"طائرات" من نوعٍ آخر تلوّن سماء الجنوب اللبناني
يؤكّد المنظّمون "أننا في هذا المهرجان لا "نطيّر بس طيارات ورق"، نحن نطلق الفرح ونزرع الأمل، ونؤكّد أنّ هذه الأرض ستبقى "منورة بالحب متل ما نوّرت بالصمود والتضحيات"، وبفضلها نحن اليوم نقف هنا معاً لنحتفل بالحياة، بالفرح، وبالإبداع".
-
التقى نحو 2000 طفل ليرموا في فضاء أيلول "طيارات من إرادة وتصميم" (غرافيك: إسماعيل آغا)
يجترح أهل الجنوب اللبناني المآثر من المعاناة اليومية، بقوة شكيمتهم ورفضهم لمنطق الانهزام، الذي يحاول الاحتلال فرضه عبر الاعتداءات اليومية السافرة.
فمن افتراش الأرض، لا بل استصلاحها وزرعها.. على الرغم من الاستهدافات التي تطال الغرف الزراعية والخيم والجرافات والجرارات وغيرها، إلى إحياء المناسبات فوق ركام منازلهم المهدّمة، وصولاً إلى الإصرار على ممارسة كل أشكال الحياة واستنباط الفرح في وجه آلة الحرب.
أمل رغم الألم.. "حدودنا السما"
"أمل في وجه الألم".. هكذا اعتاد اللبناني على رأب الصدع وتشكيل "قوس قزحٍ" مميّز و جميل، فنجده ينهض وينتفض من تحت ركام الأزمات، ويتخطّى كلّ المعضلات والتعقيدات، والتاريخ والحاضر ينهضان على ذلك شاهداً.
تهادت "الطائرات" الورقية مع هبوب الهواء العليل، فلا زحمة في "الخريطة الجوية" هنا! ، فالتقطتها عدسات الحضور والهواة والزوّار القادمين من كلّ لبنان، ووصل صداها إلى كلّ مكان.
-
"طائرات" متنوّعة تحاكي المهرجان الملوّن (الصور: موقع الزرارية ومؤسسة فخري)
إنها طائرات تبعث الفرح وتلقي الحبور والسرور في قلوب اللبنانيين، بعيداً عن اعتداءات وتهديدات العدو والأوضاع الاقتصادية والمعيشية الضاغطة.
"حدودنا السما".. عبارة كتبها بعض المشاركين في مهرجان "طيّارة الورق" الذي شهدته بلدة الزرارية الواقعة في قضاء صيدا في محافظة الجنوب.
من يصدّق أنّ المنطقة الواقعة بين الخرايب والزرارية تعرّضت لعدوان من طائرات الاحتلال منذ أيام، بينما لم يلوِ أهلها على شيء، فأقاموا "مهرجانهم الطائر" بمشاركة أهل الجنوب ولبنان.
تقاطروا من مدن وقرى الجنوب، صغاراً وكباراً، يتأبّطون طائرات ملوّنة زاهية، بقلوبٍ تضجّ بالأمل.. مرفودة بعزمٍ متين وتصميمٍ لا يلين.
واحة من الحب
القيّمون على المهرجان نشروا تفاصيل حول الفعالية المميزة الرائدة فقالوا إنه "واحة من الحب ومساحة نحلّق فيها نحو الأحلام ونافذة نطل بها على وطن نحميه ويحمينا"..
فللسنة السابعة على التوالي التقى نحو 2000 طفل ليرموا في فضاء أيلول "طيارات من إرادة وتصميم وصمود".
ونظمّت "مؤسسة سعيد وسعدى فخري الإنمائية"، للعام السابع على التوالي، وبرعاية اتحاد بلديات ساحل الزهراني، وبلدية الزرارية، وبحضور رئيس اتحاد بلديات ساحل الزهراني علي مطر وبعض الفعاليات والمخاتير.
