قصة التوقيت الشتوي... هل تشعر بالخمول؟

دراسات علمية تقول إن تقديم الساعة قد يفضي إلى زيادة الأزمات الصحية والمزيد من حوادث السيارات كما يخفض إنتاجية العمال، ولكن هل هذا صحيح؟ وما هي قصة تغيير التوقيت؟

  • قصة التوقيت الشتوي... هل تشعر بالخمول؟
    هناك حوالى 70 دولة لا تُطبّق تغيير التوقيت 

جرى في الساعات الأولى من صباح أمس الأحد إعادة عقارب الساعة إلى الوراء في عددٍ من الدول، إيذاناً بانتهاء "التوقيت الصيفي" ودخول "التوقيت الشتوي".

وهذا يعني أن الليل سيزيد ساعة وأن ضوء النهار سيظهر أبكر مما هو عليه الآن.

ويعني ميل الأرض أن نصفَي الكرة الأرضية يميلان نحو الشمس صيفاً، وبعيداً عنها في الشتاء، وذلك في نقاط مختلفة في مدار الأرض. وبالتالي فإن مواسم نصف الكرة الشمالي معاكسة لتلك في نصف الكرة الجنوبي.

الاختلافات في ساعات النهار تبلغ أقصى أشكالها في القطبين، وهذا هو السبب في أن معظم البلدان القريبة من خط الاستواء لا تراعي التوقيت الصيفي، لكن نيوزيلندا والسويد تعدلان الساعة للتمتع بأشعة الشمس الصيفية حتى منتصف الليل تقريباً في أقصى الجنوب والشمال على التوالي. 

وبدأ العمل بالتوقيت الصيفي على نطاق واسع خلال الحرب العالمية الأولى لتوفير الطاقة، لكن بعض المنتقدين شككوا فيما إذا ما كان العمل بهذا التوقيت يوفر الطاقة حقاً، وإذا ما كانت هناك حاجة للعمل به حالياً.

الفكرة والتطبيق

فكرة تغيير التوقيت كانت للسياسي الأميركي بنجامين فرانكلين عام 1784 لكن ألمانيا كانت أو من نفذّها، وتقول صحيفة "بيلد" الألمانية إنه في وقت مبكر من العام نفسه.

ونفّذ القيصر الألماني فيلهلم الثاني الفكرة لأول مرة، ففي 30 نيسان/ أبريل 1916، قدم الساعات لأول مرة من أجل توفير الطاقة خلال الحرب العالمية الأولى. وفي نفس العام حذت بريطانيا وفرنسا، حذو الألمان وقدمتا الساعات أيضاً.

وتتابع بيلد: في ذلك الوقت لم يكن "التوقيت الصيفي" محبوباً، لذلك تم إلغاؤه في عام 1919. لكن النازيين في ألمانيا أعادوا العمل به مرة أخرى في عام 1940.

وفي عام 1947 كان التوقيت الصيفي المزدوج، بمعنى تقديم عقارب الساعة لساعتين اثنتين وليس لساعة واحدة. ليتم إلغاء التوقيت الصيفي عام 1949.

وبقيّ الوضع هكذا لعقود، بدون توقيت صيفي، حتى أعيد في عام 1980 العمل بالتوقيت الصيفي في شطري ألمانيا التي كانت منقسمة إلى دولتين: ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية.

ينحو إلى العمل بالتوقيت الصيفي كل دول الاتحاد الأوروبي منذ عام 1996. بل إن هناك بلدانا كثيرة خارج الاتحاد الأوروبي تستخدم التوقيت الصيفي مثل الولايات المتحدة (ما عدا ولاية أريزونا) وإيران والأردن وكندا وأستراليا وهلّم جرّاً.

وهناك حوالى 70 دولة لا تُطبق تغيير التوقيت مثل تركيا والسعودية ومصر والعراق والكويت وليبيا وقطر وتونس، واليابان والصين وأجزاء من كندا.

إضافة إلى أن معظم الدول حول خط الاستواء لا تلجأ إليه، بسبب الفوارق الطفيفة جداً في طول فترة النهار على مدار العام.

الأسباب اقتصادية

ويتم استخدام التوقيت الصيفي لأسباب اقتصادية في المقام الأول، مثل توفير الطاقة من خلال الاستخدام الأفضل لضوء النهار. ويجب الترتيب مع الدول الأخرى من أجل منع حدوث "فوضى" في المواعيد وتدفق حركة المرور الدولية خصوصاً في النقل الجوي.

وفي كل عام تقريباً يجري نقاش حول جدوى التوقيت الصيفي وما إذا كان من الأفضل إلغاؤه. فمن يفضلون العمل بالتوقيت الصيفي يقولون إن المساء يكون فيه أطول وبهذا يمكن قضاء شغل وقت الفراغ بشكلٍ أفضل.

أما معارضو التوقيت الصيفي فيقولون إن تكيّف الجسم مع الوقت الجديد يستغرق عدة أيام في كل مرة ويمكن أن يؤثر على التوازن الهرموني للإنسان والحيوان. ولذلك يطالبون بإلغائه.

وتقول "بيلد" إن المفوضية الأوروبية تريد إلغاء تغيير الوقت داخل بلدان الاتحاد الأوروبي. لكن موعد هذا الإلغاء لا يزال غير واضح.

مشاكل صحية!؟

تغيير التوقيت قد يخلق العديد من المشاكل، منها التشويش على الساعة البيولوجية للجسم. ولهذا السبب يتمنى الكثيرون إلغاء تغيير التوقيت المعتمد مرتين في السنة، مرة عند نهاية أكتوبر/ تشرين أول (التوقيت الشتوي) ومرة بنهاية مارس/ آذار (التوقيت الصيفي).

والساعة البيولوجية هي مصدر مركزي لتوازن إيقاع الجسم،  فمليارات الساعات تدق في جسمنا، فلكل خلية مقياس وراثي للوقت يبعث إشارات للقلب حول متى عليه أن يدق مثلا ومتى ينبغي لضغط الدم أن يرتفع. وبدون وجود "ساعة مركزية" ستعمّ الفوضى في الجسم.

وبحسب الدراسات، ففي الساعة العاشرة صباحاً تقريبا نكون أكثر يقظة. وعند منتصف النهار يرتفع الضغط لأعلى مستوى. وفي الثالثة بعد الظهر يكون شعورنا بالألم ضئيلاً، وفي المساء يتم إفراز هرمون النوم الميلاتونين، فنشعر بالتعب.

ومنذ سنوات، ذكرت دراسة أميركية جديدة أن التحوّل إلى العمل بالتوقيت الصيفي وفقدان ساعة من ساعات النوم يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بأزمة قلبية بنسبة 25% في أول يوم عمل بالتوقيت الصيفي، وهو عادة ما يكون يوم الاثنين في الولايات المتحدة والدول الغريبة مقارنة بأيام الإثنين الأخرى في باقي العام.