"الاتحاد" اللبنانية .. سيرٌ عكس التيار

ليس سهلاً أن تخوض عكس التيار. أن تنشأ صحيفة ورقية في ظل أزمة الصحافة الورقية. فالورق خسر مكانته أمام هاتف جوال يفتحك على العالم في ثوانٍ. جرائد عريقة رزحت تحت رحمة تلك الأزمة، بعضها أقفل، وبعضها الآخر تخلى عن عددٍ من موظفيه تعسفاً، متسلحاً بحجة الضائقة المالية. لكن صحيفة "الاتحاد" اللبنانية قررت خوض تجربة جديدة.

مصطفى ناصر

تجتاح رسومات الرموز صحيفة "الاتحاد" اللبنانية. الرموز هنا، ليست في السياسة فقط بل تتعداها إلى الفن والثورة والصحافة. صور صباح وإرنستو تشي غيفارا ومحمد حسنين هيكل الموزعة في أروقة الجريدة التي لم يبصر عددها الأول النور بعد، تنبأ الزائر بسياسة المؤسسة العتيدة.

في مكتبه، كما في أروقة الصحيفة التي يرأس تحريرها، صور لهيكل وتشارلي تشابلن والرئيس الأميركي أبراهام لنكولن. لكن للأول مكانة خاصة في ذهن مصطفى ناصر، كيف لا وقد أطلق عليه لقب "خادم الهرمين الشريفين: العروبة والصحافة"، كما أنه "ملهم لجيل كامل، ورمز من رموز مقاومة الدولة للمشروع الصهيوني، وقد عبّر عن مصر عبد الناصر في فترة محاربة اسرائيل .. وبقي حتى آخر دقيقة إلى جانب المقاومة"، يقول ناصر في مقابلة مع الميادين نت.

وعلى أعتاب مشروع صحفي جديد، لا بد من سؤال "لماذا؟"، لماذا "الاتحاد" اليوم؟ "نحن صحيفة ستعبر عن معطيات المرحلة، والتي يأتي على رأسها المعركة الدولية والعالمية التي تدور في المنطقة وفي أكبر ساحاتها سوريا، بين خطين: الخط الأميركي وحلفائه في المنطقة، وخط المعارض للأميركي (المقاوم) وحلفائه"، يجيب ناصر، قبل أن يضيف "نحن في هذه الظروف سنكون أحد المعبرين عن هذا الإنقسام وهذه المعركة التي بانت نتائجها حتى الآن بشكل أو بآخر في سوريا بانتصار الخط الممانع للهيمنة الأميركية التي سيطرت على العالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي".

إذاً أنتم إلى جانب المقاومة؟"نحن لسنا إلى جانب المقاومة، نحن مقاومة، وإن لم نكن مع المقاومة لا نكون. نحن سنعبر عن انتصار خط المقاومة"، يشدد ناصر.

لكن كلمة المقاومة باتت حمالة أوجه في وحول الدم العربي، فكيف ستتمكن "الاتحاد" من الوصول إلى أكبر عدد من القراء سيما المخالفين لخطها؟ "نريد أن نزخم تحريرنا بأقصى درجات المهنية والإحترام لكل الفرقاء بما فيهم من يعارضنا في السياسة. تجمعنا معهم المواطنة. عدونا فقط الإسرائيلي فقط وعميله أينما كان. أما الإختلاف فهو غنى للبلد"، بحسب ناصر.

السير عكس التيار!

ليس سهلاً أن تخوض عكس التيار. أن تنشأ صحيفة ورقية في ظل أزمة الصحافة الورقية. فالورق خسر مكانته أمام هاتف جوال يفتحك على العالم في ثوانٍ. جرائد عريقة رزحت تحت رحمة تلك الأزمة، بعضها أقفل، وبعضها الآخر تخلى عن عددٍ من موظفيه تعسفاً، متسلحاً  بحجة الضائقة المالية.

لكن لناصر رأي آخر، يقول الرجل إن "الاتحاد ستوفر خدمتي الورق والأونلاين"، أي أنها ستصل إلى الجمهور بالطريقة التي يحبّذها.

ويشير ناصر إلى أن "المشاكل التي تعاني منها الصحف لم تدفعها إلى الإغلاق. رغم الظروف المالية للرئيس سعد الحريري لم توصد المستقبل أبوابها. النهار بقيت بصعوبة رغم وفاة عميدها غسان تويني ونجله جبران. لم يقل لنا أحد لماذا أغلقت صحيفة السفير؟ من لا يعاني من صعوبات؟ وليس كل صعوبة تدفع مؤسسة للإغلاق. أنا أعتبر أن كل مرحلة تحتاج لمؤسسات توضح الصورة وتعبر عنها".

كاميرا الميادين جالت في الصحيفة

الاتحاد اللبنانية .. سيرٌ عكس التيار

"الاتحاد" تكمل خط "السفير"

يصل عدد موظفي "الاتحاد" إلى حوالى الخمسين. جل المحررين فيها كانوا ضمن الطاقم التحريري للـ "سفير"، التي توقفت عن الصدور في 31 كانون أول/ديسمبر الماضي. من مدير التحرير حسين أيوب إلى إيلي الفرزلي وسعدى علوه وغيرهم. أمر يدفع إلى السؤال حول ما إذا كانت الاتحاد وريثة "السفير". لا يتردد ناصر في الإجابة قائلاً "نحن سنكمل مسيرة السفير في الـ 40 عاماً الماضية في التعبير عن الناس وعن المقاومة التي تدرجت من فلسطينية إلى وطنية إلى إسلامية. لكن نحن لا ننافس إلا أنفسنا لنعطي قدرة على التعبير بشكل أكبر عن هذا الخط".

وبحكم عدد الموظفين المتوسط، لا بد من التركيز على الإستكتاب. فمن هم أبرز الكتاب فيها؟ "كلهم مهمون"، يقول ناصر، ويتابع "منهم: جميل مطر، سامي كليب، أيمن الصياد، إيلي شلهوب، فضل شلق ومصطفى اللباد". وماذا عن المراسلين؟ "لدينا مراسلين من أميركا إلى إيران مروراً بفرنسا وبروكسل"، يوضح رئيس تحرير "الاتحاد".

وتولي الصحيفة اهتماماً كبيراً بالشباب، بحسب ناصر. الذي قال في هذا الشأن "كل الدور للشباب. وهذا سيغني الصحيفة أكثر من المتوقع، لأننا نتوجه لهم أيضاً وهم يعرفون همومهم أكثر من الجيل السابق".

ومن اللافت أيضاً شعار الصحيفة المكون من خطين عريضين مختلفين في الطول، رسماً باللون الأحمر. وفي هذا الصدد، يلفت ناصر، الذي سيكون له مقال أسبوعي، إلى أن "امتياز الصحيفة عريق، كان شعاره شراعاً لأن الهجرة من لبنان إلى بلاد العالم كانت تتم عبر البحر، وجرى تطويره ليصبح على الشكل الآتي".

وحول العدد الأول للصحيفة، يقول ناصر إنه سيصدر في غضون شهر على أبعد تقدير.

اخترنا لك