بعد أقل من 24 ساعة على الإعلان عن وضعه الدقيق صحياً في غرفة العناية الفائقة بأحد مستشفيات المهندسين بالقاهرة، جاء الخبر الحزين صباح اليوم السبت بعدما هزم الكاتب المخضرم قلبه ورئتاه وأسلم الروح فجراً عن 76 عاماً، بعد ثلاثة أسابيع على تكريمه المؤثر في افتتاح الدورة 42 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي أصدر كتاباً عنه وقعه الزميل طارق الشناوي بعنوان: "وحيد حامد الفلاح الفصيح".

يطوي الراحل أكثر من نصف قرن عطاء، ما بين القصة المنشورة وعشرات النصوص للشاشتين والخشبة، كان جريئاً متوازناً لا يهاب أحداً حين يعلن موقفاً، وآخر ما كان يعمل عليه استكمال نصوص حلقات الجزء الثالث والأخير من مسلسل "الجماعة"، الذي استطاع في جزءيه الأول والثاني رصد كامل سيرة جماعة الإخوان المسلمين في مصر، ولم يتراجع عن إكمال مهمته رغم ما أعلنه من تلقيه الكثير من التهديدات بإيذائه.

كتب المقالة الصحفية رافضاً تقاضي أي بدل مادي معتبراً أن الآراء لا ثمن محدداً لها، ولم يكن بعيداً عن نبض الناس أبداً، فقد استأجر زاوية في مقهى بأحد الفنادق الكبرى بمنطقة غاردن سيتي، تم تجهيزها بطاولة كبيرة تتسع لأوراقه وأقلامه وملفاته العديدة، حيث كان يترك كل شيء على الطاولة من دون أن يمسه أحد إلا بطلب منه، رافضاً مبدأ الكتابة في مكان هادئ بعيداً عن مناخ الناس وبعض ضجيجهم كنوع من عيش الحالة التي يرصدها في أعماله، ونادراً ما تم ضبطه عابساً أو مهموماً بل هو مبتسم على الدوام. 

كان مواظباً على حضور معظم دورات مهرجان كان السينمائي الدولي فقط، من أجل الإطلاع على مناخ وأفكار السينما في أنحاء العالم، فكان يبادر إلى حجز مكان له في المهرجان ويردد: "لازم أشوف 6 أفلام كل يوم في قصر المهرجان". هذه الهمة عرفت عن الراحل رغبة منه في استغلال كل الوقت للاستفادة من فرصة مشاهدة عشرات الأفلام النخبوية من أهم الاستوديوهات العالمية، مما يقوي خلفيته الثقافية والمهنية.

ترك وحيد حامد علامات مضيئة على الشاشتين ستجعله بيننا على الدوام.