"رويترز": اعتقال أكثر من 500 معارض لإردوغان في 9 أشهر

وكالة "رويترز" تشير إلى أنّ الرئيس التركي إردوغان وسّع حملة اعتقالات ضد المعارضة خلال الأشهر الماضية شملت 500 شخص، بينهم رؤساء بلديات، في إطار "تحقيقات فساد" مثيرة للجدل قبل انتخابات محتملة.

0:00
  • الرئيس التركي وزعيم حزب العدالة والتنمية رجب طيب إردوغان خلال اجتماع الكتلة البرلمانية لحزبه في أنقرة، أمس الأربعاء (أ ف ب)
    الرئيس التركي وزعيم حزب العدالة والتنمية رجب طيب إردوغان خلال اجتماع الكتلة البرلمانية لحزبه في أنقرة، أمس الأربعاء (أ ف ب)

تشهد تركيا حملة اعتقالات غير مسبوقة طالت أكثر من 500 معارض لحكومة الرئيس رجب طيب إردوغان، في إطار تحقيقات فساد تطال بلديات المعارضة، خصوصاً حزب الشعب الجمهوري، في ظلّ اتهامات باستغلال القضاء لتعزيز السلطة قبل انتخابات محتملة.

وكشفت وكالة "رويترز" في مراجعةٍ حصرية أنّ السلطات التركية اعتقلت أكثر من 500 معارض في 9 أشهر، ضمن حملة مركّزة على البلديات التي يديرها حزب الشعب الجمهوري، وسط إنكار حكومي للتدخّل السياسي.

وقال وزير الثقافة والسياحة السابق في حكومات في عهد إردوغان بين عامي 2007 و2013، أرطغرل جوناي: "تستخدم هذه التحقيقات كأداة للاستنزاف السياسي وليس للتحقيق الموضوعي في وقائع محدّدة".

واستقال جوناي من حزب العدالة والتنمية الحاكم بعد اعتقال آلاف الأتراك في إثر اندلاع احتجاجات مناهضة للحكومة في حديقة جيزي عام 2013. وذهبت الحملة الأحدث، على الرغم من أنّها أصغر حجماً، إلى أبعد من ذلك واستهدفت أعضاء محتملين في حكومة مستقبلية محتملة يحققون نتائج قوية في استطلاعات الرأي.

وقال جوناي لـ"رويترز" إنّ ذلك يعكس "القلق والذعر الذي يشعر به حزب (إردوغان) الحاكم من الانتخابات المقبلة".

اعتقال إمام أوغلو: ضربة للمعارضة

في آذار/مارس الماضي، اعتُقل أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول، على ذمة تحقيقات تتعلق بالفساد، على الرغم من نفيه للتهم. الاعتقال أثار احتجاجات وانخفاضاً في الليرة، ويعدّ تهديداً مباشراً لأبرز مرشّحي المعارضة.

ومنذ بدء الحملة في إسطنبول، توسّعت التحقيقات إلى مدن كبرى مثل: إزمير، أنطاليا، وأضنة. وأُوقف أكثر من 220 شخصاً على ذمة التحقيق، بينما وُضع آخرون قيد الإقامة الجبرية.

ولم يرد مكتب إردوغان أو وزارة العدل هذا الأسبوع على طلب للحصول على أعداد إجمالية للمحتجزين والمعتقلين، وللتعقيب على نتائج مراجعة "رويترز".

ووجدت "رويترز" أيضاً أنّ 36 شخصاً على الأقل، معظمهم من العاملين في القطاع الخاص ويتعاملون تجارياً مع البلديات، قدّموا إفادةً ثانية للمدّعين العامّين من السجن بموجب بند "التوبة الفعّالة" في القانون التركي، وأفرجت السلطات بعد ذلك عن 32 منهم مع إخضاعهم لإجراءات رقابة قضائية.

