نحو العالميّة في "القرية البيئية": زراعة بالماء ومتحف للصابون
داخلاً قرية بدر حسون البيئية، تنتقل من عالم اعتيادي روتيني، إلى عوالم بصرية-عطرية غير متكرّرة في مكان آخر، وفيها التجدّد من مشاريع، ومبادرات تخدم الإنسان، وتطوّره صحياً، وذهنياً، وتدخله في "عالم من الأحاسيس"، كما يشاء مؤسّسها القول.
-
مبنى متحف الصابون المنتظر
علاوة على المعتاد من الصابون بأصنافه اللامتناهية، إلى العطريات، والزيوت، والنباتات المتنوّعة، وشذاها العابق في أرجاء القرية، يقدّم حسون تجربة جديدة في اختباراته، وهو الزراعة المائية.
في جولة مع د.حسون في أرجاء قريته، يتناول جديده، وهو أهمية الزراعة المائية، ويتحدّث عنها لـ"الميادين نت" إنها توفّر انتاجاً سريعاً من دون الاعتماد على الأسمدة والكيمياويات التي لم تدخل يوماً القرية، ولم تستخدم في أعمالها، لا بل "نحن نحظر استخدامها في كلّ ما يمتّ للإنسان بصلة نظراً لمخاطرها على الصحة"، كما يقول.
مزايا الزراعة المائية
أهمية ثانية للزراعة المائية أنها توفّر استخدام المياه للريّ، إذ يتمّ استخدام كمية المياه عينها لفترة طويلة قبل أن تستهلك، فيستبدل الري الوفير بالقنوات المعدّة للزراعة.
ويشرح الطريقة وهي بتثبيت أقنية معدنية بشكل شبه هرمي، وتصطفّ الأقنية فوق بعضها، مع الحفاظ على مسافة تناهز الخمسين سنتمتراً بين الواحدة والأخرى، وتتوزّع ثقوب في أعلى القناة بمسافة ثلاثين سنتمتراً بين ثقب وآخر، ويتمّ فيه تثبيت وعاء جرى فيه غرس النبتة المطلوبة مسبقاً، فيوضع الوعاء والنبتة في ثقب القناة التي تحتوي على الماء بصورة دائمة.
-
زراعة الخس بالماء
تغرس في الثقوب مئات أوعية النبتات من الأصناف المطلوبة، وهي غير محصورة بصنف معيّن، منها البقدونس، والنعناع، والخيار، والخس، والقنبيط، والملفوف، والبصل، والثوم وسواها، ومنها بعض الثمار الخضرية كالفريز وسواه.
نقطف حاجتنا من النبتة التي نريدها اليوم، يقول حسون، وذلك بحسب حاجتنا، ونوع المأكل الذي يتم تحضيره، وفي غضون يومين، تعوّض النبتة ما فقدته بقطافنا، والسبب غزارة المياه المتوافرة لها بصورة دائمة.
ويضيف إن النبات بحاجة لمكوّنات لا تتوافر في الماء، وعادة ما تأخذها النبتة من التربة، كالحديد، ومعادن أخرى، لذلك نضطر لإضافة القليل من هذه المواد إلى المياه.
-
زراعة الفريز بالماء
تتغطّى القنوات الهرمية بلحائف من البلاستيك الشفّاف يمرّر أشعة الشمس، ويحافظ على دفء يساعد النبات على النمو، والتكاثر بشكل أفضل، ويمكن التصرّف بفتحاته بحسب الحاجة لمستوى حرارة معيّن.
إضافة إلى ذلك، توفّر التقنية مساحات كبيرة من الأرض للزراعة، فكلّ المساحة التي تحتاجها وحدة من وحدات الزراعة المائية بين20-30 متراً مربّعاً، بينما تؤمن صفوفاً عديدة مزروعة تحتاج لمئات الأمتار فيما لو غُرِست في الحقول بطريقة أفقية.
بمعنى آخر، تمكّن التقنية من الحصول على إنتاج وفير، وبصورة سريعة، في مساحة صغيرة من الأرض، عمادها القليل من الماء غير المهدور، وكأنّ الكميات المستخدمة من الماء جرى قياسها بحسب الحاجة، فلا تُهدر كميات في غير موضعها الصحيح.
