"البقعة الزرقاء".. مفتاح إعادة ترتيب الذكريات في الدماغ
دراسة أميركية تكشف عن منطقة صغيرة في الدماغ تعرف بـ"البقعة الزرقاء" تعمل كزر فصل لتقسيم الذكريات المخزنة إلى أجزاء منفصلة بدلاً من ربطها في تدفّق واحد مستمر.
-
"البقعة الزرقاء" في الدماغ تعمل كزر فصل لتقسيم الذكريات المخزنة إلى أجزاء منفصلة
كشفت دراسة حديثة عن وظيفة جديدة مذهلة لمنطقة صغيرة في الدماغ تُعرف باسم "البقعة الزرقاء"، تعمل كـ"زر فصل" بين الذكريات المتتالية، مما يساعد الدماغ على تنظيم الأحداث كذكريات منفصلة.
وأشارت الدراسة التي أجريت جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس وجامعة كولومبيا إلى أنّ "البقعة الزرقاء" هي مجموعة من الخلايا العصبية في جذع الدماغ، معروفة بدورها في اليقظة والانتباه، لكن هناك فرضية جديدة تشير إلى أنها قد تعمل كـ"زر فاصل" يفصل بين أجزاء التجارب المختلفة أثناء تخزين الذكريات، تماماً كما تفصل الفصول بين أجزاء الكتاب.
ولاختبار هذه الفرضية، أجرى العلماء خلال الدراسة تجربة على 36 متطوعاً، حيث شاهد المشاركون سلسلة من الصور المحايدة أثناء تنفيذ مهمة محددة. وقبل عرض كل صورة، كانوا يسمعون نغمة صوتية في الأذن اليمنى أو اليسرى، لتحديد اليد التي يجب استخدامها عند الإجابة عن سؤال يتعلق بحجم الشيء في الصورة.
ولم تُستخدم هذه الأصوات للإشارة فقط، بل أيضاً لخلق إحساس بـ"السياق"، إذ "شكّلت سلسلة النغمات المتشابهة شعوراً بالاستمرارية، بينما مثّلت التغييرات في النغمة أو في الجهة (يمين/يسار) "حدودا للأحداث". وفي هذه اللحظات تحديدا، كان الدماغ يقرر أن ذكرى معينة انتهت، لتبدأ أخرى جديدة.
The Locus Coeruleus, often referred to as the "blue spot" due to its appearance, is a small nucleus located deep within the brainstem. It plays a crucial role in the brain's far-reaching noradrenergic neurotransmitter system, which is responsible for the release of norepinephrine… pic.twitter.com/GUiG7De8LF
— INTERACTIVE_BRAIN_CONSTRUCT (@NucleusAccum) April 6, 2024
اقرأ أيضاً: دراسة تؤكد: الخلايا العصبية في المخ البشري قادرة على التجدد لدى البالغين
ووجد الباحثون أنّ نشاط "البقعة الزرقاء" يزداد بشكل ملحوظ عند حدود أحداث محددة مثل تغيّر النغمة أو الجهة. والأهم من ذلك أنّ هذه الذروات في النشاط تزامنت مع ضعف في تذكّر ترتيب مؤشرات التنبيه، ما يشير بقوة إلى أنّ الدماغ يقوم بتقسيم الانطباعات إلى أجزاء منفصلة بدلاً من ربطها في تدفّق واحد مستمر.
كما أظهر تحليل البيانات أنّ ذروات نشاط "البقعة الزرقاء" تؤثّر مباشرة على منطقة الحُصين، وهي بنية دماغية رئيسية مسؤولة عن تكوين الذاكرة العرضية. وقد تبيّن للعلماء أن نشاط "البقعة الزرقاء" يُعيد ضبط عمل جزء من الحُصين يُسمّى التلفيف المسنّن، مما يساعد الدماغ على تمييز الأحداث المتشابهة وتشفيرها كذكريات مستقلة.
وكشفت الدراسة أيضاً أنّ الأشخاص الذين يعانون من فرط النشاط المزمن في منطقة "البقعة الزرقاء"، لديهم حساسية أقل لحدود الأحداث. وبمعنى آخر، إذا كان نظام الإنذار في الدماغ يعمل في وضع "القلق الدائم"، فإنه يصبح أقل قدرة على الاستجابة للتغييرات المهمة فعلاً في البيئة.
وأوضح ديفيد كليفت، الباحث الرئيسي من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، عن جوهر هذا الاكتشاف قائلاً: "الحياة تتدفق باستمرار، ولكن لكي نفهمها، نقسمها إلى فصول".
وأضاف: "نحن نتذكر الماضي ليس كتيار متواصل، بل كحلقات منفصلة. لذا أردنا نحن وزملاؤنا أن نفهم كيف يحوّل الدماغ هذا التدفق إلى فصول منفصلة مكرّسة لأحداث محددة".
ويتطلّع العلماء بعد هذه النتائج إلى استكشاف إمكانية تنظيم مستوى تنبيه "البقعة الزرقاء" في الدماغ من خلال وسائل مثل تمارين التنفّس، والتأمل، أو الأدوية، لمعرفة ما إذا كان بالإمكان التأثير على كيفية فصل الذكريات. وقد يفتح هذا الأمر الباب أمام تطبيقات علاجية مهمة في التعامل مع اضطرابات الذاكرة والخرف وألزهايمر في المستقبل.
Cornell researchers found dramatic changes over the human lifespan in the brain’s “blue spot” – a tiny region involved in cognition and believed to be the first affected by neurodegenerative conditions, including Alzheimer’s disease.
— Cornell University (@Cornell) June 30, 2025
The findings give scientists a better… pic.twitter.com/8BmQuW1Kzd