هل يستطيع الملك تشارلز حل أزمة العائلة الملكية قبل فوات الأوان؟

رغم نشاطاته المكثّفة، يرى البعض أنّ مرضه أعاقه عن تحقيق الإصلاحات التي كان متوقّعاً أن يقوم بها بعد تتويجه. قال المؤرّخ إد أوينز:"لقد أخذ المرض من طاقته وعزيمته".

0:00
  • الملك تشارلز (الأناضول)
    الملك تشارلز الثالث (الأناضول)

كان الملك تشارلز الثالث مشغولاً الأسبوع الماضي بإحياء الذكرى الثمانين لانتصار الحلفاء على ألمانيا النازية، وتحضير نفسه للسفر إلى كندا لافتتاح البرلمان في وقت لاحق من هذا الشهر.

لكنّ جدول أعماله العام طغت عليه مجدداً حادثة علنية من ابنه الأصغر المنفصل عنه، الأمير هاري،كما تقول صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

لقد أصبح هذا النمط مألوفاً للملك البالغ من العمر 76 عاماً. فبعد عامين من تتويجه، يتشكّل عهده كفترة مليئة بالأحداث ولكنها غير متغيّرة في جوهرها: أب مثقل بالأعباء يحاول إدارة عائلة مليئة بالمشكلات.

جاءت مناشدة الأمير هاري العاطفية للتصالح مع عائلته في مقابلة حديثة مع هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، حيث تحدّث عن المدة التي قد تبقى لوالده المريض بالسرطان ليعيش. أعادت هذه التصريحات إحياء الانقسامات داخل العائلة الملكية التي لم تستقر بعد في حقبة "كاروليوس" الجديدة.

قال المؤرّخ إد أوينز، الذي يكتب عن الملكية البريطانية:"هناك شعور مستمر بأنّ عهد تشارلز لم يبدأ فعلياً بعد، ولا نعلم إلى متى سيستمر".

سفر وموسيقى رغم العلاجات

على الرغم من تلقّيه علاجات أسبوعية للسرطان الذي تمّ تشخيصه العام الماضي، زار الملك تشارلز كلاً من فرنسا، أستراليا، بولندا وإيطاليا. كما خصّص وقتاً لإعداد قائمة موسيقية على "آبل ميوزيك" تضمّنت أغاني لكايلي مينوغ وبوب مارلي، واستضاف مآدب رسمية والتقط صوراً رسمية.

لكنّ تصريحات الأمير هاري بعد خسارته معركة قانونية تتعلّق بإجراءات الحماية الأمنية في بريطانيا أعادت تسليط الضوء على الخلاف الذي بدأ عام 2020 عندما انسحب هو وزوجته ميغان من الحياة الملكية وانتقلا إلى كاليفورنيا.

حذّر مراقبون من أنّ تشارلز إن لم يجد وسيلة لحلّ هذا الخلاف، فقد يطغى على فترة حكمه، ما يقوّض رسائله الداعية للتسامح والشمول.

وفي السياق، قال بيتر هانت، مراسل ملكي سابق في BBC: "عندما يُكتب التاريخ عن الملك، سيبدو ذلك انعكاساً سلبياً عليه. فهو يمثّل مؤسسة تدعو للأسرة والوحدة والغفران، ومع ذلك لا يستطيع توحيد أفراد عائلته القريبين."

رفض قصر باكنغهام التعليق على علاقة الملك بابنه، لكنه نفى بشدة ادعاء هاري بأن الملك كان بإمكانه فعل المزيد لضمان حماية أمنية تلقائية له خلال زيارته لبريطانيا.

محكمة استئناف

حكمت محكمة استئناف في 2 أيار/مايو بأنّ لجنة حكوميّة تصرّفت بشكل صحيح في رفض منح هاري حماية تلقائيّة بعد توقّفه عن كونه فرداً ملكياً عاملاً. وقد أعرب هاري عن عدم شعوره بالأمان لإحضار زوجته وأطفاله إلى بريطانيا من دون هذه الحماية. 

لا يزال الأمير هاري على خلاف مع شقيقه الأكبر، الأمير وليام، ما يزيد من صورة الأسرة المنقسمة. وفي غياب هاري والأمير أندرو بسبب فضائحه، ظهر وليام بشكل أكبر على الساحة العامة، حيث التقى بالرئيس ترامب في باريس وحضر جنازة البابا فرانسيس، ما عزّز من مكانته كرجُل دولة.

كما يعمل وليام على برنامج لمكافحة التشرّد في ست مدن بريطانية، ويواصل نشاطه في قضايا التغيّر المناخي، رغم توخّي الحذر في تصريحاته نظراً لتزايد الجدل السياسي حول أهداف "صفر انبعاثات".

وأدّى تدهور صحة تشارلز في آذار/مارس الماضي، عندما نُقل إلى المستشفى بسبب تفاعل مع الدواء، إلى إثارة القلق حول إمكانية تولي وليام للعرش في المستقبل. ورغم تأكيد القصر تحسّن حالة الملك، إلا أن الحديث عن الخلافة أصبح أمراً لا مفرّ منه.

القوة الناعمة

عندما يفتتح تشارلز البرلمان الكندي في 27 أيار/مايو، لن تكون زيارة ملكيّة عادية. فبصفته ملك كندا، سيكون رمزاً للسيادة الكندية في وقت يطالب فيه الرئيس ترامب بضمّها كولاية أميركية.

يُنظر إلى تشارلز على أنه رمز للقوة الناعمة البريطانية، حيث استضاف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مؤخّراً ووجّه دعوة لترامب لزيارة ثانية لبريطانيا.

رغم نشاطاته المكثّفة، يرى البعض أنّ مرضه أعاقه عن تحقيق الإصلاحات التي كان متوقّعاً أن يقوم بها بعد تتويجه. قال المؤرّخ إد أوينز:"لقد أخذ المرض من طاقته وعزيمته".

لكن يبقى السؤال: هل يستطيع تشارلز تجاوز أزماته العائلية وصحته المتدهورة لتحقيق إرث ملكي إيجابي؟

اخترنا لك