"مورين" مفاجأة سينمائية لقديسة عاشت فتىً وماتت فتاة

ولادة جديدة وحقيقية للسينما اللبنانية تحققت مع إطلاق فيلم "مورين القديسة المتنكرة" (morine: the transvestite saint) أول روائي طويل للمخرج ذي الثقافة الأكاديمية الكندية "طوني فرج الله"، بعد محاولات متواضعة أو متوسطة المستوى عرفتها تجارب عديدة لصناعة سينمائية محلية تواكب ما يتحقق تصاعدياً على صعيدي التلفزيون والمسرح، منذ سنوات قليلة وحتى الآن.

مفاجأة إيجابية كاملة بكل ما للكلمة من معنى، عشناها مع العرض الخاص والحاشد للفيلم على 4 شاشات لـ "غراند سينما- فردان"، منحتنا أملاً مؤكداً بأن الصناعة المحلية قادرة على النهوض حين تتوفر لها الميزانيات الكافية والموضوعات الميدانية والقدرات المدعومة بالدراسة والخبرة، وهذه الشروط توفرت لـ "مورين" فلمع وأدهش الحضور بكل عناصره، بدءاً بميلودراما حياة القديسة "مورين" اللبنانية، التي عانت الكثير من العذابات والظلم والمهانة في حياتها مما إضطرها لحماية أمنها الشخصي بالتنكرفي شكل وزي فتىً وخدمة الكنيسة بصدق ودأب مثاليين، وظلت كذلك تناضل بصمت حتى وافتها المنية وإنكشف جنسها ودفنت كما ولدت أنثى لها كل الإعتبار والإحترام بعيداً عن كل الإستنتاجات، لا بل إن الفيلم كان جسراً لإسترداد رفات "مورين" قريباً من مكان دفنها في روما.

16 ممثّلاً جسدوا الأدوار الرئيسية (منير معاصري، تقلا شمعون فرج الله، حسن فرحات، غسان مسعود، كارمن بصيبص، سمارة نهرا، وفاء حلاوي، أوس مخللاتي، رينيه غوش، منير كسرواني، حسام الصباح، بول سيف، جوزيف عبود، آجيا أبو عسلي، بسمة بيضون، علي سموري) مع 4 أطفال (كلويه ناجي نهرا، ناي بو أنطون، مارون كساب، ودانيال أبو شقرا) كلهم كانوا في حالة إقناع شاملة، يتأكد لنا معهم أن مشكلة الممثل اللبناني هي في المخرج فقط، وحين يديرهم بشكل صحيح نفوز نحن بأداء متميز جداً لا نعهده غالباً في الأفلام اللبنانية، أما مع المخرج "فرج الله" فالأمور إختلفت تماماً، وتمتعنا بحضور مدهش للممثلين خصوصاً دور "مورين" الذي أنجزته الممثلة "بصيبص" على أفضل صورة، وكم كان "حسن فرحات" رائعاً في الرهان عليه من خلال شخصية ميلودرامية، بعيدة عن ميزة "الفيلنت" التي إلتصقت به.

مدير التصوير "بول سيف" (إبن أخت المخرج، تخصص وعمل في بروكسل) شكّل أحد العناص الفاعلة في عملية الجذب المشهدي، ومعه كان للمؤلف الموسيقي "إياد الريماوي" دور رائد في تأمين جمالية لوقائع الفيلم من خلال إستحضار الموسيقى البيزنطية وتوظيفها لخدمة الأحداث بأفضل إيقاع، ولنا أن نشيد بالصوت الذي حصلنا عليه مع "رنا عيد" (مخرجة نضيء لاحقاً على حيثيات فيلمها "panoptic") كأفضل ما يمكن سماعه، والفضل الأول لصاحب الرؤية في الفيلم مخرجاً وكاتب نص "طوني فرج الله" الذي تعب على مدى سنوات لتدبير كل تفاصيل الشريط بدأب مشهود مع زوجته الممثلة المتمكنة والماهرة في الكاراكتيرات "تقلا". والنتيجة فيلم متكامل بكل ما فيه.