"فايننشال تايمز": عندما التقى هاري بدونالد.. الملياردير مفتاح خطط ترامب الإندونيسية

لحظة ساخنة على الميكروفون تسلّط الضوء على علاقة الرئيس الأميركي بهاري تانويسيديبجو. ما هي؟

0:00
  • الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورجل الأعمال الإندونيسي هاري تانويسوديبوجو
    الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورجل الأعمال الإندونيسي هاري تانويسوديبوجو

صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تنشر مقالاً يكشف تشابك الأعمال والسياسة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو، ودور رجل الأعمال الإندونيسي هاري تانويسوديبوجو في هذه العلاقة، مع التركيز على كيف يمكن أن تتحوّل المصالح العقارية لعائلة ترامب في إندونيسيا إلى عنصر مؤثّر في العلاقات الثنائية وملفّات دولية مثل الحرب في غزة واتفاقيات التطبيع.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

في حفل ليلة انتخاب دونالد ترامب في مار إيه لاغو العام الماضي، كان رجل الأعمال الإندونيسي هاري تانويسوديبوجو، برفقة إيلون ماسك وروبرت إف كينيدي جونيور وغيرهما من مؤيّدي المرشّح الرئاسي.

على الرغم من أنّ هاري أقلّ شهرة على المستوى الدولي من غيره من الحاضرين، إلّا أنّه شريك تجاري مهم للعائلة الرئاسية، ويؤدّي دوراً محورياً في تطوير اثنين من أكبر مشاريع العقارات التابعة لمنظّمة ترامب في آسيا.

وقد سُلِّط الضوء مجدّداً على هذا الدور منذ أن ذُكر هاري في محادثة بُثَّت عن غير قصد بين الرئيس الأميركي ونظيره الإندونيسي برابو سوبيانتو الشهر الماضي، والتي بدا أنهما يناقشان فيها أعمال منظمة ترامب.

قال برابو لترامب: "سنبحث عن مكان أفضل" وقال: "لقد أخبرت هاري". لم يكن واضحاً ما الذي كان يشير إليه، حيث لم يكن بعض الحديث مسموعاً. كما سلَّطت المحادثة في قمة في مصر الضوء على اهتمام ترامب المتزايد بإندونيسيا، التي وصفها بأنها "صديقة جديدة" للولايات المتحدة. تملك عائلة ترامب مشروعين عقاريين ضخمين، أحدهما في جزيرة بالي السياحية الشهيرة، واجها مشكلات مع الجهات التنظيمية وتأخيرات متعدّدة. كما يسعى ترامب لإقناع إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، بالانضمام إلى اتفاقيات التطبيع،  ودعم خطته في غزة.

يبدو أنّ برابوو حريص أيضاً على بناء علاقات أقوى مع الولايات المتحدة، على الرغم من فرض ترامب رسوماً جمركية باهظة على الواردات الإندونيسية.

وقال دينو جلال، السفير الإندونيسي السابق لدى الولايات المتحدة، متحدّثاً عن العلاقة: "المزاج يتحسّن. لقد أصبح الزعيمان يعرفان بعضهما البعض، وقد أظهر الرئيس ترامب إعجابه ببرابوو، استناداً إلى التعليقات العامة التي أدلى بها عنه".

وفي حين أنّ أعمال منظمة ترامب في البلاد لم تؤدِّ دوراً حتى الآن في العلاقة الأوسع بين البلدين، فإنّ لحظة الميكروفون الساخنة تشير إلى أنها قد تؤدّي دوراً في المستقبل، كما يقول بعض المراقبين.

وقال بهيما يوديستيرا، المدير التنفيذي لمركز الدراسات الاقتصادية والقانونية في إندونيسيا، مستشهداً بالمحادثة بين الزعيمين: "العلاقة بين ترامب وبرابوو ديناميكية للغاية، ولم تعد تقتصر على التجارة فحسب، بل امتدت إلى الأمور الشخصية". وقال وزير الخارجية الإندونيسي سوجيونو إنّ تبادل الزعيمين للحديث كان "عرضيّاً"، مضيفاً: "أعتقد أنّ الرئيس برابوو والرئيس ترامب لديهما علاقة وثيقة إلى حدّ ما، وقد يناقشان العديد من الأمور التي تتجاوز المسائل الرسمية للدولة".

دخلت شركة عائلة الرئيس الأميركي في شراكة مع هاري وتكتل شركاته متعدّدة الجنسيات (MNC) قبل عقد من الزمان لبناء ملاعب غولف تحمل علامة ترامب التجارية ووحدات سكنية فاخرة في بالي وبوجور، وهي محطة تلال استعمارية هولندية سابقة خارج العاصمة جاكرتا.

