الشهيدة الأميركية "راشيل" في مسرحية إنكليزية على خشبتين لبنانيتين

حدث قومي فني بإمتياز شهدته خشبتا "المدينة" و "زقاق" في بيروت تمثل في عرضين للمسرحية الإنكليزية "My Name Is Rachel Corrie" (إسمي راشيل كوري) عن المناضلة والناشطة الأميركية التي قُتلت تحت جرافة إسرائيلية في "رفح" يوم 16 آذار/ مارس 2003 وإستحقت صفة الشهيدة وشُيّعت كما يُشيّع المقاومون الذين يسقطون في ساحات المواجهة، وتحوّلت إلى رمز دولي يكشف ممارسات العدو وصلفه.

"راشيل" المسرحية إستندت إلى دفتر يوميات هذه الصبية الأميركية التي لم تُصدّق ما تقوم به قوات الإحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين العزّل في الأراضي المحتلة وسط صمت للرأي العام العالمي بدءاً بواشنطن مروراً بأوروبا وصولاً إلى أبعد نقطة على وجه البسيطة، لذا حزمت الشابة الجميلة المولودة في أوليمبيا - واشنطن حقيبتها وفيها كتابها الذي وضعته سابقاً بعنوان "let me stand alone" وتوجهت إلى "غزة" وإنضمّت إلى حركة التضامن الدولية في فلسطين (ism)، ووقفت في وجه الجنود الإسرائيليين وهم يستبيحون البيوت وأماكن العبادة، دونما رادع ، إلاّ الوقفات الجريئة لمنع كل التعديات، وتحدّت إبنة الـ 23 عاماً إحدى الجرافات لكي تمنعها من هدم وجرف بعض المنازل فقضت تحتها، ونُظّمت لها جنازة مهيبة كالتي تقام للشهداء الأبرار، وحاز والداها قلادة بيت لحم التي تُمنح عادة لرؤساء الدول.

العرض المسرحي أنتجته ورعت تقديمه والسفر به فرقة فاشين المسرحية "The Faction Theatre Company" بتمويل من المجلس الثقافي البريطاني، عن نص تعاون عليه"كاترين فينر" رئيسة تحرير صحيفة "ذي غارديان" في لندن، والممثل البريطاني المعروف "آلان ريكمان"، وتولّت الإخراج "راشيل فالانتاين سميث"التي إختارت للعب دور راشيل الممثلة "كلار لاثام" التي تتمتع بطلة جميلة وليونة في الحركة، مع طواعية في تبديل ملامح وجهها في كل مرة تكون راغبة في ذكر موقف ما من الإحتلال الإسرائيلي، أوردته "راشيل" في يومياتها الأميركية قبل أن تُصبح وسط النار والبارود وحديد الآليات القاتلة، وتردد الممثلة بلسان "راشيل" أن أحداً لا يمكن أن يصبر على ذل وهوان بالصورة التي يمارسها الإسرائيليون ضد الفلسطينيين، وأن ردة الفعل الطبيعية هي الرد عليه وعدم التهاون في بذل أغلى ما عند الإنسان- روحه لكي يحفظ كرامته ورزقه.

"كلار" صاحبة كاريسما في جذب المشاهدين إليها في وقت كانت الترجمة إلى العربية تحضر ضوئياً أعلى خشبة المسرح وبطريقة مريحة للمتابعين، بينما أمّن لها الديكور عدة درجات من التقاطعات وهي تستذكر أحوال ما مر بها وما ناضلت في سبيل تحقيقه على الدوام، حتى نهايتها المأساوية كانت إلى حد بعيد من توقعاتها الطبيعية.