الجبهة الداخلية الإسرائيلية تتدرّب على "سيناريو يخشاه كل بيت"

مناورات إسرائيلية لتعزيز الجبهة الداخلية والحدّ من الآثار المدمّرة لصواريخ المقاومة، وتخوّف من عدم جهوزية الجبهة الداخلية لأي حرب، بينما الانتقادات تطال واقع الحماية والتحصين في المستوطنات.

  • الجبهة الداخلية تدربت على
    تتوقّع "إسرائيل" تلقّي نحو 2500 قذيفة صاروخية في الحرب المقبلة مع حزب الله 

مناورة الجبهة الداخلية السنوية في "إسرائيل"، والتي أُطلق عليها هذا العام اسم "نقطة تحول 21"، شكّلت فرصة في إعادة تسليط الضوء على توقّعات الحرب المقبلة وسيناريوهاتها، مع التركيز على وضعية الجبهة الداخلية في أي مواجهة مستقبلية. وركّزت المناورة على ثلاث نقاط:

الأولى: تتعلق تحديداً بعدم اكتمال جهوزية الجبهة الداخلية، التي ستكون عُرضة لهجمات صاروخية "كبيرة جداً"، بمعدل 2000 صاروخ يومياً، وما رافق ذلك من إقرار بعدم القدرة على سدّ الثُّغَر في جدار التحصين للجبهة الداخلية.

الثانية، تتعلّق بالتطوّرات والتحسينات النوعية في القدرات الصاروخية لمحور المقاومة، مع ترسانة ضخمة، تزيد على 100 ألف صاروخ، بالإضافة إلى معادلات الردع التي رسّخها حزب الله خلال السنوات الـ 15 الماضية.

والثالثة، لها علاقة بالعِبَر المستخلصة من عدوان "حارس الأسوار"، في كل ما يتعلق بحراك فلسطينيي الـ 1948، وسبل التصدي لحراكهم، واحتوائه في أسرع وقت، وأقل تكلفة.

الثُّغَر في التحصين باقية

على خلفية مناورة الجبهة الداخلية، أجرى قائد الجبهة، اللواء أوري غوردين، مقابلة مع "القناة الـ12" بشأن قدرات الإطلاق الصاروخية لحزب الله والردع في مقابل الحزب في الحرب المقبلة، أقرّ فيها بأنّه، في حال المواجهة المقبلة، فإنّ حزب الله سيُطلق آلاف الصواريخ على "إسرائيل" كل يوم.

وأضاف غوردين أنّ إطلاق نحو 2500 قذيفة صاروخية في اليوم، جزء منها دقيق، إلى عمق المناطق في فلسطين المحتلة، وفي "الداخل البعيد لإسرائيل"، سيكون "هجوماً كبيراً جداً".

وعلى الرغم من المناورات السنوية، والتي تُجريها قيادة الجبهة الداخلية في "إسرائيل"، فإن غوردين أكّد مجدداً أنّه "توجد ثُغَر في التحصين (في الجبهة الداخلية)، وسيكون هناك كثير من ثُغَر التحصين، على مدى سنوات طويلة إلى الأمام"، معترفاً، في المقابل، بأنه "لا شك في أنّ لأعدائنا قدرات مهمّة، وهي أيضاً موجَّهة إلى نقاط ضعفنا".

من جهته، أشار رئيس أركان الجبهة الداخلية، العميد إيتسيك بار، إلى أنّ المناورة ستختبر "ما تعلّمناه وخبرناه على مستويات لم أتوقّعها"، محذّراً من أنّ "تهديد الصواريخ الدقيقة يمكن أن يؤثّر في مصانع، فيها مواد خطِرة"، ومشيراً إلى أنّ المناورة تأخذ في الحسبان إمكان أن يستخدم حزب الله موادَّ "مشوِّشة ومخدِّرة". لذلك، سيفحصون خلال المناورة القدرة على توفير إنذار في هذه المسألة، ومعالجة السكان المدنيين. 

وبينما أشار بار إلى أنّ المناورة ستُحاكي "صراعاً عسكرياً كبيراً" خلال فترة انقسام داخليّ في "إسرائيل"، أكّد رئيس ما يُسمى "سلطة الطوارئ الوطنية"، العميد احتياط يورام لاريدو، أنّ القوات ستناور، للمرّة الأولى، بشأن أداء الجبهة الداخلية، في حالة "عنف في الوسط العربي، وإمكان تصعيد داخل المدن المُختلطة (فلسطينيين وإسرائيليين)، كجزءٍ من عِبَر عملية حارس الأسوار (سيف القدس)". 

