"فورين أفيرز": كيف توّجت الحرب على غزة سنوات من تآكل سيادة القانون الدولي؟

المقرّرة الخاصة في الأمم المتحدة، أنييس كالامار، تتحدّث في "فورين أفيرز"، عن الحرب على غزة، كتتويج لسنوات من تآكل سيادة القانون الدولي والنظام العالمي لحقوق الإنسان، مسلّطةً الضوء على الدور الغربي، لا سيما الأميركي، في ذلك.

  • طفل فلسطيني يجلس قرب خيمة للنازحين في رفح، جنوبي قطاع غزة، بعد أن هجّر الاحتلال أهالي القطاع (أرشيف - أ ف ب)
    طفل فلسطيني يجلس قرب خيمة للنازحين في رفح، جنوبي قطاع غزة، بعد أن هجّر الاحتلال أهالي القطاع (أرشيف - أ ف ب)

أكدت المقرّرة الخاصة في الأمم المتحدة، أنييس كالامار، أنّ التواطؤ الدبلوماسي في أزمة حقوق الإنسان والأزمة الإنسانية الكارثية في قطاع غزة، هو "تتويج لسنوات من تآكل سيادة القانون الدولي والنظام العالمي لحقوق الإنسان".

وفي مقال لها بمجلة "فورين أفيرز" الأميركية، تحت عنوان "غزة ونهاية النظام الدولي المبني على القواعد"، أشارت كالامار إلى اتّسام "الحملة  الانتقامية" الإسرائيلية ضدّ حركة حماس في غزة بـ"نمط من جرائم الحرب وانتهاكات القانون الدولي".

وفي هذا الإطار، أوضحت كالامار أنّ الاحتلال، هجّر الفلسطينيين في غزة، وفرض ظروفاً حرمت مئات الآلاف من الضروريات الإنسانية الأساسية، مؤكدةً أنّ هذا "يرقى إلى مستوى العقاب الجماعي".   

وأضافت أنّ "إسرائيل"، تحتجز سكان غزة في ظروف غير إنسانية، وتعترف باستشهاد أسرى فلسطينيين لديها. وفي الضفة الغربية، "تزايدت أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون والقوات الإسرائيلية ضدّ الفلسطينيين". 

بدروها، دعمت واشنطن والعديد من الدول الغربية، الاحتلال الإسرائيلي، إذ قدّمت المساعدة العسكرية إليه، وعارضت الدعوات لوقف إطلاق النار في الأمم المتحدة، وأوقفت تمويل "الأونروا"، كما رفضت قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل".

وإزاء ذلك، أرجعت المقرّرة الأممية، ما وصفته بـ"التفكك" في القانون الدولي والنظام العالمي لحقوق الإنسان إلى الفترة التي أعقبت أحداث الـ11 من أيلول/سبتمبر 2001، أي عندما شرعت واشنطن في حربها المزعومة على الإرهاب، وهي الحملة التي ساهمت في تطبيع فكرة مفادها أنّ "كل شيء مباح في ملاحقة الإرهابيين".

واليوم، يستعير الاحتلال الإسرائيلي "الروح والاستراتيجية والتكتيكات" من هذا الإطار، ليواصل حربه على غزة، وذلك بدعم من الولايات المتحدة، وفقاً لما ذكرته كالامار في "فورين أفيرز".

ورأت كالامار أنّ "الدروس الأخلاقية الخطرة المستفادة من الحرب العالمية الثانية، قد تمّ نسيانها تماماً"، ومعها جوهر مبدأ "لن يتكرّر الأمر أبداً" ("Never Again")، الذي دام عقوداً.

وهنا، تجدر الإشارة إلى أنّ شعار "Never Again"، رُفع في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وهو يشير إلى ضرورة التعلم من تجارب التاريخ، وعدم تكرار جرائم الإبادة الجماعية.

ووفقاً لكالامار، فإنّ هذا التفكّك، الذي يتجلى بوضوح في تدمير غزة وردة الفعل الغربية عليه، "يشير إلى نهاية النظام القائم على القواعد وبداية عصر جديد".

"جذور أعمق" للحرب الإسرائيلية على غزة

المقرّرة الأممية تحدّثت أيضاً عن "العالمية"، أي المبدأ القائل إنّ الجميع يتمتع بحقوق الإنسان على قدم المساواة، والذي يقع "في قلب النظام الدولي لحقوق الإنسان"، مؤكدةً أنّه لم يُطبَّق أبداً على الفلسطينيين. 

وبيّنت كالامار في مقالها أنّ القصف الإسرائيلي الضخم على غزة له جذور أعمق في التاريخ من "الحرب على الإرهاب" الطويلة الأمد، بما في ذلك طرد نحو 750 ألف فلسطيني من منازلهم في عام 1948، وهو ما أصبح يعرف باسم "النكبة".

لكن هذا القصف هو أيضاً "مظهر من مظاهر تآكل القانون الدولي في القرن الحالي"، حيث لم يتم احترام القيود التي فرضها نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية، كما تابعت كالامار.

كذلك، أشارت إلى إدانة الحكومات الغربية، هجمات المقاومة الفلسطينية بعد 7 أكتوبر مباشرةً، معتبرةً أنّ كان عليها "أن تغيّر لهجتها"، إذ إنّ القصف الإسرائيلي على غزة يقتل الآلاف.

وكان ينبغي لكل هذه الحكومات، وخاصة تلك التي تتمتع بنفوذ على "إسرائيل"، أن تدين تصرفات الاحتلال علناً وبوضوح، وتدعو إلى وقف إطلاق النار، والمحاسبة على جرائم الحرب، بحسب ما أضافت كالامار.

لكن ذلك لم يحدث، كما أكدت المقرّرة الأممية، حيث قلّلت إدارة بايدن إلى حدّ كبير من الخسائر في الأرواح في غزة، ولم تدِن القصف الإسرائيلي المستمر والحصار المدمّر، أو تعترف بسياق الحرب، لتدافع بدلاً من ذلك عن التكتيكات الإسرائيلية، وتردّد ادّعاءات الاحتلال.

ولفتت كالامار إلى أنّ واشنطن، رفضت تقديم الدعم العلني للخطوات الرئيسية، التي من شأنها أن تساعد في إنقاذ المدنيين الفلسطينيين، وذلك على الرغم من أنّها أصبحت "أكثر صخباً بشأن حمايتهم".

وشدّدت كالامار إلى أنّ هذا السلوك الأميركي "له تكلفة باهظة"، مشيرةً، في هذا السياق، إلى ما قاله أحد دبلوماسيي مجموعة السبع: "لقد خسرنا المعركة في الجنوب العالمي بكل تأكيد. لقد ضاع كل العمل الذي قمنا به مع الجنوب العالمي (بشأن أوكرانيا)...  انسَ القواعد، انسَ النظام العالمي. لن يستمعوا إلينا مرة أخرى".

وأمام كل ذلك، رأت كالامار أنّ "العواقب المترتبة على هذا التخلي واضحة للغاية: المزيد من عدم الاستقرار والمعاناة والعنف".

اقرأ أيضاً: "فاير أوبزرفر": كيف تغير الحرب بين "إسرائيل" وحماس العالم؟

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

اخترنا لك