرج علي غفاري (نص: رضا إسكندر ومحمود غلامي، بطولة: عمار شلق وكارمن لبس وباسم مغنية).

يستند الفيلم إلى قصة حقيقية، يبوح خلالها المقاوم اللبناني (عامر كلاكش) لوالدته بسرّ تحضيره لتنفيذ عملية استشهادية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في البنان، وتكتّم الأم على هذا السرّ لمدة 14 عاماً، إلى حين تحرر الجنوب في العام 2000.

تقترن بعض الأسماء بإنتاجات تتطرّق إلى فعل المقاومة بشكل دائم، ومنها المخرج إسماعيل نجدة أنزور، الذي شارك فيلمه "رد القضاء" في فعاليات هذه الدورة، إذ استعرض فعل المقاومة واللحمة الوطنية في سوريا ضد الإرهاب والدم.

في خط المقاومة نفسه، يتناول "خلة وردة" للمخرج اللبناني عادل سرحان واقع الحياة اليومية في الجنوب اللبناني إبّان فترة الاحتلال، بأسلوب فني لا يخلو من الطرافة والفكاهة. ويعيش المشاهد في هذا العمل تفاصيل الحياة اليومية لأهل الجنوب خلال فترة صعبة من تاريخهم.

أما الكاتب والمخرج الإيراني أمير وسارجر، فيلخص في فيلمه "منطقة حظر الطيران" قصة شابين أرادا المشاركة في مسابقة طائرات من دون طيار، ليجدا نفسيهما أمام صراعات وقضايا مختلفة.

إلى جانب العروض السينمائية، تخللت الدورة الثانية من "أسبوع أفلام المقاومة والتحرير" حلقات نقاش وتفاعل مباشر، عبر مجموعة من الندوات تناولت دور السينما في دعم النضال الميداني للمقاومة في ساحات المواجهة، وقضايا أخرى تتمحور حول السينما والمقاومة.

وتنوّعت مواضيع الندوات بين عرض دور المثقف المشتبك وسبل انخراطه في فعل المقاومة الفنية، والتداخل بين قضايا التحرر الفردي والقضايا الأساسية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

وقد أدار الندوة الأولى ضيف المهرجان نائب رئيس تحرير جريدة الأخبار اللبنانية بيار أبي صعب، والإعلامية كوثر البشراوي، والمنتج المسرحي الحبيب بالهادي، والباحثة إيناس التليلي.

وذكر أبي صعب أنَّ "النخب المترفة باعت وعيها، وتم تدجينها، على عكس المثقف المشتبك الذي يقف على خط المواجهة"، مضيفاً أن "الدفاع عن الحريات والديمقراطية يمرّ حتماً من خلال الوقوف إلى جانب فلسطين بعد عقود باعت خلالها الحكومات القضية".

من جانبها، هاجمت البشراوي جامعة الدول العربية، واعتبرتها "خاضعة للإملاءات"، فيما "لم يبقَ لفلسطين غير وعي المثقفين بأهمية تظاهراتٍ مثل أسبوع أفلام المقاومة والتحرير".

أما الندوة الثانية، فقد خصصت لسينما المقاومة، وحضرتها شخصيات لها تاريخ سينمائي مهم، على غرار السوري أيمن زيدان والتونسي النوري بوزيد.

وشدّد زيدان على دور السينما في "توثيق الحرب السورية، في ظل الهجمة الاعلامية الشرسة"، في حين ذكر النوري أنَّ "المقاومة تبدأ من مقارعة السلطة وخلق أساليب للإفلات من الرقابة".

مدير "رسالات" والمدير التنفيذي للعمل، محمد خفاجة، قال في تصريح لــ الميادين الثقافية إن "الجميل في هذه الدورة هو اختيار التوقيت تزامناً مع نهاية القصف وانتصار فلسطين، ولو وقتياً، على الكيان الغاشم"، مضيفاً أن هذه الدورة "نسخة مصغرة، في ظل الوضع الصحي وعدم القدرة على حشد الجمهور، بما أن الإقفال العام كان قبل أيام من انطلاق التظاهرة". 

خفاجة الذي أشاد بموقف تونس من القضية الفلسطينية ورفضها التطبيع، اعتبر أن الحدث "يبعث رسالة مفادها أن الفن خلق للمقاومة"، مؤكداً أهمية عرض الأفلام في تونس في الأيام المقبلة، "ليتمكَّن المشاهد من الاستمتاع بهذه الأعمال وإحياء فعل المقاومة كنمط حياة". 

وحول فعاليات الدورة المقبلة، أشار خفاجة إلى تنظيم أنشطة وعروض فنية أخرى وتوجيه الدعوات إلى شخصيات فنية مختلفة، إذا ما تغيّر الوضع الصحي.

اعتداءات إسرائيلية متكررة على الفلسطينيين في القدس المحتلة ومحاولة تهجيرهم من منازلهم، استدعت انتفاضة فلسطينية عمت الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتبعها عدوان إسرائيلي على غزة تجابهه المقاومة بالصواريخ التي تشل كيان الاحتلال.