ما هي الخطوط والمعادلات التي رسمتها مسيرات حزب الله في اتجاه "كاريش"؟

معادلة جديدة تترسّخ، هي جانب من معادلات أخرى، عززتها مسيرات المقاومة، ووضعت حدوداً فاصلةً للاستباحة الإسرائيلية.

  • مسيّرات حزب الله في اتجاه كاريش... رسائل تحذيرٍ قوية وردع وحسم ما هي أبعادها؟
    رسائل تحذيرٍ قوية وردع وحسم.. ما هي أبعادها؟

أعلنت المقاومة الإسلامية في لبنان (حزب الله)، السبت، إطلاقها 3 مسيّرات غير مسلّحة في اتجاه المنطقة البحرية المتنازع عليها مع الاحتلال في المياه الإقليمية لفلسطين المحتلة ولبنان، عند حقل "كاريش"، مؤكدة أنّها كانت "في مهمّات استطلاعية"، وأنّ "المسيّرات أنجزت المهمة المطلوبة، وأوصلت الرسالة".

رسالة قوية حملتها المسيرات جواً في عمق البحر، لتؤكد قدرات المقاومة في ردع "إسرائيل"،ـ لكن الأمر لا يقتصر على محاولات السطو على الثروات اللبنانية، بل يأتي أيضاً في سياق مواجهة التهديدات الإسرائيلية لحركات المقاومة و"حلف القدس" أيضاً.

ومما لا شك فيه أنّ لحزب الله سلاح جو متأهب، والأمر يتسم بكثير من الجدية، وهو ما أظهرته المهمة الاستطلاعية الأخيرة، لمسيّرات المقاومة التي أنجزت المهمة وأوصلت الرسالة.

وفي الأبعاد الاستراتيجية، تبدو الآن سياسة اليد الطولى لـ"إسرائيل" عديمة الأفق، فالتهديد يقابله تلويح بالرد باقتدار، وإن بطابع الاستطلاع المسيّر، والمربك في آنٍ، للحسابات الإسرائيلية. ومن غير المستبعد أن تكون الرسالة جامعة، تمثل محوراً بأكمله للمقاومة، أو حلفاً للقدس كما أصبح مسماه أخيراً، فثمة تنسيق بين أطرافه وتعاون لا يخفونه.

فهل تلقف الإسرائيليون والأميركيون الرسالة، في مكانها المقصود وزمانها المراد؟ لا سيما وأن الرسالة كانت في مضمونها قويةً، وبأبعادها خطيرةً على المخططات الإسرائيلية. 

المقاومة اليوم لديها مسح بحري متكامل

وفي الحديث عن التوقيت، والذي يتضمن رسائل دعم لتحسين موقف لبنان التفاوضي، وتحذير لـ"إسرائيل" والمفاوض الأميركي، وفيها أن "تبني الأميركي الأجندة الإسرائيلية لن يمر"، وهو ما أكده البيان باستخدامه عبارة "المنطقة المتنازع عليها" بالحديث عن حقل "كاريش".

وهذا ما أشار إليه الكاتب في الشؤون السياسية روني ألفا، خلال حديثه للميادين، معتبراً أنّه "عندما يُصدر حزب الله موقفاً أو بياناً فهو يحدد أيضاً مفاعيله التنفيذية"، قائلاً: "ليس هناك موقف للمقاومة لا يتبعه دائماً إقرار بهذا الوعد".

ورأى ألفا أنّ بيان حزب الله أكد "أننا نتحدث عن منطقة متنازع عليها، خلافاً لما حاولت إسرائيل الترويج له"، موضحاً أنّ رسالة المقاومة واضحة وهي أنّ كاريش "ليس خارج المعادلة بل إنّه جزء من المنطقة المتنازع عليها".

وأضاف أنّ "المقاومة تمتلك عدة أنواع من المسيّرات، وقامت بإرسال المسيّرات غير المسلحة من أجل أن يسقطها العدو لكشف مواقع الدفاعات البحرية التابعة له".

وتابع ألفا: "المقاومة اليوم لديها مسح بحري متكامل حول كل البنى التحتية التي أنشأها العدو في محيط كاريش، وتمتلك مواقع الدفاعات الجوية للعدو الإسرائيلي".

"الإسرائيليون يشككون بقدرات جيشهم"

من جهته، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية أليف صباغ إنّ الطائرات الإسرائيلية لم تهدأ فوق أراضي الجليل اليوم و"هذا تعبير عن خوف"، لافتاً إلى أنّ تأخر بيان الحزب عن هذه المسيّرات "أربك جميع المحللين الإسرائيليين".

