تدهور صورة فرنسا.. قطاع السياحة يترقب ضربة قاسية مع تواصل أعمال العنف

في إثر تواصل الاحتجاجات وأعمال العنف، والتي تطال مؤسسات وممتلكات عامة وخاصة، في عدة مدن فرنسية، قطاع السياحة في البلاد يخشى تدهور صورة فرنسا وخسارة الموسم السياحي.

  • ضابط شرطة فرنسي يرتدي ملابس مكافحة الشغب بجوار السيارات المحترقة في حي بابلو بيكاسو في نانتير (أ ف ب)
    عنصر شرطة فرنسي يرتدي ملابس مكافحة الشغب إلى جوار السيارات المحترقة في حي بابلو بيكاسو في نانتير (أ ف ب)

تتواصل في عدة مدن فرنسية الاضطرابات والمواجهات بين المحتجين والشرطة الفرنسية، لليوم الرابع على التوالي، في إثر مقتل الفتى نائل المرزوقي (17 عاماً)  بنيران شرطي فرنسي في نانتير، الثلاثاء الماضي.

وعلّق الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على المواجهات المستمرة بين المحتجين والشرطة في مختلف المدن الفرنسية، قائلاً: "قرّرنا اتخاذ مزيد من الإجراءات لحماية الممتلكات والمواطنين".

لكن، من جهة أخرى، صار تأثير أعمال الشغب في السياحة في باريس كارثياً بالفعل، ويضاف إلى ذلك الخسائر الهائلة والناجمة عن العنف، والتي يصعب تقديرها راهناً، بسبب تواصل أعمال العنف.

 

وفي العام الماضي، حقّق القطاع السياحي الفرنسي أكثر من 58 مليار يورو، لكن الموسم الحالي معرض لانتكاسة كبيرة في حال استمرار التدهور والاحتجاجات، بينما هناك من يحذّر من "كارثة مقبلة".

في مقابل الاحتفالات والعروض الملغاة، هناك الإغلاق المبكر للمواصلات العامة، ومنع التجول في مناطق معينة، وتحذير كثير من البلدان رعاياها من التنقل.

وفي هذا الإطار، أكّد فرانك ديلفو، رئيس اتحاد المهن والصناعات الفندقية (أوميه)، أنّ هناك "ضربة جديدة قاسية لقطاع السياحة"، مشيراً إلى أنّ "مؤسسات أصحاب المطاعم والفنادق كانت هدفاً مباشراً للعنف الحضري".

وذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية أنّ قطاع السياحة يخشى تدهور صورة فرنسا، وأضافت أنّ التأثير يبدو هذه المرة أكثر إلحاحاً مما كان عليه خلال تظاهرات "السترات الصفراء"، أو التظاهرات ضد إصلاح نظام التقاعد". 

ومنذ مقتل نائل "عانت الفنادق موجة إلغاء حجوزات في جميع المناطق المتضررة من التظاهرات والاشتباكات"، يقول تييري ماركس، رئيس اتحاد المهن والصناعات، وهو اتحاد أرباب العمل الرئيس في صناعة الفنادق والمطاعم.

وأضاف أنه تلقّى تحذيرات يومية من حِرَفيين تعرضوا "لهجمات ونهب وتدمير للأعمال التجارية، بما في ذلك بعض المطاعم والمدرجات".

أمّا في مرسيليا، فأوصت المحافظة، أمس الجمعة، خلال النهار، بإغلاق المؤسسات في الساعة الـ6 مساءً. وفي اليوم السابق، تعرض عدد من المطاعم للتخريب من جانب "المجموعات المتنقلة"، وفقاً لبرنارد مارت، رئيس UMIH 13.

وقال: "لقد تمّ استخدام الكراسي والطاولات لإشعال النيران، وتحطمت النوافذ. كما انقطعت وسائل النقل العام من الساعة الـ7 مساءً في مرسيليا". 

كذلك في نانت، انتظر أصحاب المطاعم حتى اللحظة الأخيرة، مساء أمس الجمعة، لمعرفة ما إذا كان ينبغي لهم العودة إلى شرفاتهم أم لا. وفي وسط المدينة، اختار البعض الإبقاء على الإغلاق بسبب عمليات العنف والنهب، وفق ما يؤكد أوليفييه داردي، رئيس اتحاد "UMIH" في لوار أتلانتيك.

وأشارت "لوموند" إلى أنه بين كانون الثاني/يناير ونيسان/أبريل، زادت الإيرادات التي تمّ الحصول عليها بفضل السياح الأجانب بنسبة 21%، مقارنة مع عام 2019، الأمر الذي يشير هذا العام إلى تجاوز 58 مليار يورو المتراكمة في عام 2022.

لكن "صورة البلاد آخذة في التدهور"، وفق فينسينت سيتز، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس لجنة التدريب على العمل في "Groupement des hôtelleries et renation de France (GHR)"، بسبب استمرار الاحتجاجات والإضرابات، وأعمال العنف المرتبطة بإصلاح نظام التقاعد.

وأسفت هذه المجموعة لحقيقة مفادها أنّ التلفزيونات الأجنبية بدأت عرض صور لباريس تحترق.

دول تصدر توصيات لرعاياها من مخاطر أعمال الشغب في فرنسا

من جهتها، سارعت عدة دول إلى إصدار توصيات لمواطنيها لحماية أنفسهم من  المخاطر المحتملة والمرتبطة بأعمال الشغب. وتأتي المملكة المتحدة والولايات المتحدة والنرويج في الصدارة. كما حثّت السفارة الأميركية في باريس على "تجنب أماكن التظاهر"، و"المناطق ذات النشاط البوليسي الكبير".

بدورها، حذّرت وزارة الخارجية البريطانية من أنّ "المواقع والأوقات لأعمال الشغب لا يمكن التنبؤ بها"، وحثّت البريطانيين على "اتباع وسائل الإعلام وتوصيات السلطات".

وقال فريديريك هوكوارد، نائب عمدة باريس، والمسؤول عن السياحة: "سنُجري تقييماً بعد عطلة نهاية الأسبوع. لكن من المؤكد أنّ إلغاء الأحداث الثقافية الكبرى لا يمثل أبداً إشارة جيدة إلى صحة أي بلد".

وأضاف: "في الوقت الحالي، تمّ استبعاد حالة الطوارئ. اليوم، لن يقوم الأشخاص الذين حجزوا بإلغاء عطلاتهم في فرنسا".

وقدّر كريستيان مانتي، رئيس "Atout France"، أنه "إذا استمر الوضع على حاله، فإنّ عمليات الانسحاب من السياحة ستكون مخيفة"، لافتاً إلى أنه "سيظهر التأثير في حجوزات اللحظة الأخيرة".

اقرأ أيضاً: الاحتجاجات في فرنسا مستمرة.. ماكرون يغادر بروكسل ويعود إلى باريس

اخترنا لك