كيف ترى الحيوانات العالم؟.. دراسة توضح!

دراسة حديثة تكشف أنّ العالم يبدو مختلفاً بشكل ملحوظ للحيوانات من خلال اختلاف أنواع عيونها التي ترى فيها وفق أنظمتها البيولوجية. وتعكس هذه الاختلافات العلاقة العميقة بين الأنظمة الحسية والمتطلبات البيئية.

0:00
  • كيف ترى الحيوانات العالم؟.. دراسة توضح!
    الكلاب والقطط لا ترى العالم بالأبيض والأسود فقط بل ترى لوحة أكثر كتما ً مع رؤية فائقة في الإضاءة المنخفضة بسبب الطبقة العاكسة خلف شبكية العين

كشفت دراسة حديثة أنّ الحيوانات ترى العالم بطرق مختلفة بشكل لافت للنظر مقارنةً بالبشر، والتي تتشكل من خلال تكيفات تطورية متميزة في عيونها وأدمغتها، بدءاً من رؤية الألوان غير العادية للطيور والجمبري، وحتى الرؤية الليلية الفائقة للقطط والكلاب، تدعم هذه الأنظمة البصرية المتنوعة استراتيجيات البقاء لهذه الأنواع.

تعرف الرؤية بأنها القدرة البيولوجية على اكتشاف الضوء وكثافته وألوانه، وبشكل أساسي الطول الموجي للضوء. وحتى النباتات والكائنات البسيطة مثل ديدان الأرض لديها قدرات بدائية في استشعار الضوء، حسبما ورد في بوابة روسيا العلمية "ساينتيفيك روسيا".

معظم الحيوانات لا ترى الضوء أو الألوان

على مدى مئات الملايين من السنين، تطورت الأنظمة البصرية بشكل مستقل عدة مرات في جميع أنحاء المملكة الحيوانية، ما أدى إلى مجموعة مذهلة من الهياكل التشريحية والوظائف الفسيولوجية. فعلى سبيل المثال، لا تستطيع الحيوانات البحرية مثل قنديل البحر والديدان المفلطحة اكتشاف وجود الضوء فحسب، بل يمكنها أيضاً اكتشاف اتجاهه، ما يسمح لها بالتهرب من الحيوانات المفترسة بفعالية.

كما تمتلك بعض الزواحف، مثل العظاءة الملتحية، عضواً إضافياً حساساً للضوء يُسمى العين الجدارية، والتي لا تشكل صوراً، ولكنها تكتشف التغيرات في الإضاءة والحركة، ما يساعد على البقاء عن طريق استشعار التهديدات العلوية.

تعتمد عيون الثدييات، بما في ذلك عيون البشر، على العصي والمخاريط، وهي خلايا مستقبلة للضوء متخصصة في اكتشاف الضوء الخافت واللون، على التوالي. ولدى البشر عادة ثلاثة أنواع من المخاريط تمكنهم من رؤية الألوان ثلاثية الألوان (الأحمر والأخضر والأزرق)، في حين أنّ العديد من الثدييات مثل الكلاب والقطط لديها نوعان، ما يحد من تمييز الألوان في الغالب إلى الأزرق والأصفر.

الكلاب والقطط ترى العالم بالأبيض والأسود

وخلافاً للاعتقاد السائد، فإنّ الكلاب والقطط لا ترى العالم بالأبيض والأسود فقط، ولكنها ترى لوحة أكثر كتماً مع رؤية فائقة في الإضاءة المنخفضة بسبب الطبقة العاكسة خلف شبكية العين التي تسمى البساط الصافي، والتي تعزز حساسية الضوء.

وعيون القطط مكيَفة للصيد، فهي تتمتع بمجال رؤية أوسع (يصل إلى 270 درجة) من مجال رؤية البشر البالغ 180 درجة. كما أنها تتمتع بمجال رؤية فائق للحركة، ومع ذلك، فإنها ترى الأشياء الثابتة بشكل سيئ، وهو ما يتماشى مع أسلوب حياتها المفترس الذي يستهدف الفريسة المتحركة.

الطيور تدرك الضوء البنفسجي

أما الطيور، فعادةً ما تكون رباعية الألوان. فهي تدرك الضوء فوق البنفسجي بالإضافة إلى الألوان الثلاثة التي يراها البشر.
تسهل هذه الرؤية فوق البنفسجية مهام الطيور، مثل العثور على الثمار الناضجة، وتحديد الشركاء، والتنقل عبر المجالات المغناطيسية.
 
فيما تمتلك بعض الفراشات والروبيان أنظمة بصرية أكثر تعقيداً، مع ما يصل إلى 12-16 نوعاً من المستقبلات الضوئية، ما يسمح لها برؤية طيف يفوق بكثير القدرات البشرية، بما في ذلك الضوء المستقطب.

ومن المفارقات أنّ العيون العملاقة للحيوانات مثل الحيتان تنتج رؤية متواضعة، وفقاً للمعايير البشرية، بسبب السمات التشريحية التي تحد من القدرة على التركيز، ما يجعلها غير قادرة على حل التفاصيل الدقيقة بشكل جيد.
ومع ذلك، فإنّ عيونهم تفرز دموعاً زيتية خاصة تحمي من الملح وتعزز الرؤية تحت الماء بينما تمتلك خصائص مضادة للبكتيريا.

الحشرات لها رد فعل سريع على السرعات العالية

كذلك تخلق عيون الحشرات المركبة المكونة من آلاف الأوماتيديا صورة فسيفسائية حساسة للغاية للحركة والضوء الخافت، مع معدلات تحديث أسرع بـ 5-6 مرات من البشر، ما يتيح رد فعل سريع حتى عند السرعات العالية.
 
رؤية الحيوانات تلتهم الابتكارات التكنولوجية مثل الكاميرات التي تحاكي رؤية ألوان الحشرات لتحسين المراقبة الزراعية أو أنظمة الرؤية الروبوتية المجهزة بفتحات شق رأسية وطبقات عاكسة لتعزيز الوظيفة في البيئات منخفضة الإضاءة، وهذه الأخيرة مستوحاة من الرؤية الليلية الفائقة لعيون القطط.
 
كما يستفيد طب العيون البيطري من فهم الفروق الدقيقة في الرؤية الخاصة بالأنواع لتشخيص وعلاج حالات مثل إعتام عدسة العين أو الجلوكوما بشكل أفضل، وذلك باستخدام التصوير التشخيصي المتقدم المقتبس من الطب البشري.
 
يكشف التنوع البيولوجي لرؤية الحيوانات، والذي شكلته ملايين السنين من التطور، أنّ العالم يبدو مختلفاً بشكل ملحوظ من خلال عيون الأنواع المختلفة، بدءاً من إدراك الضوء فوق البنفسجي والمستقطب وحتى الرؤية الليلية المحسنة واكتشاف الحركة، وتعكس هذه الاختلافات العلاقة العميقة بين الأنظمة الحسية والمتطلبات البيئية.

اخترنا لك