سلوفاكيا.. بدء التصويت في انتخابات برلمانية تحدد مسار السياسة الخارجية وتربك "الناتو"

الناخبون في سلوفاكيا يدلون بأصواتهم، اليوم السبت، في عملية اقتراعٍ تنافسية يُنظر إلى ما ستؤثّر به نتيجتها بشكلٍ كبير على مسار السياسة الخارجية للبلاد، ودعم أوكرانيا.

  • ملصق انتخابي يعود للحزب
    ملصق انتخابي يعود للحزب "الديمقراطي الاجتماعي السلوفاكي"، يحمل صورة زعيمه، روبرت فيكو، في براتيسلافا، سلوفاكيا (رويترز)

انطلقت صباح اليوم السبت الانتخابات البرلمانية في سلوفاكيا، والتي أثارت اهتماماً عالمياً بما حملته مِن تكهناتٍ بشأن نتائجها التي ستؤثّر بمفاعيلها على سياسة الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي "الناتو" والاتحاد الأوروبي.

وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند السابعة صباحاً، ومِن المقرّر أن تقفل عند الثامنة مساءً، لتبدأ مرحلة فرز الأصوات، حيث يُتوقّع أن تبدأ النتائج الأولية بالظهور بعد إقفال المراكز بقليل، على أن تُعلن النتائج الرسمية صباح غدٍ الأحد.

واتضح مِن خلال ما حملته الأجواء السياسية في البلاد مؤخراً مع اقتراب التصويت، ترّأس الحرب في أوكرانيا جدول أعمال المرشحين وخطابهم السياسي الموجّه للجمهور، مما دفع باتجاه حديث متزايد عن أهمية هذه الانتخابات بالنسبة لخيارات سلوفاكيا السياسية وسياستها الخارجية مستقبلاً.

أوكرانيا في صندوق الاقتراع

وصفت صحيفة "الغارديان" البريطانية الانتخابات في سلوفاكيا بالـ"متوترة"، مُشيرةً في تقريرٍ حولها، نشرته اليوم السبت، إلى أنّ النتائج التي قد تفرزها هذه الانتخابات، قد تقرّر ما إذا كانت البلاد "ستتمسك بخطها الليبرالي المؤيد للغرب، أو ستتخلى عن دعمها القوي لأوكرانيا المجاورة، لتميل أكثر نحو موسكو".

وخلال الحملة الانتخابية، والتي تخلّلتها مشاحنات بين المرشحين، وجّه المرشح، ورئيس الوزراء السلوفاكي الأسبق لعدّة فترات، روبرت فيكو، انتقاداتٍ لاذعة إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، إضافةً إلى دعوات وحركات "الشذوذ الجنسي"، كما رفض بشدّة تقديم أي مساعدة عسكرية إضافية لأوكرانيا.

ويتبنّى فيكو وجهات نظرٍ أكثر قرباً لروسيا، تتعارض مع ائتلاف يمين الوسط، الذي حكم البلاد بعد انتخابات 2020 الأخيرة، قبل أن ينهار العام الماضي ويتمّ استبداله بحكومة تصريف أعمال.

وقال فيكو، في وقتٍ سابق، إنّه لن يرسل "رصاصة واحدة أخرى" لدعم أوكرانيا، الجارة الشرقية لبلاده، كما وصف العقوبات الغربية وإجراءات الاتحاد الأوروبي ضد موسكو بأنّها "عديمة الفائدة"، إضافةً إلى تقديمه وعداً باستخدام حق النقض ضد أي طلبٍ أوكراني للانضمام إلى حلف "الناتو".

في السياق ذاته، صرّح رئيس الوزراء السابق، في تجمّعٍ انتخابي حاشد قبل بضعة أيام، أنّ "الحرب تأتي دائماً من الغرب، والحرية والسلام يأتيان دائماً من الشرق".

يُشار إلى أنّ فيكو مُقرّب مِن رئيس وزراء هنغاريا، فيكتور أوربان، ومُعجبٌ صريح به، كما أبدى إعجابه بدرجةٍ أقل بحزب "القانون والعدالة" الوطني المحافظ في بولندا، حيث يتشارك الأطراف الثلاثة إجماعاً على ضرورة إيقاف الدعم المُقدّم لأوكرانيا، ومراجعة سياسات أوروبا المتعلّقة بروسيا.