وأظهرت بيانات وإفصاحات من ممثّلي الادّعاء العامّ وآخرين أنّ هذه الإفادات كشفت عن المزيد من المشتبه بهم.

ومنذ يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي، اتّسع نطاق التحقيق إلى إزمير ثالث أكبر مدينة في تركيا وأنطاليا وأضنة وأديامان، وهي مناطق فاز فيها كلها حزب الشعب الجمهوري المنتمي لتيار الوسط على حزب العدالة والتنمية الحاكم المحافظ بزعامة إردوغان في الانتخابات المحلية التي جرت في آذار/مارس من العام الماضي، وهو تصويت شهد تسجيل أكبر هزيمة انتخابية يمنى بها الحزب الحاكم على الإطلاق.

معارضة تتهم والسلطة تنفي

واتهم حزب الشعب الجمهوري الحكومة بتوظيف القضاء لتقويض خصومها، بينما ترفض أنقرة هذه المزاعم، وتؤكد أنّ العملية قانونية. مع ذلك، لم تُنشر لوائح اتهام رسمية حتى الآن.

وأظهرت الوثائق أنّ إمام أوغلو متهمٌ بالتواصل مع مشتبه بهم في مقهى بإسطنبول، لكن دفاعه أكّد أنّ قرب منزله من موقع التحقيق يفسّر تطابق بيانات الاتصالات. ولم يعلّق متحدّث باسم الادّعاء العامّ بعد على استجواب الشرطة.

ويرفض حزب الشعب الجمهوري جميع مزاعم الفساد ضدّ مسؤولي البلديات التابعين له، لكنه قال إنه سيحقّق في الأمر بعد أن نشرت هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية الرسمية (تي آر تي) لقطات لنائب رئيس بلدية مانافجات في أنطاليا جنوب البلاد والتي تقول إنها تظهره وهو يتلقّى الرشى.

وتظهر مراجعة "رويترز" لأحدث تحقيق عدم اتخاذ أيّ إجراءات قانونية في 14 مقاطعة من أصل 39 في إسطنبول يديرها حزب العدالة والتنمية.

وقال محمد بيليفان محامي رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، المحبوس شأنه شأن موكله ويواجه تهماً جنائية ينفيها، لـ"رويترز" من مكان سجنه إنّ "التحقيق يسعى للمرة الأولى إلى تجريم الحق في ممارسة المحاماة والدفاع القانوني".

وقال إنّ رئيس البلدية لا يوجد ضده "دليل واحد ملموس". ولم يصدر ممثّلو الادّعاء لوائح اتهام حتى الآن.

انتخابات مستقبلية

وشهدت تركيا من قبل موجات من الاعتقالات الجماعية للقيادات المؤيّدة للكرد وأعضاء المجتمع المدني وضباط جيش وجماعات محظورة.

وليس من المقرّر إجراء انتخابات رئاسية قبل 2028، لكن قد تجرى في موعد أقرب إذا أراد إردوغان الترشّح مرّةً أخرى. ويمكن أن يسعى أيضاً لتعديل الدستور الذي يقصّر تولّي الرئاسة على ولايتين فقط.

وينكر جميع رؤساء البلديات التابعين لحزب الشعب الجمهوري، بمن فيهم 14 رئيس بلدية في السجن وواحد قيد الإقامة الجبرية، التهم المتعلّقة بالفساد والرشوة والإرهاب التي ينتظرون قرار المحكمة بشأنها. وجرى إيقاف البعض عن العمل.

وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل في خطاب ألقاه، الأحد الماضي، إنّ رؤساء البلديات "وقعوا أسرى لهذا الانقلاب على حزب أتاتورك"، وهي تصريحات دفعت السلطات إلى إجراء تحقيق منفصل فيها بتهم من بينها إهانة الرئيس.

اقرأ أيضاً: تركيا: توقيف 47 شخصاً بتهم "الفساد" في بلدية اسطنبول

اخترنا لك