"ذا إنترسبت": ترحيل محمود خليل من الولايات المتحدة؛ حرية التعبير ماتت

إنّ ترحيل الأشخاص بسبب التعبير السياسي أمر غير قانوني، ولكن هذا بالضبط ما تحاول إدارة الهجرة والجمارك الأميركية أن تفعله مع الطالب الفلسطيني في جامعة كولومبيا، محمود خليل.

  • تظاهرات تطالب بالإفراج عن محمود خليل
    تظاهرات تطالب بالإفراج عن محمود خليل

موقع "ذا إنترسبت" الأميركي ينشر تقريراً يتناول قضية محمود خليل، وهو فلسطيني مقيم قانوني في الولايات المتحدة، تم احتجازه بشكل غير قانوني من قبل إدارة الهجرة والجمارك الأميركية بسبب نشاطه السياسي المناهض للهجوم الإسرائيلي على غزة، واعتبر النص أنّ هذه القضية تمثّل "موت" حرية التعبير في الولايات المتحدة.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

كان محمود خليل، خريج جامعة كولومبيا مؤخراً وحاصل على البطاقة الخضراء، مشاركاً نشطاً في حركة سياسية في حرمه الجامعي. وكانت الحركة السياسية تدعو الجامعة إلى سحب استثماراتها من شركات الأسلحة ومن دولة اعتبرتها محكمة العدل الدولية متورطة بشكل معقول في ارتكاب جرائم إبادة جماعية. ولم توجّه إلى خليل تهمة بارتكاب جريمة، ناهيك عن إدانته. وكان دوره في الحركة هو المفاوض والوسيط مع إدارة الجامعة.

ولكن خليل فلسطيني، والحركة المعنية تدافع عن الحرية الفلسطينية وتعارض الهجوم الإسرائيلي الإقصائي على غزة. لذا، اعتباراً من مساء السبت، كان خليل، المقيم الدائم القانوني، محتجزاً من دون تهمة في مركز احتجاز تابع لإدارة الهجرة والجمارك. ولم يتمكن محاميه وزوجته، وهي مواطنة أميركية حامل في شهرها الثامن، من العثور على خليل في نظام السجون المترامي الأطراف التابع لإدارة الهجرة والجمارك لأكثر من 24 ساعة.

في ليلة السبت، داهم عملاء وزارة الأمن الداخلي شقة خليل، وهي عقار مملوك لجامعة كولومبيا بالقرب من حرم الجامعة في مانهاتن. اتصل خليل بمحاميته، إيمي جرير، التي تحدثت مع العملاء عبر الهاتف. في البداية، قيل إنهم قالوا إنهم يتصرفون بناءً على أوامر وزارة الخارجية لإلغاء تأشيرة الطالب الخريج. أخبرهم المحامي أنّ خليل لديه بطاقة خضراء، والتي قدّمتها زوجة خليل كدليل. بعد ذلك، وفقاً للتقارير، أخبر العميل أنّهم سيلغون بطاقة خليل الخضراء، كما هددوا زوجة خليل الحامل بالاعتقال أيضاً، ثم أخذوا زوجها.

كتب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو على تطبيق "X" يوم الأحد: "سنقوم بإلغاء التأشيرات و/أو البطاقات الخضراء لأنصار حماس في أميركا حتى يمكن ترحيلهم".

لا مجال للتراجع عن هذه النقطة: تحاول إدارة الرئيس دونالد ترامب ترحيل رجل فقط بسبب نشاطه المحمي بموجب التعديل الأول، من دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة. وبموجب جميع المعايير القانونية القائمة، فإنّ هذا غير قانوني وغير دستوري. إذا تم إلغاء البطاقة الخضراء لخليل وتم ترحيله، فلن يكون لأحد أي ثقة في الحماية القانونية والدستورية كخط دفاع ضد العنف والعقاب التعسفي من قبل الدولة. إنّ اعتقال خليل يمثل تصعيداً فاشياً غير عادي.

إنّ استهداف خليل بسبب مشاركته في نشاط احتجاجي محمي يدعو إلى إنهاء المذبحة التي تدعمها الولايات المتحدة لشعبه أمر دنيئ. لقد دأبت إدارة ترامب على تصوير جميع الناشطين المؤيدين لفلسطين والمناهضين للصهيونية باعتبارهم مؤيدين لحركة حماس. ومع ذلك، يجدر التأكيد على أنّه حتى لو أعرب أحد المحتجين عن دعمه أو تعاطفه مع حماس في خطاب عام، أو على وسائل التواصل الاجتماعي (ولست أقول إنّ خليل فعل ذلك)، فإنّ مثل هذا التعبير محمي أيضاً بموجب التعديل الأول، وهي الحماية التي تمتد للمواطنين وغير المواطنين على حد سواء. هذا هو القانون الدستوري المستقر: على سبيل المثال، أكد قرار المحكمة العليا في قضية تكساس ضد جونسون في عام 1989 على مبدأ أن التعديل الأول يحمي حتى أكثر أشكال التعبير إثارة للجدل والاستفزاز.

ومن بين الأنشطة الوحيدة التي لا يحميها التعديل الأول في هذا الصدد الدعم المادي لمجموعة مصنفة كمنظمة إرهابية أجنبية من قبل الحكومة. إنّ ما يعتبر "دعماً مادياً" يخضع لمعيار قانوني صارم، حتى التعبير عن الدعم أو التعاطف مع منظمة إرهابية أجنبية لا يشمل هذا المعيار.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي تريشيا ماكلولين لبريم ثاكر من زيتيو إنّ خليل اعتقل لأنه "قاد أنشطة متحالفة مع حماس". ويشكّل هذا الادعاء إهانة أخرى صارخة لحماية التعديل الأول، الذي يشمل بقوة الخطاب السياسي ومجموعة كاملة من أنشطة الاحتجاج.

