اقتصاد الغذاء الاستعماري الجديد: كيف يهدد بيل غايتس وآخرون مستقبل أفريقيا الزراعي؟

الهيئات التجارية الراعية لمنطقة التجارة الحرة الأفريقية تسعى إلى تقييد جميع الدول الأفريقية، البالغ عددها 54 دولة، في نموذج يهدف إلى استبدال تقاليد وممارسات المزارعين، التي استمرت في القارة منذ آلاف السنين.

  • اقتصاد الغذاء الاستعماري الجديد: كيف يهدد بيل غايتس وآخرون مستقبل أفريقيا الزراعي؟
    اقتصاد الغذاء الاستعماري الجديد: كيف يهدد بيل غايتس وآخرون مستقبل أفريقيا الزراعي؟

تحدث تقرير في موقع "ذا نايشن" الأميركي، تحت عنوان "الاقتصاد الغذائي الاستعماري الجديد"، للكاتب ألكسندر زيتشيك، وهو مؤلف كتاب "امتلاك الشمس" - تاريخ احتكار الطب، عن تبعات أعمال الملياردير العالمي بيل غيتس، وعمالقة أعمال آخرين، في مجالات الغذاء والزراعة، على صغار المزارعين في أفريقيا ودول الجنوب.

وذكر التقرير أنه "في الصيف الماضي، وضع نظام التجارة العالمي اللمسات الأخيرة على تفاصيل الثورة في الزراعة الأفريقية"، موضحاً أنه "بموجب المشروع، تسعى الهيئات التجارية الراعية لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية إلى تقييد جميع الدول الأفريقية، البالغ عددها 54 دولة، في نموذج يهدف إلى استبدال تقاليد وممارسات المزارعين، التي استمرت في القارة منذ آلاف السنين".

وتابع أنّ "الهدف الرئيسي هو حقّ المزارعين الإنساني في البذور والمحاصيل، ومشاركتها وزراعتها وفقاً للاحتياجات الشخصية والمجتمعية".

ويضيف أنه "من خلال السماح لحقوق ملكية الشركات بأن تحلّ محل إدارة البذور المحلية، فإنّ البروتوكول هو أحدث جبهة في معركة عالمية حول مستقبل الغذاء".

واستناداً إلى مشاريع القوانين التي كتبتها شركات البذور الغربية منذ أكثر من ثلاثة عقود في جنيف، يسعى الجيل الجديد من الإصلاحات الزراعية إلى فرض عقوبات قانونية ومالية في جميع أنحاء الاتحاد الأفريقي، على المزارعين الذين يفشلون في اعتماد البذور المصنّعة في الخارج، والمحمية ببراءات اختراع، بما في ذلك نسخ معدلة وراثياً من البذور المحلية، بحسب التقرير.

ومن شأن اقتصاد البذور الناتج عن ذلك، أن يحوّل الزراعة الأفريقية إلى منجم للأعمال التجارية الزراعية العالمية، ويعزز الزراعة الأحادية الموجّهة نحو التصدير، ويقوّض القدرة على الصمود خلال فترة الاضطراب المناخي العميق. 

ولا يشمل اقتصاد البذور الجديد هذا، شركات البذور والتكنولوجيا الحيوية الكبرى فحسب، بل يشمل أيضاً الحكومات الراعية، في إطار جهد أكثر تعقيداً وإثارة للجدل، لإعادة هندسة الزراعة العالمية لصالح التكنولوجيا الحيوية والأعمال التجارية الزراعية، وليس لصالح المزارعين الأفارقة أو المناخ، يؤكد التقرير.

ويضيف الكاتب أنّ "تشديد قوانين الملكية على المزارع في جميع أنحاء الاتحاد الأفريقي سيمثّل انتصاراً كبيراً للقوى الاقتصادية العالمية، التي أمضت العقود الثلاثة الماضية في حملة لتقويض اقتصادات البذور التي يديرها المزارعون، والإشراف على اندماجها القسري في سلاسل القيمة للأعمال التجارية الزراعية العالمية". 

وتهدّد هذه التغييرات سبل عيش صغار المزارعين في أفريقيا وتراثهم البيولوجي الحيوي الجماعي، بما في ذلك عدد من الحبوب الأساسية والبقوليات وغيرها من المحاصيل، التي طورها أسلافهم وقاموا بحمايتها منذ فجر الزراعة.

وبالنسبة للمزارعين الذين يسيرون في طريق حملة السوق العالمية لتوحيد وخصخصة بذورهم، فإنّ المخاطر تكمن ببساطة في الحفاظ على حقهم في تقرير المصير الاقتصادي. 

ويحذّر أحد المزارعين، في تصريح للموقع، من أنّ "الشركات غيّرت ثقافتنا الغذائية.. إنهم الآن يستخدمون التهديدات لتغيير ثقافتنا الزراعية، فإذا استبدلنا البذور التقليدية ببذور أجنبية لا يمكن إعادة زراعتها، فماذا يحدث إذا لم تصل البذور الجديدة؟ إنه هجوم على بقائنا!".

اقرأ أيضاً: البذور السورية تنقذ القمح الأميركي