مسرحية "قالب كيك" في عُمان ... أو حكاية الراهن العربي

"المركز الثقافي الملكي" في سلطنة عمان، يحتضن مسرحية "قالب كيك" (نص: سميحة خريس - إخراج: مجد القصص). المسرحية تنطلق من مواضيع تشغل بال المرأة في ظل مجتمع ذكوري يتحكم بحريتها ويسلبها حقوقها، لكن القلق الفردي يعكس قلقاً جماعياً عند الشعوب العربية منذ ضياع فلسطين وصولاً إلى ما تشهده دول عربية من مجازر.

إحتضن "المركز الثقافي الملكي" في سلطنة عمان، مسرحية "قالب كيك" للمخرجة الفلسطينية مجد القصص، التي تنطلق من مواضيع تشغل بال المرأة في ظل مجتمع ذكوري يتحكم بحريتها ويسلبها حقوقها ويعاملها وكأنها جنس ثالث أقل حظاً وحظوة.

المسرحية التي كتبت نصها الروائية الأردنية سميحة خريس، تعالج في عمقها قضية الحروب، منذ نكبة فلسطين وصولاً إلى ما تشهده الدول العربية من صراعات ودمار ومجازر، في محاولة لتلمس دوافعها وأسبابها.

وتقارب المسرحية شكل المونودراما، إذ تعتمد على صوت واحد في السرد، لكن المخرجة أضافت لصوت السرد صوتَ الغناء الحيّ الذي قدمته الفنانة سارة الحاج، مؤدية أغاني وجدانية شعبية تدعو للمقاومة من مثل: "ماضون"، "مدينة السلام"، " جفرا"، "كيفك انت"، وبتوزيع موسيقي جديد للفنان مراد دمرجيان.

واعتمد الديكور الذي صمّمه طلال سعيد ونفّذه محمد العبوشي، على مقعدين وطاولتين صغيرتين و(كاونتر) لمطبخ وشماعة بمرآة وأخرى بشبّاك، حيث كانت هذه المفردات متحركة في فضاء الخشبة ويعاد تشكيلها على الدوام، لتقدم كل منها دلالة سيميائية معينة، من مثل تقريب المقعدين ليتحولا إلى جدار به نافذة يدلّ على بيت أهل الجدّة، أو تحويل الشماعة التي بها شبّاك إلى جدار لغرفتها وهي تسترق النظر نحو الشاب الواقف أسفله.

المسرحية عكست بمفرداتها وعناصرها القلقَ الذي يعيشه كل فرد منا، والخوف من القادم في ظل أرض مزروعة بالألغام لا أحد يمكنه التنبؤ بما يقبع تحت قدمه، ولا بخطورته. وكان هذا القلق يتلبّس السخرية السوداء، حيث تتحدث "دلال" بطلة المسحرية، عن ذكرياتها تارة وبجمل قصيرة فيها من السعادة والفرح وفيها من الخذلان والحزن والألم، ثم تعرج للحديث عن حاضرها وكيف تركها أبناؤها وحيدة، وفي الوقت الذي تتذكر فيه حياتها الخاصة تربط كل ذلك بما حدث خلال حرب النكسة، وما تلاها من حروب، وكيف يتم التلاعب اليوم بعقول الشباب وخداعهم من أبواب عدة ليكونوا وقودًا للحرب لا يدًا واحدة على العدو.

كما تؤكد البطلة في كل مفصل أنها لا تتحدث عن السياسة، وأن ما تقوله مجرد هواجس وأفكار تخطر في بالها، ملمحة إلى أن خريطة الدول العربية اليوم هي قالب "كيك" يتم تقسيمه، وتصرخ من أعماقها باللهجة المحكية: "كل يوم مصيبة، كل يوم مذبحة"، وآخر المصائب: "قال القدس عاصمة لهم! الأرض مش مثل الناس بتنولد وبتموت، الأرض بمطرحها مين ما أجى ومين ما راح. والقدس عارفة حالها إنها فلسطينية، وبتقول: أنا القدس لا شرقية ولا غربية".

وتنتهي المسرحية بدعوة الجمهور إلى أن يعود كلٌّ منهم إلى بيته ويقوم بإعداد وصفته الخاصة، حتى نتمكن من حماية أوطاننا.