امتداداً للزراعة المائية، هناك الزراعة بالتربة في تنظيم زراعي شبيه، أي تثبيت قنوات بشكل شبه هرمي، وبدلاً من الاقتصار فيه على المياه، يستخدم التراب ويثبت فيه الوعاء المحتوي على الشتلة، مع تأمين كميات من الماء تكفي حاجة هذه الزراعة، ويعطي إنتاجاً قريباً من الزراعة المائية.
مشاريع ومبادرات حتى "الرمق الأخير"!
مساحات القرية المترامية تراجعت تحت وطأة المشاريع الكثيرة التي ابتكرها حسون، لكنها لا تزال تستوعب مبادرات جديدة، ويسعى حسون لاستنزافها كلّها بمشاريع ومبادرات حتى "الرمق الأخير".
هنا كتلة ضخمة من الصخور المتعرّجة، جرت تسويتها لتتحوّل إلى مشروع ريّ يستوعب عشرات خزّانات المياه الضخمة التي يمكن أن توفّر المياه لزراعاته، غطاها بألواح الطاقة الشمسة لتأمين طاقة بديلة في زمن شحّها من مصادر أخرى. تحت مسطّحها، بنى غرفاً مخصّصة لتربية الخيول التي يتجه إلى اقتنائها، وربما يستفيد منها في إنتاج الفطر في زاوية معزولة من القرية في وقت لاحق، ذلك أن الفطر يعتاش بصورة أفضل على فضلات الخيول.
"وادي الأحاسيس"
وتتواصل جولة حسون وجهتها شمالية، لتلتفّ شرقاً نحو وادي الأحاسيس الذي سبق أن أطلقه منذ نحو خمس سنوات، وبات اليوم مليئاً بالنباتات العطرية المختلفة النامية، وبدا الوادي يافعاً خارجاً من طفولته، تتمدّد على حفافيه، وسياجاته الزهور والورود والنباتات منها إكليل الجبل، والخزامى، والمريمية، والياسمين، والورد البلدي، والفلّ، والعنبر، وكلّ ما يمكن أن يرد للذهن من أصناف.
-
وادي الأحاسيس البيئي
تحلّ الظهيرة، والشمس ساطعة، يصعب النزول إلى كلّ أرجاء الوادي، فيغيّر حسون وجهة السير جنوباً باتجاه منشآت القرية، معرباً عن أمله في أن تتحوّل قريته إلى ممرات، ومساحات مزروعة متواصلة، يتصل بعضها ببعضها الآخر من دون انقطاع، وتصبح الجولة فيها تامّة في أجواء العطريات والزهور، في عالم آخر.
متحف للصابون
بنهاية الجولة، يشير حسون إلى أحد المباني التي سبق أن أنشأها، وهو المبنى الأعلى في القرية، ويشرف عليها جميعاً، كما يطلّ على المناطق البعيدة المحيطة بالقرية، ويخبر أنّ المبنى سيتحوّل إلى متحف دائم لملايين قطع الصابون، ولآلاف الأصناف التي جرى تطويرها منذ نشأة قريته امتداداً لخان الصابون في مدينته الأم طرابلس.
بديل الملح
من هموم حسون الصحية كيفية تجاوز أضرار الملح، لذلك ابتدع لها مشتقّات من مذاقات مختلفة خالية من الملح، تحلّ محلّه، وتعوّض نقصه خصوصاً لدى المعتادين عليه، ومنها مشتقات من الكزبرة، والكرفس، والبصل، والثوم، والبابريكة، والكمون، والفلفل وسواها من مشتقات.
-
دراسات للاستغناء عن "الأبيضين"!
أصناف كثيرة بديلة من الملح، تبعد أضراره وهو أحد الأبيضين، لا بل تعطي فوائد متنوّعة، لكلّ واحد منها خاصيّته.
اقرأ أيضاً: تفاصيل شيّقة وهامة .. شاب لبناني يواكب"الزراعة الهوائية"
كذلك تجاوز حسون المرحلة الأولى من تحضير بدائل للأبيض الثاني، أي السكر الصناعي الذي يحذر الطبّ من استخدامه، والتجارب قيد التنفيذ.