"الشهيد الحي" و"حائك السجاد" يقسمان جبهة المحافظين: اتفاقٌ على عدم الاتفاق

على الرغم من مناشدة بعض الشخصيات الهامة داخل جبهة المحافظين، المرشحَين المحافظَين سعيد جليلي ومحمد باقر قاليباف بالتوافق على انسحاب أحدهما للآخر، أكد الإثنان استمرارهما في السباق الرئاسي حتى النهاية.

  • "الشهيد الحي" و"حائك السجاد" يقسمان جبهة المحافظين: اتفاقٌ على عدم الاتفاق

قبل يومين من موعد الانتخابات الرئاسية المبكرة في إيران، المقرّر عقدها يوم الجمعة في 28 حزيران/يونيو، سقطت التوقعات القائلة بأنّ أحد المرشحَين المحافظَين البارزين، سعيد جليلي ومحمد باقر قاليباف، سينسحب لمصلحة الآخر.

كشف المرشحان وقبل ساعات من الصمت الانتخابي، عن إصرارهما على الاستمرار حتى الرمق الأخير. اتفقا على عدم الاتفاق. لا مرشح واحداً في هذه الانتخابات عن جبهة المحافظين، وما اتفقوا عليه، هو تقليل حظوظهم، كجبهة واحدة، على الفوز.

قبل أمس، وقبلها بأيام أيضاً، حاول بعض المحافظين إيصال الجبهة إلى نوع من الإجماع على اسم واحد. حصلت محاولات شخصية ومحاولات على صعيد قيادة الأقطاب المحافِظة، لإقناع أحدهما، لكنّ المرشحين ظلا على مواقفهما. 

محسن رضائي، مستشار قائد الثورة والجمهورية الإسلامية في إيران، السيد علي خامنئي، وقائد حرس الثورة السابق، حاول أن يجمعهما، داعياً الجميع إلى تقديم "تضحية" والانسحاب لصالح المرشح الأقوى، لكنّ محاولاته باءت بالفشل. 

وقبله ومعه، دعت، بشدة، وسائل الإعلام المحافِظة في إيران المرشحَين المحافظَين، إلى اتحادهما خلف منافس واحد، أو الدخول بدوامة خطر الخسارة أمام الإصلاحيين.

من جهتها، رأت صحيفة "فرهختان" المحافظة، أنّ هذه الجبهة واجهت "اختباراً للعقلانية"، مشيرةً إلى أنّهم "فشلوا فيه لعدم انسحاب أحدهما أمام الطرف الثاني".

أما صحيفة "كيهان" التي يعيّن قائد الثورة والجمهورية السيد علي خامنئي، رئيس تحريرها، فعدّت عدم الانسحاب "مخاطرةً" بخسارة كرسي الرئاسة لصالح الإصلاحيين.

ووجّهت "وكالة تسنيم للأنباء" التابعة لحرس الثورة الإسلامي، النداء نفسه، محذّرةً من الوصول إلى جولة ثانية للانتخابات الرئاسية، لافتةً إلى قدرة المحافظين على "تحقيق فوز لافت" في الجولة الأولى، "إذا ما اتحدوا".

برغم كل ذلك، كشفت تصريحات قاليباف وجليلي، إصرارهما على متابعة السباق الرئاسي.

قاليباف، ومن على متن طائرة خلال تنقله الثلاثاء بين محطاته الانتخابية في أكثر من محافظة، نفى ما يُتداول عن انسحابه من التنافس الانتخابي، مؤكّداً أنّ تلك "إشاعات يثيرها البعض".

كما شدّد على أنّه سيُكمل الوعد الذي أطلقه للشعب الإيراني، وأنّه سيبقى في السباق الانتخابي حتى النهاية، قائلاً إنه "لو كان يريد الانسحاب من المشهد، لبقي في البرلمان".

وفي كلمة لجليلي أمام حشدٍ من أنصاره في مدينة مشهد، أعلن أيضاً استمراره في السباق الانتخابي حتى "النهاية وبقوّة".

الإثنان، يحملان إرثاً ثقيلاً من الرئيس الشهيد إبراهيم رئيسي. كما ورث الإثنين أيضاً، كتلةً من الناخبين الذين اتحدوا سابقاً على اسم رئيسي، لكن هذه المرة، سينقسمان عليهما.

ولعل أحد صور هذا الإرث، هو تعيين قاليباف لعلي نيكزاد، مديراً لحملته، بعدما كان مديراً لحملة رئيسي عام 2017 وحملته الناجحة عام 2021.
 
أما جليلي، فعيّن مديراً لحملته، محسن منصوري، وهو المعاون الإجرائي والتنفيذي لرئيسي، والذي أشرف معه على عدد من المشاريع البنيوية والإنمائية.

وبحسب استطلاعات الرأي، فإنّ المنافسة ستكون على أشدها، في السباق الانتخابي، بين المحافظين أنفسهم، وبين المحافظين والإصلاحيين. الجبهة الأخيرة، نجحت في توحيد صفوفها عبر حشد الدعم لمرشحهم الوحيد مسعود بزشكيان.

الاستطلاعات توضح أهمية انسحاب أحدهما

وفقاً لاستطلاع رأي، أجرته مؤسسة تابعة لمركز أبحاث البرلمان، فإنّ 27.1% من الأصوات ‏كانت ستنتقل إلى جليلي في حال انسحاب قاليباف، و21.5% ستنتقل إلى بزشكيان.

‏كذلك كانت 51% من الأصوات، ستذهب إلى قاليباف في حال انسحاب جليلي، و8% ستنتقل إلى بزشكيان، لكنّ هذه الأرقام باتت منتهية الصلاحية، بعد قرار الاثنين. 

