تخوّف من استثمارات أميركية جديدة في مناجم زامبيا: الشعب لا يستفيد

شركة أميركية، يملكها بيل غايتس وجيف بيزوس، تستثمر في مناجم التنقيب عن المعادن الخام، المستخدمة في صناعة بطاريات السيارات، في زامبيا، بينما يتخوّف السكان وخبراء عالميون من أنّ هذه الصفقات لن تستفيد منها الشعوب الأفريقية.

  • دفعات من صفائح النحاس مخزنة في مستودع في مناجم موباني ، موفيليرا ، زامبيا.
    دفعات من صفائح النحاس مخزَّنة في مستودع في مناجم موباني، في موفيليرا، في زامبيا

انعكس استثمار، قيمته 150 مليون دولار في منجم نحاس في زامبيا، من جانب شركة مدعومة من المليارديرين بيل غيتس وجيف بيزوس، زيادةً في الطلب على المعادن المستخدمة في بطاريات السيارات الكهربائية، لكن ذلك رفع، بالتوازي، مستوى الأسئلة عن مدى استفادة السكان المحليين.

وتقوم شركة التعدين الأميركية، "كوبولد ميتالز"، وهي شركة استكشاف أميركية تستخدم الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتحديد الرواسب المعدنية للبطاريات، بالاستثمار في منجم "مينغومبا" غير المطوّر، بحسب موقع "سيمافور".

ويعتمد مستثمرو "كوبولد" على صندوق أسسه بيل غيتس، ويدعمه أثرياء آخرون، بمن في ذلك جيف بيزوس ومايكل بلومبرغ وجاك ما وريتشارد برانسون.

وكان وزير المناجم وتنمية المعادن في زامبيا، بول كابوسوي، رحّب، في وقت سابق، بالاستثمار الذي تمّ إعلانه خلال قمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا، في كانون الأول/ديسمبر الفائت، وقال إنّ "الاستثمار بدأ في التدفق، وهذا ما سيحفّز النمو الاقتصادي".

وفي الوقت الذي ترى الحكومة أنّ صفقة "كوبولد" للتعدين ستجلب المنافع للدولة وتحتفل بها، يتخوّف منها الشعب الزامبي، الذي يتذكر مشاريع التعدين السابقة في زامبيا والوعود التي لم يتمّ الوفاء بها.

اقرأ أيضاً: واشنطن تُعيد رسم سياستها في أفريقيا لمواجهة موسكو وبكين

 وقال جيمس موسوندا، وهو محلّل متخصّص بالتعدين، إنّه "لم يتمّ الكشف عن معلومات بشأن ما الذي سيحصل عليه الزامبيون من هذا المشروع، من حيث الإيرادات الضريبية"، متسائلاً عما إذا كانوا "سيحصلون على وظائف لائقة"، ومعرباً عن مخاوفه بشأن "الافتقار الواضح إلى الفوائد".

وتُعَدّ صناعة تعدين النحاس أحد أكبر مصادر الدخل في زامبيا، فهي تمثّل أكثر من 70٪ من عائدات التصدير، وساهمت في 42٪ من إجمالي الإيرادات الحكومية عام 2022. ومع ذلك، لا يزال أكثر من نصف السكان يعيشون على أقل من 1.90 دولار في اليوم.

وأكّد المحلل الاقتصادي، تريفور هامبايي، أنّ "زامبيا في حاجة إلى التعلم من أخطاء الماضي كي تدرك الإمكانات التي توفرها مواردها الطبيعية"، مشيراً إلى أنه "لا يمكن للبلاد أن تأمل فقط أن تعود عائدات الضرائب على شركات الاستكشاف الأجنبية بالفائدة على البلاد".

وأضاف أنّ "زامبيا، مثل عدد من البلدان الأفريقية، وافقت سابقاً على عقود تعدين مع مستثمرين أجانب، تتضمن تنازلات ضريبية ضخمة، الأمر الذي يحدّ بشدة من الإيرادات المتولدة من هذه المشاريع".

كما يرتبط اقتصاد التعدين بالمخاطر البيئية، إذ يفاقم إزالة الغابات وتلوث المياه في زامبيا.

اقرأ أيضاً: روسيا وزامبيا تبحثان في تطوير العلاقات الثنائية ولاسيما التجارية

وتراهن حكومة الرئيس هاكيندي هيشيليما على أنّ زامبيا يمكنها الاستفادة من أولوية الولايات المتحدة الجديدة للطاقة الخضراء، ورغبتها المعلنة في السيطرة على سلسلة التوريد العالمية للتكنولوجيا النظيفة من الصين، وخصوصاً لبطاريات السيارات الكهربائية.

ويشكّل استغلال الشركات الأجنبية، ولاسيما الأوروبية والأميركية، للثروات الطبيعية في القارة الأفريقية، أحد مظاهر استمرار العادات الاقتصادية المرتبطة بالفترة الاستعمارية، إذ إنّ الخامات التي تباع بأسعار زهيدة تحوّلها الشركات الغربية إلى منتوجات ذات قيمة هائلة بالنسبة إلى أسعار المواد الأولية، وغالباً ما تعود الدول الأفريقية نفسها لتشتريها بتكلفة ضخمة.

كما تشكل الحكومات، التي ترعى الولايات المتحدة وأوروبا كثيراً منها، حاضناً للاستثمارات الغربية في القارة، إذ تنتفع من المشاريع الكبرى غالباً طبقة من الأثرياء والنافذين المقربين من الدول الغربية، بينما تغرق الشعوب في الفقر والجوع وتردي الأوضاع الصحية والاجتماعية والاقتصادية.

وكانت حكومتا زامبيا والكونغو الديمقراطية وقّعتا مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة، خلال القمة الأميركية الأفريقية الشهر الفائت، هدفها تطوير سلسة الإنتاج ورفع مستواها التقني.

ويأمل الأفريقيون هذه المرة أن تتمكّن زامبيا، جنباً إلى جنب مع جارتها جمهورية الكونغو الديمقراطية، من رفع مرتبتها في سلسلة التوريد من حيث القيمة، ولاسيما عبر استخدام الذكاء الاصطناعي.

اقرأ أيضاً: الفرنك الأفريقي في خدمة فرنسا.. عن آخر عملة استعمارية في العالم

اخترنا لك