اقرأ أيضاً: "فورين أفيرز": كيف تعيد الحرب في أوكرانيا تشكيل أوروبا؟

وفي المقابل، قدّم خصم فيكو، ميشال سيميتشكا، طروحاتٍ انتخابية مناقضة، متعهداً تخليص سلوفاكيا من "الماضي"، في إشارةٍ الى الفترة التي شغل فيها فيكو رئاسة الوزراء، بين العامين 2006 و2010، ولاحقاً بين 2012 و2018، كما دعا مواطني بلاده إلى "الاقتراع للمستقبل".

وفي تصريحاتٍ لوكالة "فرانس برس"، أكّد المحلل السياسي السلوفاكي، غريغوري ميسينزيكوف، أنّ هذه الانتخابات ستكون "فاصلةً لناحية التوجّه المستقبلي لبلادنا في مجال السياسة الخارجية، والدفاع والأمن، لكن أيضاً لأجل مستقبل الديمقراطية".

تحالفاتٌ لانتخاباتٍ مفصلية

يتنافس في الانتخابات بشكلٍ رئيسي "الحزب الديمقراطي الاجتماعي السلوفاكي"، اليساري بزعامة رئيس الوزراء الشعبوي الأسبق، روبرت فيكو، وحزب "سلوفاكيا التقدمية الوسطى"، بزعامة نائب رئيس البرلمان الأوروبي، ميشال سيميتشكا، واللذان يحظى كل منهما بتأييد قرابة 20% من ناخبي البلاد المقدّر عدد سكانها بـ 5.4 ملايين نسمة.

ويُرجّح أن يحتاج الفائز في الانتخابات إلى التحالف مع أحزابٍ أخرى صغيرة، وذلك لتشكيل ائتلافٍ يتيح انتزاع الغالبية في البرلمان، وهو المكوّن مِن 150 نائباً.

وبخصوص الخيارات السياسية الداخلية بعد الانتخابات، يُحتمل أن يلجأ فيكو إلى شركاء آخرين في الائتلاف الحكومي، مثل حزب "الجمهورية" اليميني، والحزب "الوطني السلوفاكي" الذي سبق له أن شاركه في الحكم مرتين، حيث يُعد هؤلاء الشركاء المحتملين من المعارضين أيضاً لمساعدة أوكرانيا.

ومن جهته، يمكن لحزب "سلوفاكيا التقدمية" التقارب مع أحزاب ائتلاف يمين الوسط المنتهية ولايتها، مثل "سمي رودينا" (Sme rodina) اليميني المحافظ، وحزب "حرية وتضامن" الليبرالي، وحزب وسط اليمين "من أجل الشعب".

وأكّد ميسينزيكوف لـ"فرانس برس" أنّ التأييد الذي يحظى به كل تكتل، أي القومي الشعبوي مِن جهة، والمؤيد لليبرالية الغربية مِن جهةٍ أخرى، هو "مشابهٌ إلى حدٍ كبير"، مُشيراً إلى أنّ الأفضلية التي تحظى بها القوى المعارضة للتيار الحاكم، هي أنّها "أقل تشرذماً ومتماسكة بشكلٍ أفضل".

ويُشار إلى أنّ الحزب الفائز في الانتخابات، سيتولّى تشكيل الحكومة الجديدة، لتحلّ بدلاً من ائتلاف يمين الوسط الذي أمسك بالسلطة منذ العام 2020، عبر ثلاث حكوماتٍ مختلفة متعاقبة.

وذكر محلّلون أنّه ستكون أمام الفائز مروحةٌ واسعة من الخيارات لتشكيل ائتلافٍ حكومي، إذ يُتوقّع أن تُفضي نتائج الانتخابات، التي تشهد منافسةً كبيرة ومحتدمة، إلى دخول 11 حزباً سياسياً إلى برلمان البلاد.

اقرأ أيضاً: "UnHerd": انتخابات سلوفاكيا تهدّد وحدة "الناتو" والاتحاد الأوروبي

اخترنا لك