افتُتح ملعب الغولف في بوجور في آذار/مارس بعد سنوات من تأخير البناء. قبل أسابيع قليلة من الافتتاح، وجدت وزارة البيئة أنّ المنطقة الاقتصادية الخاصة التي تديرها شركة ترامب، والتي يقع ضمنها ملعب الغولف، لم تحصل على التصاريح اللازمة.

لا تزال المساكن والنوادي في ملعب الغولف قيد الإنشاء. ولا تزال المنطقة الاقتصادية الخاصة قيد التحقيق من قبل الوزارة بسبب انتهاكات بيئية مزعومة. نفت شركة ترامب مزاعم الوزارة بأنّ تطويرها تسبّب في ترسّب في بحيرة قريبة. كما صرّحت سابقاً بأنها ملتزمة بالقوانين واللوائح المعمول بها.

لم يستجب هاري ومنظّمة ترامب وشركة ترامب لطلبات التعليق.

في بالي، وقّعت منظمة ترامب للمرة الأولى اتفاقية في عام 2015 لتطوير نادٍ ومنتجع غولف. وتشير بعض تقارير وسائل الإعلام المحلية إلى أنه تمّ التخلي عنها. في مقابلة مع شبكة "CNN" عقب المحادثة الهاتفية الساخنة، قال إريك ترامب إنّ مشروع بالي لا يزال قيد التنفيذ. وقال ردّاً على سؤال حول خلط ترامب بين الأعمال والسياسة: "لدينا اثنان من أكبر المشاريع في إندونيسيا. ربما يكونان من أهمّ مشاريع العقارات في المنطقة، وقد بدأا قبل رئاسة والدي الأولى".

وقال حبيب أبيان دزاكوان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في إندونيسيا إنه من غير الحكمة أن تمنح الحكومة أي معاملة خاصة لمنظمة ترامب. وأضاف: "سيؤكد ذلك صراحةً الانطباعات بأن ممارسة الأعمال التجارية في إندونيسيا مدفوعة بالروابط السياسية بدلاً من أن ترتكز على سيادة القانون. قد يطلب الآخرون الشيء نفسه أو يترددون في الاستثمار تماماً".

ولم يستجب مكتب برابوو لطلب التعليق.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي، إن "الأصول الشخصية للرئيس الأميركي دونالد ترامب موجودة في صندوق استئماني يديره أبناؤه، ولا علاقة لها باتخاذ قراراته الرئاسية". ولم يستجب إريك ترامب لطلبات التعليق.

تزداد أهمية إندونيسيا سياسياً بالنسبة لترامب، إذ يسعى الرئيس الأميركي إلى تنفيذ خطته في غزة وإقناع المزيد من الدول الإسلامية بالانضمام إلى اتفاقيات التطبيع.

لا تقيم جاكرتا علاقات دبلوماسية مع "إسرائيل"، وقد استبعدت أيّ تطبيع للعلاقات حتى تعترف "إسرائيل" بدولة فلسطينية مستقلة.

عرض برابوو، الذي يرغب في تأدية دور أكبر في الشؤون الدولية، نشر ما يصل إلى 20 ألف جندي ضمن قوة ترامب الدولية لتحقيق الاستقرار كجزء من خطة السلام في غزة، وهو أكبر عرض من نوعه حتى الآن.

وقال السفير السابق دينو إنه إذا تحقّقت وعود برابوو بنشر قوات حفظ السلام، فإنّ "قيمة إندونيسيا للرئيس ترامب ستكون أعلى بكثير".

قد يكون هاري، البالغ من العمر 60 عاماً، عنصراً أساسياً في تعزيز العلاقات حتى ذلك الحين.

هناك الكثير من القواسم المشتركة بين الملياردير الإندونيسي ورئيس الولايات المتحدة.

بدأ مشروع هاري التجاري عام 1989، عندما أسس شركة وساطة مالية، ثم حوّلها تدريجياً إلى تكتل يضمّ استثمارات في الإعلام والسياحة والضيافة والخدمات المالية. كما تُنظّم الشركة مسابقة ملكة جمال إندونيسيا السنوية.

تنخرط عائلته أيضاً في السياسة. أسس هاري حزباً سياسياً عام 2014، وأعرب عن رغبته في الترشّح لرئاسة إندونيسيا، مشيراً إلى ترامب كمصدر إلهام. إلا أنّ مسيرته السياسية لم تنطلق بقوة، فقد فشل حزبه في الفوز بمقاعد في البرلمان، ولم يُكتب له النجاح في مسعاه لمنصب نائب الرئيس.

يبدو أنّ ترامب ظلّ قريباً من هاري، الذي حضر حفل تنصيبه الأول كضيف شخصي. في رسالة فيديو نشرها هاري على وسائل التواصل الاجتماعي العام الماضي، وصفه الرئيس الأميركي بأنه "شريكي، صديقي"، مضيفاً: "لقد كان صديقي لفترة طويلة في الواقع".

نقلته إلى العربية: بتول دياب.