"الغارديان": كيف تطورت حملة الضغط الأميركية ضد فنزويلا في منطقة البحر الكاريبي؟

لقد استخدمت الولايات المتحدة مزاعم "الحرب على المخدرات" لتبرير هجماتها، التي أسفرت عن مقتل 83 شخصًا ووصفتها الأمم المتحدة بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء.

0:00
  • "الغارديان": كيف تطورت حملة الضغط الأميركية ضد فنزويلا في منطقة البحر الكاريبي؟

صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر تقريراً يعرض ملامح عملية أميركية محتملة ضد فنزويلا، تجمع بين الضغوط العسكرية والقانونية والدعاية الإعلامية، في سياق صراع جيوسياسي يتجاوز مسألة تهريب المخدرات نحو مسعى واضح لتغيير النظام في كاراكاس.

أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:

في ظل التوترات المتزايدة بين واشنطن وكاراكاس، حشدت الولايات المتحدة أكبر وجود عسكري لها في منطقة البحر الكاريبي منذ غزو بنما عام 1989. وزادت إدارة دونالد ترامب الضغط على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، متهمةً إياه بإدارة منظمة "كارتل الشمس" لتهريب المخدرات، ورصدت مكافأة قدرها 50 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تُفضي إلى القبض عليه. وكان الرئيس الأميركي غامضاً بشأن نواياه، ويقول إنه يُبقي جميع الخيارات مطروحة على الطاولة، من التدخل العسكري إلى التفاوض على خروج مادورو.

وأفاد مسؤولون أميركيون في واشنطن العاصمة بأن "مرحلة جديدة" في العملية على وشك أن تبدأ. ويوم السبت، ألغى عدد من شركات الطيران الدولية رحلاته من وإلى فنزويلا بعد أن حثت إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية الطائرات المدنية على "توخي الحذر" بسبب "تدهور الوضع الأمني ​​​​وزيادة النشاط العسكري" في البلاد أو حولها. ومن المقرر أن يدخل تصنيف وزارة الخارجية الأميركية لـ"كارتل الشمس" كمنظمة إرهابية حيز التنفيذ.

وفي بيان له، رفض الجيش الفنزولي الاتهامات الموجهة ضد الرئيس مادورو ووصفها بأنها "كذبة حقيرة لتبرير التدخل غير الشرعي وغير القانوني في فنزويلا". ويعتقد البعض بأن تصنيف نظام مادورو كمنظمة إرهابية من شأنه أن يوفر غطاءً قانونياً لأي هجوم أميركي.

ضربات جوية قاتلة

لأسابيع، استخدمت الولايات المتحدة "الحرب على المخدرات" ذريعةً لتبرير تواجدها العسكري المتزايد في المنطقة. وبدأت حملة ترامب في أيلول/سبتمبر، عندما هاجم الجيش الأميركي قارباً صغيراً مكشوفاً قيل إنه كان يحمل مخدرات، ما أسفر عن مقتل 11 شخصاً. ومنذ ذلك الحين، تعرّضت 21 سفينة أخرى على الأقل في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ لهجمات، وأسفر ذلك عن مقتل 83 شخصاً، وهي هجمات وصفتها الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية أخرى بأنها بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء.

ولم تُقدّم الولايات المتحدة أيّ دليل على أن السفن المستهدفة كانت تحمل مخدرات بالفعل، ويقول خبراء قانونيون إنه حتى لو صحّ ذلك، فإنها لم تُشكّل تهديداً مباشراً. وأُعيد الناجيان الوحيدان من الهجمات إلى بلديهما الأصليين، الإكوادور وكولومبيا، ولم تُوجّه إليهما أيّ اتهامات باعتبار أن الولايات المتحدة لم تقدّم أيّ أدلة ضدهما.

هل تشكل فنزويلا طريقاً رئيساً لتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة؟

قدّر تقرير صادر عن إدارة مكافحة المخدرات الأميركية في عام 2020 أنّ 74% من الكوكايين الذي يصل إلى الولايات المتحدة وصل عبر المحيط الهادئ، وأنّ 8% فقط نُقل على متن قوارب سريعة من جزر البحر الكاريبي. وتشكّل فنزويلا دولة عبور لبعض الكوكايين المتجه في الغالب إلى أوروبا، والذي يأتي من كولومبيا المجاورة.

