"طيور الشمس" في غزة.. درّاجون بساق واحدة يلهمون الآخرين!

مبادرة ملهمة أطلقها 25 شاباً فلسطينياً أصيبوا خلال الحرب وخسروا إحدى ساقيهم، يستخدمون دراجات هوائية للقيام بمساعدات أنسانية لوجستية، ويستعدّون لخوض الألعاب البارالمبية في باريس وزوريخ.

0:00
  • فريق شبابي من مبتوري الأقدام في غزة يطمحون بتمثيل فلسطين دولياً في رياضة ركوب الدراجات الهوائية
    فريق شبابي من مبتوري الأقدام في غزة يطمحون بتمثيل فلسطين دولياً في رياضة ركوب الدراجات الهوائية

أطلقت مجموعة "طيور الشمس في  غزة" مبادرة ملهمة، عندما بدأت الغارات الإسرائيلية على المدينة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، قام بها 25 راكب دراجات مبتوري الساقين، الذين استخدموا دراجاتهم لتوصيل الطعام والمأوى والمستلزمات الضرورية في خدمات لوجستية لأحبائهم وجيرانهم.

يروي علاء الدالي، أحد راكبي الدراجات من ذوي الهمم، حيث فقد إحدى  ساقيه نتيجة إطلاق نار قناص إسرائيلي،  تجربته المؤلمة لـموقع "DW"، وهو يتذكر جيداً اليوم الذي أصيب فيه برصاصة خلال مسيرات الاحتجاج في غزة في مارس/آذار 2018، حيث يقول: "كنت أرتدي قميص ركوب الدراجات وكانت معي دراجتي"، مضيفاً أنه كان على بعد 300 متر من السياج عندما أصيب.

وكان الدالي قد ذهب خصيصاً للاحتجاج، بعد رفض السلطات الإسرائيلية طلباته لمغادرة غزة (الشريط الضيق من الأرض الذي يبلغ طوله 41 كيلومتراً (46 ميلاً) وعرضه 12 كيلومتراً)، بغرض المنافسة كدراج في مصر والجزائر وأماكن أخرى، وفق ما يستذكر اليوم الذي أصيب فيه برصاصة خلال مسيرات الاحتجاج، موضحاً: "كنت على بعد 300 متر من السياج،  ممسكاً بدراجتي في إحدى يدي، وأصبت برصاصة في ساقي. نظرت إلى الأسفل وكان الدخان يتصاعد منها".

بعد الحادث، يتابع الدالي، سأله الأطباء عمّا إذا كان قد أصيب برصاصة أم بقنبلة.  علماً أنه لا يوجد الكثير من المضادات الحيوية أو المعدات الجراحية في غزة. وبعد ثمانية أو تسعة أيام، أعطاه الأطباء خياراً صعباً: إمّا أن يحتفظ بساقه أو أن ينقذ حياته.

كانت تلك بداية رحلة طويلة وشاقة بالنسبة للعضو السابق في فريق الدراجات الفلسطيني، لكنه عاد إلى  ركوب الدراجة وأصبح أيضاً أحد مؤسسي فريق "طيور الشمس في غزة".

وعن فكرة هذا الفريق، يوضح الدالي أنها "جاءت من لقاء أشخاص بترت أرجلهم في غزة، |لقد وُلدت الفكرة من رغبتنا في تمثيل فلسطين وأن نكون مثل طائر حر"، مضيفاً أنه "عندما تعيش في غزة، فإنك تتعرض للحصار من جميع الاتجاهات، لذا فهي بالنسبة لنا رمز للحرية".

رحلة راكبي الدراجات في غزة

بدوره يقول كريم علي، أحد مؤسسي منظمة "طيور الشمس في غزة" ومديرها، إنّ "هناك 25 راكباً تتراوح أعمارهم بين 12 و49 عاماً. و "قررنا أنّ "لدينا فرصة أخيرة للمشاركة في  الألعاب البارالمبية، وكان ذلك من خلال تقديم طلب للحصول على بطاقة جامحة".

ويضيف: "كنا ننظم خمس حصص أسبوعياً، وكان الهدف هو تمكين الأفراد من استعادة حركتهم وامتلاك روايتهم الخاصة من خلال ركوب الدراجات"، مشيراً إلى أنه بعد العدوان الإسرائيلي على غزة لم يعد بإمكان الراكبين مواصلة تدريباتهم في غزة.

ويتابع: "يتعرض الفريق دائماً للقصف، والمناطق الآمنة تتعرض للهجوم، واضطررنا إلى الانتقال بعد غزو رفح"، مؤكّداً أنه "من الصعب التواصل، وهناك موجة مستمرة من النزوح. وهناك ثقب أسود في الخدمات اللوجستية، وثقب أسود في الحياة".

وعلى الرغم من كل التحديات، فإنّ مجموعة "طيور الشمس"، التي تعتمد على التبرعات وأقامت أيضاً شراكات مع منظمات أخرى، أحدثت فرقاً،  فقد وزعت مساعدات بقيمة حوالى 300 ألف دولار (269 ألف يورو). ويشمل ذلك 72 ألف كيلوغرام من الغذاء، و7000 وجبة ساخنة، وأكثر من 225 مأوى، على الرغم من أنّ بعض الخيام التي تمّ طلبها لا تزال عالقة في مصر، وفق المجموعة.

من باريس إلى زيوريخ

ويردف علي:  "الألعاب البارالمبية هي نجم الشمال بالنسبة لنا وستظل كذلك دائماً. ترقبونا في عامي 2028 و2032"، ويكشف أنه "سيواجه أفضل اللاعبين، أشخاصاً يتدربون منذ ثلاث أو أربع سنوات ولا يفعلون شيئاً سوى التدريب".

علاوةً على ذلك، ستقام  بطولة العالم في زيوريخ من 21 إلى 29 أيلول/سبتمبر الجاري، حيث سيتنافس الدالي، للوصول إلى المراكز الـ15 أو العشرين الأولى وسيكون بمثابة نجاح هائل.

ويكشف الدالي:"حصلنا على تأشيراتنا في اللحظة الأخيرة. كما تعلمون، نحن دائماً في انتظار طلبات التأشيرة والتمديد"، و"نحن نعاني من نقص حاد في الاستقرار، وليس لدينا قاعدة رئيسية ولا مكان نذهب إليه بين المواسم والمسابقات. السباق لا يتوقف بالنسبة لنا".

ويختم قائلاً: "لن نحصل على ميدالية، لكننا سنظهر ونثبت قوة ما نقوم به"، مشيراً إلى أنّ هذا الأمر "يتطلب أمة لتطوير رياضي، لكن أمتنا ممزقة وتتعرض للهجوم وليس لديها أموال. لكننا نحظى بالحب من فلسطين ومن كل مكان في العالم".

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.