وأقيم مهرجان "طيارة ورق 2025 "، على أرض واسعة في محلة "التلول" عند المدخل الغربي لبلدة الزرارية، واحتشد مئات من العائلات، حيث أطلقوا نحو 2000 طيارة ورقية في الهواء، في أجواء من السرور والفرح.
وعملت فرقٌ متطوّعة من المؤسسة على تنظيم عمليّة تسجيل وتسليم الطائرات الورقيّة للمشاركين، فيما تولّت شرطة بلدية الزرارية تنظيم السير ومساعدة الحضور في الوصول إلى مكان المهرجان.
كما شارك قسم الشباب والناشئة في الصليب الأحمر اللبناني بتنظيم أنشطة ترفيهيّة للأطفال، و"جمعية الرسالة للإسعاف الصحّي" لمواكبة أي طارئ، و"جمعية إبراهيم نصير عميس" لتأمين دعم ومشاركة ذوي الاحتياجات الخاصّة في المهرجان.
مروّة: الأرض ستبقى"منورة بالحب متل ما نورت بالصمود والتضحيات"
ورحّبت مديرة المؤسسة ميرا مروة بالمشاركين في المهرجان وقالت: "نلتقي اليوم في الزرارية، بهذه الأرض الطيبة التي ارتوت دموعها ودمها تضحيات بدم الشهداء الأبطال. من أول أيام الاجتياح ولآخر غارة الأسبوع الماضي، بقيت الزرارية عنواناً للصمود والمقاومة. وبفضل هذه التضحيات الكبيرة، نحن اليوم نقف هنا معاً لنحتفل بالحياة، بالفرح، وبالإبداع".
وأضافت:" هذا المهرجان ليس فقط يجمع أهل الزرارية بل أهل كل البلدات المجاورة إضافة إلى أهل بيروت، صيدا، صور النبطية، قرى ساحل الزهراني، حتى يبقى الفرح عامراً ببيوتنا وبقلوبنا، رغم كلّ الظروف الصعبة التي نعيشها. وفي هذا المهرجان لا "نطيّر بس طيارات ورق"، نحن نطلق الفرح ونزرع الأمل، ونؤكّد أنّ هذه الأرض ستبقى "منورة بالحب متل ما نوّرت بالصمود والتضحيات".
"طيّارات الورق" ستحلّق كما ستبقى أرواح شهدائنا محلّقة
ورحّبت مروة بالحاضرين في المهرجان السابع للمؤسسة، وهو أصبح تقليداً سنوياً نحتفل فيه مع أولادنا، شبابنا وعائلاتنا، ومن قلبنا"، شاكرة كلّ من ساهم في نجاح هذا المهرجان"، وقالت :"اليوم، ستحلّق "الطيارات الورق" في سماء الزرارية، كما تبقى أرواح شهدائنا محلّقة، وستبقى هذه الأرض رمزاً للحرية، للمقاومة، وللفخر".
-
المنظّمون من المؤسسة والبلدية
وأشارت إلى أنّ "المؤسسة ومن ضمن نشاطاتها المتعدّدة والهادفة في المجالات الإنمائية والخدماتية والتربوية والصحية، والترفيهية، هي اليوم وللعام السابع على التوالي تنظّم هذا المهرجان المميّز ، الذي يحتضن أكثر من 2000 مشارك من مختلف المناطق والبلدات المحيطة بالزرارية، وهو مساحة للفرح وللتلاقي وللتعبير".
وتتبع الزرارية لقضاء صيدا، وترتفع عن سطح البحر نحو 300 م، وتبعد عن بيروت 81 كلم وعن مركز المحافظة والقضاء صيدا 28 كلم. تبلغ مساحتها 25 ألف دونم.
ويوجد في الزراريّة بعض المعالم التاريخيّة والدينيّة، منها مقام الطاهر الخليل (أو خليل الرحمن إبراهيم)، وتقع قلعة "ميس" التاريخيّة على طرف البلدة.