الاتحاد الأفريقي يطالب بإعادة رسم خريطة العالم المشوهة!
الاتحاد الأفريقي يطالب في حملة "صحّح الخريطة" بإعادة رسم خريطة العالم "مركاتور" المشوّهة واعتماد خريطة "إيكوال إيرث" لأنّ "مركاتور" تظهر حجم أفريقيا أصغر مما هي عليه، ويقدّم طلباً رسمياً بهذا الشأن للجنة الأممية المعنية بالخرائط.
-
اتهم الاتحاد الأفريقي، خريطة "مركاتور" بتشويه الأحجام النسبية للقارات ويطالب باعتماد خريطة "إيكوال إيرث"
دعت الدول الأفريقية إلى إعادة رسم خريطة العالم التي وصفتها بـ"المشوّهة"، مطالبة بالكشف عن الحجم الحقيقي للقارة السمراء التي ظلت "مجسّدة بشكل خاطئ لمئات السنين".
ويأتي هذا الطلب بدعم من الاتحاد الأفريقي المكوّن من 55 دولة، الذي يقود حملة تدعو الحكومات والمنظمات الدولية إلى التوقّف عن استخدام خريطة "مركاتور" التي تعود إلى القرن السادس عشر، والتحوّل إلى خريطة أخرى تعرض حجم أفريقيا الحقيقي بشكل أكثر دقة وموضوعية.
واتهم الاتحاد الأفريقي، خريطة "مركاتور" بتشويه الأحجام النسبية للقارات، حيث تظهر المناطق القريبة من القطبين، مثل أميركا الشمالية وغرينلاند، بحجم أكبر من الحقيقي، في حين تصغّر من حجم قارتي أفريقيا وأميركا الجنوبية.
وأكّدت دول الاتحاد الأفريقي أنّ هذا التشوّه البصري يسهم في "التقليل من أهمية أفريقيا وحجمها الحقيقي، بينما يبالغ في تمثيل حجم أميركا وأوروبا بشكل غير متناسب".
حملة "صحّح الخريطة"
وتأتي حملة "صحّح الخريطة" Correct the Map التي يروّج لها الاتحاد الأفريقي، لحثّ المنظّمات الدولية على اعتماد خريطة "إيكوال إيرث" (Equal Earth Projection) التي طوّرت عام 2018 كبديل أكثر دقة، إذ إنها تحاول أن تعكس المساحات الحقيقية للدول من دون تحيّز.
كما تشدّد الحملة على أنّ تصوير أفريقيا بحجم مصغّر "يعزّز مفاهيم خاطئة حول وزنها الجيوسياسي والاقتصادي في العالم"، خصوصاً في عصر يربط فيه الحجم بالقوة والنفوذ.
وتوضح الحملة أنه "من الممكن أن تتسع أراضي أفريقيا للولايات المتحدة والصين والهند واليابان والمكسيك، إضافة إلى جزء كبير من أوروبا، ومع ذلك لا تزال هناك مساحات شاسعة فائضة".
-
خريطة "إيكوال إيرث" الصحيحة وخريطة "مركاتور" المشوهة
أفريقيا أكبر من غرينلاند بـ 14 مرة
ويُذكر أنّ خريطة "مركاتور"، التي ابتكرها رسام الخرائط الفلمنكي جيراردوس مركاتور عام 1569 كانت تهدف إلى المساعدة في الملاحة البحرية، ولا تزال واحدة من أكثر الخرائط استخداماً حول العالم.
ويعيب هذه الخريطة أنها تكبّر المساحات كلما ابتعدت عن خط الاستواء، مما يجعل قارة مثل أفريقيا تبدو أصغر بكثير من حجمها الفعلي. فعلى سبيل المثال، تظهر غرينلاند في هذه الخريطة بحجم يقارب حجم أفريقيا، بينما في الواقع فإنّ أفريقيا أكبر من غرينلاند بـ14 مرة.