ولم يُتهم خليل بدعم الإرهاب مادياً، ولا بأي جريمة أخرى. وبموجب القانون، لا يمكن إلغاء البطاقات الخضراء على الفور؛ وتتطلب أسباب الإبعاد إدانات جنائية لجرائم محددة بما في ذلك الاعتداء أو السرقة، أو إثبات الاحتيال في التأشيرة. وبموجب القانون، يُمنح حاملو البطاقات الخضراء الذين يواجهون الإبعاد فرصة الاستئناف، ولا يتم إبعادهم ببساطة. وأكرر "بموجب القانون"، لأنّ قضية خليل تهدد بجعل هذا التصنيف ذاته غير ذي صلة.

لقد وجّهت إدارة ترامب سلسلة من التهديدات بإلغاء تأشيرات الطلاب وغيرهم من المشاركين في احتجاجات التضامن مع فلسطين، والتي تصفها باستمرار بأنها "مؤيدة لحماس". وفي أعقاب إدارة الرئيس جو بايدن، يلتزم نظام ترامب بالخلط الخطير بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية، كوسيلة لشيطنة - وتجريم - انتقاد "إسرائيل". في ورقة حقائق مرفقة بالأمر التنفيذي للرئيس بعنوان "تدابير إضافية لمكافحة معاداة السامية"، هدد ترامب "بإلغاء تأشيرات الطلاب بسرعة لجميع المتعاطفين مع حماس في الحرم الجامعي".

أوصى روبيو أثناء وجوده كعضو في مجلس الشيوخ باستخدام قانون الهجرة والجنسية لعام 1952، والذي يمنح وزير الخارجية سلطة إلغاء التأشيرات من الأجانب الذين يُعتبرون تهديدًا. وقد استُخدِم نفس القانون لفرض حصص عنصرية للمهاجرين، وكسلاح للرعب الأحمر لترحيل أو رفض دخول اليساريين مثل الشاعر التشيلي بابلو نيرودا والمؤلف الكولومبي الحائز على جائزة نوبل غابرييل غارسيا ماركيز، وغيرهما. وقد عُدِّل القانون عدة مرات منذ ذلك الحين، في محاولة للحد من استخدامه لأغراض استبدادية وعنصرية. على سبيل المثال، حظر قانون الهجرة لعام 1990، كسبب لاستبعاد المهاجرين من الولايات المتحدة، "الدعوة أو نشر الآراء أو المواد الشيوعية أو غيرها من الآراء أو المواد التخريبية". وبعبارة واضحة، إنّه أمر غير قانوني بموجب قانون الكونغرس والدستور إبعاد شخص من البلاد بسبب خطاب سياسي.

إنّ تعليقات روبيو نفسه تظهر أنه يسعى إلى إحياء الشكل الأكثر ضرراً لقانون الهجرة والجنسية. فبعد أسبوع واحد فقط من هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، استشهد روبيو بالقانون في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" كأساس لترحيل المحتجين المؤيدين لفلسطين، ونشر على موقع إكس: "ألغوا تأشيرة كل مواطن أجنبي يدعم حماس وأخرجوهم من أميركا". والآن أصبح روبيو وزيراً للخارجية ويلتزم بالقول والأفعال بأجندته الخاصة بالترحيل غير القانوني.

لا فائدة تذكر من الإشارة ببساطة إلى القانون، بل وحتى الدستور، لمعارضة هؤلاء المستبدين. إنّ الجمهوريين على دراية تامة بصياغة حقائق قانونية جديدة من خلال القوة والعنف. ولا يمكن افتراض الحماية القانونية؛ فهي تحتاج إلى النضال من أجلها، وإلا فلن تصمد ببساطة. لقد ساعد الديمقراطيون المؤسسون والمؤسسات مثل جامعة كولومبيا في إيصالنا إلى هذه اللحظة الحاسمة القاتمة. لقد مهدت كل مؤسسة تعاملت مع دعم حياة الفلسطينيين وإدانة الحرب الإبادة الجماعية التي تشنها "إسرائيل" باعتبارها معاداة للسامية وإرهابا الطريق لهجوم ترامب الشامل على حقوق التعبير الأساسية.

لقد أوضح نشطاء التضامن مع فلسطين والمفكرون المناهضون للاستعمار منذ فترة طويلة أنّ الحكومة التي ترغب في شن حرب إبادة جماعية في الخارج، كما فعلت الولايات المتحدة، لا تجد أي مشكلة في ممارسة العنف الإقصائي التمييزي في الداخل. وهذا ليس بالأمر الجديد؛ فهذه هي التناقضات المتأصّلة في الديمقراطية المزعومة المنخرطة في الهيمنة الاستعمارية. ولا ينبغي أن يتطلب الأمر اعتقال فلسطيني آخر بشكل غير قانوني لفضح هذا.

"هذا أمر غير مقبول. إنّ ترحيل المقيمين القانونيين لمجرد التعبير عن آرائهم السياسية يعد انتهاكاً لحقوق حرية التعبير"، هكذا كتبت النائبة براميلا غايابال، ديمقراطية من واشنطن. وأضافت: "من التالي؟ المواطنون؟"

بالنسبة لأولئك منكم الذين لديهم أي استثمار في حماية الحقوق الأساسية والحماية القانونية، وفي الدفاع عن أي جزء من الديمقراطية ضد الحكم الاستبدادي، فإنّ النضال من أجل تحرير خليل والحفاظ على وضعه القانوني هو نضالكم أيضاً.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.