قصة عن سيد "الوعد الصادق".. أيقونة المقاومين

64 ربيعاً من المهابة والوقار، ستة عقود ونصف عقد من المصداقية التي ينشدها العدو قبل الصديق، هو شريف من أشراف الأمة لا بنسَبه فقط، بل بصدقه القاطع وجوهر إنسانه وإنسانيته، وهو  "حبيب" فلسطين الذي قدّم لهذه القضية حياته حتى الرمق الأخير.

0:00
  • قصة لا نعرفها عن السيد الشهيد
    سيد الشهداء: 64 ربيعاً من المهابة والوقار

في الـ  ـ31 من آب/أغسطس 1960، ولد صانع أمة وماجد أرقى انتصارات سطّرتها البشرية في عصرنا الحديث.

ابن بلدة البازورية في الجنوب اللبناني الولّاد للرجالات الأبطال ينهض بالحق وللحق فينتصر له وبه ومعه..

إنّه ورغم شهادته، من تتعالى الهمم رهناً لإشارته،  وتُرصّع الألسنة بذكره عند كل دعاء وابتهال وصلاة. إنّه من تُعرِّج له أفئدة الشباب والشيب بمصداقيته وصدقه وكنه سيرورته وصيرورته..

هو رافع الناس إلى مراتب  الرجال، لا بل إلى مصافِ المجاهدين.. والآلاف الهادرة هم رهن إشارته وطوع بنانه..

قد يجهد رؤساء وزعماء للتمثّل بـ "كاريزميته"، لنيل لقب  "القائد الأممي". و" الملهم الروحي "...لكن!

 المسؤولون كثر في هذا العالم، لكن القادة نادرون فهم لا يأتون إلا مع بزوغ لا بل شروق شمس الأمم على مدى الحُقب.

لسان حال الناس

"يأخذ من عمرنا ويعطيك"، جملة سمعتُها يوماً من نساء ورجال من كلّ المشارب اللبنانية في قاعة "مَعلم مليتا الجهادي السياحي"، بْعيد حضور فيلم عن هزيمة عدونا التاريخي في لبنان عام 2006، يومها تيقّنت أن "شمس" هذه البيئة الحاضنة للمقاومة الولّادة للمجاهدين لن تأفل.

64 ربيعاً من المهابة والوقار، 6 عقود ونصف عقد  من المصداقية التي ينشدها العدو قبل الصديق عند إطلالاته، هو شريف من أشراف الأمة لا بنسَبه فقط، بل بصدقه القاطع وجوهر إنسانه المنقطع النظير، وإنسانيته، وهو  "حبيب" فلسطين والفلسطينيين الذي قدّم لهذه القضية مسيرة حياته وولده وروحه حتى الرمق الأخير.

إنه السيد حسن نصر الله "الأيقونة" التي تومض من عينيها ومضات النصر والعزة.. هو الذي قاد أشراف العالم إلى "النصر الإلهي"، وجعل أعتى "جيش" في المنطقة "أوهن من بيت العنكوت". 

قصة من معين الشهيد!

تروى عن سيرة "الأمين" مئات القصص، وقد يكون لإحداها التي سنتحدّث عنها اليوم عِبرة ممزوجة بعَبرة لأولي الألباب.

يسرد المحلل السياسي والصحافي كمال ذبيان لــ الميادين نت، ماذا جرى في محضر السيد الشهيد، عندما كان يجري مقابلة معه عام 1997،  دخل أحد المساعدين مسرعاً وهمس في أذن "الأمين"، واضعاً ورقةً صغيرة أمامه.

هنا بان التغيّر على مُحيّا السيد، يقول ذبيان، و"شعر بغصّة لبرهات، لكنه سرعان ما تمالك نفسه، وطلب استئناف مجريات المقابلة".

يكمل قائلاً " انتهى اللقاء وقفلت عائداً إلى مقر صحيفة الديار،لإفراغ المقابلة وتحريرها، لنتلقّى بعد ساعات بيان المقاومة الإسلامية في لبنان حول استشهاد نجله هادي في الجنوب".

يردف ليقول "لم أنسَ  هذه اللحظات، الهدوء الذي في وجهه لحظتها ترافق مع بريقٍ لا نظير له، حشرجة خفيفة قبيل استعادة الكلام، رباطة جأش، قوة شكيمة، هكذا هم القادة الذين يؤثِرون قضايا الوطن وهموم الأمة ويقدّمونها حتى على أنفسهم".

وللمفارقة، شاء الله أن يكون شهر أيلول/سبتمبر موعداً للقاء القائد الشهيد بنجله بعد 28 عاماً، ففي الـ 12 من الشهر الحالي، حلّت ذكرى استشهاد هادي نصر الله نجله الأكبر ، حيث ارتقى خلال مواجهة بطولية للمقاومة الإسلامية في جبل الرفيع بمنطقة إقليم التفاح جنوب لبنان عام 1997.

كما قضى خلال المواجهة شهداء من المقاومة والجيش اللبناني بينهم الملازم أول جواد عازار، في تأكيد لوحدة الصفّ بين المقاومة والجيش، وفي تكريس عملي معمّد بالدم لمعادلة "جيش وشعب ومقاومة"، التي أمّنت الحماية للبنان على مدى عقود، وتعدّ من أهم عناصر القوة فيه بمواجهة كل الأخطار المحدقة به وعلى رأسها الخطر الإسرائيلي.

تاريخ لبنان المقاوم

في وقتٍ يقوم فيه المسؤولون في عالمنا العربي، ربما  بترفيه أولادهم وتمكينهم من العيش بحياة فيها مزايا بذخ، لا بل يعملون على تأمين سفرهم إلى الخارج في الملّمات التي تعصف بالأوطان، لا يبرح أبناء قادة المقاومة الجبهات والعمل النضالي مع إخوانهم في الوطن، وهذا ما يميّز أبناء المجاهدين عن غيرهم.

"لا خوف على الوطن إذا كنا موحّدين رافضين للخنوع، فبعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 واحتلال أول عاصمة عربية، نهض اللبنانيون بمقاومة كانت فاتحتها "عملية الويمبي" في شارع الحمراء  للشهيد  خالد علوان أخرجت العدو من بيروت والبقاع، ولاحقاً من جبل لبنان وصيدا والنبطية وصور وغيرها وصولاً إلى التحرير الكامل عام 2000"، يختم ذبيان.

اقرأ أيضاً: الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله شهيداً عظيماً على طريق القدس وفلسطين

وكذلك، لن ننسى أن اغتيال الأمين العام لحزب الله سابقاً، عباس الموسوي عام 1992، أدى إلى تعزيز جذوة المقاومة التي هزمت المحتل عام 2006.

اليوم بعد ساعاتٍ على استشهاد السيد حسن نصر الله، يشكّل الإيمان بالله مع "رجال الله" في الثغور، مع الثقة بالنفس وبمقدّرات الوطن والتضامن الوطني عناصر هامة للثلاثية الماسية التي لن يلغيها أحد " شعب، مقاومة، جيش".