أطفال قدّموا "بترا" فأبدعوا: الكرامة أهم من الرفاهية المصطنعة

في زمن القحط الذهني والتسطّح الفكري قدّم الأطفال مسرحيتهم الرحبانية الضخمة "بترا" ببراءة معجونة بمنمنمات متقنة كانجاز فني بالغ الأهمية، لكن اختيارها في هذا التوقيت الحساس هدفه طرح اسئلة وجودية وطنية.... ترقى إلى مصافِ الكرامة.

  • الأطفال خلال عرض
    الأطفال خلال عرض "بترا"

أطفال يعيدون أمجاد المسرح اللبناني الذائع الصيت، يحيون ألق التراث، يسبرون غور التاريخ وصولاً إلى "بترا" الأنباطية التي شيدت منذ 2000 عام.

في زمن الانترنت و"السوشال ميديا"، نجح القيّمون على أعادة إحياء مسرحية "بترا"  في مدرسة " سيدة الجمهور" اللبنانية في  "إسقاط العمل على الأطفال بحيث تفاعلوا مع حقبة حضارية لم يتعرفوا عليها سابقاً"، كما يقول  مسؤول "التدريب المسرحي وإدارة الحوارات والإخراج اشرف عليهم ساسين فهد لـ "الميادين نت". 

 ورداً على سؤال شدد على " أننا لم نعد الى الخلف خطوات في زمن الذكاء الاصطناعي، إنما قدّمنا لجيل المستقبل نموذج فني مرتبط بالتاريخ وغير منفصل عن الواقع ويبني وعي للمستقبل".

الهدف  اكتساب مفهوم التضحية

ليس هذا فقط.... ففي زمن القحط الفكري والتسطّح الفكري  تأتي مسرحية كعمل مسرحي فني بالغ الأهمية على صعيد النص والموسيقى وتركيب الشخصيات، لكن اختياره في هذا التوقيت مع أولاد في هذا العمر مقصود، والهدف منه طرح اسئلة وجودية وطنية والأهم اكتساب مفهوم التضحية، وقد لاحظنا تعاطف الاولاد مع الطفلة "بترا" في المسرحية بالبعد الإنساني وهذا مفيد.

  • الاطفال في مسرحية بترا
    الاطفال في مسرحية بترا
  • الاطفال في مسرحية بترا
    الاطفال في مسرحية بترا

وهنا يفنّد فهد بشرحه تفاصيل العمل الفتيّ  الذي أبصر النور "بفضل دعم الإدارة بشخص مدير مدرسة سيدة الجمهور الأب شربل بتور"، فـ "أعمار الأطفال الذين قدّموا المسرحية 9 سنوات، وأنا اعتبر أننا نجحنا في إسقاط العمل الذي قدّمه الرحابنة عام 1977 على الأطفال بحيث تفاعلوا مع حقبة حضارية لم يتعرفوا عليها سابقاً بالمباشر لكنهم على الاقل اكتشفوها بالشكل، ونجحنا بتنفيذ العمل كمجموعات وليس فقط كأفراد".

 الكرامة الوطنية

ويؤكد أن "مسرحية بترا تُحاكي كل أزمات المنطقة ولبنان على صعيد التدخلات الخارجية والاطماع الدولية والاصطفافات،  والأهم استهداف الاقتصاد الثروات الطبيعية في إطار السيطرة... ويبقى على الشعوب أن تدرك أن الكرامة الوطنية أهم من الرفاهية المصطنع".

وييبقى بالطبع أن للعمل المسرحي الجميل الذي أبدع اليافعون بتقديمه رسالة تربوية مباشرة مؤداها "أنه عبر الفنون نستطيع بناء الإنسان، والغير مباشرة هي إن بناء الإنسان لا ينفصل عن بناء الوطن".

ولا تسلوا عن "تفاعل الجمهور من أهالي وتربويين وطلاب، يعقّب فهد، "فقد كان فوق المتوقع، لا بل سمعنا تعليقات تحمّلنا مسؤولية متابعة استعادة الكنوز المسرحيات اللبنانية.

 أما على صعيد المشاركة فقد شار ك 240  طفلاً، التدريب المسرحي وإدارة الحوارات والإخراج أشرف عليهم ساسين فهد أما التدريب على الغناء فكان بإشراف كمال مكرزل، وتدريب على الرقص لجيزيل حريز وساسين فهد، الديكور جيزيل حريز وهلا أبي انطون، أزياء انطوانيت مكرزل هندسة صوت إيلي بجاني، تنسيق ماري جوزي بجاني الأب المسؤول عن الطلاب ربيع حوراني. 

  • عرض لـ 294 طفلاً
    عرض لـ 294 طفلاً

قصة "بترا" 

ومسرحية تحكي قصة تاريخية في مدينة بترا جنوب الأردن. قدمت في عمّان ودمشق وكازينو لبنان وفي البيكاديلي (بيروت) بين سنتي 1977 و1978 تأليف الأخوين رحباني ما عدا المقدمة الموسيقية لزياد الرحباني.

ومن أغنياتها الشهيرة: "بكره لما بيرجعوا الخيالة، لا يسمعنا حدا، ما نام الليل، مغادرة القوافل، ونجمة الليل"، توزيع الراحل الياس الرحباني. المقدمة الموسيقية الثانية و"يا بنية زغيرة" موسيقى الياس الرحباني.

يذهب ملك بترا (جوزيف ناصيف) ليحارب الرومان الغزاة ويترك زوجته الملكة شكيلا (فيروز) لتتولى مهام الحكم في غيابه وابنته الوحيدة بترا ذات السبعة أعوام.

  • بترا
    "بترا".... وسيوف الأطفال

يصل جنديان رومانيان باتريكوس (أنطوان كرباج) ولايوس (أندريه جدعون) مع بقية القوافل ويدعيان أنهما يريدان حفظ كنوزهما في الخزنة.

قام باتريكوس ولايوس بخطف الأميرة الصغيرة واحتفظا بها كرهينة وأخذاها خارج المملكة. بدأت محاولات يائسة للعثور على الأميرة المخطوفة وهدد باتريكوس الملكة بأن عواقب خطيرة ستحدث إذا لم تخبر زوجها بضرورة الانسحاب من المناطق التي حررها من حكم الرومان.

  • فريق الإشراف والعمل
    فريق الإشراف والعمل

وعندما رفضت الملكة خيّرها بين نصر المملكة أو حياة ابنتها بترا. رفضت الملكة أن تضحي بحرية المملكة وبدماء كل الجنود الذين ماتوا وأمرت الجنود بإعدامه علناً. في النهاية يعود الملك متوجاً بالنصر لكن فرحه ينتهي بالأسف عندما تخبره الملكة بالثمن الذي دفع لكي يتحقق النصر.