ضابط التدريب في القيادة الشمالية، المقدّم يانيف فريدمان، قال لصحيفة "معاريف" إنّ "الجبهة الداخلية يجب أن تكون جاهزة، وأيضاً نحن. في حالة حدوث شيء ما، يجب أن نكون جميعاً مستعدّين، مدنيينَ وجيشاً".

وأضاف فريدمان "لقد أصبحت التدريبات أكثر  تعقيداً مع مرور الأيام، تماماً كما نتوقع أن تكون الحرب المقبلة. نعلم بأنّ علينا أن نُدرّب، ليس فقط الجيش الإلزامي (الخدمة الإلزامية)، وإنما أيضاً قوات الاحتياط، للمحافظة على الدولة في مثل هذا السيناريو".

يُذكَر أنّه، بالتوازي مع مناورة الجبهة الداخلية (التي بدأت الأحد، ومن المتوقّع أن تنتهي اليوم)، تجري مناورة الجبهة الشماليّة من أجل "تعزيز الجهوزية في قيادة الجبهة الشمالية" (مناورة "إيفِن غازيت" - الحجر المنحوت)، والتي ستستمر نحو شهر، وتحاكي سيناريو متعدّد الساحات، مع التركيز على الساحة الشمالية. كما يُجري الجيش الإسرائيلي والقيادة الوسطى الأميركية مناورة برمائية مشتركة في خليج إيلات، هي الأولى من نوعها بين الجيشين منذ قرار القيادة الوسطى ضمَّ "إسرائيل" إلى منطقة عملياتها.

وبشأن المناورة المشتركة، قال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إنّ "القوات ستشارك في مناورة متعدّدة الأذرع طوال أسبوعين، بحيث إنّها ستتدرب مع قوات مكافحة الإرهاب والقوات الخاصة وقوات كشف الهجوم، في محاكاةٍ لتقنيات عسكرية في مناطق مفتوحة وبيئات حضرية". وقال الجيش الأميركي إنّ "نحو 500 جندي أميركي يشاركون في المناورة". 

الجبهة الداخلية في خطر

شكّلت مناورة الجبهة الداخلية فرصة في إعادة فحص جهوزية الجبهة الداخلية، ولاسيما عند الحدود الشمالية والجنوبية. وعلى هذه الخلفية، وُجِّهت انتقادات إلى واقع الحماية والتحصين في تلك المستوطنات. ورأى معلّقون أن "الجبهة الداخلية في خطر"، وأضافوا "صحيح أنّ الجهوزية زادت، لكن التهديدات أيضاً زادت معها".

واعتبر المعلّقون أنّ "إسرائيل مُهدَّدة اليوم بأكثر من 100 ألف صاروخ وقذيفة من لبنان، وعشرات آلاف الصواريخ من غزة، وبعدد كبير من الصواريخ والقذائف من دول أبعد (إيران، العراق، واليمن)". وفي المقابل، فإنّ "المنظومات الموجودة ليس لديها، ولن يكون، القدرة على اعتراض كلّ صاروخ، وعلى حماية كلّ مدني".

وانتقد معلّقون تفاخُر الجيش الإسرائيلي بـ"تحسين جهاز الإنذار وتقصير مدّة الوصول إلى المساحات المحصَّنة"، على الرغم من "الحقيقة القاتمة، وهي أنّه، بعد أكثر من 15 عاماً على حرب لبنان الثانية، فإنّ نحو 30 % من السكان ليس لديهم تحصين ضد الصواريخ، وأن 42 %  فقط لديهم غرف محصّنة معيارية في منازلهم". 

وأضافوا أنّ نحو 20 % من السكان لديهم ملاجئ خاصة مشتركة، في المبنى الذي يقيمون به، وأن 10 % آخرين يُعتَبرون ذوي تحصين، لأنه توجد ملاجئ عامة بالقرب من منازلهم.

وذكرت صحيفة "معاريف" أنّ المناورة الكبيرة لقيادة الجبهة الداخلية تدرّبت على "سيناريو يخشاه كل بيت في إسرائيل"، ويتضمن هجوماً صاروخياً مشتركاً تنفذه إيران وحزب الله. وبحسب الصحيفة،إذا اندلعت حرب في الجبهة الشمالية في مقابل حزب الله وإيران، فإنّ "الصورة المتوقعة للقصف الصاروخي هي ما مجموعه عشرات الآلاف من الصواريخ الموجَّهة إلى جميع أنحاء البلاد، بمعدل 2000 صاروخ في كل يوم من القتال".

اخترنا لك