دموع قائد بنما... المونديال ليس مُجرَّد كرة

دموع قائد بنما خلال عزف النشيد الوطني قبل انطلاق المباراة أمام بلجيكا كانت مؤثّرة وبالغة التعبير. هنا المونديال. هنا المشاعر والأحاسيس في أعلى درجاتها ونابعة من القلب والوجدان. تاريخ المونديال يحدّثنا عن الكثير من اللقطات المؤثّرة.

ذرف قائد بنما الدموع خلال عزف النشيد الوطني

لن يُحرِز منتخب بنما بالتأكيد لقب مونديال روسيا. وبالتأكيد، أيضاً، لن يعبر مرحلة المجموعات. لكن يكفي البنميين أنهم متواجدون في روسيا بين كبار العالم. متواجدون للمرة الأولى في تاريخهم. يرفعون عَلَم بلادهم المجهولة لكثيرين أمام أنظار الملايين. هذا يكفيهم. مُجرَّد الوصول إلى روسيا بحدّ ذاته هو الإنجاز لهم بعد أن تمكّنوا مع هندوراس (تأهّلت للملحق) من إقصاء الولايات المتحدة عن الحدث العالمي للمرة الأولى منذ عام 1990. هذا ليس قليلاً.

هنا المونديال. هنا المشاعر والأحاسيس في أعلى درجاتها. مشاعر الانتماء للوطن والتواجد في الحدث الأهمّ. هكذا وقف قائد بنما رومان توريس خلال عزف النشيد الوطني قبل انطلاق المباراة أمام بلجيكا وراح يذرف الدموع متأثّراً. كان توريس، لا شك، يُدرِك أن اللحظة مُهيبة، أنها تاريخية. كان يُدرِك أنها ربما لن تتكرّر. هو القائد وهو حامِل أحلام الوطن.

في مثل هذه اللحظات تكون ردَّة الفعل تلقائية، لا إرادية، نابعة من القلب والوجدان. بالتأكيد تدرّب توريس ورفاقه كثيراً للمباريات، لكنه قطعاً لم يتدرَّب على أن يذرف تلك الدموع.

هذه الدموع تختصر روعة المونديال وسِحره. كما أن المباريات والأهداف يكون لها نكهة مختلفة في المونديال، فإن مثل هذه اللحظات لا تقلّ روعة. أن تتواجد في المونديال شيء كبير. أن تمثّل بلدك شيء كبير. هنا وجه آخر للانتماء للوطن.

تاريخ المونديال شهد الكثير من اللقطات المؤثّرة والتي تحمل معانٍ بالغة التعبير. في مونديال 1970 تعرّض "القيصر" الألماني الأسطورة فرانتس بكنباور لإصابة قوية في كتفه. كانت المواجهة غير عادية أمام إيطاليا في نصف النهائي، لكنه أبى الخروج من الملعب. قام بلفّ كتفه وأكمل المباراة حتى نهايتها. وُصفت حينها بأنها "مباراة القرن" نظراً لأحداثها، لكن بالتأكيد فإن إيثار بكنباور كان إحدى علاماتها الفارقة.

في مونديال 1990، كان الأسطورة الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا على موعدٍ مع التاريخ. كان يخوض النهائي الثاني له على التوالي أمام ألمانيا بعد تتويجه بلقب مونديال 1986، لكنه هذه المرة فشل. بكى. بكى بحرقة لضياع الحلم. كان دييغو في تلك اللحظات صورة تختصر حال الأرجنتين بأسرها.

في مونديال 2014 أيضاً بكت البرازيل بأكملها بعد الخسارة التاريخية على أرضها أمام ألمانيا 1-7 في نصف النهائي. لكن اللقطة المُعبّرة والمؤثّرة جداً والتي اختصرت مشهد انكسار أمّة برمّتها كانت حين جثا مدافع "السيليساو" ديفيد لويز على ركبتَيه ثم راح يبكي ويعتذر للجمهور. هذا المشهد لا يمكن رؤيته خارج المونديال.

هنا المونديال. هنا منبع المشاعر والأحاسيس المُعبّرة. هنا الانتماء. المونديال ليس مجرّد كرة في الملعب وأهداف. المونديال أكثر من ذلك بكثير. المونديال في دموع قائد بنما أيضاً.