"تشي".. الميادين تروي حياة الثائر الأممي

سلسلة وثائيقة عن حياة إرنستو تشي غيفارا من إنتاج الميادين وتيليسور، تدخلنا أكثر إلى عالم المناضل الذي جعل حياته في خدمة قضية العدالة والتحرر.

  • "تشي" سلسلة وثائقية عن حياة المناضل إرنستو غيفارا 

تستعيد الميادين وشريكتها "تيليسور"، قصة المناضل الأممي الأبرز في القرن الـ20، وأبرز ملهمي الشباب في العالم قاطبة، إرنستو تشي غيفارا، بسلسلة وثائقية مؤلفة من 6 أجزاء (إعداد: باكو إغناسيو تابيو، إخراج: ماتياس غيبلرت)، وتسترجع حياة الشاب الذي قادته رحلاته ومغامراته عبر بلدان أميركا اللاتينية في الخمسينات، إلى التأمل في مستقبل جديد لحياة اللاتينيين البائسة تحت حكم الأنظمة الديكتاتورية المدعومة من واشنطن.  

تنقلنا السلسلة عبر سرد هادئ وغني إلى الحياة الشخصية والسياسية لغيفارا، وتجمعنا بعدد من "رفاق" القائد، وتنقلنا إلى مواقع عدّة سكنها أو مرّ بها عبر سنين حياته التي لم تكن طويلة. البداية من الطفل غيفارا المصاب بمرض الربو الذي جعله أكثر تعلقاً بالرياضات الخطرة، كالتعامل مع المسدس وإجادة الرماية منذ سنّ الـ5 مثلاً، وأكثر إدماناً على القراءة بفعل نوبات التنفس التي أجبرته على البقاء في سريره.

إذاً تروي السلسلة بجزأين نشأة "تشي"، من مراحل طفولته المبكرة في الأرجنتين، وحتى دراسته الطب في بوينس أيريس، المهنة التي قال عنها يوماً أنها "تتعلق جداً بالإيديولوجية".. ويدخلنا إلى تفاصيل حميمة في حياة الشاب، الذي خرج لاكتشاف التفاوت الطبقي في أميركا اللاتينية، مرةً عبر دراجة نارية ومرةً عبر الركوب في عربات المواشي أو سيارات الأجرة، ماراً بالبرازيل وكولومبيا وفنزويلا وبوليفيا وغواتيملا، بالغاً في النهاية المكسيك، حيث التقى بالكوبيين المنفيين الذين قادوه إلى مغامرة أيديولوجية وعسكرية من نوع خاص، ستصنع اسم غيفارا الأممي.  

"يبدو أنّ التنقل في أميركا الهائلة قد غيّرني أكثر  بكثير مما كنت أتوقع"، هذا ما كتبه أرنستو بعد كل الأسفار المضنية التي كشفت له عن وجه أميركا اللاتينية الحقيقي، ودفعته للعمل كممرض أو طبيب أو لاعب كرة قدم في فريق محلي.

لكن لقاءه التاريخي بالثائر الكوبي فيديل كاسترو، بعد الثورة المضادة التي أدارتها وكالة المخابرات المركزية في غواتيمالا، وتوجهه نحو المكسيك، هو أكثر ما حرّك غيفارا نحو العالم الجديد الذي قوامه الثورة المسلحة وحرب العصابات والإطاحة بالحكومات المستبدة.. كل ذلك بدأ في الـ25 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1956، على رصيف ميناء نهر توكسبان، حين انطلق يخت "غرانما"، وعلى متنه 82 رجلاً نحو الساحل الشرقي لكوبا، حيث بدأت حرب التحرير ضد الديكتاتور باتيستا بـ7 بنادق، و"بها سننتصر في هذه الحرب"، قال القائد كاسترو حينذاك.  

يغطي الجزءان الـ3 والـ4 من السلسلة الوثائقية، مجريات "طوابير الثورة" التي كسرت جيش باتيستا الذي كان يفوقهم عتاداً وعدّة، ويروي بلسان جنرالات عملوا تحت أمرة كاسترو وغيفارا، كيف كانت الحرب وخسائرها وانتصاراتها تصنع من غيفارا أسطورة فذّة.

أما الجزء الـ5 فيغطي مرحلة ما بعد انتصار الثورة، والتباينات داخل صفوف الثوار حول مستقبل كوبا وكيفية حكمها، خاصةً في ظل تحديات سياسية واقتصادية كانت قد ازدادت حدتها بعد دخول هافانا في المعسكر الاشتراكي. حينذاك عمل غيفارا في مواقع مدنية عدّة، كإدارة المصرف المركزي، والإدارة الصناعية، بالإضافة إلى دوره في التثقيف السياسي، الأمر الذي كان يتطلب من غيفارا أن يغالب النوم، إذ كانت البلاد بأمس الحاجة لأن تكون مستقلة صناعياً ومالياً بعد الحصار الأميركي الذي أراد خنق الثورة فيها. 

قد تكون محطة بوليفيا هي الأكثر غرابةً في حياة "تشي"، فقد دخلها متنكراً باسم لويس إيرناندز، بعد رحلة سريعة ما بين موسكو وبراغ وفيينا وفرانكفورت وباريس، وبعد 13 عاماً من رحلته الأولى مع صديقه كاليكا عاد غيفارا إلى بوليفيا، لكن هذه المرة كقائد ثوري لا مجرد طبيب حديث العهد بالتخرج. 

الجزء الـ6 والأخير من السلسلة، يأخذنا إلى لاباز، حيث كان عملاء أجهزة المخابرات الأميركية يتابعون خطوات غيفارا الذي يسير بطابوره عبر الغابات.. إلى أن تمكن الجيش البوليفي من محاصرته في وادي جورو، حيث أبلغ مخبرٌ القوات البوليفية الخاصة عن موقع غيفارا، فحاصرته وفرقته ودفعته للاستسلام بعد أن تعطّلت بندقيته.

وهناك في مدرسة قرية لا إيغيرا، وضِع "تشي" المصاب لمدة 18 ساعة بانتظار البتّ في مصيره، فيما كانت الإذاعات الرسمية تنقل خبر اعتقاله وإصابته. وفي صباح الـ9 من تشرين أول/أكتوبر 1967، أطلق عناصر الجيش البوليفي النار على غيفارا، ليتحول إلى أسطورة الثورة في القرن العشرين، وملهماً لرجال كثيرين آمنوا بالقيم النبيلة التي آمن بها الرجل.. "أنت تقتل مجرد رجل" ومن بعده يأتي آخرون، هذا ما قاله غيفارا بنفسه قبل أن يفارق الحياة.   

سلسلة "تشي " تعرض عبر قناة الميادين، بدءاً من يوم غدٍ الأحد، الساعة 9 مساءً بتوقيت القدس الشريف. 

اخترنا لك