تقرير أممي: الوضع في غزة فريد من نوعه.. ويمثل أشد أزمة اقتصادية مسجلة على الإطلاق
تقرير أممي يقول إنّ الأزمة الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية المحتلة والناتجة من العدوان الإسرائيلي منذ العام 2023 تصنّف من بين أسوأ عشر أزمات شهدها العالم منذ عام 1960.
-
تقرير أممي: الوضع في غزة فريد من نوعه.. ويمثّل أشدّ أزمة اقتصادية مسجّلة على الإطلاق (صورة أرشيفية)
تُصنّف الأزمة الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية المحتلة والناتجة من العدوان الإسرائيلي منذ العام 2023 من بين أسوأ عشر أزمات شهدها العالم منذ عام 1960، بحسب منظّمة الأمم المتحدة للتنمية والتجارة "أونكتاد" التي صنّفت الوضع في غزة بأنه "فريد من نوعه"، ويمثّل أشدّ أزمة اقتصادية مسجّلة على الإطلاق.
أسوأ ركود اقتصادي في أراضي فلسطين المحتلة على الإطلاق
وفقاً لتقرير "أونكتاد"، فإنّ القيود طويلة الأمد والعدوان الإسرائيلي المستمرّ دفعا اقتصاد الأرض الفلسطينية المحتلة إلى أسوأ ركود له على الإطلاق، ما قضى على عقود من التقدّم التنموي وفاقم الهشاشة المالية والاجتماعية.
في التقرير المعنون "التطوّرات الاقتصادية في الأرض الفلسطينية المحتلة"، وجدت "الأونكتاد" أنّ عامين من العمليات العسكرية والقيود تسبّبا في انهيار غير مسبوق للاقتصاد الفلسطيني، وأنّ هذا الوضع يحدث في سياق هشاشة اقتصادية ومؤسسية شاملة، ويؤدّي إلى عواقب اجتماعية وبيئية خطيرة.
لقد أدّى الضرر الواسع النطاق الذي لحق بالبنية التحتية ووسائل الإنتاج والخدمات العامّة إلى القضاء على عقود من التقدّم الاجتماعي والاقتصادي في الأرض الفلسطينية المحتلة، حيث تُصنّف الأزمة الاقتصادية الناتجة من هذه الاعتداء من بين أسوأ عشر أزمات شهدها العالم منذ عام 1960، والوضع في غزة فريد من نوعه، "لأنه يمثّل أشدّ أزمة اقتصادية مسجّلة على الإطلاق".
وقد أدّى انهيار الإيرادات وحجب الحكومة الإسرائيلية للتحويلات المالية إلى الحدّ بشدة من قدرة الحكومة الفلسطينية على الحفاظ على الخدمات العامّة الأساسية والاستثمار في الانتعاش. يأتي هذا الوضع في وقت حرج، إذ إنّ هناك حاجة إلى استثمارات ضخمة لإعادة بناء البنية التحتية المتداعية ومعالجة الأزمات البيئية والاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة.
اقرأ أيضاً: الحرب تدمّر اقتصاد غزة: عشرات الآلاف من العمال بلا مصدر رزق
الاقتصاد الفلسطيني: شبه انهيار تامّ
وقال تقرير المنظّمة الأممية إنّ تفاقم الصراع دفع اقتصاد الأرض الفلسطينية المحتلة من حالة تدهور مطوّل إلى مرحلة شبه انهيار تامّ، مع تداعيات عميقة على جميع القطاعات (الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والبيئية)؛ ففي غزة، انزلق جميع السكان في فقر متعدّد الأبعاد. في الوقت نفسه، تشهد الضفة الغربية أشدّ ركود لها على الإطلاق، بسبب تزايد انعدام الأمن، والقيود المفروضة على الحركة والوصول، وفقدان الفرص في جميع قطاعات الاقتصاد.
وأشار التقرير إلى أنه بحلول عام 2024، انخفض الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني إلى مستواه في عام 2010، وانخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى مستواه في عام 2003. ووفقاً لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، في أقلّ من عامين، تمّ القضاء على 22 عاماً من التنمية.
وذكّر التقرير الأممي بالحصار المفروض على قطاع غزة منذ نحو 20 عاماً، إذ واجه 2.3 مليون فلسطيني في غزة قيوداً شديدة على التجارة والحركة والوصول إلى الموارد في منطقة مساحتها 365 كيلومتراً مربّعاً، وهي واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، وأدّت القيود المفروضة إلى تفكيك القاعدة الإنتاجية في غزة واعتمادها شبه الكامل على المساعدات الخارجية.
