"الغارديان": الطيّارات الإناث على خط المواجهة في أوكرانيا
مع تزايد عدد الضحايا، يتسع نطاق التجنيد. 3 نساء يتحدثن عن سبب انضمامهن إلى بيئة قتالية شرسة.
-
"الغارديان": الطيّارات الإناث على خط المواجهة في أوكرانيا
صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر مقالاً يتناول دور النساء المتزايد في تشغيل الطائرات المسيّرة في الحرب الأوكرانية، وكيف دفع النقص الحاد في القوى العسكرية أوكرانيا إلى الاعتماد بشكل متزايد على النساء في مهام كانت تُعد سابقاً شديدة الخطورة وذات طابع عسكري بحت.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
لقد شاركت النساء في عمليات الطائرات المسيرّة في أوكرانيا منذ الأشهر الأولى للغزو الكامل، ولكن مع تزايد النقص في الكوادر العسكرية، زاد حضورهنّ، لا سيّما في وحدات الهجوم من منظور الشخص الأول.
لم يتم الكشف عن أعداد الضحايا، ولكن يُعتقد على نطاق واسع بأنها مرتفعة، وأصبحت أوكرانيا تعتمد على المدنيين لشغل وظائف كانت في السابق حكراً على العسكريين المدربين. وتنظّم دورة قصيرة ومكثفة لمدة 15 يوماً لمتدربي الخدمة الميدانية، وهو تحوّل يعكس الحاجة المُلحة.
ولا توجد أرقام رسمية لعدد النساء العاملات كمشغلات طائرات مُسيّرة، لكن المدربين وقادة الوحدات يقدّرون بأنّ هناك العشرات منهنّ اليوم نشطات أو يخضعن لتدريب متقدم، مع انضمام المزيد منهنّ كل شهر. وتواجه العاملات خطراً كبيراً أثناء عملهنّ بالقرب من الخطوط الأمامية، غالباً على بعد بضعة كيلومترات فقط من المواقع الروسية، وكثيراً ما يتم استهدافهنّ بالمدفعية والطائرات المُسيّرة والقنابل الموجهة.
لم تتوقع داشا المشاركة في الخدمة العسكرية. وأمضت الأشهر الأولى من الغزو كمتطوعة، ثم انتقلت إلى العمل في مجال الطائرات المسيرة بعد مقتل المزيد من رجال منطقتها أو انتقالهم. وتقول: "لم يكن الأمر يتعلق بمدى استعدادي، بل بقلّة عدد الأشخاص المتبقين". وتُصرّ على أنّ دافعها بسيط. إذ يعيش طفلاها اليوم في أوروبا، وتريد أن يعودا إلى أوكرانيا آمنة. لقد نجا والدها، البالغ من العمر 89 عاماً، من الحرب العالمية الثانية. ولا يزال ثقل هذا التاريخ يلازمها. "لا أريد أن يصبح أطفالي الجيل القادم من أطفال الحرب. هذا هو كل التحفيز الذي احتاجه". وهي تقود حالياً وحدة مختلطة تعمل على بُعد بضعة كيلومترات من خط المواجهة الشرقي. ويسود جوٌّ من الإرهاق لا البطولة. وتقول: "الأمر لا يتعلق بإثبات النساء لأي شيء، بل بالحاجة إليهنّ. الجميع مُرهَق ولكننا نتكيّف مع الوضع".
كانت تجربة إليزابيث الأولى في الحرب مع الصوت. فقد تعرّضت مدينتها لقصف متكرر عام 2022، وقضت أسابيع تنام على السلالم وفي الأقبية. وتقول: "بعد فترة، تتوقف عن التساؤل عمّا يمكنك فعله، وتتساءل عمّا لا يزال ممكناً". وتزامن تدريبها على الهجوم من منظور الشخص الأول خلال فترة وقوع خسائر فادحة في منطقتها، حيث أُصيب عدد من أفراد فريقها خلال أشهر من نشرهم. وتحوّلت الديناميكية داخل الوحدات بسرعة. وتقول: "لم يعد الناس يهتمون بمن تكون امرأة ومن لا تكون. وباتوا يهتمون بمن تستطيع الطيران".
التحقت إيلونا بمدرسة تدريب على الطائرات المسيرة متاحة للمدنيين بعد أشهر من مشاهد تكثيف الهجمات الجوية الروسية حول منزلها. لم تكن لديها خبرة عسكرية، وكانت ثقتها بنفسها ضعيفة. وتقول: "كنت أعتقد بأن الطائرات المسيرة مخصصة للمحترفين الذين نشأوا على التكنولوجيا. أما أنا، فلم أكن كذلك". ويحرص مركز التدريب على البقاء بعيداً عن الأضواء، ويغير مواقعه بعد استهدافه عدة مرات. وتتقبل المتدربات هذا الأمر كجزء من روتينهنّ. وتقول في هذا الصدد: "تُدرك المتدربات سريعاً أن مشغلي الطائرات المسيرة يتعرضون للمطاردة. ويشعرن بذلك منذ اليوم الأول".
ما يلفت انتباهها أكثر ليس الخطر، بل الطلب. إذ ينضم مئات الأشخاص - وكثير منهم مدنيون - إلى قوائم انتظار التدريب شهرياً. وتقول: "لقد رحل الكثير من الرجال في مثل سني ويجب أن يحل أحدهم محلهم".
نقلته إلى العربية: زينب منعم.