رئيس إتحاد الكتاب التونسيين للميادين نت: البيّنة على مَن ادعى

رئيس إتحاد الكتاب التونسيين حلّ ضيفاً على الميادين الثقافية، فكيف رد على الإتهامات الموجهة للإتحاد؟

اتحاد الكتّاب التونسيين منظّمة ثقافية عريقة تم تأسيسها في بدايات سبعينيات القرن الماضي وهي تضمّ عدداً كبيراً من المعنيين بشأن الكتابة شعراً وقصة ونقداً ومسرحاً. تناوب على رئاسته العديد من الوجوه المعروفة في الأدب من محمّد العروسي المطوي والميداني بن صالح وجميلة الماجري ويتولّى رئاسته حالياً صلاح الدين الحمادي الذي حلّ ضيفاً على الميادين الثقافية، وكان هذا الحوار الذي أجراه معه عبد الوهاب الملوح.

 

هل لكم أن تقدّموا للميادين الثقافية لمحة مُقتضبة عن مسيرة اتحاد الكتّاب التونسيين؟

 

اتحاد الكتّاب التونسيين هو منظمّة مستقلّة من أعرق مكوّنات المجتمع المدني في بلادنا. تأسّس سنة 1971 ويضمّ 24 فرعاً جهوياً في مختلف محافظات الجمهورية.

له مجلة أدبية تصدر كل شهرين، وداريْ نشر كنا حرصنا على بعثهما حالما تولّينا رئاسة المنظّمة منذ أربع سنوات خلت، حتى نساعد الكتّاب التونسيين على نشر كتبهم بعيداً من مشاكل النشر على الحساب الخاص وعن تلاعُب بعض الناشرين بهم، فضلاً عن كون ذلك سيساعد الاتحاد من دون شك على عدم الارتهان لمساعدة الدولة في ما هو مادي.

والاتحاد كما هو معلوم عضو فاعل في عديد من المنظمات الدولية كالاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، واتحاد كتّاب إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، ويرأس اتحاد كتّاب المغرب العربي، وهو أيضاً عضو في المُلتقى الدولي للمؤلّفين.

تولّيتم رئاسة الاتحاد في وقت من أصعب الأوقات التي تمرّ بها تونس على جميع الأصعدة ومنها على الصعيد الثقافي. هل يمكن ذِكر بعض المصاعب وكيف تعاطيتم معها؟

 

فعلاً لقد تولّينا رئاسة الاتحاد في أواخر شهر كانون الأول/ديسمبر 2014، وهي بداية دخول البلاد في الفترة الثانية لما يُسمّى بالانتقال الديمقراطي لحظة تولّي السيّد الباجي قائد السبسي رئاسة الجمهورية وتولّي مجلس النواب الحالي مهامه.

كان الاتحاد آنذاك يعيش فترة من الانكماش امتدت قرابة الأربع سنوات بسبب تراجع دعم مؤسّسات الدولة المادي، وغياب الإرادة لتفعيل هياكله ما أدّى إلى توقّف (مجلة المسار) لسان حال الاتحاد، وتوقّف نشاط النوادي الأدبية التي كانت تنشط بمقرّه.

وقد وطّنت الهيئة المديرة، المنتخبة في المؤتمر التاسع عشر آنذاك، العزم على النهوض بواقع الاتحاد وإعادة الزخم إليه محلياً ودولياً ولكن على أسس وقواعد عمل مُغايرة لما كان معمولاً به قبل الثورة. وقرّرنا أن نفعّل قوانين المنظّمة وأن نتّخذ "مسافة أمان" تجاه الحكومة أياً كان الطرف السياسي الذي يشغلها، وأن يكون لنا دائماً موقف نقدي تجاهها وتجاه ما حصل ويحصل في البلاد، وأن نعمل جاهدين على تنظيف سمعة الاتحاد مما الصق بها طيلة عقود.

وكذلك أن نعمل على إعادة الأدباء والكتّاب والجامعيين إلى الاتحاد. وقد نجحنا إلى حدٍ كبيرٍ في ذلك بعد أن تيقّن كل الفاعلين في المشهد الثقافي من جدّية عزمنا، وبعد أن رأوا آثار عملنا المضني والجاد.

