"600 يوم من الحرب".. إعلام إسرائيلي: إنهاك في الداخل وتآكل في الإنجازات العسكرية
مع بلوغ الحرب على غزة يومها الـ600، تتصاعد دعوات إسرائيلية إلى إنهاء القتال، وسط إنهاك للجنود وتآكل في الزخم العملياتي على جبهات غزة ولبنان وسوريا واليمن والضفة، في ظل غياب أي أفق سياسي واضح.
-
إعلام إسرائيلي: "جنود الجيش منهكون من الحرب"
تتسارع المؤشرات على تصاعد الإنهاك الإسرائيلي، سياسياً وعسكرياً وشعبياً، بعد مرور 600 يوم على اندلاع الحرب على غزة، وسط حالة من الجمود الميداني في أكثر من جبهة، وغياب تام لأي رؤية سياسية للخروج من الأزمة، كما تنقل الصحف الإسرائيلية.
في هذا السياق، تحدّثت الكاتبة الصحافية، كارني إلداد، في مقال بصحيفة "إسرائيل هيوم"، عن "إنهاك جنود الجيش الإسرائيلي، والأسرى وعائلاتهم، والمستوطنين أيضاً"، مع مرور 600 يوم على الحرب.
وعليه، رأت إلداد أنّه "يجب إنهاء هذه الحرب قريباً، وأخذ قسط من الراحة، ولعق الجراح، والعيش في مكان يهدأ لما لا يقل عن 40 سنة، لغاية الجولة المقبلة".
وتابعت أنّ "هذه الحرب تبدو طويلة جداً، جداً جداً"، و"أهدافها واضحة، ونرددها عن غيباً خلال النوم"، فـ"لماذا لم نحققها بعد؟"، مردفةً: "يبدو لي أنّ لدينا هنا مشكلة جوهرية: لعلنا نسينا كيفية الانتصار؟".
اقرأ أيضاً: "هآرتس": 1200 جندي احتياط إسرائيلي يطالبون بوقف الحرب في غزة فوراً
"يديعوت أحرونوت": 5 جبهات مفتوحة.. ولا أفق سياسياً
وفي تقرير موسّع لصحيفة "يديعوت أحرونوت" بقلم يوآف زيتون، رُسمت صورة قاتمة للواقع العملياتي مع مرور 600 يوم من القتال، حيث تواجه "إسرائيل" خمس جبهات مشتعلة: غزة، ولبنان، وسوريا، واليمن، والضفة الغربية، "من دون أن تظهر في الأفق أي خطة سياسية لاحتواء التصعيد أو إنهائه".
غزة: تكرار العمليات وتآكل الإنجازات
في قطاع غزة، قال زيتون إنّ عملية "عربات جدعون" مستمرة، لكن مع تباطؤ ملحوظ في التقدم الميداني، وتكرار الدخول إلى المناطق ذاتها التي سبق أن جرى اجتياحها عدة مرات منذ بداية الحرب.
وأضاف أنّ الحديث عن تقطيع أوصال القطاع و"ملاحقة معاقل الإرهاب"، يأتي في وقتٍ "لا تُطرح فيه أي خطة سياسية لتغيير حكم حماس في غزة، حيث يعيش مليونا فلسطيني لن يذهبوا إلى أي مكان".
وأفاد ضابط إسرائيلي كبير بأنّ العملية قد تنتهي خلال شهرين، إلاّ أنّ "وعوداً مماثلة سُمعت من قادة كبار في بداية الحرب، فيما تبين لاحقاً أنّ العمليات استمرت لأشهر".
لبنان: هدوء هش بآلية أميركية – لبنانية
أمّا على الجبهة الشمالية مع لبنان، فـ"لا وجود رسمياً لوقف إطلاق النار، لكن آلية الإنفاذ الأميركية – اللبنانية فعّالة"، وفق زيتون.
سوريا: مشهد ريفي خادع
في سوريا، "يشغل الجيش 9 مواقع في الأراضي السورية القريبة من الحدود، من قمة حرمون حتى مناطق التوتر عند نهر الرقاد والتقائه بنهر اليرموك، قرب حماة جدير ومثلث الحدود مع الأردن"، بحسب وصف زيتون.
ويتابع: "لا تزال هناك مئات الأسلحة الموجودة في بعض القرى، حيث قوبل دخول الجيش إليها لجمع الأسلحة بإطلاق نار، من دون وقوع إصابات بأعجوبة".
في الوقت ذاته، "تتزايد التقارير عن محادثات مباشرة بين ممثلين إسرائيليين وآخرين من نظام الجولاني بهدف التوصل إلى تسوية تضمن هدوءاً طويل الأمد في الجبهة، وربما أيضاً، كما صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، انضمام سوريا الجديدة إلى اتفاقيات أبراهام".
اليمن: طريقٌ مسدود
وفي الجبهة اليمنية، تواجه "إسرائيل" تهديداً صاروخياً ومسيّراتياً متكرراً، بمعدل هجوم كل يومين منذ تجدد القتال في غزة قبل نحو شهرين، وفق الكاتب، الذي أشار إلى "خطر خرق دفاعات الجو، كما حدث في الهجوم على مطار بن غوريون قبل أسابيع، ما قد يؤثر اقتصادياً على الإسرائيليين، مع ارتفاع أسعار الطيران قبيل العطلة الصيفية والأعياد اليهودية".
يأتي ذلك في وقتٍ "انتهت فيه العملية الأميركية - البريطانية ضد الحوثيين بإعلان كارثي لإسرائيل من ترامب حول التوصل إلى اتفاق معهم يتيح فتح طرق التجارة البحرية أمام اليمن، فيما طُلب من إسرائيل عدم مهاجمة اليمن، ووافقت".
ولفت زيتون إلى أنّ "الهجمات الإسرائيلية استؤنفت فقط بعد الضربة الاستراتيجية لمطار بن غوريون قبل نحو ثلاثة أسابيع، ولكن نتائجها كانت محدودة، فمطار صنعاء الدولي الذي استُهدف عاد إلى العمل في الأيام الأخيرة، والحوثيون مستمرون في إزعاج ملايين الإسرائيليين تقريباً كل ليلة".
الضفة الغربية: سيطرة ميدانية وتحديات في "اليوم التالي"
أما في الضفة الغربية، فتركّز "إسرائيل" جهودها في مخيمَي جنين وطولكرم، اللذين تسيطر عليهما منذ أشهر عبر كتيبتين ومئات الجنود.
وقال زيتون إنّ "الجيش يستخدم حواجز هندسية لعزل المخيمات عن باقي المدن، ما أفضى إلى تراجع التحذيرات الأمنية، وتدمير وسائل القتال ونقاط السيطرة التابعة لمجموعات ما يُعرف بالكتائب المسلحة"، وفق قيادة المنطقة الوسطى.
لكن التحدي الحقيقي، وفق الكاتب، "سيكون عند انسحاب الجيش وإمكانية تسليم السيطرة لقوات أمن فلسطينية".