قصور القاهرة ... وجوه من التاريخ المصري

القاهرة ترخز بالقصور القديمة التي يعود تاريخ بنائها لقرون ... شاركونا هذه الجولة لنتعرف إلى بعضها.

تُعدّ القاهرة من المدن الزاخرة بالقصور القديمة التي يعود تاريخ بنائها لقرون مضت. كما كان لها بالغ الأثر في تشكيل الوجه التاريخي لمصر، حيث كانت مسرحاً لعدد من الأحداث السياسية. بعض هذه القصور تحوّلت الآن إلى مزارات سياحية، فيما آل مصير البعض الآخر إلى الإهمال وأحياناً الهَدْم.

من خلال هذا المقال سنحاول التعريف ببعض القصور التاريخية التي تحوّلت إلى متاحف تضمّ مقتنيات لشخصيات تاريخية بارزة، كما سنلقي الضوء على أخرى طالها الإهمال.

قصر عابدين

يقع قصر عابدين في ميدان الجمهورية بالقرب من المتحف المصري، ويُعدّ أحد أهم المعالم الأثرية في مصر، ليس لمكانته التاريخية فحسب، بل لقيمته الفنية والمعمارية أيضاً. حيث يُعدّ قصر عابدين أحد أهم التحف المعمارية والمزارات السياحية في القاهرة حتى اليوم.

بُنيَ هذا الصرح بأمر من الخديوي إسماعيل بعد تولّيه الحُكم مباشرة في عام 1863، وسُمّي باسمه نسبة إلى عابدين بك أحد قادة الجيوش المصرية، والسبب في إطلاق إسمه على هذا القصر هو أنه بُنيَ محل قصرٍ كان الخديوي قد اشتراه من القائد عابدين بك، وبعد الانتهاء من بنائه الذي استغرق ما يُقارب 12عاماً، اتُّخذ مقراً للحكم منذ العام 1872 وحتى عام 1952، ويدلّ ذلك على أهمية هذا القصر للأسرة التي حكمت مصر طوال هذه المدة.

يضمّ قصر عابدين ما يفوق 500 غرفة بالإضافة إلى الأجنحة والقاعات، منها الجناح البلجيكي الذي خُصِّص لاستقبال ضيوف مصر المُهمّين، وسُمّي بذلك لأن ملك بلجيكا كان أول من أقام فيه. كما يضمّ قاعات عدّة منها قاعة محمّد علي التي تُعدّ أكبر القاعات وأضخمها، فضلاً عن متحف خاص بمُقتنيات أسرة محمّد علي باشا، وعدد آخر من الكنوز والمُقتنيات الفنية.

وبالإضافة إلى ذلك، يحتوي قصر عابدين على مكتبة ضمّت أكثر من 55 ألف كتاب ومسرحاً فيه مئات الكراسي ما يزال يُستخدَم حتى الآن.

قصر عائشة فهمي

يقع قصر عائشة فهمي في الزمالك. بناه في العام 1907 فهمي علي باشا كبير ياوران الملك فؤاد، لابنته عائشة، وأُطلِق عليه إسم "قصر الخلد". انتقلت ملكيّته في العام 1985 إلى وزارة الثقافة، وتمّ تسجيله كمبنى أثري عام 2010.

يتكوّن قصر عائشة فهمي من غرفٍ كثيرةٍ تحوَّلت إلى صالات لعرض لوحات أبرز الفنانين التشكيليين، كما يتكوَّن الطابق الثاني في القصر من غرفٍ عدّة ذات طابَع أثري، منها الغرفة اليابانية التي تمّ إهداؤها للأميرة عائشة فهمي وتحوي على نقوش وعبارات باللغة اليابانية، كما يتميّز القصر بالجِداريات المصنوعة من الحرير والكتّان.

أُعيدَ افتتاح هذا القصر مؤخّراً أمام الزوّار بعد عملية ترميم طويلة استمرت ما يُقارب عشر سنوات.

قصر المنيل

يُطلّ قصر الأمير محمّد علي المعروف بمتحف قصر المنيل على جزيرة الروضة بالمنيل. يُعدّ من أجمل متاحف القاهرة، فقد صُمِّم على طراز إسلامي مقتَبس من العمارة الفاطمية والمملوكية.

يتكوَّن القصر من طوابق وقاعات عدّة لاستقبال الضيوف وكذلك مسجد صغير، يُعدّ رغم صِغر حجمه تحفة معمارية. فقد زُيِّن سقف المسجد بعرائس على شكل رؤوس أفاعي كوبرا.

يُعدّ قصر المنيل أحد المتاحف التي تُفتَح أمام الزوار برسوم دخول زهيدة معظم أيام الأسبوع، كما تُقام فيه المعارض التي تحكي قصة الأمير محمّد علي توفيق واستعراض لأبرز صوَره وتراثه من خلال أرشيفه الفوتوغرافي ومُقتنياته.

قصر الدوبارة

القصور القديمة

يُعتَبر قصر الدوبارة الواقع في غاردن سيتي من أهم القصور الأثرية، وذلك لمكانته السياسية، حيث احتل بجانب قصر عابدين أهمية بالغة، وذلك لكون قصر عابدين كان مقر الحُكم الرسمي لأسرة محمّد علي، بينما استخدمت السفارة البريطانية وقتذاك قصر الدوبارة كدار للحماية ومقّر للمندوب البريطاني.

ويعود قصر الدوبارة للأميرة أمنية إلهامي زوجة الخديوي توفيق إسماعيل، وقد كان بناء هذا القصر نواة لإنشاء حيّ "الباب العالي" الذي يُعرَف الآن بإسم حي غاردن سيتي.

صمَّم القصر وبناه المعماري الإيطالي "أنتونيو لاشياك" ثم تحوّل في ما بعد إلى مدرسة "المير دي ديو" للبنات.

وعلى الرغم من أن هناك قصوراً عديدة تمّ الاهتمام بها وإعادة ترميمها وفتح بعضها للزوّار، مثل قصر عابدين وقصر القبّة وقصر الاتحادية، ثم تحوّل العديد من القصور إلى فنادق لحفظها من الإهمال، مثل قصر (الجزيرة الوسيطى) في الزمالك، والذي يُعرَف الآن بإسم فندق (الماريوت).

غير أن هناك ما يفوق 1200 قصر في مصر منذ عهد الفراعنة، منها ما يقارب 400 قصر ملكي تُرِكَت للإهمال وعوامل التعرية وألسنة اللهب، مثل قصر الجوهرة الذي أتت النيران على معظمه عام 1972. وذلك بحسب دراسة طبّقتها الباحِثة عبير أحمد خيري في قسم الديكور بكلية الفنون الجميلة.

الباحثة طالبت بتدخّل منظمة اليونيسكو لترميم هذه القصور والاهتمام بها وإنقاذها من الإهمال، باعتبارها تراثاً مهماً يمثل ذاكرة الشعب ويُعتَبر حصيلة لتراثه الفكري والإنساني، إضافة لما يمكن لهذه القصور من أن تصبح مصدراً للدخل القومي والجَذْب السياحي.

 

ترحب الصفحة الثقافية في الميادين نت بمساهماتكم بنصوص وقصص قصيرة وشعر ونثر، وكذلك المقالات والتحقيقات التي تتناول قضايا ثقافية. بإمكانكم مراسلتنا على: [email protected]