ورفداً لهذا المشروع الذي عكفنا عليه، تمكّنا من تأسيس داري نشر وتوزيع للكتب حتى تكونا بمثابة مشروعين اقتصاديين يُغنيان المنظّمة عن الحاجة إلى الدعم الحكومي ويحقّقان لها الاستقلالية المالية التي حلم بها الأعضاء لعقود.

هل ترون أن السياسة الحالية التي تنتهجها وزارة الثقافة التونسية في مستوى ما ينتظره المثقّفون عموماً والكتّاب بصفة خاصة، وهل هي في مستوى ما حقّقه الكاتب التونسي من نجاحات سواء على مستوى تونسي أو عربي؟

 

لقد واكبنا عمل عديد الوزراء على رأس وزارة الشؤون الثقافية، منهم مَن تحمّل المسؤولية بجدية وكان له مشروع للإصلاح والنهوض بواقع الثقافة في البلاد، نذكر منهم الأستاذة لطيفة لخضر، ومنهم مَن تعامل باستخفاف مع مختلف الفاعلين في المشهد.

لكننا نسجّل وباعتزاز كبير الجهد المبذول وبمثابرة عالية من الوزير الحالي محمّد زين العابدين الذي ما انفكّ يعمل على تحقيق الإضافة في الحقل الثقافي رغم شحّ الإمكانيات بسبب تقلّص ميزانية وزارة الشؤون الثقافية.

فقد شهدنا في عهده استكمال الأشغال في مدينة الثقافة، هذا الصرح المعماري والثقافي العظيم، كما وقع افتتاحها وانطلاق العمل فيها منذ سنة.

كما استطاع أن يطلق كثيراً من المشاريع ذات البُعد الوطني مثل مدن الحضارات ومدن الآداب والكتاب، وهي مشاريع استطاعت أن تفتح آفاق النشاط أمام الجمعيات والفاعلين في الميدان الثقافي بعد أن حلّت حكومة الترويكا اللجان الثقافية وعطّلت بذلك كل فعل ثقافي خاصة في المدن، وكان الأدباء والكتّاب من أكثر المُتضرّرين من ذلك.

كما استطاع الوزير زين العابدين إقناع الحكومة بمُضاعفة الاعتمادات الُمخصّصة لاقتناء الكتب التونسية لفائدة المكتبات العمومية، وهو ما أعلن عنه رئيس الحكومة الحالي عند افتتاح (معرض تونس الدولي للكتاب) منذ سنة.

وللتاريخ فإننا ورغم موقفنا الناقِد والمُندّد بسياسة الحكومة الحالية في مجالات أخرى، إلا أننا كنا نجد دائماً الدعم والتفهّم من السيّد زين العابدين، كما أنه كثيراً ما استجاب لطلباتنا المتعلّقة بالتدخّل لفائدة الكتّاب والأدباء في عديد المسائل، وكان دائماً يأخذ بمُقترحاتنا المتعلّقة بتحسين الآداء في مجال الارتقاء بواقع الثقافة في بلادنا وخاصة في ما يتعلّق بقطاع الكتاب.

فالرجل كما يبدو له مشروع هام وجدّي للإصلاح وتجويد عمل مختلف الإدارات التابعة لوزارته، وهو ما يعكسه عمله الدؤوب والتغييرات التي يُجريها من حين لآخر في مستوى المسؤوليات المتقدّمة في وزارته.

لقد تكاثرت بعد الثورة الجمعيات والمنظمات الثقافية وتعدّدت، كيف تحدّدون موقع اتحاد الكتّاب من هذه الشبكة المُتنامية والتي وصل بالبعض إلى حد وصفها بانفلات الجمعيات؟

 

هذه سمة المجتمعات التي تشهد تغييرات سياسية كبيرة، وقد ساعد مناخ الحريات وتغيير القوانين التي كانت تكبّل مسألة التنظيم المواطني على انتشار ما يمكن تسميته بالانفجار الجمعياتي والحزبي، وصرنا نرى في كل يوم تقريباً انبعاث جمعية أو حزب، وهو أمر محمود في نظري، إذ يمكّن ذلك المواطن من إيجاد إطار يعبّر فيه عن تطلّعاته وهو بالتأكيد آلية من آليات الفعل والتغيير سواء محلياً أو جهوياً أو وطنياً أو قطاعياً.