كما ادّعى ترامب أنّ القوارب المستهدفة كانت "مُحمّلة بالفنتانيل"، لكن هذا المخدر لا يتم إنتاجه ولا استهلاكه بشكل كبير في أميركا الجنوبية، بل يتم تصنيعه بشكل أساسي في المكسيك باستخدام مواد كيميائية أولية مستوردة من دول آسيوية، بما في ذلك الصين.

الترسانة تقف على أعتاب مادورو

قبل التعزيزات العسكرية الأخيرة، كانت البحرية الأميركية تمتلك سفناً حربية وأخرى تابعة لخفر السواحل في المنطقة، وفقاً لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية. وبدأت زيادة القوات في آب/ أغسطس مع وصول مجموعة "إيوجيما" البرمائية الجاهزة، وهي التشكيل الذي يتضمن سفينة هجوم برمائية وسفينتي نقل برمائيتين.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر، أعلن البنتاغون أنه سينشر أيضاً حاملة الطائرات "يو إس إس جيرالد آر فورد" (USS Gerald R Ford)، وهي أحدث وأكبر حاملة طائرات في العالم، والتي وصلت إلى منطقة البحر الكاريبي في 11 تشرين الثاني/نوفمبر وعلى متنها أكثر من 4000 بحار وطائرات مقاتلة تكتيكية وسفن حربية مرافقة.

القواعد العسكرية الأميركية والحلفاء المحليون

تمتلك الولايات المتحدة قواعد عسكرية في كلّ من  بورتوريكو وهندوراس وكوبا. وهي تحتفظ في كل من السلفادور وأروبا وكوراساو بمواقع الأمن التعاوني (CSLs)، وهي مراكز مراقبة في المطارات المحلية تستخدم تقليدياً للتدريب على مكافحة الإرهاب ومنع تهريب المخدرات. وتُعد قواعد الأمن التعاوني في أروبا وكوراساو الأقرب إلى الساحل الفنزويلي، على الرغم من أن استخدامها لأي هجوم يتطلب، من الناحية النظرية، الحصول على إذن من هولندا.

وفي بورتوريكو، تُظهر صور الأقمار الصناعية أن قاعدة روزفلت رود البحرية الأميركية - وهي قاعدة سابقة من الحرب الباردة أُغلقت عام 2004 - تخضع لأعمال تطوير، تشمل إعادة تأهيل ممرات الطائرات وتوسيعها. ويُجري مشاة البحرية الأميركية تدريبات هناك منذ آب/ أغسطس. 

توزيع القوات

على غرار السفن الحربية، كان أفراد الجيش الأميركي متواجدين في المنطقة، حيث يتمركز نحو 2000 جندي في قواعد عسكرية. وتزامنت الموجتان الرئيسيتان مع وصول مجموعة "إيوجيما" وحاملة الطائرات "يو إس إس جيرالد آر فورد"، ليصل إجمالي عدد القوات إلى ما يُقدر بـ12700 جندي - وهو رقم يعتبره المحللون غير كافٍ لتنفيذ غزو بري يتطلّب عادة ما بين 50 ألفاً و150 ألف جندي. ويعتقد الكثير من المحللين بأنه في حال اتخذت الولايات المتحدة أي إجراء آخر، فقد تبدأ بشن غارات جوية على منشآت محددة تابعة للنظام أو العصابات الإجرامية.

موقع السفن البحرية الأميركية

لا يمكن تعقب معظم السفن البحرية الأميركية نظراً لإمكانية إيقاف تشغيل أجهزة الإرسال والاستقبال الخاصة بها أثناء التدريبات أو العمليات. إلا أنه في الآونة الأخيرة، بات بالإمكان تحديد موقعها من خلال بيانات المراقبة التي وفرتها شركة تتبع السفن والتحليلات البحرية "مارين ترافيك" (MarineTraffic)، والمشاهدات المسجلة والبيانات الصحافية للبحرية الأميركية. 

العيش بالقرب من الساحل

على الرغم من أن الترسانة الحالية والقرب من فنزويلا من شأنهما أن يسمحا للولايات المتحدة بشن ضربات جوية وصاروخية في أي مكان في فنزويلا، فإن أي مقاربة برية قد تهدد بالتأثير على جزء كبير من سكان البلاد، الذين يعيشون على طول الساحل الشمالي أو في الداخل مباشرة ــ بما في ذلك العاصمة كاراكاس، التي يبلغ عدد سكانها نحو 3 ملايين نسمة وتبعد 9 أميال فقط عن البحر.

نقلته إلى العربية: زينب منعم.