وعلّقت سيلما مليكة حدادي، نائبة رئيس مفوّضية الاتحاد الأفريقي قائلةً: "قد يبدو الأمر مجرد خريطة، لكنه في الحقيقة أكثر من ذلك"، مشيرةً إلى أنّ "خريطة مركاتور تروّج لانطباع خاطئ بأنّ أفريقيا قارة هامشية، على الرغم من أنها ثاني أكبر قارة في العالم من حيث المساحة، ويسكنها أكثر من مليار نسمة".
وأضافت حدادي أنّ "هذه الصورة النمطية الخادعة تؤثر سلباً على كيفية تصوير أفريقيا في الإعلام والتعليم وحتى في صنع السياسات".
بدورها قالت موكي ماكورا، المديرة التنفيذية لمجموعة "أفريكا نو فليتر" Africa No Filter إنّ "الحجم الحالي لأفريقيا على الخريطة خاطئ، إنها أطول حملة تضليل ومعلومات مغلوطة في التاريخ، ويجب أن تتوقّف".
مواقف داعمة للأتحاد الأفريقي لاعتماد خريطة "إيكوال إيرث"
لقد حظيت حملة الاتحاد الأفريقي بدعم من مناطق أخرى، مثل منطقة الكاريبي، حيث أيّدها دوربين أومارد، نائب رئيس لجنة التعويضات في جماعة الكاريبي (CARICOM)، واصفاً إياها برفض "أيديولوجية القوة والهيمنة" التي تمثّلها خريطة "مركاتور".
ومن الناحية التقنية، فقد أوضح نيك ميليا، أمين قسم الخرائط في مكتبة بودليان في أكسفورد، أنّ "كلّ الخرائط المسطّحة تحتوي على درجة من التشويه، لأنه من المستحيل نقل الكرة الأرضية بشكل كامل إلى سطح مستوٍ من دون بعض التضحية إما بالشكل أو المساحة".
وأضاف ميليا أنّ "خريطة مركاتور كانت مفيدة في الملاحة لأنّ الخط المستقيم على الخريطة يمثّل مساراً مستقيماً على أرض الواقع، لكن هذا لا يعني أنها الخيار الأمثل لتمثيل المساحات".
وفي ردود الفعل أيضاً، فقد ذكر متحدّث باسم البنك الدولي أنّ المؤسسة أصبحت تستخدم إسقاط "وينكل تريبل" Winkel Tripel أو "إيكوال إيرث" في خرائطها الثابتة، كما أنها "تتجه تدريجياً إلى التخلي عن خريطة مركاتور في خرائط الويب".
أما خرائط "غوغل"، فقد تحوّلت على سطح المكتب إلى عرض globle view ثلاثي الأبعاد في 2018، لكن لا يزال إسقاط مركاتور الخيار الافتراضي في التطبيق المحمول".
يّذكر أنّ حملة الاتحاد الأفريقي قدّمت طلباً رسمياً إلى اللجنة الأممية المعنية بالخرائط (UN-GGIM) التابعة للأمم المتحدة، والتي ستخضعه، بحسب متحدّث باسم المنظمة، لمراجعة الخبراء واتخاذ القرار المناسب.
وفي هذا الإطار، أكّدت نائبة رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي أنّ "الاتحاد سيظل يدافع عن هذه القضية، وسيناقش مع دوله الأعضاء إجراءات جماعية لتشجيع اعتماد الخرائط الأكثر دقة، انسجاماً مع هدفه الاستراتيجي في استعادة المكانة اللائقة لأفريقيا على الساحة العالمية"، وخصوصاً في ظل النقاشات المتصاعدة حول تعويضات الاستعمار والعبودية.
-
الاتحاد الأفريقي سيدافع عن هذه القضية دوماً وسيناقش مع دوله الأعضاء إجراءات جماعية لتشجيع اعتماد الخرائط الأكثر دقة