مجابهة تداعيات الأزمة.. طرابلس تحيي "يوم الموسيقى العالمي"

مدينة طرابلس في شمال لبنان تحيي "يوم الموسيقى العالمي"، وتتحدى مأساة الانهيار الاقتصادي والمؤسساتي.

  • مجابهة تداعيات الأزمة.. طرابلس تحيي
    فرقة الموسيقى العربية الكلاسيكية (سعادة قاطوع)

حوّل منظمو "يوم الموسيقى" في طرابلس شمال لبنان حفل المناسبة إلى انتفاضة استهدفت الخروج بالناس من قهر مأساة الانهيار الاقتصادي والمؤسساتي، والحصار الذي فرضته جائحة "كورونا" على الإنسانية منذ عام ونصف.

لذلك، عقد "المركز الثقافي الفرنسي" في طرابلس، بالشراكة مع بلدية طرابلس، وجمعية "مدينتي للثقافة والتنمية"، و"معهد المشرق" ومركزه الموسيقي الجديد "الرمان"، وكذلك وزارة الثقافة، و"معرض رشيد كرامي الدولي"، وتضافرت جهود الجميع متخذة من "يوم الموسيقى العالمي" يوماً للخروج من الحصار غير مكتفية بالحفل الموسيقي، بل حولته لمناسبة للترفيه المتعدد الجوانب، مستغرقاً يوماً كاملاً من النشاط.

بدأ اليوم الطويل بلقاء مع الشيف رمزي الذي يعمل في جامعة "الكفاءات"، حيث يجري تحضير لفيلم وثائقي عن مدينة طرابلس وأبرز معالمها. وعقد اللقاء مع الشيف الشهير في "مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي"، الذي كان "قصر نوفل" سابقاً، وهو من العمارة الإيطالية مطلع القرن المنصرم، والذي ترك أثراً على العديد من أبنية طرابلس التراثية، خصوصاً أبنية ساحة التل. 

  • باسم بخاش يقدم وابنته لارا الحفل (سعادة قاطوف)
    باسم بخاش يقدم وابنته لارا الحفل (سعادة قاطوع)

ثم انطلق من المركز ما يزيد على 60 شخصاً في جولة سياحية على عدد من مواقع طرابلس الأثرية، شملت جولتهم عدداً من أبرز معالم المدينة، فزارت بداية ساعة التل، فالجامع المنصوري الكبير، وهو مملوكي، وأقدم مساجد طرابلس، وأكبرها مساحة.

كما زارت حمام عز الدين الذي جرى ترميمه مؤخراً وتم تحويله لمعلم سياحي، وخان الخياطين، وخان الصابون، والقلعة التاريخية، وسوق النحاسين، والسوق العريض.

وبعد انتهاء الجولة أقيم الحفل الموسيقي الثلاثي الأبعاد، الذي تضمن حفلة لساعة مع "كورال الفيحاء" من فنون "الكابيلا"، وحفلة ثانية من الموسيقى الكلاسيكية العربية، وختاماً بحفلة لموسيقى "الراب".

الحفل أقيم في صالة المسرح في معرض رشيد كرامي، الذي تركت نوافذه المتناسقة والمتتالية بصمات جميلة على مناخات الحفل، واستهل بتعريف من رئيس اللجنة الثقافية في مجلس البلدية باسم بخاش الذي عرض لفكرة "عيد الموسيقى" التي "بدأت من فرنسا زمن الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران عام 1982، ثم انتشرت لتصبح مناسبة عالمية"، لافتاً إلى أنه "باتت أكثر من 100 دولة تحتفل بهذا اليوم. أما في فرنسا، فما يناهز 8 آلاف حفلة باتت تقام في الشوارع".

وصرح بخاش لـ الميادين الثقافية عن إقامة المناسبة في هذه الظروف الصعبة، ذاكراً أنه "منذ نحو عامين ونحن نعيش في ظل أوضاع عصيبة جداً وغير طبيعية ومن الصعب تحمّلها. لذلك ارتأينا إقامة هذه الاحتفالية، والهدف إعطاء قليل من الإيجابية، والأوكسيجين الثقافي للمدينة، فالناس اختنقت مع أزمات هذا الوطن التعيس، وعسانا ننجح في إعطاء قليل من الأوكسيجين لنرفع رأسنا من تحت الماء، ونتنفس قليلاً، ويبدو أن الناس كانت بحاجة ماسة لهذه الخطوة، فحضرها 340 شخصاً غصّت بهم الصالة".    

ثم أضاف مستعيداً ما جاء في كتاب "الموسيقى" لجبران خليل جبران إن "الموسيقى كالمصباح تنير القلب، وتطرد الظلمة من النفوس، وترتقي بالروح"، وكذلك استشهاده بالإمام أبو حامد الغزالي وقوله إن "من لا يسمع الموسيقى هو شخص فقير الروح، ومن لم يطرب بها فاسد المزاج. الموسيقى تسمو بالروح وترتقي بها".

وبدأت الحفلة الأولى مع "كورال الفيحاء" الذي بات أحد أهم الفرق العالمية بأداء "الكابيلا"- الغناء الصوتي المتناغم بين عشرات الأصوات - من شابات وشباب من أعضاء الفرقة، من دون مواكبة بالعزف على الآلات الموسيقية. 

كما قدمت الفرقة التي تأسست عام 2003 ويديرها المايسترو باركيف تسلاكيان، أغنيات من التراث العربي، و"حنا السكران" للرحابنة، ومختارات وطنية للفنان مرسيل خليفة، و3 دقات وغيرها.

  • كورال الفيحاء (سعادة قاطوف)
    كورال الفيحاء (سعادة قاطوع)

بعد استراحة قصيرة، أدت فرقة موسيقية طرابلسية باقة من المعزوفات الموسيقية، والأغاني العربية الكلاسيكية الطربية. والفرقة مؤلفة من عدد من الموسيقيين المحترفين، ومن أساتذة الموسيقى في الكونسرفاتوار الوطني في طرابلس وهم: بسام حسين (غناء)، إبراهيم رجب (عود)، سام دعبول (قانون)، وسام بيطار (طبلة)، ربيع محوش (رق).

أما حفل الختام فكان مع مغني "الراب" الطرابلسي بوب عرجا ومجموعة "O6". إنطلق عرجا في العام 2009 على مسرح "الهيب هوب" اللبناني، ومنذ ذلك الحين قام بجولات في جميع أنحاء لبنان. بدأ عام 2014 مسيرته المهنية كمدرب موسيقى للشباب، خاصة خلال الاشتباكات بين جبل محسن وباب التبانة في محاولة لكسر التنافر بين المنطقتين. مجموعته الحالية تشكلت مطلع عام 2021 من شباب من جميع أحياء طرابلس، ومن مختلف الانتماءات، لتقديم رسالة الوحدة والتنوع.