إيلاريون كبوجي، أسقف وثائر.. وثائقي في 3 أجزاء على شاشة الميادين

فردت فلسطين ظلها على وجدانه وخياله وروحه، فقاوم وسُجن وركب البحر عودة إليها.

  • وثائقي المطران الراحل هيلايون كبوجي، من انتاج قناة الميادين، في 3 أجزاء تحت عنوان
    وثائقي المطران الراحل إيلاريون كبوجي، من إنتاج قناة الميادين، في 3 أجزاء تحت عنوان "أسقف وثائر".

"قبل أن أخطو أول خطوة وأنخرط في صفوف منظمة التحرير الفلسطينية، دخلت في صراع نفسي طويل. فكّرت عميقاً في ما أنا مقبل عليه، فكّرت جيداً في نتائج عملي، كنت مدركاً بكل وضوح أن الانضمام إلى صفوف المقاومة والمشاركة مباشرة في أعمالها على الأرض سوف تترتب عليهما نتائج وخيمة باهظة الثمن، ومن ضمنها السجن، ورغم ذلك نفّذت ما خططت له، وكررت فعلي مرات عديدة، ألا يعني ذلك أني سرت إلى مصيري بعينين مفتوحتين وعقل مدرك وعن سابق تصوّر وتصميم؟".

 جزء من رسالة من المطران إيلاريون كبوجي إلى محاميه من داخل السجن.

المقاومة في رأس كابوجي، ليست مغامرة يحركها الانفعال فقط، وإنما أيضاً الإيمان والفكر العميق في معرفة الحق وتحديد طريقه.

 في قراءة كابوجي وفكره، المسيح هو الفدائي الأول، والوحدة في الشرق بين مكوناته المتنوعة والغنية هي الأصل والحال الطبيعية التي نمت معها منطقتنا. ولأنه حمل فكراً مقاوماُ لامعاً وواضحاً ومفهوماً، فكان عابراً للجغرافيا وموحداً لها. فهو ابن مدينة حلب السورية الذي يحمل في حقيبته ألواح صابون الغار الحلبي، والزعتر الحلبي، عندما يسافر إلى روما. كان يقول دائماً "أنا ابن سوريا، وعندما كنتُ في المدرسة، وقبل دخول الصف، كنا نقف ونُنشد، بلاد العرب أوطاني، لقد علمتنا سوريا أن لا نتقوقع، وأن نفتح قلوبنا للعالم أجمع، وبخاصة لأمّتنا العربية".وهو كذلك ابن مصر، ففي يوم وفاة جمال عبد الناصر في الـ 28 من أيلول/سبتمبر عام 1970 توجّه المطران إيلاريون  كبوجي إلى جميع الأساقفة في القدس طالباً منهم رفع الأعلام السود فوق مقارّهم، وقرع الأجراس في أثناء جنازته.وهو ابن فلسطين،  التي فردت ظلها على وجدانه وخياله وروحه. واجه وتحدى، سُجن ونفي في سبيل تحريرها، وكان يهتف دوماً "القدس قطعة مني".

المطران الذي انغمس في هموم الفلسطينيين وكان جزء منها. تعرض عنه الميادين مجدّداً لتذكّر بالطريق الوعرة التي خاضها، ومهدّها لمن بعده. "أسقف وثائر" عنوان الوثائقي الذي اختارته قناة الميادين لتحكي  حياة "المطران المسلح". 

فريق العمل: كنّا أمام تجربة غنية جداً

مخرجة الوثائقي، يارا أبو حيدر، تعتبر أن الوثائقي هو محاولة لمعاينة جوانب حياة المطران، والغوص في تجربته. وترى أن أهمية الوثائقي تتجسّد في الرحلة التي انطلقت بين سوريا ولبنان وفلسطين لتوثّق شهادات أناس كانو يعرفون المطران عن قرب، وعاشوا معه التجربة. وتقول إن هذه المادة البصرية صُنعت لأن الشخصية تستأهل الحديث عنها، لإدراك أهميتها وفرادتها.

أبو حيدر اعتبرت كذلك أن المطران كان معنيّاً بالقصة التي عاشها، وكان شخصية إنسانية ومقاومة للظلم والاحتلال لأهداف إنسانية بحتة. وتقول: إننا ذهبنا إلى اللقطات الرمزية في طريقة معالجة هذه المادة الفيلمية لنلتقط جوهر الفكرة، وعدنا بالذكريات من خلال الأرشيف الذي حصلنا عليه.

 مُعدّ الوثائقي، محمد فرج، قال إن الوثائقي تضمّن شهادات حية وواقعية للتجربة المشتركة مع كبوجي. وتم الاعتماد، بحسب فرج، على المذكرات التي تحتوي سرداً ، فيه الكثير عن تجارب المطران الشخصية ومحطاته النضالية الكبيرة.

وعن التحديات في تصنيف المحتوى، قال فرج  إن التحدي الأول أننا كنّا أمام تجربة غنية جداً، ممتلئة ومكتظة بالأحداث والمعاني؛ فمن جهة نقارب نموذج المطران صاحب القراءة العميقة في المسيحية، وعلاقته المباشرة مع مبدأ المقاومة، انطلاقاً من تجربة المسيح نفسه. ونقارب أيضاً نموذج تحدّي الاحتلال والسجن والنفي. وعندما كان في الـ 85 من عمره صعد على ظهر السفينة لكسر الحصار عن غزة.

ويرى فرج أن التحدي الأكبر يكمن في فرز التجارب الكثيرة للراحل، وتصنيفها وبلورتها لتسهيل عرضها للمشاهد.

بينما يكشف منتج الوثائقي زاهر العريضي أن اختيار الضيوف تمّ على أساس شخصيات كانت لديها علاقة وتواصل مع المطران في مراحل مختلفة، من السجّان إلى الكاتب الذي ألّف عنه كتاباً، سركيس أبو زيد، والأشخاص الذين كانوا على تماس مباشر معه. من هم هؤلاء الأشخاص الذين عاينوا المطران كبوجي؟ ماذا أخبرهم عن هذا الموقف وذاك الحدث؟ يبيّن الوثائقي أهمية المطران كرمز وشخصية دينية مقاومة آمنت بالقضية القلسطينية، وآمنت بالثورة والثوار.

ويقول العريضي إن الأسئلة التي طُرحت على هؤلاء الضيوف تتمحور حول المرحلة التي عايشوه فيها، وأي صفة كانوا يمنحونها للمطران، وعن ظروف النشأة والنضال، هل أنصفه التاريخ؟ وهل ندم يوماً؟

الزميلة هناء محاميد، مراسلة الميادين في فلسطين المحتلة، أضافت إلى الوثائقي أيضاً لقطات حية ومقابلات من الداخل المحتل، كانت لها أهمية كبيرة في التجسيد القريب والحيّ لحياة المطران.

وثائقي المطران الراحل إيلاريون  كبوجي، من إنتاج قناة الميادين، في 3 أجزاء تحت عنوان "أسقف وثائر"، يعرض التفاصيل الدقيقة لتجربة المطران والمحطات المهمة في حياته منذ طفولته، عبر مقابلات مع شخصيات عايشته عن قرب في فلسطين ولبنان وسوريا وأوروبا.

يبدأ عرض الجزء الأول على شاشة الميادين، الأحد الـ 16 من كانون الثاني لمدة 3 أسابيع متتالية، الساعة 21:00 بتوقيت القدس الشريف.

اخترنا لك