عام 2024، انكمش الناتج المحلي الإجمالي لغزة بنسبة 83% مقارنةً بعام 2023، عقب انخفاض حادّ في العام السابق. وعلى مدار هذين العامين، بلغ الانخفاض التراكمي 87%، ليستقرّ الناتج المحلي الإجمالي عند 362 مليون دولار. وانخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى 161 دولاراً، وهو من أدنى المعدلات في العالم. ويمثّل الآن 4.6% فقط من نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الضفة الغربية، فيما كانت قيمتاهما متقاربتين في عام 1994.
اقرأ أيضاً: "الغذاء العالمي": أسعار السلع في غزة مرتفعة والعائلات بلا قدرة شرائية
التعافي سيستغرق عقوداً
أدّى الدمار الهائل للبنية التحتية وفقدان القدرة الإنتاجية ونزوح السكان إلى إلحاق ضرر دائم برأس المال البشري. وستكون لانقطاعات نظام التعليم والخدمات الأساسية آثار طويلة المدى على سبل العيش وعلى أسس صمود المجتمع.
لقد أدّى الضرر الجسيم الذي لحق بالسكن والخدمات العامة والبنية التحتية الأساسية إلى تعطيل الوصول إلى الغذاء والماء والرعاية الصحية والخدمات العامة، ما أدّى إلى حالة طوارئ إنسانية واقتصادية حادّة.
إنّ حجم الضرر يُعقّد بشكل كبير الانتعاش الاقتصادي واستعادة الظروف المعيشية الأساسية من دون مساعدة دولية كبيرة. حتى لو كانت هذه المساعدة كبيرة، فقد يستغرق الأمر عقوداً حتى يتعافى الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات ما قبل أكتوبر 2023.
ولكي يكون التعافي الكبير ممكناً - ولا سيما فيما يتعلّق بالحصول على الرعاية الصحية والتعليم والمياه النظيفة والبنية التحتية الأساسية - يجب على المجتمع الدولي ضمان استدامة وقف إطلاق النار المتفق عليه في أكتوبر 2025، مع الاعتراف بأنّ إيصال المساعدات الإنسانية أمر ملحّ ولا يمكن تأجيله.
اقرأ أيضاً: المقايضة بدلاً من المال: اقتصاد البقاء في غزة تحت الحصار
انكماش اقتصادي حادّ في الضفة الغربية
يستمر التوسّع الاستيطاني والقيود المفروضة على الحركة في تجزئة الضفة الغربية، ما يُعطّل الاقتصاد والتجارة والاستثمار، ويُقلّل من الوصول إلى الأراضي والموارد والأسواق. تؤثّر هذه القيود في أكثر من 3.3 ملايين شخص، وتزيد من تكاليف النقل، وتُطيل أوقات السفر، وتعوق الوصول إلى الأسواق وفرص العمل والتعليم والخدمات الصحية.
منذ نهاية عام 2023، اشتدّت القيود على الحركة، ما أثّر بشكل أكبر في التجارة والإنتاج، فقد انكمش الناتج المحلي الإجمالي في الضفة الغربية بنسبة 17%، وانكمش نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 18.8%، ليعود إلى المستويات المسجّلة آخر مرة عامي 2014 و2008 على التوالي.
اقرأ أيضاً: "فورين بوليسي": "إسرائيل" تدبّر انهياراً اقتصادياً في الضفة الغربية
أكثر من 70 مليار دولار لإعادة إعمار غزة
وعن إعادة اعمار غزة، ذكر التقرير الأممي أنّ التكلفة التقديرية لإعادة الإعمار تتجاوز 70 مليار دولار، ما يُبرز حجم الاستثمار المطلوب لإعادة بناء البنية التحتية واستعادة سبل العيش.
منظّمة الأمم المتحدة للتنمية والتجارة دعت المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لوقف الانهيار الاقتصادي، وحلّ الأزمة الإنسانية، وإرساء أسس السلام والتنمية الدائمين. كما دعت إلى تنفيذ خطة إنعاش شاملة للأرض الفلسطينية المحتلة، تتضمّن تنسيق المساعدات الدولية، واستئناف التحويلات المالية، واتخاذ تدابير لتخفيف القيود على التجارة والتنقّل والاستثمار.