لا نرى في ذلك ضيراً ولا يمكن بطبيعة الحال الحديث عن أيّة مُقاربة بين منظّمة عُمرها نصف قرن وجمعيات تسعى لتجسيد حضورها في المكان، وكثير منها وجدت وتجد منا دائماً الرعاية والمساعدة طالما لم يكن عملها يتناقض مع أهداف الاتحاد.

استطاع الاتحاد أن يحقّق الكثير من الإنجازات من ذلك كسر المركزية من خلال إرساء شبكة من الفروع داخل البلاد، كما أنشأ (مجلة المسار) التي تصدر بانتظام في شبه غياب كلّي للمجلات الثقافية لتونس ثم داراً للنشر فتحت الآفاق للكتّاب، لكن رغم ذلك يعيب الكثير من المتابعين للشأن الثقافي وقوع الاتحاد في فخّ البيروقراطية وانغلاقه في مستوى التسيير على مجموعة مُحدّدة من الأشخاص هي نفسها تتكرّر بل ويراه البعض إرثاً من السابقين البعض من دون جميع الكتّاب؟

 

ما ذكرته يتطلّب ولا شك أمثلة لتكون أدّلة ملموسة على هذه الادّعاءات، القاعدة تقول: البينة على مَن ادعى. ولكنني سأوضح بعض الأمور في ما ذكرته، فالبيروقراطية ترمى بها الإدارات التي تعمل وفق نظام عمل طبيعي، ونحن في الاتحاد لا أحد منا متفرّغاً لآداء مهامه بما في ذلك مُحدّثك، رغم أن رؤساء الاتحاد السابقين كانوا يتمتّعون بهذا المكسب، ولم يحرم منه سواي رغم مطالبتنا بذلك.

وعليه فنحن نقتطع ما أمكننا من وقت هو في الحقيقة مخصّص لعائلاتنا ولعملنا الإبداعي لنخصّ به متابعة الشؤون الإدارية للاتحاد، ومع ذلك لم يلاحظ لنا أحد من الأعضاء بطئاً في التعاطي الإداري مع أيّ من الملفات.

كما أن مسألة حصر التعامل مع مجموعة محدّدة هذه لم أجد لها تفسيراً، إذ أن هذه الامر موكول بحكم القانون الأساسي للاتحاد لهيئة مديرة محدّدة العدد ينتخبها المؤتمر، فما العيب في ذلك؟

هذا فضلاً عن الحرية المطلقة التي تحظى بها هيئات الفروع المُنتخبة هي أيضاً في تسيير هياكلها الجهوية.

أما التهمة الأخيرة، فهذه لم أستطع فكّ طلاسمها وبودّي أن يضرب لي هؤلاء المتابعون أمثلة عن التقصير في القيام بدورنا وفق القانون الأساسي الذي يجمع الأعضاء المنخرطين في المنظمة، ووفق رؤية الهيئة المديرة المُنتخبة على أساسها من قِبَل المشاركين في المؤتمر العشرين للاتحاد الذي انعقد منذ سنة في جو من الديمقراطية والشفافية شهد به ضيوف المؤتمر من الداخل ومن الخارج.

يقول بعض المُثقّفين إن اتحاد الكتّاب تخلى عن دوره الاجتماعي الذي هو واحد من الأهداف الرئيسة التي من أجلها تأسّس، ويعتبرون أن أنشطة الاتحاد مقتصرة فحسب على المُقرّبين من المسؤولين فيه. ما رأيكم؟

 

العكس هو ما تقوله، فالاتحاد منذ تولّينا مهام تشغيله أصبح له موقف واضح وبيّن مما يحدث عادة في البلاد أو خارجها.

ونحن كثيراً ما عبّرنا عن هذا الموقف المُنحاز لقضايا الشعب والوطن والأمّة في بياناتنا التي نوزّعها على كل وسائل الإعلام، كما ننشرها على موقع الاتحاد وفي صفحة الاتحاد على مواقع التواصل الاجتماعي، وما على الدافع بهذا الرأي إلا العودة إلى هذه المواقع وسيطّلع على مواقفنا في بياناتنا المنشورة.

 

 

ترحب الصفحة الثقافية في الميادين نت بمساهماتكم بنصوص وقصص قصيرة وشعر ونثر، وكذلك التحقيقات التي تتناول قضايا ثقافية. بإمكانكم مراسلتنا على: [email protected]