صمود رغم العدوان.. أهالي غزة: بأيّة حال جئت يا رمضان!

ورغم حرب الإبادة والتجويع، ورغم خلوّ أسواق غزة من السلع والمواد التموينية والغذائية الأساسية، إلا أنّ الأهالي يصرّون على البقاء على أرضهم، ويحاولون أن يصنعوا الفرحة لأطفالهم والاحتفال بالشهر الفضيل، ولو بالشيء البسيط.

  • صمود رغم العدوان.. أهالي غزة:  بأيّة حال جئت يا رمضان!
    صمود رغم العدوان.. أهالي غزة: بأيّة حال جئت يا رمضان! (وكالة أنباء العالم العربي)

في كل عام، تتزيّن غزة وأسواقها احتفاءً بحلول شهر رمضان المبارك، حيث تبدو بأبهى صورها، وتزخر بأكلاتها الرمضانية الشهية والمتنوعة، لكنّ المشهد هذا العام مختلف تماماً، وما يميّزه انتشار مشاهد القتل والدمار والتجويع.

ويحلّ شهر رمضان المبارك على قطاع غزة، وقد حُرم أهله من أدنى مقومات الحياة، واختفت مظاهر الفرح والزينة، إلا ما ندر، وذلك بفعل العدوان الغاشم، وحرب الإبادة الجماعية التي يشنّها الاحتلال على القطاع المحاصر.

وبملامح الألم والبؤس التي ترتسم على وجوههم، يخاطب أهل غزة الشهر الكريم، ولسان حالهم يقول: بأيّة حال جئت يا رمضان! جئت في ظروف إنسانية قاسية؛ فلا بيوت تؤوينا، ولا كهرباء ولا غاز، ولا طعام نأكله، ولا شراب يروي عطشنا بعد الصيام.

والسؤال الذي يؤرّقهم: كيف يصومون شهر رمضان ويعوّدون أطفالهم الجياع على صيامه، بلا فطور وبلا سحور؟! في الوقت الذي انعدمت فيه المستلزمات الأساسية، التي ينبغي أن تسدّ جوعهم، وتُعينهم على تحمّل مشقة الصيام.

وتنقل وكالة "صفا"  الفلسطينية عن المواطن أبو محمود، من سكان مدينة غزة، وهو أب لطفلين، قوله: رمضان هذا العام حزين، نفتقد بهجته ورونقه، بسبب الحرب وحالة الجوع والقهر التي نعيشها منذ 5 أشهر.

ويضيف أبو محمود: كنا دائماً ننتظر هذا الشهر على أحرّ من الجمر، نتجهّز لاستقباله والاحتفال به، ولأداء صلاة التراويح، لكن هذه الحرب نغّصت فرحتنا برمضان، وفاقمت معاناتنا، وحرمتنا من أبسط حقوقنا.

أقسى رمضان يمر علينا

وأكثر ما يسبّب القهر للمواطن أبو محمود هو عدم قدرته على توفير أي طعام أو شراب لعائلته، لكي تتناوله على مائدتَي السحور والإفطار، نتيجة شحّ البضائع والمواد الغذائية الأساسية في أسواق غزة.

ويتابع متحسّراً: ننتظر انخفاض سعر الطحين والأرز، لكي نشتريه ونطعم أطفالنا في رمضان، لأننا لا نستطيع شراء اللحوم، نظراً لنُدرتها، ولارتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق.

ويؤكّد أبو محمود في حديثه لوكالة صفا أنّ رمضان هذا العام هو أقسى رمضان يمر عليهم، وأنّ ما يزيد حزنهم ومعاناتهم، ويحرق قلوبهم هو استشهاد شقيقه الذي سيفتقدون وجوده على مائدة الإفطار في أول يوم من رمضان.

وفي ختام حديثه، يناشد أبو محمود وكالة الأونروا والمنظمات الدولية الأخرى أن تضع آلية تضمن وصول المساعدات الإنسانية إلى المواطنين في شمال غزة، وضرورة وقف سياسة التجويع التي تمارسها سلطات الاحتلال بحقهم.

من جهتها، أكّدت المواطنة أم محمد بلال، وهي أم لأربعة أطفال، في حديثها لوكالة صفا عن أحوالهم في رمضان، قائلة: فرحتنا بقدوم رمضان منقوصة، وممزوجة بالوجع والفقد والحرمان من حقوقنا، لدرجة أننا لا نملك ما نُطعم به أبناءنا بعد الصيام.

وأضافت، أوضاعنا الاقتصادية تفاقمت أكثر مع هذه الحرب، ولم نستطع شراء مستلزماتنا، إن وُجدت، في ظل ارتفاع الأسعار وقلة المال.

وشدّدت أم محمد على أنّ كل المظاهر الاحتفالية غابت في هذا الشهر، حتى المساجد لم تعد تصدح بأصوات صلاة التراويح، كما اعتدنا عليها في السنوات السابقة، بسبب قصفها وتدميرها بالكامل.

ورغم حرب الإبادة والتجويع، ورغم خلوّ أسواق غزة من السلع والمواد التموينية والغذائية الأساسية، إلا أنّ الأهالي يصرّون على البقاء على أرضهم، ويحاولون أن يصنعوا الفرحة لأطفالهم والاحتفال بالشهر الفضيل، ولو بالشيء البسيط.