أما على صعيد أرقام المشاركين، فقد حصل بزشكيان على أصوات 23.5%، تلاه محمد باقر قاليباف بـ16.9% ثم سعيد جليلي بـ16.3%. ‏أما المترددون فبلغت نسبتهم 28.5%، والأصوات الباطلة أو البيضاء 3%.

وحصل بزشكيان على 30.4% من أصوات المترددين في المشاركة في الانتخابات الإيرانية، تلاه قاليباف بـ12.1%، ثم جليلي بـ8.6%. ‏كما وصلت الأصوات البيضاء أو الباطلة إلى 11.5%، والمترددين في الانتخاب أيضاً إلى 26%.

إلى جانب ذلك، نشر موقع "إيسبا"، أمس الأربعاء، الموجة الخامسة من استطلاعات الرأي، بعد جولة المناظرات الأخيرة.

وفيها تفوّق بزشكيان على الجميع بتحصيله 33.1%، يليه جليلي بـ28.8%، ومن ثمّ قاليباف بـ 19.1%.

كذلك، أظهر استطلاع قبل يومين، لـ"ميتا"، وهو مركز اقتراع مقره جامعة الإمام الصادق في طهران، ونشره موقع "تسنيم"، أنّ بزشكيان يتقدم بنسبة 24.4%، على قاليباف الذي حصل على نسبة 23.4%. وجاء جليلي في المركز الثالث بنسبة 21.5%. وكانت نسبة المشاركة المتوقعة 51.7%.

وأظهر الاستطلاع أيضاً أنّه في السباق المباشر، سيَهزم قاليباف بزشكيان بنسبة 50.3% من الأصوات، مقابل 37% لخصمه الإصلاحي. كما سيكون السباق أكثر صرامة بين جليلي وبزشكيان، حيث سيحصل الأوّل على 46% من الأصوات مقابل 42% للأخير.

وفي معركة محتملة بين المحافظين، سيتقدّم قاليباف بنسبة 40.5% مقابل 38.5% لجليلي، وفقاً لاستطلاع "ميتا". 

وفي وقتٍ أظهرت استطلاعات الرأي في إيران هذه الأرقام، فإنّ ذلك قد يشي أيضاً، بأنّ المنافسة الشديدة ستذهب بالمرشحين إلى جولة ثانية، إذ تصعب إزاحة بزشكيان من الدورة الأولى.

خاصةً أنّ الإصلاحيين يقفون في هذه الانتخابات، على عكس المحافظين وعكس الانتخابات الأخيرة، موحّدين خلف رجل واحد.

سعيد جليلي

ولد عام 1965 في مشهد. وعمل بين عامي 1980-1988 عضواً في حرس الثورة الإسلامي. وشارك في الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي، وفقد فيها ساقه اليمنى في الـ21 من عمره، ليلقلب بعدها بـ"الشهيد الحي". بعد ذلك، التحق عام 1989 بالخارجية الإيرانية، ليرتقي في مناصبها درجةً تلو أخرى، وبقي هناك حتى عام 1996.

وفي عام 1997، في عهد حكومة الرئيس الأسبق محمد خاتمي، أصبح نائب رئيس الدائرة الأولى لأميركا.

ولاحقًا في عام 2001، انتقل إلى مكتب السيد علي خامنئي، وتولى إدارة التحقيقات الجارية في مؤسسة القيادة.

ثم في عام 2002، حصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة الإمام الصادق، وهي مركز تدريب النخبة السياسية في الجمهورية الإسلامية.

وتولى منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي ورئيس مجموعة التفاوض النووي الإيراني مع الدول الغربية من عام 2007 إلى 2013. 

وفي عام 2013 ترشّح في الجولة الـ11 من الانتخابات الرئاسية، وحصد أكثر من 4 ملايين صوت وحصل على المركز الـ3. وفي العام نفسه، أصبح جليلي عضواً في مجلس تشخيص مصلحة النظام وممثلاً لقائد الثورة في المجلس الأعلى للأمن القومي.

أما في عام 2021 سجّل اسمه مرشحاً في الانتخابات الرئاسية، وقبل يومين من الانتخابات، انسحب من المشاركة في الانتخابات لصالح الشهيد السيد إبراهيم رئيسي. 

محمد باقر قاليباف

ولد في 16 أيلول/سبتمبر 1961 في مشهد. وقاليباف هي كلمة فارسية تعني "حائك السجاد". وهو حاصل على الدكتوراه في الجغرافيا.

انضمّ إلى حرس الثورة الإيراني في سن 19 عاماً. وشغل عدة مناصب بارزة في إيران، بما في ذلك قائد مقر بناء خاتم الأنبياء (1994 - 1997)، قائد القوات الجوية للحرس الثوري الإيراني (1997 - 2000)، رئيس قوات إنفاذ القانون (2000 - 2005)، عمدة طهران (2005 - 2017)، عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام (2017 إلى الوقت الحاضر)، ورئيس البرلمان (2020 إلى الوقت الحاضر).

ترشح قاليباف للرئاسة في انتخابات عام 2005، وحصل على المركز الرابع بنسبة 14% من الأصوات. وفي انتخابات عام 2013، حصل على المركز الثاني بنسبة 16.5% من الأصوات. وفي الانتخابات الرئاسية لعام 2017، انسحب قبل أيام قليلة من يوم الانتخابات لصالح السيد الشهيد رئيسي.

بعد استشهاد الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي ورفاقه في حادث تحطم مروحية، تعلن إيران تنظيم انتخابات رئاسية طارئة يوم 28 حزيران/يونيو.. انتخابات تؤكد استمرار الجمهورية الإسلامية على نهج الثورة.