ورأى صباغ أن "هناك شكوكاً كبيرةً على مستوى الإسرائيليين في قدرات جيشهم وهم يصدقون ما يقوله حزب الله، ويكذّبون ما يقوله الجيش الإسرائيلي"، قائلاً إنّ "الكثير من المعلقين قالو لو أراد الحزب أن يصيب المنصات لفعل ذلك".

وأكد صباغ أنّ "الحكومة الإسرائيلية تحاول أن تبني أمام جمهورها صورة إسرائيل القوية وتحاول رفع معنويات الجمهور"، موضحاً: "لكن القيادة العسكرية تعرف الحقيقة أن إسرائيل لا تستطيع مواجهة حزب الله بصواريخه الدقيقة".

واعتبر صبّاغ أنّ "هذه المواقف المتناقضة إذا فصلناها سنفهم من هو الشخص الذي يحمل هذا الخبر"، لافتاً إلى أن "هناك رسائل موجهة من حزب الله إلى أميركا في هذه العملية وكذلك إلى الدول العربية المطبعة".

بدوره، أكد مدير معهد السياسات الدولية الدكتور باولو فون شيراك، الحاجة الضرورية إلى تفسير القانون المتعلق بالنزاعات في المناطق البحرية، قائلاً إنّ "هذه هي النقطة التي تعمل عليها المفاوضات".

كذلك حذر فون شيراك، الإسرائليين من "عدم التوصل إلى حل في المدى القريب"، قائلاً: "إذا لم يتم التوصل إلى الحل لهذه المسألة يجب على الإسرائيليين أن يكونوا أكثر حذراً في عملية استخراج النفط والغاز في هذه المنصة التي توقفت فيها العمليات حالياً".

ورأى أن "هذه المنصة قد تتعرض إلى هجمات عسكرية وقد تحدث أضراراً كبيرة".

إعلام إسرائيلي: حزب الله يضع معادلة جديدة.. و"إسرائيل" أمام مشكلة في الرد

أحدثت رسالة المقاومة فوق حقل "كاريش" مفاجأةً وصدمةً، ترجمت بهستيريا إعلاميةٍ وسياسيةٍ في "إسرائيل"، وتحولت إلى تحليلٍ وبحثٍ في القوة البحرية لحزب الله.

وقال موقع "والاه" الإسرائيلي إنّ حزب الله طور قدراته على الساحة البحرية لضرب المنصات النفطية والقطع البحرية واجتياح سواحل فلسطين المحتلة.

وأشار أيضاً، إلى أن "تعداد وحدة المقاومة البحرية يضم مئات المقاتلين، من بينهم مقاتلون كومندوس من قوة الرضوان قادرون على تنفيذ عمليات اجتياح واستيلاءٍ على أهدافٍ بحريةٍ واستخدام العبوات الناسفة وزرع الألغام".

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إنّ "المشكلة في إسرائيل، هي كيف ستردّ، وكيف ستتصرّف". كما ذكر الإعلام الإسرائيلي أنّ "الطائرات المسيّرة التي أطلقها حزب الله نحو منصة كاريش تهدف إلى إرسال رسالة إلى إسرائيل مفادها أنه يجب أن تستجيبوا لمطالبنا".

كما أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أنه "لدى حزب الله قدرات أكثر أهمية بكثير من القدرة التي تم إظهارها بالأمس، والتي كان هدفها الأساسي هو إيصال رسالة وليس بالضرورة إلحاق الأذى"، مضيفةً أن "الكلمة الأخيرة في المعركة على المياه الاقتصادية لم تقل بعد، ومن المتوقع أن تستمر".

هذا ولفت الإعلام الإسرائيلي إلى أنه "في المؤسسة الأمنية يحاولون أن يفهموا إذا كان حزب الله يحاول من خلال إطلاق المسيرات أمس اختبار منظومات سلاح الجو تمهيداً لمحاولة تنفيذ عملية مستقبلية ضد المنصة".

من جهته، قال الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، جنرال الاحتياط عاموس يادلين، إنّ حزب الله "يقوّض السيطرة الإسرائيلية في السماء ويضع معادلة جديدة".

بدوره، أكد الجنرال في الاحتياط ايتان دنغوت، أن "حزب الله منظمة جدية جداً واستراتيجية، تحسب خطواتها وتحسب رد إسرائيل على هذه المشكلة أو تلك، وقد وسعت ساحة المواجهة عبر ضم المنطقة البحرية إلى مزارع شبعا"، معتبراً أن توقيت إطلاق المسيّرات "يخدم حزب الله تحديداً". 

يأتي ذلك كله في وقت شكك خبراء عسكريون، بـ"ادعاء الجيش الإسرائيلي امتلاكه معلومات مسبقة عن إطلاق المسيّرات من قبل حزب الله".

اخترنا لك